الفصل 91
بالطّبع، كانت هناك لفائف موجودة في صناديق خضراء في كلّ من المستودع رقم 113 والمستودع رقم 241. تمّ تعديل مواقع تلك اللّفائف بطبيعة الحال لضمان عدم وقوع أيّ حادث إذا استُخدمت في قاعة الاحتفال.
‘لكنّ تلك اللّفائف كانت تحمل علامة لا يمكن أن يتعرّف عليها سواي.’
عندما يختفي شكل كايرو، كان من المفترض -وفقًا للّفائف الأصليّة- أن يلوّح باليد خمس مرّات. لكنّ لفيفة المستودع رقم 113 تتطلّب أربع مرّات، بينما لفيفة المستودع رقم 241 تتطلّب ستّ مرّات.
‘لقد صُمّمت لأعرف ما إذا تمّ استبدال اللّفائف أم لا، وأيّ مجموعة قامت بالاستبدال أيضًا.’
لو قسّمتُ المجموعات إلى أعداد أكبر، لكان بإمكاني التدقيق بشكل أكثر تفصيلًا. لكن بسبب ضيق الوقت، كان تقسيمها إلى اثنتين هو الخيار الأمثل بالنّسبة لي.
‘استبدال كلّ تلك اللّفائف لا يمكن أن يفعله شخص واحد. بالطّبع، كان يجب أن يكون هناك تعاون من موظّفي وزارة التعليم الذين ينقلون اللّفائف…’
بمعنى آخر، كان من المحتمل أنّ جاسوسًا في قسم اللّفائف يزوّد المعلومات، ثمّ تتحرّك وزارة التعليم بناءً على ذلك. أخذتُ نفسًا عميقًا لتهدئة أعصابي. لقد توقّعتُ وجود جاسوس ونصبتُ فخًّا لذلك، لكن عندما رأيتُ النّتائج بعينيّ، شعرتُ بارتجاف في قلبي.
‘هل عانيتُ من القلق بسبب ذلك دون أن أدرك؟ معدتي لا تزال مضطربة.’
منذ الأمس، كانت معدتي مضطربة، والآن أصبح الغثيان أسوأ. كبحتُ ذلك الشعور بالغثيان بقوّة وهمستُ في أذن كياروس.
“سيّدي.”
على أيّ حال، إذا كان كياروس قد اشتبه بي منذ قليل، فمن الأفضل أن أقدّم له عذرًا سريعًا الآن، ولو كان سطحيًّا.
“كنتُ أنظر إلى الأمير جايدن لأنّه لطيف. لم يكن لديّ وقت للاهتمام بقدرات خاصّة أو أيّ شيء من هذا القبيل.”
كنتُ أعلم أنّه قد يجدني مشبوهة، لكنّني اضطررتُ للكذب. لم يكن بإمكاني أن أخبره أنّني أعرف المستقبل. لكنّني كنتُ قادرًا على توجيه الشّك نحو شخص أكثر إثارة للرّيبة.
“كما أخبرتك سابقًا… كنتُ أراقب نتائج الفخّ الذي نصبتُه.”
هدّأتُ خفقان قلبي. في النّهاية، عندما اختفى شكل كايرو، لوّح بيده أربع مرّات فقط. مهما انتظرتُ، ومهما تمنّيتُ بشدّة، لم يلوّح كايرو سوى أربع مرّات ثمّ اختفى. حقًا… كنتُ أتمنّى أن يلوّح خمس مرّات. كنتُ أتمنّى ألّا يكون أحد قد استبدل اللّفائف، وألّا يكون هناك المزيد من الجواسيس في هذه المنظّمة.
“لقد اكتشفتُ تقريبًا من هو الجاسوس في قسم اللّفائف. الشّخص الذي أراد تخريب هذا الاحتفال وإسقاطي.”
كان وجه كياروس جدّيًّا أيضًا. في الحقيقة، كان هذا المخطّط شيئًا خطّطنا له معًا مسبقًا.
[هل ستحضر احتفال القدّيس كايرو؟]
[حسنًا، في البداية لم أكن أنوي الحضور.]
[أتمنّى أن تحضر.]
نظرتُ بطرف عيني إلى وزير التعليم. تقاطعت أعيننا على الفور. كان وزير التعليم يبدو في حالة ذعر، وعلى وجهه تعبير لا يصدّق. ولمَ لا؟ فقد تمّ استبدال اللّفائف، لكنّ الاحتفال انتهى بسلام. عند رؤية وجهه، ظهرت على وجه كياروس نظرة باردة أيضًا.
“يبدو أنّ تخمين الآنسة ناميا… كان صحيحًا بالكامل.”
بعد ذلك، كنتُ بحاجة إلى سلطة كياروس لمحاصرته. لم أستطع أن أقول له فجأة “سأتولّى الأمر، فقط اضرب بقوّة.” لذا طلبتُ منه أن يحضر الاحتفال بنفسه ويرى الموقف بعينيه. بالطّبع، لم أتوقّع أن يطلب منّي أن أكون شريكته…
لكن عندما فكّرتُ في الأمر، كان وجود كياروس إلى جانبي قد سهّل التّواصل كثيرًا.
“على أيّ حال، أيّ مجموعة ينتمي إليها الجاسوس؟”
كان كياروس يعلم فقط أنّني قسّمتُ موظّفي قسم اللّفائف إلى قسمين وأعطيتهم معلومات مختلفة. لذا، كان عليّ أن أخبره بالأسماء الآن. حافظتُ على هدوئي قدر الإمكان وهمستُ.
“فيكتور أروين، أنستازيا كايين.”
“مدراء فريق، إذن.”
“و…”
“همم؟ هل هناك المزيد؟”
“…آه…”
فجأة، انقطع نفسِي. كنتُ أحافظ على هدوئي، لكنّ أطراف أصابعي بدأت ترتجف. كان نطق الكلمات أصعب بكثير مقارنةً بالاسمين السّابقين. شعرتُ بانسداد في حلقي، وامتلأت عيناي بالدّموع. تنفّستُ بعمق عدّة مرّات حتّى تمكّنتُ أخيرًا، وبصعوبة بالغة، من كبح مشاعري. كنتُ أهمس داخليًّا ‘مستحيل، لا يمكن أن يكون هو’ مرارًا وتكرارًا، لكن لم يكن بإمكاني استبعاده.
“إنّه…”
بالنّسبة لمدراء الفِرق، تحدّثتُ إليهم داخل غرفة الوزير، أمّا بقيّة الموظّفين فتحدّثتُ إليهم خارجها. لم تكن الغرفة عازلة للصّوت جيّدًا، لذا استخدمتُ لفيفة عزل صوتيّة سرًّا. إذا تسرّبت أيّ معلومات وسمعهُا الموظّفون خارج الغرفة، لكان عليّ إلغاء الخطّة.
“…كيبون ألتيس. سكرتيري الذي كان في غرفة الوزير.”
لم أكن أريد أن أصدّق ذلك، لكن كان هناك جاسوس بين هؤلاء الثلاثة.
* * *
“إلى أين أنت ذاهب، سيّد الوزير؟”
“آه، أعاني من صداع.”
استدار وزير التعليم بسرعة.
“سأذهب أوّلًا. استمتع بالاحتفال.”
كان رأسه ينبض بالصّداع حقًا. عندما تقاطعت عيناه مع عينيّ ناميا الزّرقاوين الباردتين، اجتاحه خوف غريزيّ. تلك المرأة تعرف كلّ شيء. لقد نصبت هذا الفخّ عمدًا. قبل يوم من الحدث، تلقّى رسالة من جماعة التّجديد.
[يتمّ تخزين لفائف المكتب في صندوق أخضر في المستودع رقم 113. استبدلها بلفائف الحدث الموجودة في الصّندوق الأزرق. الحدث غدًا، والكميّة كبيرة جدًا لاستبدالها دون أن يُكتشف الأمر بمفردك. لحسن الحظّ، سينقل موظّفو وزارة التعليم صناديق اللّفائف، فاجعلهم يستبدلونها قبل الحدث مباشرة. قسم اللّفائف قليل العدد ولن يتمكّن من مراقبة موظّفي وزارة التعليم. عندها، ستصيب ألسنة اللهب الأخيرة لشكل كايرو الثّريّا، مما سيُشعل حريقًا كبيرًا في قاعة الاحتفال.]
كانت تعليمات من جماعة التّجديد بناءً على معلومات من جاسوس في قسم اللّفائف. أمر وزير التعليم سبعة موظّفين في السّنة الخامسة بما يلي.
[تلقّيتُ اتّصالًا من وزير قسم اللّفائف الآن، يقول إنّ اللّفائف خاطئة. لفائف قاعة الاحتفال موجودة في الصّندوق الأخضر في المستودع رقم 113. اذهب فورًا واستبدلها. لكن اترك الصّناديق كما هي. لا يريد أن تُكتشف أخطاؤه أمام الإمبراطورة والأمير.]
قبِل موظّفو وزارة التعليم الأمر قائلين “هذا ما يفعله موظّفو قسم اللّفائف دائمًا.”
[لكن احفظوا كرامة موظّفي وزارة التعليم. لا تتحدّثوا مع موظّفي قسم اللّفائف. أعتذر لاستخدامكم في مثل هذا الحدث، لكن أعدكم أنّ هذا لن يتكرّر. اشربوا مشروب طاقة اشتريته لكم لتحفيزكم، كلّ واحد زجاجة.]
تأكّد بعينيه من استبدال اللّفائف من المستودع رقم 113. لكن النتيجة جاءت هكذا… رؤية ناميا تهمس لكياروس أثارت فيه الرّعب.
‘يجب أن أختبئ الآن.’
عندما غادر قاعة الاحتفال بسرعة، سمع صوتًا.
“توقّف لحظة.”
عندما وصل إلى الباب الخلفيّ للقصر، كان هناك من ينتظره ليوقفه.
شابّ ذو شعر بنيّ يقف مع مجموعة من الفرسان المجهولين. أدرك وزير التعليم على الفور أنّ الشابّ ليس سوى موظّف عاديّ.
“من أنت؟ ابتعد!”
“أنا لوكا كلاس، منافس وزيرة قسم اللّفائف، ناميا روابي.”
“ماذا؟”
رفع الشابّ رأسه، وكان في عينيه بريق غريب وعزيمة واضحة.
“أجريتُ فحصًا للأدوية على السبعة موظّفين من وزارة التعليم الذين استُخدموا في الحدث. كلّهم أظهروا ردّ فعل لدواء مخدّر.”
تسارعت دقّات قلب وزير التعليم. كان قد وضع مخدّرًا في مشروبات الطّاقة التي أعطاها للموظّفين. لأنّه كان من المحتمل أن يشهدوا “وزير التعليم أمرنا باستبدال اللّفائف.”
كان من المفترض أن يموتوا جميعًا في الحريق الكبير وسط الفوضى…
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 91"