في ممرات مدرسة “شين هوا” الثانوية، حيث تعبق الرائحة بمزيج من الورق الجديد وأحلام المراهقة، كانت “لي ها نا” تسير بخطوات واثقة تعكس حيويتها المعهودة. كانت هانا تجسيداً للطاقة؛ فتاة بملامح بريئة وجميلة في بساطتها، شعرها البني القصير يحيط بوجهها بترتيب أنيق، وعيناها العسليتان تلمعان بذكاء حاد وشقاوة محببة. لم تكن مجرد فتاة ثرية ومدللة، بل كانت الطالبة المتفوقة التي لا تقبل بأقل من المركز الأول.
وعلى الجانب الآخر من الرواق، وبجوار النافذة الكبيرة التي تطل على الملعب، كان يقف هو.. “كيم با رام”. الشخص الذي تعتبره هانا “عدوها اللدود” ومنافسها الوحيد الذي يهدد عرش تفوقها. كان بارام يمتلك جمالاً هادئاً وبارداً في آن واحد؛ شعره الأسود الفاحم يسقط بعفوية على جبينه، وعيناه الرماديتان العميقتان تبدوان وكأنهما تحملان أسراراً لا يجرؤ أحد على سبرها. وأكثر ما كان يميز وجهه الوسيم تلك “الوحمة” الصغيرة السوداء القابعة بدقة تحت عينه اليمنى، والتي كانت تضفي عليه طابعاً من الغموض الجذاب.
”انظروا، إنهما يتواجهان مجدداً بالعيون!” همست إحدى الطالبات وهي تراقب هانا التي توقفت أمام بارام مباشرة.
رفعت هانا رأسها قليلاً لتنظر في عينيه الرماديتين وقالت بنبرة حادة: “كيم بارام، لا تظن أن تصدرك في اختبار الرياضيات الأخير سيتكرر. لقد كان مجرد حظ عاثر بالنسبة لي.”
لم يحرك بارام ساكناً، ظل وجهه جامداً كالرخام، ثم قال بصوت رخيم وهادئ: “النتائج لا تؤمن بالحظ يا هانا، تؤمن فقط بالأرقام.”
تأففت هانا بغيظ: “دائماً هذا البرود! ألا تشعر بأي مشاعر؟ أنت مجرد آلة بشرية!” ثم التفتت وغادرت بسرعة وهي تبرطم بكلمات غير مفهومة عن “غروره المقزز”.
في الحقيقة، كانت هانا تسيء فهم كل شيء. ذلك البرود لم يكن سوى درع يضعه بارام ليخفي قلباً مفرط الدفئ. في ذلك اليوم نفسه، رأت هانا بارام من بعيد وهو يتحدث مع طالب متعثر في الدراسة، بدا وكأنه يوبخه، فظنت أنه يتنمر عليه، لكن الحقيقة كانت أنه يعطيه ملخصاته الخاصة ويحثه على المحاولة بأسلوبه الجاف الذي لا يعرف كيف يلينه.
مرت الساعات، واقترب موعد انصراف الطلاب. كانت هانا تبحث عن كتابها في المكتبة عندما سمعت صوتاً مألوفاً خلف أحد الرفوف. كان صوت “يونغ سوك”، الصديق المقرب الوحيد لبارام.
قال يونغ سوك مازحاً: “يا رجل، هل سمعت؟ بارك سوها، أجمل فتاة في المدرسة، أعلنت صراحة أنها معجبة بك. الجميع ينتظر ردك.”
توقفت هانا عن الحركة، وشحب لونها قليلاً وهي تسترق السمع. رد بارام جاء سريعاً وبلا تردد: “لست مهتماً.”
شهقت هانا خلف الرف بصمت: “يا له من متكبر! كيف يرفض سوها؟ إنها ملكة جمال المدرسة!”
بينما كانت تهم بالمغادرة بصمت حتى لا تُكتشف، سمعت يونغ سوك يضحك قائلاً: “أوه، فهمت.. هل هذا بسبب هانا؟ هل ما زلت تفكر فيها؟”
تسمرت هانا في مكانها. “ما دخلي أنا في الأمر؟” همست لنفسها والنبض يتسارع في عروقها.
قال بارام بنبرة مرتبكة لأول مرة: “عن ماذا تتحدث؟ لا تقل ترهات.”
يونغ سوك: “يا رجل، اعلم أنك تحبها.. عيناك تفضحانك كلما دخلت الغرفة.”
فجأة، وضع بارام يده على فمه ليصمت صديقه، وشعر بحركة خلف الرفوف. “من هناك؟” قال بارام وهو يتجه بسرعة نحو مصدر الصوت.
ركضت هانا بكل قوتها، قلبها يقرع طبول الحرب في صدرها. خرجت من المبنى وهي تشعر بحرارة تغزو وجنتيها. “لقد كدت أن أكشف! يا إلهي.. هل قال حقاً إنه.. إنه يحبني؟”
وصلت هانا إلى منزلها وارتمت على سريرها، تنظر إلى السقف بذهول. وجه بارام بعينيه الرماديتين والوحمة السوداء تحت عينه لم يغادر مخيلتها. صرخت فجأة وهي تغطي وجهها بالوسادة: “ذا.. ذاك الشخص م.. معج.. معجب بي؟ مستحيل!”
لم تكن تعلم وهي تغرق في خجلها، أنها في تلك اللحظة قد فقدت شيئاً غالياً.. إكسسوار شعرها المفضل الذي سقط منها أثناء الركض، والذي وجده بارام الآن وهو يقف وحيداً خلف مبنى المدرسة، يمسكه بيده المرتجفة وعيناه تلمعان بحزن ودفء لا يراهما أحد غيره.
لقد بدأت القصة التي ستغير حياتهما للأبد، قصة حب ستبدأ بالمنافسة، وتنتهي بعينين لن تجف.
كان ذلك اليوم… بداية شيء لم يكن أيٌّ منهما مستعدًا له
التعليقات لهذا الفصل " 1"