“هل تقصد أن ‘سجن المرآة المضللة’ سُجّل كقطعة معروضة في مزاد الأسبوع القادم؟”
أخبار رودافيل دائمًا ما تصل أولًا.
ولا سيّما أن تبادل المعلومات بين تحالفات النقابات يتم في الزمن الحقيقي، ولا مبالغة في هذا الوصف. أما “بايل مون”، فكان بمثابة المركز العصبي الذي يجمع بين كل تلك التحالفات.
ورغم أن حقيقته غير معروفة للعامة، إلا أنه لا يوجد عضو في نقابات المعلومات لم يسمع بشر “بايل مون”.
وقد انقسم “بايل مون” إلى قسمين رئيسيين:
“فريق العمليات”، الذي يضع الخطط بالاعتماد على شبكته الدقيقة من المعلومات؛ و”فريق التنظيف”، الذي يتولى الدعم ويضمن اختفاء الآثار دون ترك أثر.
“ها هي الوثيقة التي أرسلها فريق العمليات، سيدي القائد.”
“ناولني إياها.”
أمسك قائد فريق التنظيف، المعروف بلقب “القائد النظيف”، بالأوراق التي أحضرها أحد أتباعه، وراح يقلبها بسرعة. كانت يداه لا تزالان تقطران دماً، فقد كان منشغلًا بعملية تنظيف وقتئذ.
“كرك، هه…”
“اصمت، لا أستطيع التركيز.”
ركل برأس “القمامة” الذي كان يتأوه عند قدميه، فارتطم بالأرض وخرّ صامتًا. اقترب منه منظّفان في صمت وسحباه من ذراعيه إلى حيث لا يعلم أحد.
طرق التنظيف عادةً لا تخرج عن أربعة:
الدفن، الإغراق، التقطيع… أو القيام بها جميعًا.
“دعنا نرَ… جرة المتعة، ومن ثم الحدادة المؤقتة للأقزام، هوه؟ يبدو أنه شخصية مهمة بالفعل. ثم…”
اتسعت عينا القائد عند قراءته أسفل القائمة.
أمسك بالأوراق واندفع نحو مقر العمليات.
“أيها القائد! هل رأيت أن ‘سجن المرآة المضللة’ عُرض في مزاد هذا الأسبوع؟”
“بالطبع. كنت أنوي الذهاب بنفسي، جئت في الوقت المناسب.”
ظهر قائد العمليات، المسؤول عن تلقي الأوامر من الجهات العليا ووضع الخطط، من بين سبورة مكتظة بالملاحظات.
على السبورة اليسرى، وُضعت صورة لشاب نحيف الملامح عادي الهيئة. وعلى اليمنى، رسمة لطفل صغير بشعر وردي ملفوف بغطاء.
كلاهما يمثلان أعقد المعضلات التي يواجهها “القمر الشاحب” حاليًا.
“ألا زلنا نجهل وجهتهما؟”
“الـ’حكيم’ لا يزال غامضًا، لكن ‘المنبوذ من برج السحر’ بدأت معالمه تتضح. أظن أنه في أراضي هيزيت. رفعتُ خطة لضرب الشمال مؤخرًا، تزامنًا مع عرض ‘جرة المتعة’ في المزاد.”
“لكن تلك الجرة كنز عزيز على قبيلة كانكورا، أتخطط لاستخدامها لضرب الشمال؟”
“أشعنا أن هيزيت سرقها منهم. من المؤكد أن أولئك البرابرة قد جنّ جنونهم وهم يزحفون نحو الشمال الآن.”
“هاه! لا عجب في أن يُشهد لك بالكفاءة.”
“وإن عثرنا على ‘مرآة المضللة’، فسيكون لنا وجه نرفعه أمام سيدة النقابة.”
“مرآة المضللة” كانت أثرًا تبحث عنه “بايل مون” منذ ثلاث سنوات بأمرٍ من أعلى سلطة.
وقد كانت المرآة، المحفوفة بقوة “الغابة البيضاء”، تركة السيد الأول لبرج السحر، ومملوكة من قِبل “الحكيم” الذي اختفى قبل 120 عامًا. اختفت المرآة مع موت سيد البرج.
تذكّر قائد العمليات الأمر الذي وصله منذ أسابيع:
“ضاعفوا جهود البحث عن ‘الساحر الزمني’ و’منبوذ البرج’. ولا تنسوا: تتبعوا تركة ‘الحكيم’ دون انقطاع.”
“مرآة فضية مزدوجة بحجم كف امرأة راشدة”.
ذلك الوصف كان الخيط الوحيد الذي امتلكوه عن “مرآة المضللة”.
ولهذا تراكمت في المخازن السرية للـ”بايل مون” أطنان من مرايا اليد التي جُمعت من محلات التحف في كل أنحاء البلاد.
ثم، منذ أيام فقط…
ظهرت المرآة فجأة في قائمة عرض مزاد يُعد الأكبر في مدينة “بيرتل”.
“العارض رجل مسن في الستين من عمره، عرض بعضًا من كنوزه التي جمعها طيلة عمره. جميعها قطع نادرة بلا استثناء.”
وكشفت التحقيقات أن العارض هو أحد الأثرياء الجدد في رودافيل، ويُعرف بتجارته في التحف الثمينة. أطلق عليه اسم “جامع التحف”.
“لا. لا ينبغي عرض تلك القطعة في المزاد. تلقينا أوامر بأن نظفر بها في صمت. إن وصلت أنباءها إلى الأمير الثاني أو دوق فامبروس، فكل شيء سينهار. الدوق يتمتع بحس استثنائي، وهو ممن لا يترددون في سرقة كل ما يلفت انتباه الأمير الأول أو جلالة الإمبراطورة.”
“تبًا، هذه معقدة.”
ابتلع قائد التنظيف ما كان على وشك قوله. فالشخص الذي يخدمونه هو الأعلى مقامًا في البلاد. وكلمة واحدة خاطئة قد تُطيح برقبته.
“إذاً… يجب أن نبدأ بالعثور على العارض أولًا؟ قلت إن اسمه ‘جامع التحف’؟”
“نعم. لدينا كل المعلومات المتوفرة عنه في السوق. قدّم طلب المزاد عبر فرع جديد من ‘شركة إسمايل’ افتُتح في رودافيل.”
في الأوراق التي سلّمها له قائد العمليات، بُينت صورة العارض واسمه وعمره، وبعض الملاحظات الهامة.
“يا له من…”
اختار قائد التنظيف كلماته بعناية.
“شخصية ضخمة، أليس كذلك؟”
فقط من الصورة، أدرك أنه ليس شخصًا يمكن الاستهانة به.
جسده عضلي، وعيناه تلمعان بحدة.
لا يبدو أبدًا في الستين من عمره، على عكس الشائعات. عضلات ذراعيه وكتفيه وصدره تنبض بقوة لا يُمكن أن تكون لرجل مسن.
وجهه مزين بلحية خفيفة ومُرتبة بدقة.
وبعد إزالة اللحية، قد يُشبه حبة بطاطا شامخة.
ارتعش قائد التنظيف من الإثارة.
“عضلاته رائعة… ممتلئة لكن غير مترهلة، وكثافتها عالية… رائع بحق.”
قلّما شعر هذا القاتل المحترف بمثل هذا التوتر عند رؤية خصم محتمل.
تمتم باسم العارض.
“ريل ريلتي… هل ‘ريتي’ هو اسمه؟”
“الناس ينادونه بـ’الأستاذ ريتي’.”
نهض قائد العمليات وهو يرتدي معطفه.
“لنذهب إليه حالًا.”
* * *
فتح باب فرع رودافيل الثاني لـ”شركة إسمايل” برنين أجراس نقي.
استقبل مدير الفرع كلاً من قائدي العمليات والتنظيف اللذين ارتديا زيًا بسيطًا.
“آه، جئتما للقاء الأستاذ ريتي؟ يؤسفني، لكنه لا يستقبل الزوار بسهولة، فهو مشغول للغاية.”
“مشغول؟ إلى أي حد؟”
“بمجرد أن شاع خبر عرض بعض من مقتنياته في المزاد، انهالت عليه الطلبات الخاصة لشرائها مباشرة دون المرور بالمزاد. لذا بات مترددًا بشأن المشاركة أصلاً.”
تألق بريق في عيني قائد العمليات.
“كما توقعت، ليسوا الوحيدين الطامعين في الأثر!”
لكنه كان مستعدًا لهذا السيناريو. فمن يقدّر قيمة تلك التحف ليسوا قلة.
أخرج من سترته حزمتين صغيرتين ودفعهما إلى مدير الفرع.
“واحدة لك، مقابل وساطتك. والأخرى قدّمها للأستاذ، رجاءً.”
لكن عندما فتح مدير الفرع إحداهما، بدت عليه خيبة الأمل.
“همم… أقل من الرقم الذي أُبلغت به…”
أقل؟ عشرة ذهبيات لكل منهما؟ من يأخذ هذا المبلغ مقابل وساطة فقط؟
شعر قائد العمليات بالغيظ، لكنه كان يعلم أن ثروات “القمر الشاحب” تكاد تُغرقهم.
أخرج كيسًا إضافيًا تحسبًا.
لكن مدير الفرع ظل عابس الوجه.
“أحضرتماها بوحدات من عشرة؟ عذرًا، لكن ما تعرضانه لا يشتري سوى ‘ثقة شركتنا بالأستاذ ريتي’. وللأسف، 20 ذهبية لا تُتيح لكما حتى فرصة الحديث معه. عودا من حيث أتيتما.”
“م-مهلًا! إذن دعني أكتب المبلغ بنفسي.”
أخرج شيكًا أبيض، فارغًا، وراح يكتب الرقم المطلوب.
لكنه كاد يُصاب بصدمة.
مئة ذهبية كوساطة؟ وألف لمجرد لقاء؟!
“و… وسعر الأثر نفسه مشمول، أليس كذلك؟”
“بالطبع لا. هذا فقط مقابل أن يتراجع الأستاذ عن المزاد ويتكرم بلقائكما.”
بمعنى آخر: لماذا يُضيع وقته معكما، ما دام بوسعه الحصول على أضعاف الأضعاف في المزاد؟
همس قائد التنظيف:
“أظنهم يظنوننا حمقى. فلنغادر، ونعود ليلًا. واترك لي أمر رقبة هذا العجوز.”
“لا… من يملك عدة آثار مثل تلك، لا يمكن أن يكون مجرد جامع عادي. قد يكون أكبر مما نتوقع.”
فشلهم في كشف حقيقته بدقة أكبر دليل على خطورته. وإن ارتكبوا حماقة بحقه، فقد تكون العواقب وخيمة.
“سنرافقه أولًا. نتحقق من هويته، ثم نتصرف.”
“حتى لو كانت خسارة، فإن حصولنا على ‘سجن المرآة المضللة’ سيعوض كل شيء.”
ختم الشيك بختمه.
فخطفه مدير الفرع مبتسمًا، كمن كان ينتظر تلك اللحظة منذ البداية.
“من هنا، أيها الضيوف الأعزاء!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 89"