### الفصل 67
كان القصر المنفصل بعيدًا بعض الشيء عن القصر الإمبراطوريّ.
مشيتُ ببطء عائدةً إلى قسم المخطوطات.
‘همم، لا يزال هناك وقت قبل العودة.’
انتهى الأمر أسرع ممّا توقّعتُ بكثير.
كنتُ أعتقد أنّني سأحتاج إلى تنظيم الوضع أكثر، لكن تدخّل الإمبراطور الغير متوقّع غيّر الأمور.
‘حسنًا، هذا جيّد.’
ركلتُ حصاة على الطريق بقدمي. ضحكتُ لأنّ كلام ليدون بدا سخيفًا.
أن يُعتبر رفض عرض زواج من وليّ العهد جريمة كبرى؟
كان ذلك مجرّد ذريعة، والحقيقة أنّهم غير راضين عن كوني وزيرة.
‘كلّ شيء انتهى على خير. أحسنتِ، ناميا روابي.’
ربّما لأنّني لم أكن مستعجلة، أصبحت خطواتي أبطأ فأبطأ. كان وقت الغداء قريبًا، لذا كان لديّ متّسع من الوقت.
كان كيبون أيضًا قد أخذ إجازة نصف يوم في الصباح.
بالأمس، بدا مريضًا وغادر مبكرًا، ثمّ مدّد إجازته إلى اليوم.
‘يغيب في الوقت المناسب. حقًا، أحسنت…’
بينما كنتُ أمشي ببطء، علقت حصاة أخرى في قدمي.
ركلتها مرّة أخرى بقوّة.
[أمّك تحبّك وتعتزّ بك كثيرًا…]
كلمات الإمبراطور ظلّت تتردّد في أذني.
كذلك كلّ تصرّفات الإمبراطورة التي كانت مضطربة عندما ذُكر اسم جايدن.
[من الطبيعيّ أن تحبّ الأمّ ابنها! كيف لم تعرف ذلك؟ ها؟]
كما قالت الإمبراطورة، هل هذا أمر طبيعيّ حقًا لكلّ أمّ؟
طفا سؤال في ذهني لم أستطع حله.
‘لكن أمّي… لماذا لم تحبّني؟’
تذكّرتُ طفولتي عندما كنتُ أدرس في الأكاديميّة.
يوم حصلتُ على المركز الأوّل في امتحان القبول، ثمّ جاء يوم نتائج الامتحان الأوّل.
كان الأطفال يبكون ويتذمّرون.
[ماذا أفعل! أمّي ستغضب.]
[أمّي كانت تطهو اللحم لي كلّ يوم خلال فترة الامتحانات، ستكون محبطة جدًا.]
[حلم أمّي أن أصبح موظّفًا في القصر الإمبراطوريّ…]
جلستُ بمفردي بهدوء، ممسكة بورقة نتائج سيّئة.
لم يكن هناك أحد ليشعر بالحزن إذا فشلتُ في الامتحان.
كان هذا الشيء بحدّ ذاته يحزنني.
[ناميا، هل حصلتِ على درجات جيّدة؟ لقد كنتِ الأولى!]
[بالضبط! أمّكِ ستكون متوقّعة الكثير.]
تجمّع الأصدقاء حولي، فهززتُ كتفيّ وأريتهم ورقة النتائج.
في لحظة، تلقّيتُ نظرات مفاجئة. شعرتُ بالدوار من خليط الشفقة والدهشة في عيونهم.
عندها أدركتُ أنّني بدوتُ مثيرة للشفقة بعض الشيء.
[آه، ماذا تفعلين، ناميا؟ هل ستكونين بخير؟]
[رأيتُ أمّكِ في يوم الافتتاح، بدت صارمة جدًا!]
[ستُعاقبين بشدّة. أمّكِ كانت تتوقّع الكثير منكِ على الأرجح.]
تجمّد وجهي. لم أعرف ماذا أقول، فتلعثمتُ للحظة.
[هـ، حسنًا، خوان ربّما حصل على درجات جيّدة؟]
لم تبتعد عنّي النظرات القلقة.
في النهاية، همهمتُ بوجه محرج كأنّني أبرّر:
[لهذا سيكون الأمر بخير. أمم، أمّي، تعلمون…]
لم أكن قد ناديتُ زوجة البارون “أمّي” أبدًا من قبل.
لكن في تلك اللحظة، خرجت الكلمة منّي دون أن أدرك.
عندها، ضحك خوان، الذي كان يلعب مع أطفال آخرين قريبًا، بخفّة. ثمّ رفع ذقنه وصرخ:
[صحيح، أمّي ستكون بخير. أليس كذلك، ناميا؟]
خفضتُ رأسي. شعرتُ بحرارة شديدة في وجهي.
كان الأمر أكثر إذلالًا من فشلي في الامتحان.
[أمّي تحبّني أكثر منكِ بكثير. بكثير، بكثير.]
نظروا الأطفال إليّ وإلى خوان بتعجّب، متبادلين النظرات.
لم أستطع قول أيّ شيء.
[أليس كذلك؟ أمّي لا تهتمّ بدرجاتكِ على الإطلاق.]
بينما كنتُ صامتة، ابتعد الأطفال ببطء وهم يتهامسون من خلفي.
في تلك الليلة في منزل البارون، ضحك خوان وقال “متى أصبحت أمّي أمّكِ؟” وهو يسخر منّي طوال الوقت.
ضحكت زوجة البارون بدهشة عندما سمعت القصّة من خوان.
[أمّكِ تخلّت عنكِ وذهبت. كيف تضعينني مكانها؟]
ومع ذلك، سمحت لي زوجة البارون بتناول العشاء تلك الليلة.
[حسنًا، بما أنّكِ لم تتفوّقي على خوان في الامتحان كما وعدتِ، فلا بأس.]
كانت في مزاج جيّد جدًا تلك الليلة. كانت راضية عن درجات خوان.
[درجات خوان تحسّنت كثيرًا. قد يصل إلى وزارة الماليّة. آه، يا لك من ابن رائع.]
[أمّي، أعطيني المزيد من فطيرة اللحم. إنّها لذيذة.]
[حقًا؟ هل تريد المزيد؟ ناميا، أعطيني طبقكِ. هذه آخر قطعة.]
كان تحسّن درجات خوان بسبب أنّني اخترتُ له الأسئلة المتوقّعة قبل الامتحان.
مرّرتُ فطيرة اللحم التي لم أتذوّقها وأنا أشعر بالحزن. لكن اليخنة كانت لذيذة جدًا لدرجة أنّني لم أستطع وضع الملعقة جانبًا.
لكن في تلك الليلة.
ربّما بسبب تناول الكثير من اليخنة، أصبتُ بألم في معدتي. تقيّأتُ وتدحرجتُ على أرضيّة الحمّام بمفردي. لم أفكّر حتّى في إيقاظ البارون وزوجته لأطلب دواءً.
بكيتُ قليلًا وأنا أفكّر أنّني لو كانت أمّي قد ماتت مريضة، لما شعرتُ بهذا القدر من الوحدة.
كان أمرًا غريبًا.
كلّ ذلك مضى الآن، لكن تلك الليلة من طفولتي، التي شعرتُ فيها بالوحدة العميقة، عادت إلى ذهني فجأة.
‘أرى لحظة عاطفيّة لعائلة أخرى، وها أنا كبيرة أشعر بهذا. ناميا، هذا قبيح.’
لكن في تلك اللحظة العاطفيّة، لم يكن لي مكان على أيّ حال.
كان عليّ أن أنسحب بين عائلات الآخرين في الوقت المناسب، كما اعتدتُ دائمًا.
‘انتظروا. عندما يعود أبي، سيكون لي عائلة أيضًا…’
بينما كنتُ أمشي ببطء وأنظر إلى الأرض، علقت الحصاة التي ركلتها من قبل في قدمي مرّة أخرى.
ركلتها مرّة أخرى بقوّة.
تدحرجت الحصاة بعيدًا. لكن…
“ها؟”
ضغطت قدم شخص ما على الحصاة المتدحرجة فجأة.
امتدّ ظلّ طويل على ممشى القصر الإمبراطوريّ أمامي.
“……هااا؟”
تأكّدتُ من الشاب الواقف أمامي واتّسعت عيناي.
“ما الذي تفعله هنا؟ كيف وصلتَ؟”
شعر أسود داكن يتناقض مع وجه شاحب بعض الشيء.
كان كيبون، بوجهه الجامد كالمعتاد.
“ألم تقل إنّك ستأتي في فترة ما بعد الظهر؟ هل أنتَ بخير الآن؟”
“أنا بخير.”
قال كيبون بصوت منخفض.
ساد الصمت بيننا للحظة. لم يكن لدينا شيء نقوله حقًا.
لكن، بشكل غير متوقّع، شعرتُ بالسعادة. عندها فقط أدركتُ أنّني لا أحبّ أن أكون بمفردي.
‘انتبهي. لا يجب أن تفرحي بمرؤوس لأنّكِ لا تحبّين الوحدة!’
بصراحة، المرؤوسون مريحون جدًا.
يمكنني قول ما أريد دون أن أُعاتب أو أُنتقد.
لذا، ليس هناك ضرر في وجودهم معي، لكن من المحتمل أنّ هذا ليس جيّدًا من وجهة نظرهم.
لأنّهم قد يُعاتبون أو يُنتقدون إذا قلتُ ما أريد بحريّة.
“إذن، لاحقًا…”
بينما كنتُ أفكّر في ذلك وأهمّ بقول “أراكِ لاحقًا”، قاطعني كيبون.
“الوزيرة.”
نظر إليّ كيبون من الأعلى بصوت منخفض وقال:
“اشتري لي طعامًا.”
ماذا؟
توقّفتُ للحظة عند سماع كلمات لم أتوقّعها.
كان وجهه خاليًا من التعبير ونبرته عاديّة، لكن شيئًا ما بدا غريبًا جدًا.
لا أستطيع تفسيره… لكنّها لم تكن تبدو مناسبة لكيبون على الإطلاق.
عندما بدوتُ مرتبكة، أضاف كيبون بهدوء:
“قلتِ إنّكِ ستشترين لي طعامًا في أيّ وقت أريد أن آكل معكِ.”
آه، صحيح…
[في المستقبل، إذا لم أرغب في تناول الطعام بمفردي، سأشارككِ الطعام، لذا اطلب منّي الطعام بحريّة.]
لقد قلتُ ذلك بالتأكيد.
“أنا اليوم لا أريد أن آكل بمفردي.”
“حـ، حسنًا؟”
“إذا جمعنا وقت الغداء، سيكون لدينا وقت كافٍ.”
بما أنّ كيبون كان في إجازة نصف يوم صباحية، لم يكن عليه أن يكون في مكتب قسم المخطوطات.
نظر كيبون إلى ساعته وقال:
“يمكننا تناول الغداء اليوم بهدوء.”
كان واثقًا جدًا على الرغم من أنّه هو من سيُطعم.
لكن، بطريقة ما… بدا ذلك مناسبًا لكيبون.
نبرته التي تحمل شيئًا من الغرور مع سلوكه المطيع بأدب.
كان مزيجًا غريبًا لم أشعر به من أيّ شخص آخر.
“حسنًا… هل تريد ذلك؟ لديّ الكثير من قسائم الطعام في مطاعم فاخرة.”
في أيّامي كموظّفة مبتدئة، أعطاني وليّ العهد الكثير من قسائم الطعام التي لا تزال موجودة. أخرجتُ محفظتي وأريتُ كيبون كلّ القسائم، وطلبتُ منه أن يختار ما يريد أن يأكله.
“ليس لأنّني أشفق على مالي، لكن لديّ الكثير من القسائم التي يمكنني استخدامها بالصدفة.”
“هذا المكان جيّد.”
فكّر كيبون قليلًا واختار مكانًا.
ثمّ أشار إلى قسيمة أخرى بطبيعيّة وقال:
“في المرّة القادمة، نذهب إلى هنا.”
حتّى أنّه تحدّث عن المرّة القادمة. من جرأته تلك، ضحكتُ بدهشة.
“من يراك قد يظنّ أنّك أنتَ من سيدفع؟”
—
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 67"