13
بعد يومين – في الصباح
توجَّه ليو وسيليا إلى رصيف ميناء بحيرة لوميريا.
تسلَّطت أنظار الناس على الاثنين، إذ كانا يرتديان زيَّ أكاديمية لوميرن المدرسي.
“أوه؟ إنهما طالبا لوميرن الجديدان!”
“يا لهما من شابٍّ وشابَّة يافعين!”
كان المارَّة يبتسمون ويشجِّعونهما بحرارة.
في تلك اللحظة، ألقى صاحب متجر الفاكهة تفاحتين نحوهما، فالتقطهما ليو بابتسامة وردَّ التحية:
“شكرًا لك!”
“لا بأس، ابذلا جهدكما وادرسا بجدٍّ!”
قضمَ ليو إحدى التفاحتين، ثم قدَّم الأخرى إلى سيليا، لكنها هزَّت رأسها رفضًا.
“أنا لا أريد.”
“يبدو أن لوميرن تحظى بمكانة مرموقة، فمن الواضح أن الناس يحبُّون طلابها.”
“نحن المستقبل.”
يحظى الأبطال بشعبية كبيرة بين العامة، وطلاب أكاديمية لوميرن هم المرشَّحون ليصبحوا أبطالًا.
إنهم يتَّبعون خُطى الأبطال السابقين، تحسُّبًا لأي تهديد قد يواجه العالم.
لهذا، كان الناس يشجِّعونهم بحرارة.
“صحيح أن تارتاروس لم يُبدِ أيَّ تحرُّك في الآونة الأخيرة، لكن لا أحد يعلم متى سيعود ليشكِّل تهديدًا. ثم…”
توقَّفت سيليا عن المشي ورفعت ذقنها بحزم.
“لا يمكننا الاستمرار في الخسارة أمام سيرون!”
العلاقة بين البشر والإلف ليست جيدة، ولهذا السبب، كانت أكاديمية لوميرن وأكاديمية سيرون للأبطال تنظِّمان مبارياتٍ ودِّية لتعزيز الانسجام بين العِرقين.
بدأت التحديات بمنافساتٍ في المعلومات العامة، ثم انتقلت إلى الرياضات، وانتهت بمحاكاة المعارك لاختبار القوة القتالية.
عُرفت هذه المنافسات باسم “معركة لوسي”، وكانت تبادُلًا عريقًا يمتدُّ تاريخه لمئات السنين.
لقد ساهمت هذه المنافسات في تحسين العلاقة بين العِرقين إلى حدٍّ ما، لكنها في الوقت ذاته كانت ساحةً يتقاتل فيها الطلاب بشراسة، إذ كانت مسألة كرامة لكلِّ طرف.
في السنوات الأخيرة، كانت لوميرن تتعرَّض للهزيمة أمام سيرون.
“انتظروا فحسب، سأجعل سيرون تركع أمامنا!”
“حسنًا، حسنًا… حظًّا موفقًا.”
نظر ليو بلا مبالاة إلى سيليا التي قبضت يدها بحماسة، وعينُها تشتعل بالإصرار، قبل أن يقضم تفاحته مجددًا.
مع اقترابهما من الميناء، بدأت ملامح طلابٍ آخرين في الظهور.
كان بعضهم يطير في الهواء مستعينًا بعِصيِّ السِّحر، والبعض الآخر يمتطي كائناتٍ مستدعاة، وكان ذلك أمرًا عاديًّا.
بل إن هناك من تسلَّح من رأسه حتى أخمص قدميه بأنواعٍ مختلفة من الأسلحة.
“يحبون لفت الأنظار، أليس كذلك؟”
تمتمت سيليا وهي تهزُّ رأسها، قبل أن يقطع طريقهما فتى ذو شعرٍ برتقاليٍّ فاتح.
“لحظة واحدة! أيها الطالبان المتناسقان! هل يمكننا التحدُّث قليلًا؟”
“من أنت؟”
“اسمي كارل توماس، وأنا من مملكة مويرا!”
“وماذا في ذلك؟”
“ليس هناك شيءٌ محدَّد، لكن…”
ابتسمَ “كارل” بخفة قبل أن يُخرج بطاقةً من جيبه، ثم قدَّمها إلى ليو وسيليا بمهارة.
“من الأسلحة إلى الجرعات! إنه متجر كارل! إذا احتجتما إلى أي شيء خلال حياتكما الدراسية، لا تتردَّدا في زيارتي!”
ثم غمز لهما وأطلق ضحكةً صاخبة قبل أن يركض نحو طلابٍ آخرين.
“يبدو أن هناك كلَّ أنواع الأشخاص هنا…”
تمتمت سيليا، وقد ارتسمت على وجهها نظرةُ استغراب، ثم وضعت البطاقة في جيبها قائلة:
“سأذهب للقاء طلاب بلدنا الجدد.”
كانت إمبراطورية روديرن من أقوى الدول في الغرب، لذا كان هناك عددٌ لا بأس به من الطلَّاب الجدد من الإمبراطورية.
“حسنًا، اذهبي. سأبقى هنا أستطلع الأجواء.”
“حسنًا، لنلتقِ لاحقًا عند الميناء.”
بعد أن غادرت سيليا، بدأ ليو بالتجول على مهل، يُراقب الناس من حوله.
