### الفصل 75
“ها، يا لها من مهزلة.”
كان وزير التعليم قد عاد لتوّه من استدعاء فرقة الفرسان.
أُلقي القبض على ليدون هذا الصباح في مكان الحادث.
“نضرم النار ونقول إنّه أهمال من إدارة المخطوطات، ثمّ نُدينها بتهمة محاولة قتل أحد أفراد العائلة الإمبراطوريّة. فقط اطلب تعاون سموّ الأمير جايدن.”
كان واثقًا أنّه سيطيح بناميا.
لكن الذي أُطيح به كان هو نفسه.
بالطبع استُدعي رئيسه، وزير التعليم، وسُئل إن كان يعلم بالأمر.
لكن بما أنّه لا توجد أدلّة، خرج منها دون مشكلة.
‘على أيّ حال لم أترك شيئًا ورائي. ليدون يعرف أنّه لا يستطيع جرّني معه.’
رغم إطلاق سراحه دون تهم، شعر بضيق فطلب إجازة مبكّرة.
جلس في حانة هادئة تعمل من النهار وأشعل سيجارة تلو الأخرى.
“أنا… لا أصدّق هذا. ها، يا لها من مهزلة.”
يقال إنّ الإمبراطورة والأمير ظلّا يتعانقان ويبكيان طويلًا.
‘لهذا لا أحبّ الأطفال. حتّى لو كان تنّينًا، فهو في الثامنة، لا يستطيع الاستقلال عن أمّه.’
لو اكتُشف الأمر بعد وقت أطول لتعمّقت الخلافات وما كانا ليتصالحا بهذه السرعة.
لكن ربّما بسبب حبّ الإمبراطورة له في طفولته المبكّرة، عادا إلى بعضهما.
‘جايدن انتهى. سينشأ مثل تلك المرأة الوقحة.’
شعر بالاختناق من تلك الفكرة.
كان يكره أن يرى أشخاصًا لا يليقون بمناصبهم العليا.
‘جوّ الإدارة متوتر لكن لا مشكلة تعود إليّ، لذا لا بأس.’
لكن ما أزعجه الآن هو الوثيقة السخيفة التي أرسلتها ناميا روابي.
‘ماذا؟ كم نسبة المخطوطات في المواد التعليميّة؟ تحقّقوا من ذلك؟ هل جنّت حقًا؟’
كان طلب ناميا لوزارة التعليم مبالغًا فيه ومضحكًا.
كأنّها تقول “لديك ذنب ما، ألن ترفض؟”…
‘إذا نفّذته سأغضب، وإذا رفضته فالتوقيت مريب.’
بينما كان يشعل سيجارة جديدة، تظاهر النادل بتنظيف منفضته وأسقط ورقة صغيرة.
‘…ما هذا؟’
فتح وزير التعليم الورقة بسرعة:
“نتأسّف لعدم ردنا على رسالتك السابقة. لكننا أثق أنّك ستتّفق مع هدفنا.”
كانوا “هم”.
“هم” عادوا للاتّصال به.
“مع مرور الزمن أصبح عدد النبلاء كثيرًا جدًا.
الجميع يتجاوز حدوده دون تمييز.
الحلّ الوحيد هو الفصل بين المتفوّقين والأدنى.”
تنفّس وزير التعليم بقوّة.
صحيح. النبلاء كثروا جدًا.
أن تكون ناميا روابي ابنة بارون…
“نثق أنّك ستشاركنا هدفنا. سننتظر.”
ابتلع ريقه.
انتقلت عيناه إلى الملاحظة الختاميّة:
“ملاحظة: حاليًا، نعتبر وزيرة قسم المخطوطات ناميا روابي الهدف الأوّل للإزالة.”
بالطبع.
كان في إدارة المخطوطات الكثير من “أولئك”، فكم ستزعجهم ناميا التي استولت على منصب الوزيرة فجأة؟
“هل يمكنك مساعدتنا يا سيّد الوزير؟”
حدّق وزير التعليم في السطر الأخير طويلًا.
* * *
“اخرجي بسرعة! أموت من الفضول!”
واصلت الإمبراطورة إلحاحها.
من صوتها بدا أنّها تضرب قدميها من الانتظار.
ابتسمت الخيّاطة بثقة وأخذتني خلف الستارة:
“هههه، لا تندهشوا كثيرًا.”
بضحكة مصطنعة، قادتني الخيّاطة إلى الأمام.
خرجتُ وأنا أبتسم بخجل وحرج.
“بالتأكيد ستكون جميلة جدًا…”
توقّفت الإمبراطورة التي كانت تضحك عن إكمال جملتها.
أسقط جايدن الحلوى التي كان يأكلها.
و…
‘آه، ما هذا؟’
كان تعبير كيبون غريبًا.
كان وجهه كمن يراني لأوّل مرّة.
رغم أنّه يواجهني يوميًا، بدا كأنّه يراني حديثًا…
‘ما هذا؟ قل شيئًا على الأقل.’
لم يفتح كيبون فمه المغلق أبدًا.
لكنّه كان يراقبني من رأسي إلى أخمص قدميّ كأنّه يتفحّصني.
ارتجفتُ لحظة من نظرته الصريحة غير المخفيّة.
‘ما هذا التعبير على وجه سكرتير؟’
كان من الأفضل لو قال “جميلة جدًا” كأيّ مرؤوس ليخفّف الجو…
لكن هذا مستحيل مع كيبون.
في صمت قصير، تقابلت أعيننا مرارًا.
في تلك اللحظة:
“…سأطرح سؤالًا هنا. مسألة مهمّة جدًا.”
تكلّم جايدن دون أن يلتقط حلواه:
“ناميا، من سيرافقكِ؟”
ساد الصمت في غرفة الإمبراطورة فجأة.
حتّى موظّفو الصالة الذين كانوا يرتبون طيّات ثوبي ابتسموا بانتظار.
“آه، مرافق…”
رمشتُ ببطء وهمستُ.
مرافق… بالطبع فكّرتُ في الأمر من قبل.
“أمم، إذن…”
جلس جايدن باستقامة، رتّب صوته وتكلّم بصوت واضح:
“تعلمين أنّ مأدبة القدّيس كايرو لعدد قليل فقط، أليس كذلك؟ يمكن دعوة شخص كمرافق لكن عادة لا يفعلون ذلك لأجل الجوّ.”
كنتُ أعلم ذلك.
زرتُ قاعة المأدبة عدّة مرّات لتفقّد مخطوطات الزينة.
“لكنكِ يا ناميا ليس لديكِ أصدقاء من أبناء النبلاء الكبار، أليس كذلك؟ لذا لم تحدّدي مرافقًا بعد، صحيح؟”
“آه، نعم. لم أحدّد بعد.”
بدأت شفتا جايدن ترتفعان بابتسامة.
كان تفكيره واضحًا في عينيه. الإمبراطورة كذلك، تتنفّس بسرعة وتهمس “جيّد، جيّد!” لتشجّعه.
ضحكتُ بتوتر وقلتُ:
“المأدبة بعد أيّام قليلة، وطلب مرافق من أحدهم يحرجني…”
“لماذا تطلبين أنتِ؟”
صرخ جايدن وهو يشدّ قبضته:
“عليكِ أن تُطلبي!”
“حسنًا… لم يطلبني أحد بعد يا سموّ الأمير.”
تنهّد جايدن بوجه يحمل هموم الألفيّة.
عضّ شفته السفلى وغمغم “همم، ماذا يفعل أخي…”
رفعتُ حاجبي وأكملتُ:
“صراحة ليس لديّ وقت للتفكير في شريك.”
“جيّد، إذن ماذا عن هذا؟ سأختار لكِ.”
ابتسم جايدن وقال:
“من الآن، ستذهبين مع أوّل رجل يطلبكِ كمرافق.”
“نعم؟”
“قلتِ إنّ التفكير يزعجكِ.”
أشار بسرعة لخادم.
كتب شيئًا على ورقة بسرعة ودسّها في جيبه قائلًا “لأخي، بسرعة!”
همست الإمبراطورة من الجانب “جيّد، جيّد! ابني العبقريّ! كيوبيد ذكيّ!”
“حسنًا…”
كان من الصعب رفض ذلك، وكدتُ أومئ موافقة عندما:
“جيّد! اتّفقنا! أنتِ شاهدة، أليس كذلك؟ لكن مهما نظرتُ…”
استدارت الإمبراطورة لكيبون وقالت كلمة. وقبل أن تكمل…
كووووم!
رنّ صوت انفجار فجأة.
“آه!”
“يا أمّي!”
صرخوا وجلسوا من حولي في الصالة.
رمشتُ بعينيّ بدهشة.
كانت الإمبراطورة تمسك مطرقة حديديّة وتتذمّر.
كان الانفجار من ضربة مطرقتها المفاجئة.
“ها، هذا الوغد…”
كان الأرضيّة التي وقف عليها كيبون محطّمة.
‘متى أمسكت المطرقة من الحائط ومتى ضربت؟’
سرعة لا تُصدّق.
لكن كيبون ظلّ بلا تعبير، فقط تحرّك جانبًا قليلًا.
“رأيتِ يا ناميا؟ تأكّدتِ بعينيكِ؟”
رفعت الإمبراطورة حاجبها وقالت:
“هذا الثعلب ليس عاديًا. ينزف من أنفه بسبب بضع ليالٍ؟ ها، يتلاعب ليتهرّب من العمل.”
لم يبدُ كيبون متفاجئًا.
فقط نفض الغبار عن كمّه بصوت “طق، طق”.
“ها، انظروا إلى هذا المتعجرف؟ عادة الصامتون ذوو الطباع السيّئة لا يمكن إصلاحهم.”
نقرت الإمبراطورة بلسانها بعدم رضا:
“شعرتُ به من البداية. لا تبقيه بجانبكِ يا ناميا.”
“نعم؟ ماذا…”
حتّى لو كنتِ تكرهين الحديث عن الغائبين، كيف تقولين هذا أمامه…
بينما كنتُ مرتبكة:
“أكره الكذّابين حقًا.”
واصلت الإمبراطورة بعيون تلمع:
“هذا الفتى يخدعكِ. أنا متأكّدة.”
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 75"