الفصل الخامس والثلاثون: حوار مع التنين الجليدي العظيم
[تطلبين مني صدّ موجة الوحوش، هاه… أليس أنتِ من تعمّدتِ في الماضي استفزاز الجبل لتدفعي الوحوش للجنون؟ يبدو أن قلبكِ قد تغيّر في هذه الحياة، أليس كذلك؟]
تردّد صدى السخرية في نبرة التنين الجليديّة. لم تكن كلماتها خاطئة، فلم تجد أريليتيا ما يدعو للانكماش أو التردّد. رفعت رأسها بثباتٍ كالصخر، وأجابت:
“صحيح، لقد تغيّر قلبي عمّا كان عليه سابقًا.”
في حياتها الأولى، لم تكترث بمصير هذه الأرض، ولم تشعر بأدنى وخزة ضمير حين تسبّبت في دمار هذا الإقليم وعائلةٍ بأكملها. لكن الآن، باتت تتوق بصدقٍ لحماية هذا المكان والحفاظ عليه حيًا، سدادًا للجميل أو تكفيرًا عن خطاياها. هذه المرّة، عقدت العزم كالسيف.
[الوحوش التي في الجبل لم تبدأ هيجانها إلّا لأن التوازن الطبيعي قد اختل بفعل قوّةٍ أجنبيّة. أصل المشكلة يكمن في مكانٍ آخر، أليس من المنطقي أكثر أن تتخلّصي من الجاني بدلاً من أن تظهري الخضوع لي؟]
“وكأنّني أجهل ذلك!”
اهتزّ حاجبا أريليتيا بضيقٍ واضح. كان السبب جليًا كالشمس: لعشرات السنين، لم تغادر الوحوش موطنها، والآن تحرّكت دفعةً واحدة. السبب الوحيد كان توقّف العاصفة الثلجيّة المفاجئ التي كانت تحيط بالإقليم. بمعنى آخر، هي، باستخدام سلطتها — التحكّم بالزمن — شوهت نظام الطبيعة وأثارت الفوضى.
التغيّر المفاجئ في توازن طاقة المانا، الممتدّة من إقليم هيزيت إلى جبل كولدون، جذب انتباه الكائنات العليا، فأرسلت الوحوش السفلى ككشّافة. لو تراجعت أريليتيا وأعادت الزمن لمجراه الطبيعي، ستزول العوامل التي أثارت الوحوش، ويتوقّف أسوأ سيناريو: موجة الوحوش.
لكن… “سيكون ذلك أشبه بالرجوع إلى نقطة الصفر مجدّدًا.”
حينها، سيعود إقليم هيزيت إلى عزلته، وتنهار الاتّفاقيّات مع إقليم نيمار وقافلة إسمايل التجاريّة. الأموال ستظلّ تتبخّر من الخزينة، والفرسان سيواصلون إهدار مهاراتهم في أطراف المملكة، والإقليم سيبقى مهانًا تحت الاستغلال الملكي، حتى يسقط تحت وطأة الأمير الأوّل أو الثاني.
هذا لم يكن المصير الذي تطمح إليه أريليتيا. لم ترغب في عودة الأمور إلى سابق عهدها.
[تريدين منّي أن أتحمّل العواقب نيابةً عنكِ، بينما أنتِ تجنين الفوائد بلا خسائر؟ يؤسفني أن أخيب ظنّكِ، أيتها الحكيمة الصغيرة، لكن لا تتوهّمي أن هذا العالم سيظلّ يتعامل معكِ برأفة. إن لم تحذري، سيأتيكِ عقابٌ موجع.]
“لم أقل يومًا أنّني سأتخلّى عن مسؤوليّتي.”
لم يكن العالم كريمًا مع أريليتيا قط. عاشت في وحدةٍ قاتلة، فراغٍ لا يملؤه شيء، وألمٍ لا يبرأ. ألفت مذاق الدم في فمها، وتعلّقت بأوهام الأمل كالسراب، لتذوق في كلّ مرّة خيانةً لا ترحم. لم تجنِ سوى الألم، بينما تحمّلت مسؤوليّة كلّ شيء. وهذه المرّة، لم تكن استثناءً.
“عمري لن يطول أكثر ممّا ينبغي. حتى تلك الفرصة الوحيدة التي قيل إنّها بقيت، قد انتهت بالفعل. لم يعد هناك فرق إن متّ اليوم أو غدًا.”
