『لم أظنكِ تافهة لدرجة أن تستدعيني بسبب تفاهات البشر، لذا استجبت. هل هناك أمر يستحق ظهوري؟』
“أريد معرفة إن كان هناك متسللون داخل حدود الإقطاعية.”
سكن الصوت لبرهة، قبل أن يأتيها الجواب، ببرود جليدي:
『الآن وقد ذكرتِ ذلك… أجل، حاولت حفنة من الحمقى التسلل عبر الطرق الجانبية. إن لم تلتهمهم الذئاب، فهم على الأرجح نائمون تحت أكفان الثلج شرق الإقطاعية. إن أردتِ، يمكنني إرشادكِ إلى أماكن دفنهم. قد تجدين فيهم من لم تزهق روحه بعد.』
لم تنتظر أريليتيا المزيد. احتضنت دمية الأرنب، وقفزت من نافذة غرفتها العالية، وفي اللحظة المناسبة، أطلقت إلارديا زفيرًا رقيقًا خفّف من وطأة السقوط، كأن الثلج ذاته انحنى ليحمل سيدته.
في دقائق معدودة، كانت قد تجاوزت أسوار الإقطاعية.
في قلب السهول الجليدية، حيث يمتد البياض بلا نهاية، بدت الأجساد المتجمدة مكدّسة، نصف مدفونة، كأن الأرض رفضت احتواءهم تمامًا.
هبطت أريليتيا بخفة على الثلج، ولوّحت بيدها لتبدّد بعض الجليد، ثم انحنت وبدأت تُفتّش في صدر أحد الرجال.
(قتلة مأجورون… لا شك في أن أحدهم قد استأجرهم من نقابة الاغتيالات.)
مدّت يدها، وانتزعت من عنقه بطاقة هوية معدنية، باردة كأنها جُمدت من الداخل.
نقشت عليها علامة مألوفة — هلال صغير.
(القمر الشاحب…)
هم، بلا شك، يتبعون نقابة الظلال القديمة التابعة لبارون إيفيليك… تلك العائلة التي تنتمي إليها إمبراطورة القصر الأم.
إن تكررت المصادفة مرتين، فهي لم تعد مصادفة. بل نذير يقين.
سارت أريليتيا عائدة إلى الإقطاعية، خُطاها ترسم فوق الجليد ممرًا من العزم، وعيناها لا تشي إلا بالصقيع والغضب.
إن كانت شكوكها صحيحة — وإن كانت عائلة كاديس قد سُحقت بأمر من الإمبراطورة…
وإن كان مقتل والديها حبكة خبيثة لجعلها يتيمة، سهلة التوجيه، يسهل اصطيادها…
(أيتها الوغدة الحقيرة… لو استطعت تمزيقكِ لألف قطعة، لما كان كافيًا.)
أخرجت قارورة إكسير من حقيبتها، وأفرغتها دفعة واحدة في فمها، ثم مسحت شفتيها بظهر يدها بقسوة.
لم تعبأ بكلمات الأرنب المطمئنة عن كونها “شجاعة” أو “قوية”.
(إن كان هذا حقًا ما حدث… فلن أغفر. أبدًا.)
لأول مرة منذ زمن طويل، عادت الرغبة في القتل إلى قلبها — حارقة، عميقة، نقية.
كانت قد أقسمت أن تكرّس حياتها للجبر، للصفح، لتعويض ما سُلب من الآخرين.
كانت قد وعدت نفسها أن يكون انتقامها هذه المرة هادئًا، بسيطًا، ناعمًا كنسمة خريف.
لكن…
“بهذه الحقائق… كل شيء تغيّر. تغيّر تمامًا!”
ارتجفت قبضتها التي ضمّتها بعنف.
لن تموت… لن تنحني… إلا بعد أن ترى الإمبراطورية تركع.
بعد أن ترى تلك المرأة تنكسر، وأن ترى هيزيت ولاسيان ينتصران.
أبدًا!كيفية قضاء إجازة مليئة بالإثارة:
[كنت أمتلك جسدًا سليمًا ولا شيء غير ذلك، وكنت بالكاد أجني حتى ذهبية واحدة في السنة سواء في المدينة أو هنا في الإقطاعية، لكن منذ انتقالي إلى أراضي هيزيت قبل عامين، فتحت الحياة أمامي طريقًا من الزهور.
لأولئك الذين يشعرون أن مستقبلهم مظلم بسبب قلة التعليم، أو الذين خذلتهم الحياة بعد محاولات فاشلة متكررة، أو الذين يريدون أن يحصلوا على أجرٍ عادل مقابل عملهم، تعالوا إلى إقطاعية هيزيت! هذه دعوة للمصلحة العامة.]
[ولأولئك المرتزقة الذين فقدوا الأمل بسبب فشلهم المتكرر في إيجاد وظيفة، نوصيكم بالتسجيل في فرقة صيد الوحوش التابعة لإقطاعية هيزيت . تحت قيادة فرسان متمرسين، ستتمتعون بتجربة صيد وحوش آمنة وسريعة، حيث يمكنكم الجمع بين المتعة والمكافأة السخية وتجربة لا تنسى!]
“هل تقول إن هذه الإعلانات يتم تداولها في كاسفل؟”
سأل روسو هيزيت بينما كان يمرر يده على لحيته المشذبة بدقة، وأجابه كبير الخدم بفخر:
“نعم، سيدي.”
“وهل هناك فعلاً هذا العدد من الناس يصدق مثل هذا الكلام البسيط؟”
من نافذة المكتب، كان يرى طابورًا طويلًا يمتد أمام بوابة القلعة.
معظم الواقفين كانوا مهاجرين جدد يحملون طلبات انتقال، والبقية مواطنون أحرار يبحثون عن عمل. اصطف الناس في طوابير امتدت حول القلعة مرتين، حتى وصلت إلى أسوارها.
“عجيب فعلاً، لم أكن أظن أن هذا الإعلان يحتوي على شيء يستحق العناء، ومع ذلك هذا الحشد الضخم… أمر مذهل.”
“يبدو أن من كتب هذا الإعلان يعرف تفاصيل إقطاعيتنا جيدًا.”
[لا فرق بين ذكر وأنثى، غني أو فقير، طالما أنك بصحة جيدة، سنرحب بك حتى وإن كنت مفلسًا!]
[هل تعلمون؟ لقد افتُتح رسميًا العام الماضي فرعمعهد الدراسات العليا التابع للأكاديمية الإمبراطورية للصيدلة، برعاية مباشرة من عائلة كونت هيزيت!
يمكنكم الآن إجراء تجارب حقيقية على الأعشاب النادرة ذات خصائص التجمد والبرودة، التي لم تُكتشف أسرارها منذ أكثر من قرن!
أيها الخريجون الذين دفعتم ثمن دراستكم الباهظ ولكنكم عالقون بلا عمل، لماذا لا تزورون إقطاعية هيزيت وسلسلة جبال كولدن؟ إنها فرصة لا تعوض لتتعلموا مباشرة تحت إشراف البروفيسور بلاتين، أستاذ الأكاديمية الإمبراطورية للصيدلة.]
[لكن احذروا! إن أغراكم الذهب وتجاهلتم نصائح من سبقوكم، وتحركتم بمفردكم… فحياتكم لن تكون سوى شمعة في مهب الريح!]
حتى نهاية المنشور، كُتب تحذير واضح وصارم.
“أعتقد أنني عرفت من هو صاحب هذا الإعلان…”
“أنا أيضًا، كنت أشك بالأمر منذ البداية.”
في الحقيقة، لا يوجد سوى شخص واحد في هذه الإقطاعية يمكن أن يبتكر فكرة كهذه.
لقد مرت سنتان منذ أن وضعت عبقرية هذا العصر جذورها في هيزيت.
وقف روسو هيزيت ينظر للأسفل نحو أراضيه التي تغيرت بشكل لم يكن يتخيله خلال عامين، واستغرق في التأمل.
* * *
في ذلك التوقيت، وبينما كان دوق الحدود يُخفي دموعه في صمت، كان صوت واحد يتكرر مرارًا وتكرارًا في ركن آخر من القلعة، داخل مكتب ثانٍ بالطابق الأول.
“ليس كافيًا… ليس كافيًا…”
احتار الخدم الذين كانوا مشغولين بتنظيف القلعة وصيانتها، وتبادلوا النظرات في حيرة.
“من أين يأتي هذا الصوت الغريب؟”
“ألم تسمع ذلك؟ هناك من يقول شيئًا غريبًا…”
“أنتم هناك! ماذا تفعلون خارج ساعات العمل؟”
صرخت تانييسا، التي كانت مشغولة باستبدال الشمعدانات النحاسية الفاخرة محل المصابيح القديمة.
“ليس كافيًا…”
في تلك اللحظة، مر السير ميون بقربهم، وهو يحك رأسه الخالي من الشعر بخجل.
“ليس كافيًا… آه… ليس كافيًا…”
“الآن، عودوا جميعًا إلى عملكم!”
صفقت تانيسا بيديها، فعاد الخدم للعمل في صمت.
لكن اللحظة التالية، عندما ظهر شخص ما في نهاية الردهة، أوقف الجميع أعمالهم وانحنوا على الفور.
استدار لاسيان بعد أن كاد يصطدم بهم عند المنعطف.
“لا بأس، لا داعي لهذا التصرف المفاجئ.”
قالت تانيسا، وهي تلمح الحقيبة الصفراء التي كان لاسيان يحملها على كتفه.
“سموك، الأميرة في مكتبها.”
“شكرًا.”
سار الفتى، الذي نما طوله بما يعادل شبرين خلال العامين الماضيين، نحو نهاية الردهة.
في العامين الماضيين، لم تكن التغيرات قد طالت مظهر الإقطاعية فحسب، بل غيرت حتى القلعة من الداخل.
السلالم، التي كانت تصدر صريرًا مزعجًا في كل خطوة، تم تزييتها لتصبح ناعمة، والأرضيات الحجرية الباردة كُسيت بسجاد فاخر تم استيراده خصيصًا من كاسفل، وتم استبدال الدرابزين القديم بآخر جديد.
وخاصةً المصابيح الذهبية الجديدة التي تم تعليقها، والتي أضفت لمسة مميزة أكملت مظهر القلعة بالكامل. الممرات، التي كانت كئيبة ومخيفة، أصبحت أنيقة ودافئة على الفور.
حين جاء لاسيان إلى إقطاعية هيزيت لأول مرة، لم يكن ليتخيل هذا التغيير أبدًا.
وليس هو وحده، بل جميع من في القلعة كانوا يرون ذلك، إلا شخصًا واحدًا فقط، ما زال غير راضٍ.
“ليس كافيًا… ليس كافيًا…”
فتح لاسيان باب المكتب، حيث كُتب عليه [ممنوع الدخول لغير المصرح لهم].
“ماذا الذي تعتقدينه غير كافٍ إلى هذه الدرجة؟”
رفعت الفتاة الصغيرة عينيها نحوه، بينما كانت جبهتها ملتصقة تقريبًا بسطح المكتب.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 60"