“في قصر الإمبراطورة، لم يُشتبَه بأي جاسوس. حتى جنود الحرس لم يرصدوا أي تحرّك مريب. وإن لم يكن هناك من دسّ جاسوسًا… فمَن يمكنه ارتكاب فعل خارقٍ كهذا…؟”
كانت الإمبراطورة تتحدث بانسيابٍ، ثم انقطعت كلماتها فجأة.
‘من يقدر على ذلك، من؟’
قبض جلين يده بصمت.
‘إن كُشِف أمر الحكيم أمام الإمبراطور…’
كان لزامًا عليهم اليوم أن يُثبتوا إدانة الإمبراطورة مهما كلّف الأمر. فلو فُضِحَت حقيقة أريليتيا، ستكون الغلبة للطرف الآخر بلا شك، وسيتلاشى الغرض من هذا اللقاء الثلاثي.
“تلك القدرة الخارقة، على حدّ علمي…”
اشتدّ التوتر حتى بات ملموسًا في الهواء.
ولم يكن جلين وحده من أنصت بانتباه لتكملة كلام الإمبراطورة، بل حتى لوسو كان يترقّب.
تحرّكت شفتا لوريلين ببطء بعد أن ظلّتا مفتوحتين لبرهة.
“…ربما… قوة التنين؟”
لقد راوغت.
بلا شك، كانت تلك مناورة ذكية.
لمعت نظرة خفيفة في عيني أريليتيا.
‘كما توقعت… أنتِ ترغبين في احتكاري لنفسك.’
وفي الواقع، كانت قريبة من الجواب. إذ كانت لوريلين تمزّق أفكارها داخل رأسها صراعًا.
‘لو أفصحت عن ورقة الحكيم أمام الإمبراطور وشعب الكانكورا، فلن يمر وقت طويل حتى تعرف جميع الدول المتحالفة، لا بيرتيل فحسب، بوجوده. ولا يمكن، أبدًا، السماح لذلك الشيخ، دوق باميروس، بأن يسمع بهذا!’
وبعد أن حسمت أمرها، شدّدت لوريلين نبرتها.
“أما تلك الوسيلة، فعليكم أنتم الاعتراف بها. وأحسب أنكم تدركون أن التسلل إلى القصر الإمبراطوري يُعدّ خيانة عظمى.”
أريليتيا، عامدةً، لم تُعطِ غلين أي إشارة، بل اكتفت بالتحديق في لوريلين بهدوء.
‘أنا طفلة بريئة، في الثامنة من عمري. مخلوقة تبدو سهلة الانقياد.’
وحين أرخت عينيها بتعمّد، كما لو كانت تؤمن بما تقوله لنفسها، خفّ التوتر قليلًا عن وجه لوريلين. كانت تظن، بوضوح، أنها تستطيع ترويضها بسهولة.
فغمرها هدوء غريب بشكل مدهش.
كان يمكنها أن تترك الأمر لروسو وجلين، ومع ذلك جاءت بنفسها إلى القصر الإمبراطوري، والسبب وجيه.
لوريلين لم تكن حمقاء. بل، على الرغم من مظهرها، فهي المرأة التي تُمسك بخيوط إدارة القصر بقبضة من حديد. كان معظم وزراء القصر – من المالية والإدارة والعدل – موالين لها.
والسبب الخفيّ لذلك هو أن الإمبراطورة السابقة – والدة لوسيو البيولوجية – كانت من علية القوم، شديدة الأنفة، تتعامل بتعجرف مع مسؤولي القصر. وهو ما جعل صورتها تترسّخ في ذاكرة القصر كأحد أسوأ من سكنوه… لكن هذا الآن غير ذي أهمية.
( هي أمه بس تتوقعوا مين أبوه؟)
ما يهمّ الآن، هو كيفية دفن الإمبراطورة بلطف في هذا اللقاء الثلاثي، وذلك لن يحدث إلا إذا جعلوها تدرك ما ستخسره، وما ستجنيه إن قدمت التنازلات.
“أانهيتِ حديثكِ، يا إمبراطورة؟”
“نعم، يا مولاي.”
“ماركيز، إن كان لديك ما تقوله، فتكلّم.”
جيد. تمّت عملية التحقق.
والآن، حان دورنا لشنّ الهجوم.
لكن هذه المرة، لم تحتج أريليتيا إلى التدخل شخصيًا. فشخص بالغ حقيقي جاء معها هذه المرة.
“ماركيز، هل لك أي اعتراض؟”
“سأجيب بالتسلسل. أولًا، دعوني أتحدث عن المشتري المُدرج في عقد التنازل.”
روسو هيزيت يكره السياسة المليئة بالخداع والمؤامرات.
ولكن، بخلاف وريثه جلين، فإن كرهه لذلك لا يعني عجزه عن خوضها.
إصراره على البقاء في الشمال ينبع من إدراكه العميق لمدى حقارة وقذارة صراعات السلطة في العاصمة والقصر الإمبراطوري.
“أولًا، من باعنا تلك التحف ليس أحدًا من آل البارون إيفيليك. بل شخص يعمل في محلّ للربا يديره آل إيفيليك. وقد أتى معنا.”
وما إن نقر روسو بأصابعه، حتى فُتحت أبواب قاعة العرش.
نظر الخادم في حرج إلى الإمبراطور وكأنه يطلب الإذن.
