3
أنا الآن في الخامسة من عمري.
عندما أبلغ السادسة، سيقوم الكونت توروتو بتبنِّيّ، وعندما أصل إلى السابعة سيبدأ لون شعري في التغيّر تدريجيًّا ويصبح أغمق.
بمعنى آخر، خلال العامين القادمين، إذا التقيتُ بالكونت توروتو، فاحتمالُ أن ينتهي بي الأمرُ بالتبنّي بسبب هذا الشعر الأشقر مرتفعٌ.
احتمالُ أن يعثر عليّ أبكرَ مما حدث في حياتي السابقة ضعيفٌ، على الأقل.
فالكونت لم يكن متأكّدًا من حياة أو موت الطفل غير الشرعي إلى أن عثر عليّ، وكذلك إلى أن وجد رايلي.
«هل تذكرين شيئًا عن والدتكِ؟»
«لا…»
«فهمت. مجرّد كونكِ على قيد الحياة أمرٌ يبعث على الارتياح.»
لقد قال لي تلك الكلمات من قبل.
أي إنّه لم يكن ليجوب الإمبراطوريّة بأسرها باحثًا في كلّ دار أيتام عن طفلٍ مجهول الهويّة.
إذن، ماذا عليّ أن أفعل قبل أن يظهر الكونت؟
في جسدِ يتيمٍ معدمٍ لا يملك سوى ما في دار الأيتام، لا يمكنني أن أتجوّل في الشوارع بلا خطة.
وبينما كنتُ أوازن بين الاحتمالات، توصّلتُ إلى حلٍّ واحد.
.
.
.
└ [أليس من الأفضل أن تقتليه حين تلتقينه؟]
.
.
لماذا تفكّر هذه “الجنّية” دومًا بطريقةٍ عنيفةٍ هكذا؟
الحل ليس أن أتصرف بطريقةٍ غير واقعيّة، كأن أُخترِق صفوفَ الحُرّاس وأنا في جسد طفلةٍ في الخامسة لأتخلّص من نبيل.
بل الحلّ أن يلحظني أحدُ النبلاء قبل أن يفعل الكونت.
✧ ─── ・ 。゚✧: . ꕥ . :✧゚. ・ ─── ✧
لقد شهدت ممالك هذه القارّة حروبًا متواصلة، أمّا إمبراطوريّة ديبيلوا التي أعيش فيها فقد اندفعت بشدّةٍ في حروب الغزو، وكأنّها تسعى لإنهاء هذا التاريخ الطويل من النزاعات.
وانتهى الأمر بانتصار الإمبراطوريّة، لكنّ الحرب خلّفت آثارًا جانبيّة جسيمة.
لقد ازداد عدد الأيتام الذين فقدوا ذويهم.
وعندما أخذ أولئك الأطفال يتجوّلون في الطرقات، رأى جلالة الإمبراطور أنّ ظلال الحرب لن تزول أبدًا بهذا الحال، فأمر قائلًا:
«قدّموا الدعم الكامل لإنشاء دورٍ لرعاية الأطفال.»
وبما أنّ البلاط الإمبراطوريّ تدخّل، سعى النبلاء بدورهم لإظهار الولاء للإمبراطور من خلال رعاية دور الأيتام.
بل وأحيانًا، كان بعض النبلاء الذين فقدوا أبناءَهم في الحرب، ولم يكن لهم أقارب من السلالة الجانبية ليصبح أحدُهم وريثًا، يلجؤون إلى تبنّي أحد أطفال الدور…
.
.
.
└ [آه… لا أحب الإطالة في الشرح عن العالم. مملٌّ جدًّا، لم أعد أستطيع الاستمرار. سأنسحب.]
.
.
لماذا تكرّر “جنيّة الانسحاب” دومًا الاستمرارَ والانسحابَ هكذا؟
.
.
└ [أليس من الأدب أن تنسحب بهدوء ^^..]
└ [تقول إنّها ستنسحب لكنها ما زالت هنا. مجرّد استفزازٍ فقط. تجاهلوها.]
.
.
خلاصةُ القول، كي لا تملّ تلك “الجنّيات المتذمّرة”: حتّى ونحن مجرّد أيتامٍ في دار، لا يزال هناك احتمالٌ للّقاء بنبلاء.
.
.
└ [شكرًا على الملخّص في سطرٍ واحد.]
└ [طالما أنّها قصّة تربية أطفال، فلا بدّ أن تصل البطلة إلى عائلةٍ دوقيّة على الأقل.]
.
.
لا، التبنّي ليس هدفي.
فهو أمر لا يمكنني التحكّم فيه مهما حاولت.
لكن هناك طريقة أسهل بكثير لربط مصيري بأحد النبلاء.
إنّها نظام الوصاية!
إذا كان لي وصيّ، فحتى في حال أراد أحدهم تبنِّيَّ، سيكون من الضروري الحصول على موافقة الوصيّ.
فأيُّ عاقلٍ سينفق المال لتربية طفلٍ، ثم يسمح لشخصٍ غريبٍ، ليس حتى والد الطفل الحقيقي، أن ينتزعه منه ببساطة؟
وقد علمتُ هذا لأنّ الكونت توروتو نفسه اعتاد أن يكفل بعض الأطفال الموهوبين في فنّ السيف.
إجراءات التبنّي تستغرق وقتًا طويلًا تحسّبًا لاحتمال ظهور والدين أو أقارب حقيقيّين، فإذا أضفنا وصيًا فوق ذلك؟
فالأشهر ستمرّ بسهولة، وسأربح الكثير من الوقت.
ولستُ أطمح حتى في الدعم. يكفيني فقط وجود الوصيّ، أيًّا كان.
وحينها، إن وقعت تحت أنظار الكونت توروتو، سيكون لديّ ما يكفي من مساحةٍ للمناورة.
└ [لكن، ألم تفكّر البطلة في البحث عن عائلتها الحقيقية؟]
└ [أشعر أنّ هناك سرًّا وراء هويّتها الحقيقية.]
بدافع القلق من أن أُطرَد من قصر الكونت، تحقّقتُ من الأمر سرًّا.
لكن أين يمكن أن تبقى معلومات دقيقة عن طفلةٍ من عامّة الشعب بلا ميزةٍ خاصّة؟
وكما هو متوقَّع، لم أجد أيَّ خيطٍ يقودني إلى شيء.
.
.
.
└ [إذن هذا مجرّد طُعم تمهيدي للأحداث.]
└ [أراهن أنّ البطلة في الأصل ابنةُ دوقٍ أو ربّما أميرة.]
└ [هههههه… عشرات البطلات يمررن أمام ذهني الآن.]
.
.
.
“…….”
كانت «جنّياتُ التعليقات» يبدين وكأنهنّ يعرفن وضعي عن كثب، فيسردن كلامًا يبدو معقولًا، ثمّ يطلقن فجأةً فرضيّاتٍ خياليّة.
‘أتساءل، من أيّ بلادٍ تأتي البطلات اللواتي تعرفهنّ جنّياتُ التعليقات، ليشهدن أحداثًا غريبةً كهذه؟’
حتى أنا، التي جمعت شتّى الإشاعات ظنًّا منّي أنّها قد تفيد الكونت، لم أسمع بمثل تلك القصص.
لا بدّ أنّ جنّيات التعليقات جِئنَ من بلادٍ بعيدةٍ جدًّا.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
“لقد تفتّحت هذه الزهرة الجميلة، فأردت أن أريها لكِ يا سيدتي – ثَـ… هُب.”
.
.
.
└ [آه، حتى هنا تظهر البطلة تتلعثم.]
└ [عمرها خمس سنوات… وأطفال هذا العمر عادةً ينطقون جيدًا.]
└ [ابن أختي بلغ السادسة وما زال يتلعثم.]
└ [أرجوكم، اجعلوا البطلات في روايات رعاية الأطفال يتحدّثن بوضوح!]
.
.
.
‘هل يستحقّ الأمر كلّ هذا التوبيخ لمجرّد أنّني عضضت لساني؟!’
لم أكن قد اعتدتُ بعدُ على جسدي الصغير، لذا من الطبيعيّ أن أعضّ لساني أحيانًا.
لكن في كلّ مرّةٍ يخرج صوتي متلعثمًا، تنهال عليّ جنّيات التعليقات بتوبيخٍ، مطالبين إيّايَ بالنطق الواضح.
حتى في دروس قواعد الإتيكيت الصارمة في قصر الكونت، التي كانت تهدف إلى محو ما تبقّى من سماتِ العامّة، لم تُعاقبني بتلك القسوة على النطق.
‘قسوةٌ بالغة…….’
حين تجمّد وجهي وأنا أمدّ الزهرة التي قطفتها من الفناء الخلفي، نظرت إليّ السيّدة الواقفة أمامي بعينين قلقتين.
“يا صغيرتي، هل أنتِ بخير؟”
“الأمـ… الأمر أنّني لأوّلِ مرّةٍ أرى سيّدةً أجملَ من الزهور… حينها خفق قلبي بشدّةٍ، وأصابني الفُـهُـ… الفُواق – هيهي.”
“يا إلهي….”
احمرّت وجنتاها قليلًا، ويبدو أنّ كلماتي راقتْ لها.
‘هذا جيّد، لقد تركتُ انطباعًا حسنًا مرّةً أخرى!’
إذا تكرّر لقاؤنا أكثر، ربّما تفكّر في أن تصبح كفيلتي!
في الآونة الأخيرة، أصبح روتينيًّا أن أراقب الطرق، فإذا ما توقّفت عربةُ أحدِ النبلاء أمام الميتم، أسرعتُ لأكون أوّل المرحّبين بهم.
وبفضل هذا، بدا وجهُ مدير الميتم البخيل أكثر إشراقًا كلّما زار النبلاء المكان.
“يبدو أنّ هذا الميتم يُولي اهتمامًا بالغًا بتربية الأطفال.”
“بالتأكيد، بالتأكيد.”
“حتى هذا الشريط الجميل، لقد اشتراه لي المدير بنفسه!”
“من الطبيعيّ أن تُستخدم أموالُ التبرّعات لصالح الأطفال. لسنا نفعل ذلك طمعًا في المال، بل لأنّه واجب.”
حتى المديرُ البخيل كان يعرف كيف يرسم ابتسامةً لطيفةً حين يتعلّق الأمر بالمال.
وأمّا أنا، بترديدي عباراتِ الثناء وجمعِ ودّ النبلاء، أصبحتُ رفيقةَ المدير في معظم زياراتهم، أتقدّم بثقةٍ ممثّلةً عن بقيّة الأطفال.
‘هاها…….’
كنت أمثّل دور الطفلة اللطيفة التي لا تنسى شكر أصغر فضل، فيما يستغلّني المدير ليبدو في صورة المدير الرحيم المحبّ للأطفال.
لقد نسجنا معًا علاقةً استراتيجيّةً يحصل فيها كلٌّ منّا على ما يريد، وإنْ كان المدير لا يدرك ذلك.
.
.
.
└ [#بطلة_مخططة_في_الظل]
.
.
.
مخطّطة في الظل؟ بل يمكن القول إنّني بطلةٌ بيضاءُ نقيّة، فما من أحدٍ يتضرّر من أفعالي.
لكن، على عكسي أنا التي لا تتردّد في الترحيب بكلّ من قد يصبح كفيلًا محتملًا، كانت جنّياتُ التعليقات تقيّمن الزوّار وفق معايير صارمةٍ وتعجيزيّةٍ.
.
.
.
└ [زوجةُ البارون؟ همم… البارونُ رتبةٌ متواضعةٌ بعضَ الشيء.]
└ [من المؤكَّد أن الأمر سينتهي بتبنّيها من دوق، أليس كذلك؟]
.
.
.
‘ليس أمرًا مؤكّدًا على الإطلاق، فشخصٌ بمرتبةِ الدوق نادرًا ما يظهر هنا.’
صحيحٌ أنّ بعضَ النبلاء يزورون الميتم من حينٍ إلى آخر، لكن من النادر أن يتكلّفَ نبلاءٌ برتبةِ كونتٍ فما فوقُ عناءَ المجيء شخصيًّا، إذ غالبًا ما يرسلون من ينوبُ عنهم.
ومع ذلك، ظلّت «جنّياتُ التعليقات» مهووساتٍ بفكرةِ «التبنّي من قِبَلِ الدوق».
.
.
.
└ [أيها الأب، أسرِع بالقدوم! ابنتنا على وشك أن يختطفها تارت!!ㅠ]
.
.
.
تارت؟ اسمه توروتو، وليس «تارت»……
لم يكتفينَ بتغيير اسمه فحسب، بل بدأنَ يُنادينَ الدوقَ، الذي لم يَرَيْنه ولم يَعرفْنَ عنه شيئًا، بـ«الأب»!
لم أملك سوى أن أهزّ رأسي مستنكرةً طريقةَ تفكيرِهنّ، فيما واصلتُ التركيز على عملي.
“هذه غرفةُ اللعب. لدينا هنا كتبٌ مصوّرةٌ ودمى.”
سِرتُ إلى جانب زوجةِ البارون التي كانت تتفقّد الميتم، وشرحتُ لها بحماسٍ كأنّني مرشدةٌ صغيرة.
.
.
.
└ [آه… هذا استغلالٌ لعمالة الأطفالㅠㅠ]
└ [البطلةُ الصغيرة تعمل بجدٍّ، زيدوا مهامّها أكثر!]
.
.
.
هل كنّ يشفقْنَ عليّ أم يَحثُثْنَني على العمل أكثر؟
“شكرًا يا صغيرتي على إرشادي.”
“على الرحبِ والسَّعة. لقد استمتعتُ أنا أيضًا. إلى اللقاء!”
فأخذتُ نفسًا عميقًا. مهمّةٌ أخرى قد أُنجزت بنجاح.
وحين عدتُ بعد أن ودّعتُ زوجةَ البارون الأنيقة عند الباب، وجدتُ «جنّياتِ التعليقات» قد حوّلن اهتمامَهُنّ إلى بقيّة الأطفال، يتنقّلن بثرثرتهنّ من هنا إلى هناك.
وكانت أكثرُ جملِهنّ شيوعًا حين أتحدّث مع أحدِ الصبية:
.
.
.
└ [لا بدّ أنّك البطلُ الرئيسي، صحيح؟]
.
.
.
أنا البطلة، وهو البطل.
إذن، أَيَعني هذا أنّه «بطلُ القصة» في نظرِهنّ؟
‘إذا كان بطلًا هو أيضًا، فهل يسمع أصواتَ «جنّياتِ التعليقات» مثلي؟’
التفتُّ إلى الصبي الواقف أمامي.
“آيدن، هل سبق أن سمعتَ أحدًا يناديك بـ«البطلِ الرئيسي»؟”
“همم؟ لا.”
يبدو أنّه لا يسمع شيئًا.
وبينما كنتُ أتساءل عن معنى «البطل الرئيسي»، أخرج آيدن شيئًا يشدّه بكلتا يديه من جيبه الصغير، ثمّ مدّه نحوي.
كان ما قدّمه لي قطعةَ خبزٍ ملفوفةً بورقة.
.
.
.
└ [هل أصبح «صبيَّ الخبز»؟]
.
.
.
…لم أسمعْ بهذه الكلمة من قبل، لكن بدا واضحًا أنّ معناها لم يكن جيّدًا.
ومع ذلك، كان تصرّفُ آيدن نابعًا من قلبٍ طيّبٍ فحسب.
“هذا الخبزُ أعطونا إيّاه كوجبةٍ خفيفةٍ اليوم… لكنّكِ لم تأكلي، روز.”
“أأ… ولهذا احتفظتَ بها من أجلي؟”
“نعم، بدوتِ منشغلةً دائمًا بمرافقة الكبار.”
“لا بأس بي، كُلْها أنت.”
“لكن…”
“أنتَ مَن يحتاج أن يأكل أكثر.”
كان آيدن نحيفَ البنية إلى حدٍّ جعلني أظنّه أصغرَ منّي، لكن اتّضح أنّه في سِ
نّي تمامًا.
صحيحٌ أنّ نموَّ الصبيان لا يتّضح إلا لاحقًا، لكنّ التغذيةَ الجيّدةَ منذ الصِّغَرِ أساسٌ مهمٌّ للنموّ.
حتى جيرالد، ابنُ الكونت توروتو، الذي كان أخي في حياتي السابقة، كان كذلك—
└ [هاه؟ هل اسمه «جيترول»؟!]
لا… إنّه جيرالد، جير–الد……
═══∘ ° ❈ ° ∘═══
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
التعليقات لهذا الفصل " 3"