[وقد يبدو كذلك، لكن ما علاقتي أنا بذلك؟]
“حكماء الغابة البيضاء، حين يقترب أجلهم، عليهم تسليم قدراتهم للحاكم الجديد قبل أن يرحلوا، أليس كذلك؟”
[صحيح. شغور مقعد الحكيم يعني انهيار توازن الغابة، وحين يحدث ذلك، فالعالم المبني فوقها سيمضي نحو الدمار.]
صُدمت أريليتيا عند سماع كلمة “الدمار”. “دمار؟! كان الأمر بهذه الخطورة؟”
لا عجب أن الإبرة كانت تتصرّف بجنون، رافضةً فكرة موتها. لو انقطعت سلسلة القدرات، ستنهار الغابة بأسرها. هذا عزّز يقينها بأنّها اختارت الصفقة الصحيحة.
“أرغب في أن تخلفينني أنتِ، أيتها السيّدة إلارديا، كحاكمةٍ جديدة.”
رمشت التنين ببطء، كمن تعيد التفكير. توقّفت الإبرة — التي كانت تتحرّك كعقرب ساعة — عن الدوران، كأنّها نسيت وظيفتها.
“هل جُنَّت مالكتي أخيرًا؟!”
قفز عقربا الساعات والدقائق، يصفّعان خدّيها الصغيرين، صارخين: “ألغِ ذلك فورًا! كيف تسلمينني لهذه التنين العجوز؟!”
لكن صراخها غرق تحت ضحكاتٍ أقوى. إلارديا، التي اعتلت قمّة الجبل، أمالت رأسها للخلف وأطلقت ضحكةً مدويّة هزّت السماء والهواء، حتى تدحرج جسد أريليتيا للوراء من الصدمة الهوائيّة.
“آه…”
[أيتها الصغيرة، هل تقولين إنّكِ تريدين منح قدرة التحكّم بالزمن لي؟ هل تعتقدين أنّني سأقع في إغراءٍ مثل هذا؟]
“لا.”
تحدّثت أريليتيا بصوتها العادي، مستلقيةً فوق الثلج، تلوّح برأسها نافية: “لأنّكِ لن تنخدعي، لهذا تحديدًا أنتِ الأنسب لتكوني سيّدة هذه القدرة.”
[همم؟]
كان الحكماء عبر العصور فريسةً للحكّام، أدواتٍ سياسيّة جاهزة للتضحية. لكن ماذا لو كانت الحكيمة تنينًا، أقوى كائنة في العالم؟ أيّ بشري يجرؤ على استخدام تنين كدمية؟ التنين لا يموت، وإلارديا، التي عاشت في عزلة، لم تُذكر في سجلّات البشر ولو مرّة. إن لم تكن هي الأحق بهذا السلطان، فمن تكون؟
“ثم إن قولكِ إنّكِ لم تُغري بالأمر… كذبٌ واضح.”
عقد الثلج لسانها، جاعلاً النطق أصعب: “هذه قدرةٌ مساوية لقوّة الغابة، وربما أقوى… تتيح لكِ التحرّر من قيد هذا العالم… ألا يثيركِ ذلك؟”
القوّة الوحيدة التي لم تمتلكها تنين قط. ألف عام من الفضول… ألن يكون مغريًا؟
[هاهاهاهاها!]
انفجرت إلارديا ضاحكةً، ضحكةً كزلزال يهزّ الجبال.
[أنتِ على حق. صحيح أن هذه القدرة ليست ذات فائدةٍ عظيمة لي، لكنّها ستسكت أفواه غابة الوقحين، وهذا وحده يكفي لتبرير قيمتها.]
ارتجفت الإبرة من الرعب، كأنّها التقطت شيئًا بالغ الخطورة.
[في المقابل، عليكِ أن تضمني لي شيئًا واحدًا. سأصدّ موجة الوحوش، ليس هذه المرّة فقط بل دومًا…]
إلى الأبد، ليبقى الإقليم آمنًا.
[وأيضًا، ليكفّ الثلج عن الهطول…]
لكن بشرط — أن تستمرّ الوحوش أحيانًا في النزول لجمع المواد اللازمة.
[حسنًا. العواصف الثلجيّة والبرد الذي يغلّف هذه المنطقة، كنتُ أنا السبب في إثارته لحماية عشّي. سأكتفي بتحديد نطاق الأذى ليقتصر على سهول تافيرتا. وفي المقابل…]
ارتفعت جبالٌ بأكملها مع صدى جناحي إلارديا وهي تطير عاليًا. جُرّت أريليتيا في الهواء، ثم استقرّت في مكانٍ غائر مدفون بالثلوج على قمّة جبل.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 35"