“مولاي، هل ندخل الشاهد؟”
“هل يوجد شاهد؟”
بدت لمعة من الاهتمام في عيني الإمبراطور.
“دعه يدخل.”
وعلى الفور، اقتاد دانكن رجلاً مغطى الرأس إلى الداخل.
كان ذلك الرجل رئيس قسم التنظيف في فرع رودافيل التابع لتنظيم فيل موون.
ظلّ محتجزًا في قلعة هيزيت طوال ثلاثة أشهر، والآن جُرّ عنوة ليركع على أرض القاعة الرخامية.
“أ، أتشرف بالمثول أمام الإمبراطور المعظم… إمبراطور بيرتيل…!”
“ومن هذا، يا ماركيز؟”
عبست لوريلين لدى رؤية مظهر الرجل المُهلهل.
لم تعرفه، ولكن من تحت طوقه برزت بطاقة تعريف تحمل رمز الهلال.
ارتعد قلبها فجأة.
‘هل كُشف أمر بايل موون؟’
لكن ارتباكها لم يدم طويلًا.
فهي لا تحفظ أسماء وأوجه عملاء المنظمة، بل لم تلتقِ حتى بمن يعملون في قسم التنظيف.
هؤلاء لا يُعدّون إلا أدوات لمسح الفوضى. ذيولًا يُضحّى بها عند الحاجة.
وكانت خطط قطع الذيل دون ضجة قد رُتّبت مسبقًا.
لقد استطاع تنظيم بايل مون أن يخفي هويته عن أعين نقابات المعلومات في بيرتيل لأكثر من عشرين عامًا، بفضل صرامة أعضائه في كتمان الأسرار.
لهذا، تمتمت لوريلين في داخلها بامتعاض.
‘أن يُضطرّوا لإخراج الجثة من قاعة العرش بأنفسهم… ليس موقفًا يُحسَدون عليه، لكن…’
ما دام لا يوجد ما يربطها بهذا الشاهد، فلا حاجة للقلق.
أدارت الإمبراطورة وجهها ببرود، لتقطع أي خيط بين نظراتها ونظراته.
لا مبالاة سافرة.
ورآها رئيس قسم التنظيف بعينيه.
فخيّم عليه يأسٌ عميق.
‘كانت تلك الطفلة على حق…’
قبل يومٍ واحد، ظهرت له فتاة ذات شعر وردي في زنزانة تحت قلعة هيزيت، وفتحت قفل الباب بنفسها.
كان قد شارف على الموت من شدة البرد، متكوّرًا مثل كرة.
قال له صوتها اليافع:
“سنذهب إلى القصر الإمبراطوري الآن. لنُثبت أن تنظيم بايل موون اشترى جرّة الكانكورا. وستكون أنت الشاهد أمام الإمبراطور.”
“اشترينا ماذا؟! عن ماذا تتحدثين؟!”
“الأمر بسيط. فقط غيّر اسم الشيء. قل إنك لم تذهب إلى سجن المرآة، بل إلى رودافيل لشراء جرّة المتعة.”
“أنا… لا يمكنني الشهادة! هناك تعويذة تمنعني من النطق بالكلمات المحرمة…!”
“أعلم. غرَزوا إبرة قرب قلبك، صحيح؟ ينساب منها السم فور إفشاء أي سرّ. سأوقفها لك.”
ثم أخرجت الفتاة من حقيبتها ثلاث إبر ذهبية.
غطّى بريقها عينيه للحظة، ثم اختفى.
وضعتها مجددًا في الحقيبة، ثم صفّقت ببرود وقالت:
“مبروك. يمكنك الآن التفوّه بأسرار بايل مون دون أن تموت.”
“…ما هذا العبث الطفولي…؟ حتى إن صدّقتك، ما الذي سأجنيه إن شهدت؟”
“أيّ شيء أفضل من أن ينفجر قلبك، أو أن تموت من البرد هنا، أو أن تُعدم بتهمة القتل.”
“ماذا؟!”
“هل تعرف ماذا يحدث للذيل المقطوع في بايل مون، يا عم؟”
“…”
“يُكنَس. وأنت، لطالما كنست غيرك. فلا بد أنك تعرف هذا جيدًا. الآن حان دورك لتُكنَس أنت.”
ثم مدت يدها وانتزعت بطاقة الهوية من عنقه.
“إن رأت الإمبراطورة هذه، ستعرفك حتمًا. اذهب وانظر… هل ستنقذك، أم تقطعك ببساطة؟”
“…”
“وعندها فقط، ستعرف إلى أي جانب يجب أن تنتمي إن أردت أن تبقى حيًا.”
وبمجرّد أن أدارت الإمبراطورة رأسها ببرود، جاءه الجواب.
قضّ على أسنانه.
إن كان الموت محتمًا بكل الأحوال، فليخاطر على الأقل.
“نعم، صحيح!”
صرخ رئيس قسم التنظيف فجأة.
“أنا أحد أعضاء نقابة المعلومات التي يديرها آل البارون إيفيليك! هذا التوقيع والاسم على العقد يخصّاني! وأنا من اشترى جرّة المتعة وسلمها للبارون!”
كانت عبارة “آل البارون إيفيليك” أولى الكلمات المحرّمة. لكن لم يشعر بأي ألم في قلبه. كان ما قالته الطفلة صائبًا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات