⋆。°✩﹤📖﹥✩°。⋆
『 ✧ الفصل الثامن ✧ 』
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
بركلةٍ خاطفة، موجَّهة بدقّة من قدمٍ صغيرة مغلّفة بحذاء مُحصَّن ضد الطاقة المظلمة، أصابت آيري موضع الوجع في جسد شولتز… بكل صرامة وقوّة لا ترحم.
أكان يظنها ضعيفة؟ أتراه استهان بطفلةٍ تنتمي إلى اسم أورتيزو؟ يا لسذاجته!
“آه… آآغ!”
اتّسعت عينا شولتز على آخرهما من شدّة الألم، ثم ارتطم بالأرض كمن سُلب منه الهواء… وكأن الزمن توقف عند صرخته تلك.
هبطت آيري على الأرض برشاقةٍ باهرة، وهبوطٍ أقرب إلى لوحةٍ خيالية ترسمها الحاكمة.
نفضت يديها بنعومة، ووقفت تنظر إليه من علٍ… كما تنظر الملكة إلى خصمها المهزوم في نهاية الحرب.
وبينما كان شولتز يتلوّى محاولًا النهوض، تمتم بصوت متهالك:
“ما… ما الذي فعلتِه… الآن؟!”
لكن ما إن حاول استجماع ما تبقّى من كرامته، ورفع قبضته المرتجفة، حتى جاءه الردّ دون رحمة:
“تكلّم بأدب أولًا!”
ركلةٌ أخرى— أسرع، أشرس، وأشدّ وقعًا— تبعتها قفزة مثالية، وكأنها رقصة انتصار على مسرح العدالة.
وبهذا، حُسم كل شيء.
سقوطٌ مذلّ، هزيمةٌ تامّة، وانتصارٌ ساحق لأميرة النور… آيري أورتيزو.
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
كان بيتر، كبير خدم قلعة أورتيزو، يتجوّل في أروقة القصر كعادته اليومية، حافظًا قسمه، متمسكًا بجمود وجهه الصخري كأنما هو حجر أساس في جدران القصر.
غير أن شيئًا ما في هذا اليوم لم يكن كالأيام السابقة.
الخادمات، اللواتي اعتدن الانضباط والصرامة، بدت على وجوههن بسمات مشرقة، خفّ فيها عبء الجمود وتألقت بالدهشة.
『طفلة واحدة فقط… وتُقلب ملامح القصر رأسًا على عقب؟ يا لفوضى الأرواح إن افتُقد الانضباط.』
لكن بيتر لم يكن مجرد خادم عادي.
على ساعده، كان وشمٌ غامض يوشي جلده—ختمُ قتلة الظل، لا يراه سوى من عاش طويلاً في العتمة.
ذات يومٍ، كان أسطورة في دهاليز الموت، أما اليوم، فقد بات عمادًا للقصر في غياب سيده… صاحب السلالة العليا.
وحين التقت نظراته بنظرات آيري مؤخّرًا، شعر بوخزٍ في قلبه كأن عينَيها تُخفيان نيةً مدفونة تحت طبقات من البراءة.
『تلك النظرات… إنها تُخفي نوايا خفية. أستطيع الشعور بها.』
ولم تمضِ دقائق حتى أرسل حجر التواصل السحري في جيبه رنينًا خافتًا، لم يخطئه أبدًا.
[وقع اشتباك بين السيدة آيري والسيد شولتز. نشب نزاع مباشر، انتهى بأن قامت السيدة آيري بالاعتداء على السيد شولتز.]
『كما توقّعت تمامًا.』
زفر بيتر ببطءٍ ثقيل، وكأن العالم ألقى عليه حمولة أخرى لا تطاق.
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
ما إن تلقّى البلاغ، حتى أمر بجمع الطفلَين في صالة الاستقبال لإجراء المواجهة فورًا.
في غياب دوق أورتيزو وسائر أفراد الأسرة العُليا بسبب الحرب، بدا القصر كما لو أنه مركبٌ شاغر وسط عاصفةٍ من الخيالات.
أما والدة شولتز، زوجة أحد نبلاء العائلة الفرعية، فقد كانت تتصرّف وكأنها سيدة القصر بلا منازع، تمشي فيه وكأن التاج على رأسها.
وكان بيتر يعلم يقينًا أنها ستسعى لطمس الحقيقة—لذا، قرر التحرّك قبل أن تصلها الأخبار.
وكما كان متوقعًا… شولتز، بوجهه المنتفخ ودموعه الباردة، بدأ بالتذمّر والصراخ:
“هـ… هييييييه! لقد ضربتني! لقد ركلتني هناك! طفلةٌ مثير للشفقة ضربتني! هل هذا معقول؟!”
قال بيتر بهدوءٍ يُغلفه الحزم:
“أفهم. أخبرني الآن، وبكل صدق… ما الذي جرى بينكما؟”
لقد تمرّس بيتر في مثل هذه الحوادث.
يُحقّق، يُدوّن، يرفع التقرير إلى الجهات العليا… ثم يطوي الصفحة، أو يحرقها إن لزم الأمر.
انحنى قليلًا بوقارٍ واحتراف:
“نأسف حقًا لما جرى. نعتذر عن هذا السلوك الخارج عن السيطرة.”
وكان يتوقّع الردّ الوقح بلا شك.
“بالطبع! أنت السبب! أنت المسؤول عن كل شيء! أين كنت حين ركلتني؟!”
وها هو شولتز، يؤكّد في كل مرة أنه عاجز عن مواجهة الواقع.
أما آيري، فكان وجهها هادئًا، ثابتًا، يحمل رصانة الكبار وسكينة الملوك.
“لا، كبير الخدم بيتر ليس له أي ذنب. نحن من تشاجرنا، واللوم يقع عليّ وعليه فقط.”
“…ماذا؟!”
كلماتٌ لا يسمع مثلها أحد في الشمال القاسي.
نظر بيتر إلى الطفلة بدهشة، كأنما يرى خيالًا لا يليق بطفلة في الخامسة.
كيف لها أن تتكلّم بهذا التعقّل… بهذا الصفاء؟
“فهمت. لكن بالنظر إلى الوضع بدقّة… لا يمكن اعتبار الأمر مجرّد شجار أطفال.”
وما إن سمع شولتز تلك الكلمات، حتى عاد ليُنفخ صدره، ولوّح بقبضته قائلاً بتعالٍ فاضح:
“ليس لديكِ أمٌ ولا أب، أليس كذلك؟ عندما تأتي أمي، سترين كيف أُلقِّنكِ درسًا لن تنسيه!”
وفي تلك اللحظة، تغيّر وجه بيتر تغيّرًا كليًا.
صوت داخلي صرخ في كيانه:
“كفى. هذا النوع من الإهانات… قد تفتح أبواب الجحيم على الجميع.”
“وما الذي قد يحدث من كارثة؟”
“يبدو أن الأمر قد يبلغ من الجديّة حدًّا يستوجب حديثًا مباشرًا بين السيدة ديرا، والدة السيد شولتز… ودوق أورتيزو نفسه، والد الآنسة آيري.”
وفي لحظة، بهت وجه شولتز، وسُحبت الدماء من وجنتيه كما لو غُسل وجهه بالثلج.
“الـ-ـدوق؟! دوق أورتيزو بنفسه؟! مَن… مَن تكون تلك الطفلة؟!”
آه، الأطفال… لا منطق يحكم لسانهم، ولا ترتيب يسع خيالهم.
ويبدو أن مجرد رؤيته لآيري وهي ترتدي زيًا مخصصًا لاحتواء الطاقة المظلمة، جعله يظنها طفلة عادية لا وزن لها… كم كان غافلًا!
“إنها الآنسة آيري أورتيزو، الابنة النبيلة للدوق.”
“م-مستحيل! ما هذا الكلام الفارغ؟! الأ… الأميرة لا تزال في الجنوب!”
“كانت كذلك… لكنها وصلت إلى الشمال منذ فترة قصيرة.”
ازدادت ملامح شولتز ذبولًا، وصار وجهه أشبه بظلٍ يتلاشى تحت نور الحقيقة.
“لقد أوشكتَ على إيذاء عضوٍ من السلالة الحاكمة مباشرة… وهذا، دون شك، أمرٌ بالغ الخطورة.”
ارتجف بصره، وتعثرت أنفاسه، وكأن جسده كله يرفض تصديق ما سمع.
『حتى أكثر الأطفال عنادًا… يظلون في النهاية مجرد أطفال.』
وبينما كان شولتز يغرق في دوامة من الذعر، كانت آيري واقفة كعمود من النور، شامخة لا تنكسر، كأنها وريثة جبالٍ لا تُهزم.
“لكن… هل يعني هذا أن الدوق حقًا… سيأتي بنفسه؟”
“ماذا؟”
كان سؤالها عاديًّا في ظاهره، لكنه حمل بين كلماته شيئًا لم يلحظه أحد بعد.
حتى تلك اللحظة، لم يدرك أيٌّ من الخدم، ولا حتى رئيسة الخادمات، المعنى الخفي في كلماتها.
“لقد قلتم… إنكم أبلغتم والديّ، لأني ارتكبت خطأً.”
“…آه…”
“فبما أنني تسببت بالمشكلة، فهذا يعني أن الدوق… سيأتي لرؤيتي، أليس كذلك؟”
وفي اللحظة التي اهتز فيها صوتها، مرتعشًا كنسمة باردة على جرح قديم، تغيرت وجوه الخادمات جميعًا.
انعكست في ملامحهن مشاعر من الحنان والأسى، ممزوجة بألمٍ صامت لم يُنطق.
『أتُراها… أثارت تلك المشكلة عمدًا فقط لترى والدها؟』
صمت بيتر للحظة، وفي عينيه شرارة خفية… كأن شيئًا انكشف أمامه أخيرًا.
الآن فقط، تجلّت الحقيقة.
هذه الطفلة الصغيرة… جاءت إلى الشمال وحدها، تتبع أثر حنينٍ لا يُقاوم.
لم تكن تخطط للتمرد، بل كانت تسعى للدفء، لظلّ أبٍ اشتاقت إليه لدرجة أنها تجرأت على العقاب… فقط كي تراه.
وحين وقعت عيناه على جسدها الصغير المرتعش، لم يرَ أمامه سوى طفلة… تتجلّد على السطح، بينما قلبها يصرخ شوقًا.
✦ ━━━━━━━ ⸙ ━━━━━━━ ✦
بعد أن هدأت العاصفة، جمع بيتر الخدم ليستمع إلى شهاداتهم حول ما حدث.
كان عليه أن يحصل على رواية حيادية، بعيدة عن العاطفة.
“كيف وقع ما حدث؟”
تقدّمت خادمة كانت تلازم آيري منذ البداية، وقالت بنبرة هادئة مهيبة:
“ظننت أن الأمر لا يستدعي تدخّلي، لكنني لا أستطيع الصمت أكثر من ذلك. الآنسة الصغيرة… لم ترتكب أي خطأ.”
وبينما كانت تسرد التفاصيل، تزعزعت نظرات بيتر للحظات.
“تقولين إنها فقط… لم تحتمل رؤية طفلٍ آخر يُهان؟”
“نعم، سيدي. لم ألتقِ بشخصٍ بهذه العدالة والشجاعة في الشمال من قبل.”
“…فهمت. يمكنكم العودة إلى أعمالكم الآن.”
لطالما لاحظ أن هذه الطفلة مختلفة.
كان يظن أن سبب سلوكها المهذب هو شعورها بالذنب… لكنه كان مخطئًا.
حين اكتملت الصورة في ذهنه، شعر بوخزٍ في قلبه، كمن استيقظ من وهمٍ طويل.
『هل كنت أظلمها… بأحكامي المسبقة؟』
ومع أنه لم يُسلّم قلبه بسرعة كما فعل بقية الخدم، إلا أن مشاعرًا جديدة أخذت تنمو بداخله.
رأى في عينيها شيئًا لا يُنسى:
نظرة طفلة… تتوق إلى والدها كمن يتوق إلى الحياة.
رغبة صادقة، دافئة، وعميقة، في لقاء رجلٍ يُمثّل لها كلّ العالم.
『عليّ أن أمهد الطريق لهذا اللقاء… على الأقل.』
يجب أن يُخلق ظرفٌ لا مفرّ فيه من اللقاء.
ربما كانت خبرته الطويلة ككبير خدم، أو ربما هي بقايا إنسانية نقية في قلبٍ ظنّ أنه جفّ.
لكن ما إن أمسك بالقلم، حتى كتب تقريرًا إلى دوق أورتيزو… بخطٍ واثقٍ لا يعرف التراجع، ولا يسمح للحنين بأن يُقابل بالصمت.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات