منذ اليوم التالي مباشرة، بدأت الوحوش بالظهور بشكل غريب في أنحاء متفرقة من أطراف الإقليم وعلى سفوح الجبال المحيطة.
“أيتها المعلمة! تلك الجِنيّات البغيضة حولت ساحة التدريب بأكملها إلى جليد زلق!”
“جنيّات؟! أين؟ أرِني أين!”
“من هنا. أمسكنا ببعضها بالشباك، لكنها غير صالحة للأكل، للأسف.”
من هناك، بدأت سلسلة من الوحوش الأعلى تصنيفًا بالظهور—من جنيات الثلج التي تثير العواصف بجناحيها، إلى العفاريت البيضاء التي تهبط من الجبال متسلحة برماح من الجليد، وحتى الوحل الجليدي الذي غمر الحدائق الصغيرة بأجساد لزجة وباردة.
ازدحم ميدان الإقليم بأمواج من الوحوش، تتراكم كأنها تستعد لاجتياح شامل.
وفي مواجهة هذا الغزو، شمر الفرسان عن سواعدهم، وضربوا الوحوش بقبضات كأنها من الفولاذ. عفاريت بأجساد تعادل ثلاثة رجال بالغين سقطت أمام فرق من عشرة مقاتلين. تنظيمهم وانسجامهم في القتال بدا وكأنه عرض فني باهر لا يُنسى.
في خضم هذا كله، وجدت أريليتيا نفسها عاجزة عن الكلام.
“آهٍ، لو أن مزيدًا من الذئاب ظهر فقط… لا يمكننا أكل الجن ولا العفاريت ولا الوحل، فماذا نفعل يا معلمة…؟”
وحين التفت الجميع إلى الخلف، صمتوا.
كانت أريليتيا، الصغيرة، بين ذراعي اللورد، تبتسم بأبهى، أنقى ابتسامة رأوها في حياتهم.
“أنتم رائعون! مذهلون يا أبطال!”
“آه… لا، لا شيء يستحق كل هذا…”
تلعثم تومبيل ودانكن ورويل وهم يرمشون بدهشة.
“اصطياد وحوش من هذا النوع؟ هذا عادي بالنسبة لراشدين في إقليم هيزيت. الوحوش الحقيقية خلف جبال كولدن…”
“لا! لا وألف لا!”
صرخت أريليتيا، محمرة الخدين كأنها وضعت مربى على وجهها.
“أنتم الأروع! لم أرَ أحدًا مثلكم من قبل!”
ارتجف الفرسان تأثرًا—
الطفلة تضحك!
هي، التي كانت دومًا ساكنة النظرات، باردة التعبير، بالكاد تظهر شيئًا حتى عندما تتألم—ها هي تضحك ببراءة تشق الغيمات!
حتى جلين، فوجئ بشدة.
دفء…
الجسد الذي يحتضنه كان دافئًا، ينبض بالحياة. قبضتاها الصغيرتان تمسكان بعنقه بإصرار ملهم، وشيء يشبه الضوء خرج منها ليملأ الهواء حوله.
“هذا يكفي… هذا وحده يكفي!”
قالتها أريليتيا بانفعال وهي تضرب على كتف جلين، حماسها أشعل شيئًا بداخله لا يعرف كيف يُطفئه.
“إذاً… ماذا نفعل بتلك الوحول، أريليتيا؟”
“اصطادوهم! جميعهم!”
ردت بحماس، غير مدركة للأثر العاطفي الذي تركته.
كلهم، بلا استثناء!
***
“أخبريني يا إبرة، هل هذا مجرد صدفة؟ حقًا؟”
رفعت أريليتيا رأسها إلى المستودع بذهول.
في أسبوعٍ واحد، تحوّل قبو القصر المُغبرّ إلى كنز مكدّس بالموارد الثمينة والمؤن النادرة. الإقليم، الذي لم تنبت فيه حبة قمح منذ سنين، والذي لم يعرف غير هجمات الوحوش، اتضح أنه مخبأ طبيعي للثروات.
في سبعة أيام فقط، جابت أريليتيا أنحاء الإقليم مع الفرسان. صادوا الذئاب، جمعوا الجنيات، وتغلبوا على العفاريت والأورك.
وفي النهاية، انضم إليهم أهل الإقليم أنفسهم.
لم تعد بحاجة إلى استخدام إبرتها السحرية. كانت تذكر نقاط ضعف الوحوش، والأماكن التي يجب استخراجها منها، فينهال الجميع عليها كجيش من النمل المنظّم.
حتى الجبال المغطاة بالجليد الأزلي بدت كأنها تتلألأ بالذهب.
كل هذا… ثروة خالصة!
“لكن… لماذا لم يستخدموها من قبل؟”
كان أهل الإقليم مجرد سكان قرى قاسية، لا يعرفون من العالم سوى عضلاتهم. لربما لم يدركوا قط القيمة الحقيقية لما بين أيديهم.
لكن أريليتيا رأت بوضوح:
الكنز الحقيقي في هذا الإقليم… ليس الوحوش.
بل أولئك الفرسان، الذين يسحقون وحوشًا متوسطة المستوى بأيديهم المجردة، بلا سحر، بلا جرعات، فقط بالشرف، والقوة، والإيمان.
قوة هيزيت لم تكن في السيوف، بل في القلوب.
“كنت مخطئة…”
في حياتي السابقة، توسلت مرارًا للأمراء أن يستأصلوا هيزايت من الجذور، ظنًا أنها خطر على العرش.
مسحت عينيها المحمرّتين بظهر كفها، تنهدت.
كنت أراهم سذّجًا…
لكن الحقيقة؟
كان ولاؤهم لبعضهم البعض، إحساسهم بالعدالة، وعطفهم على الضعفاء، هو مصدر عظمتهم. تضامنهم رفع من قوة كل فرد، حتى غدت وحدتهم أقوى من ألف خطة ومخطط.
وفي قلب هذا كله… كان جلين هيزيت.
فجأة، تساءلت:
ماذا لو… وقفتُ معهم منذ البداية؟
هل كان جلين والأمير الثالث ليبقيا على قيد الحياة؟
هل كان من الممكن ألا أُطعَن في الظهر؟
هل فات الأوان؟
تسارعت نبضات قلبها. خَدّها احمرّ من الحيرة.
لو ساعدتهم الآن، في هذه الحياة… هل أستطيع الانتقام؟
لا أريد الكثير. فقط القليل، القليل جدًا.
مثلاً… أن أعلّق ألبرت ولوسيوس من أرجلهم على أسوار القصر، وأجلد باطن أقدامهم حتى يصيحوا!
أن أنزع منهم كل ما يملكون، وأمنح كل شيء لهيزايت وولي العهد الثالث، أولئك الذين سحقوهم دائمًا باحتقار.
أريدهم أن يحترقوا بالحسد، بالكراهية، بالذل، بالألم.
هذا فقط. هذا يكفيني.
كان جلين، من بعيد، يكدّس جثث العفاريت البيضاء.
وحين لمح أريليتيا، قال مازحًا:
“أريليتيا؟ لماذا تبتسمين بذلك الشر؟”
“هاه؟ لا شيء!”
انتفضت، واستدارت مسرعة بخطى صغيرة.
ركزي، ركزي! الانتقام مرحلة لاحقة. الآن، الوقت للوفاء بالجميل.
لقد امتلأت مخازن الإقليم أخيرًا.
والآن، حان وقت سدّ الثقوب التي تسرب كل شيء.
إذا فعلت ذلك… فغنى هيزيت سيصير حقيقة، مسألة وقت فقط.
لن يضطر جلِن بعد الآن لتمزيق ثروات الإقليم كي يطعم الجميع.
الفرسان سيأكلون اللحم الذي يحبونه كما يشتهون، وسكان القصر لن يتجمدوا مجددًا في ليالي الشتاء الباردة.
هذا… هو الوفاء الحقيقي.
حين تخيلت الإقليم وقد صار واحة مزدهرة، ابتسمت ابتسامة صافية، عميقة.
وإذا عززت هذا المكان بما يكفي ليضاهي نفوذ أي أمير…
ربما، فقط ربما… يمكنني انتزاع السلطة في بيرتيل أمام أعينهم.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات