71
انتهت استراحة الغداء للتوّ فبدأ الموظّفون الآخرون يتدفّقون إلى المكتب بأعداد كبيرة.
“هاك.”
ربتّ على كتف كيبون وقلت:
“حسنًا لنبدأ العمل الآن. مادمتَ قد جئتَ مبكرًا.”
“العمل يعني…”
“رسالة تهديد… لا أقصد وثيقة رسميّة يجب كتابتها.”
ابتسمت ببراءة فتفاجأ كيبون. رفعت حاجبي وأضفت:
“إلى وزير التعليم.”
كان وزير التعليم الآن يرتجف خوفًا على الأرجح. بعد أن أُلقي القبض على ليدون كم سيكون قلقًا؟
‘على أيّ حال بعد مزيد من القلق…’
ابتسمت بخبث وكتبت الوثيقة الرسميّة.
‘في النهاية سيُستخدم كطُعم لي.’
وزير التعليم.
من المدهش أنّه يعتقد بصدق أنّه يعمل لصالح العائلة الإمبراطوريّة والإمبراطوريّة.
ولكن…
‘هو أيضًا شخص تلقّى عرضًا للانضمام إلى الجماعة السريّة وراء هذه الحرب. رفض العرض الآن لكن…’
في القصّة الأصليّة ينضمّ وزير التعليم إلى الجماعة السريّة بعد فترة طويلة بعد سقوط العائلة الإمبراطوريّة بالكامل. لكن ذُكر أنّه تلقّى العرض منذ زمن بعيد.
‘لكن عدم إبلاغه العائلة الإمبراطوريّة عند تلقّي العرض أوّل مرّة هو دليل على أنّه متردّد داخليًا.’
كان وزير التعليم شخصًا ماكرًا يتغاضى عن أفعال ليدون لكنّه دائمًا يفكّر في التراجع. لذا كان من الطبيعيّ ألّا يتحرّك. لكن إذا أُعطي سببًا يحفّزه؟
‘عندها سيتحرّك بالتأكيد!’
إذا تتبّعنا خطواته جيّدًا يمكننا القبض على الجماعة السريّة بشكل صحيح. عندها سأتحرّك مع كياروس.
‘ربّما أصبحتُ وزيرة لأتحرّك بهذه الحريّة.’
كان لديّ الكثير لأفعله. مع معرفتي بالمستقبل والسلطة بيدي لم يكن هناك ما يوقفني. ضغطت على زوايا فمي بيدي لأخفي ابتسامتي المتصاعدة.
نظر كيبون إلى الوثيقة التي أكتبها لوزير التعليم وأمال رأسه:
“ما هذه الوثيقة الرسميّة؟”
“آه وثيقة تعاون.”
“تطلبين تعاونًا… بهذا الشكل المبالغ فيه من قسم التعليم؟”
“نعم.”
إذا طلبت تعاونًا مبالغًا فيه بهذا الشكل سيتردّد وزير التعليم للحظة. ‘هل تعرف حتّى عن تورّطي وتهدّدنني؟’ سيشغله هذا التفكير ولن ينام.
“لأنّه على الأرجح لديه ما يشعر بالذنب تجاهه.”
“هه… حتّى وزير التعليم…”
“ماذا؟”
“لا شيء.”
همم كيبون بدهشة. ولفترة كان صوت خربشة القلم هو الشيء الوحيد في غرفة الوزيرة. للأسف كان قسم المخطوطات دائمًا ممتلئًا بالعمل.
“أرجوك كيبون.”
وضعت كومة من الوثائق على مكتبه وقلت:
“سيصبح الأمر أسهل عندما يأتي سينباي فيكتور. سيعود غدًا أو بعد غد فتحمّل حتّى ذلك الحين.”
لم يجب كيبون. بدا وكأنّه غير راضٍ قليلًا. هل هو مدمن عمل حقًا؟ لذا أضفت بضع وثائق أخرى.
‘انظر أنا شخص دافئ جدًا أليس كذلك؟ مهلًا لحظة.’
حرّكت عينيّ وغرقت في التفكير. كيبون قال بوضوح إنّه يحبّ الأشخاص الدافئين!
‘هل يعقل أنّه يحبّني؟’
استبعدتني أنستازيا من الاحتمالات فورًا لكن في الحقيقة كنتُ الأكثر احتمالًا.
لماذا؟ لأنّ كيبون لا يتحدّث مع أيّ موظّف آخر غيري.
‘وعلاوة على ذلك وقف أمامي دون تردّد.’
كان الخصم مجرمًا مغطّى بالدماء. لم يكن كيبون يعرف ليدون فقد ظنّه مجرمًا خطيرًا يطارده. ورغم ذلك وقف أمامي دون تردّد. أليس من الطبيعيّ أن يتراجع المرء غريزيًا؟
‘ألستُ أنا حقًا؟’
صحيح أنّ مواصفاته المثاليّة بعيدة عنّي قليلًا لكن المثاليّة تظلّ مجرّد مثاليّة.
قد تختلف المرأة التي ينجذب إليها فعليًا.
‘حتّى عندما أتصرّف بوقاحة يقول دائمًا إنّه لا بأس…’
فكّرت في نفسي مجدّدًا. بسبب كونه أوّل شخص أشعر بالراحة معه أمسكت يده فجأة وحتّى ضغطت عليه نحو شجرة. لو فعل أوسون ذلك بي لكنتُ أبلغت عنه بتهمة التحرّش فورًا.
‘الآن وأنا أفكّر هناك احتمال حقًا.’
همم إذا كان كيبون يحبّني فعلًا…
“كيبون.”
ناديته دون تفكير فرفع رأسه ونظر إليّ فورًا. حدّقتني عيناه السوداوات بهدوء.
“عندما يناديك رئيسك يجب أن تجيب.”
“نعم.”
عندما أنّبته استجاب بطاعة مجدّدًا. في البداية ظننته متعجرفًا لكن الآن أعامله براحة وأوجهه دون تفكير.
‘بالفعل كيبون هو الرجل الوحيد الذي أتعامل معه بهذه الراحة.’
باعتباره أوّل مرؤوس لي لم يكن لديّ من أقارنه به. لكن لا يزال هناك الكثير الذي لا أعرفه عن كيبون. كيف أفكّر فيه كحبيب محتمل دون معرفة المزيد؟
‘بالطبع بما أنّه أجنبيّ قد تكون هناك صعوبات بسبب اختلاف الثقافات لكن يمكنني التغلّب عليها إذا علّمته جيّدًا.’
كنتُ شخصًا يغلب العقل على العاطفة باستثناء ما يتعلّق بالحرب. لذا أفكّر عقليًا أوّلًا ثمّ أنظر إلى مشاعري. لذلك سألتُ كيبون فجأة دون مقدّمات:
“ما عيوبك؟”
لعلاقة طويلة العيوب أهمّ من المزايا. لكن اكتشافها بنفسي غير فعّال. مع شخصيّة كيبون الجامدة كان من الواضح أنّه سيجيب بصراحة فالسؤال المباشر أفضل.
“عيوبي؟”
أجاب كيبون فورًا دون سؤال عن السبب:
“لا أعرف.”
كان عيب كيبون أنّه ‘لا يفكّر في نفسه’. بينما كنتُ أفكّر أضاف:
“لكن حسب من درّبوني معهم…”
“تدريب؟ هل تلقّيت تدريبًا أيضًا؟”
“نعم.”
صحيح جسمه يبدو رياضيًا. عندما بدوتُ متفاجئة شرح كيبون:
“لا أحد يجرؤ على ذكر عيوبي أمامي لكن أثناء التدريب يضطرون لقولها.”
“آه مفهوم. بالطبع.”
كنتُ قد رأيتُ تدريبات فرسان القصر من بعيد. كانوا يتدرّبون بجدّ ويذكرون مزايا وعيوب بعضهم.
“كان رأيهم المتكرّر أنّني… أفتقر إلى ضبط النفس قليلًا.”
“ماذا؟”
تفاجأتُ واتّسعت عيناي بسبب الإجابة غير المتوقّعة. في تلك اللحظة:
“أ… أ… أ… أ… أ… أ؟”
صرخت أنستازيا من الخارج وكأنّها في حالة ذعر:
“س… س… س… سموّ الأمير؟!”
كان وصول الأمير غير متوقّع.
“يا إلهي.”
نظرتُ من النافذة فكان جايدن هناك بالفعل. عبستُ متفاجئة قليلًا:
‘كنتُ أعلم أنّه سيأتي للبحث عنّي قريبًا لكن أن يأتي إلى المكتب مباشرة؟’
حتّى لو كان جايدن صغيرًا كان هذا أمرًا مثيرًا للتوتر. نهض جميع أعضاء القسم بما فيهم أنا فجأة. لكن كيبون بقي جالسًا وأعاد نظره إلى الوثائق.
‘هل هذا الفتى مجنون؟’
وخزته وحدّقتُ به لكنّه لم ينهض واستمرّ ينظر إلى جايدن بعينين مرتابتين. في تلك الأثناء صرخت أنستازيا متلعثمة أكثر من المعتاد:
“ه… ه… ه… هل تودّ قهوة؟”
عقد جايدن ذراعيه وأجاب بسخرية:
“هل ستعطين طفلًا في الثامنة ينمو دماغه مشروبًا غنيًا بالكافيين الضارّ؟ هل تركتِ عقلكِ في البيت قبل العمل؟ أم رميتِ الحسّ السليم في القمامة؟ إذا واصلتِ عرض القهوة على طفل لمَ لا تنضمّين إلى القمامة أيضًا؟”
أسقط كيبون القلم من يده وهو يرى هذا الطفل اللاذع. بالطبع هذه أوّل مرّة يرى فيها الأمير. ليس عبثًا أن يُطلق عليه ‘الطفل السيّئ’ من الخلف. ربّما كياروس والإمبراطور هما الوحيدان في القصر اللذان لا يعرفان هذا الجانب من جايدن.
رفع جايدن ذقنه وقال:
“كفى أين وزيرة قسم المخطوطات؟”
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 71"