انتفض لاسيان فيديركا، فتح عينيه وأنفاسه تتصارع في صدره كعاصفة مشتعلة.
“مـ… ما هذا؟”
رؤيا المستقبل التي اجتاحته في حلمه لم تكن مجرد صور عابرة. كانت موجة صاعقة، زلزلت كيانه، كأن الزمن نفسه انفجر في روحه.
أمسك لاسيان بورقة متسخة متناثرة على الأرض، واندفع يخط بقلم مرتعش، يسجل شظايا الحلم قبل أن تذوب في مستنقع النسيان. يده ترتجف، والحبر يتناثر كدموع سوداء، بينما عيناه تائهتان في دوامة الذهول.
“ما هذه الرؤية؟ ما الذي يحدث في هيزيت؟”
كانت الصور تتفتت في ذهنه، كزجاج محطم يتلاشى تحت ضوء الفجر.
يعلم أن بعض الرؤى تذبل وتختفي، لأن المستقبل الذي رآه قد تغير، أصبح شبحاً لن يولد أبداً.
“لأن أحدهم أعاد الزمن إلى الوراء… ومحا ذلك المستقبل كأنه لم يكن.”
ساحر زمني.
ومن بين كل من عرفهم لاسيان، واحدة فقط تملك تلك القوة.
“أريليتيا كاديز…”
تردد اسمها في أذنيه، واضحاً كصرخة جلين في الرؤيا.
صرّت الورقة بين يديه، وكأنها تحمل سر مصير هيزيت.
الآن، تحتضن هيزيت تلك الفتاة، كجوهرة مدفونة في قلب الثلوج.
* * *
الأول من مارس
أمسكت أريليتيا بالرزنامة، وأحاطت اليوم الجديد بدائرة قرمزية.
وضعت القلم، ورفعت يديها الصغيرتين إلى السماء، كأنها تحتضن الشمس.
“يحيا مارس!”
ابتسامتها كانت كزهرة تتفتح في الثلج، مشعة بدفء يذيب قسوة الشتاء.
“صباح الخير، أريليتيا!”
مرّ شهران منذ أن وطئت أريليتيا أرض هيزيت، وكأن الإقليم تبناها، نسجها في نسيجه كأنها ابنته.
كل صباح، تستيقظ على قبلة ناعمة من تانيسا على خدها، طقس يومي يحمل رائحة الأمان.
“اليوم الشمس مشرقة بلطف. كيف تشعرين؟”
“بخير.”
“هل شعرتِ بألم في الليل؟”
“لا.”
لكن عيني تانيسا، الحادتين كعيني صقر، لم تخدعها الإجابة.
“ألم نتفق أن الكذب ممنوع؟”
“قلت… لا يجب الكذب.”
حقيقةً، ارتفعت حرارتها ليلاً، سرقت النوم من عينيها.
لكنها لم تعترف، خوفاً من تكرار مشهد الأيام الماضية: تانيسا وأعمامها الفرسان يتناوبون حراسة سريرها كأنها كنز ثمين.
لكن كذبتها الصغيرة لم تدم، إذ وضعت تانيسا يدها على جبهتها، وتنهدت.
“تمرضين كثيراً هذه الأيام، يا صغيرتي. هذا مقلق جداً. الجميع ينتظركِ في قاعة الاحتفال، اغسلي وجهك وهيا.”
كانت العربة تنتظرها أمام الباب، جاهزة لنقلها إلى قاعة الاحتفال.
“هل نمتِ جيداً، يا معلمتي الصغيرة؟”
“همم.”
انتقلت أريليتيا بخفة من ذراعي تانيسا إلى ذراعي جلين، كطائر ينتقل بين أغصان مألوفة.
كانت تعلم أن وجهتها القادمة هي فحص الدكتور سيرجيو، ثم فطور دافئ ينتظرها.
“يبدو أن حرارتكِ مرتفعة هذا الصباح أيضاً. لا أفهم لماذا لا تنخفض.”
“لأنني أحمل الكثير من الغضب بداخلي!”
“أوه، إذن سأطلب دواءً أقوى!”
“إييه!”
ضحك جلين، واستمرا في مزاحهما الخفيف، يختفيان في نهاية الرواق كنجمين يتراقصان في سماء صافية.
وقفت تانيسا، تبتسم برضا وهي ترتب فراش أريليتيا.
“يبدوان كعائلة حقيقية.”
هل هما عم وابنة أخيه؟ أم أخ وأخته الصغرى المدللة؟
لم تستطع تحديد ذلك، لكن دفء المشهد ملأ قلبها.
فجأة، وقعت عيناها على الرزنامة.
اليوم الأخير من مارس 1347، محدد بالأسود، كبوابة ظليلة تنتظر.
شهر واحد فقط يفصلها عنه.
‘هل أريليتيا من وضعت هذه العلامة؟’
مالت تانيسا برأسها، حيرة تتسلل إلى قلبها.
‘ما الذي سيحدث في آخر مارس؟’
“حسناً، افتحي فمكِ، أريليتيا.”
“آآه.”
أدخل الدكتور سيرجيو عصا زجاجية في حلقها، يفحص بعناية وكأنه يواجه عدواً خفياً.
نظراته الحادة، كسيف مشحوذ، التقت بعيون الرجال المحيطين: جلين، دانكن، وآخرون، يراقبون كجنود في ساحة معركة، قلقهم يملأ الهواء.
“كيف حالها، دكتور؟”
“اللوزتان لا تزالان متورمتين بشدة.”
في لحظة، تحولت وجوه الفرسان القساة إلى قناع من الحزن، كأن السماء أمطرت غيوماً فوق قلوبهم.
“لقد فككت عقد المانا والهالة المتشابكة في جسدها إلى حد كبير، لكن الحرارة الخفيفة تستمر، بشكل غريب. سنستخدم مضادات التهاب وخافض حرارة لأسبوع آخر، ونراقب. المشكلة أنها صغيرة جداً، لا يمكن إعطاؤها دواءً قوياً.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 26"