لم يكن الميناء مليئًا بالطلاب الجدد فحسب، بل كان يعجُّ أيضًا بعائلاتٍ قدِمَت لتهنئتهم.
كانت المشاهد المليئة بالتنوع الثقافي تُثير فيه إحساسًا بالحنين.
“إنه يُشبه غاردسلون…”
تلك المدينة التي كانت تُعرف باسم آخر حصنٍ في “عصر الكارثة”، والمكان الذي أطلق فيه كايل، بقيادة ريسيناس، إشارة الهجوم المضاد ضد “إيريبوس”.
بينما كان ليو غارقًا في ذكرياته، فجأة—
بووم!
“أوه؟”
اصطدمت فتاةٌ ذات شعرٍ أشقر برأسها في ظهره، إذ كانت تسير وهي تقرأ كتابًا، دون أن تنتبه إلى وجوده أمامها.
“آه، آسفة! لم أكن أنظر أمامي…”
“لا بأس، لا تقلقي.”
اعتذرت منه الفتاة بسرعة، ثم عادت على الفور إلى كتابها وواصلت المشي بنفس الطريقة.
“بهذا الشكل، ستصطدم بشخصٍ آخر قريبًا…”
لكن ليو لاحظ شيئًا سقط على الأرض.
كانت بطاقة طالب تحمل صورة الفتاة نفسها، مكتوبٌ عليها اسم: كلوي مولر.
نظر من حوله، لكنه لم يجد أيَّ أثرٍ لها بين الحشد، فقد اختفت بسرعة.
“سأعيدها لها لاحقًا، فنحن زملاء على أي حال.”
في تلك اللحظة، سمع صوتًا مألوفًا—
“متجر كارل! خذوا بطاقاتي التعريفية!”
كان كارل لا يزال يوزِّع بطاقاته الترويجية على الطلاب الجدد. وما إن التقت أعينهما، حتى ابتسم واقترب من ليو.
“هاه! التقينا مجددًا!”
“كيف يسير الترويج؟”
“لا بأس به. لكن، أولئك النبلاء المتكبِّرون بالكاد يُعيرونني اهتمامًا!”
“حسناً، معظم طلاب لوميرن من عائلات نبيلة، لذا هذا متوقَّع.”
“بالفعل! هاهاها!”
ضحكَ كارل وهو يهزُّ كتفيه بلا مبالاة.
“دعني أُقدِّم نفسي مجددًا: أنا كارل توماس، عمري خمس عشرة سنة!”
“أنا ليو بلوف، من مملكة ديلاد، وعمري مثلك تمامًا.”
“أوه، إذاً أنت نبيل؟”
“نعم.”
“واو، لكنك لا تبدو منزعجًا من كوني من عامة الشعب!”
أبدى كارل دهشةً صادقة، فضحكَ ليو بخفة.
“بالمناسبة، سمعتُ أن اختبار القبول في الغرب، وخاصة في مملكة ديلاد، كان صعبًا للغاية. اجتيازه ليس بالأمر السهل!”
“نعم، لم يكن سهلًا على الإطلاق.”
تبادل ليو وكارل أطراف الحديث، وسرعان ما أصبحا قريبين بفضل شخصية كارل الاجتماعية.
“على أيِّ تخصصٍ تنوي التركيز؟”
“عائلتنا تعمل في الخيمياء منذ أجيال، لذا سأدرس في قسم السحر.”
“أنا أيضًا أنوي دراسة السحر.”
“حقًّا؟ إذن لنكن أصدقاء مقربين من الآن فصاعدًا، يا ليو!”
قال كارل ذلك بحماس، وهو يبتسم بسعادة.
بالطبع، لم يكن ليو ينوي دراسة السحر فحسب، بل كان سيُكمل دراسته في الفروسية والاستدعاء أيضًا.
وبينما كانا يتبادلان الحديث، اخترقَ الضباب الذي غطَّى بحيرة لوميريا، كاشفًا عن سفينة ضخمة.
كانت السفينة التي تربط بين لوميرن ولوميريا.
“واو! إنها ضخمة!”
أطلق كارل صيحة إعجاب، وبعد فترة وجيزة، توقَّفت السفينة عند الرصيف، ونزل منها رجل فضيُّ الشعر يرتدي زيًّا رسميًّا.
“جميع الطلاب الجدد، اجتمعوا!”
بدأ الطلاب الجدد، الذين كانوا يُودِّعون عائلاتهم، بالتجمُّع أمام الرجل.
“تحقَّقوا من عدد الحاضرين.”
وقف عددٌ من المسؤولين خلف الرجل، مستخدمين أجهزة سحرية لفحص بطاقات هوية الطلاب والتأكد من هوياتهم.
عندما أخرج ليو بطاقته، لاحظ أن هناك فتاة تبحث بارتباك في جيوبها وكأنها فقدت شيئًا.
“لحظة واحدة.”
“همم؟ إلى أين تذهب؟”
تبعَه كارل بفضول، بينما نظرت الفتاة—كلوي—نحو ليو بدهشةٍ عندما اقترب منها.
“هذه لك.”
“ماذا؟”
“لقد أسقطتِها سابقًا.”
“آه، شكرًا لك!”
ابتسمَت كلوي بفرح، وهي تستعيد بطاقة الطالب الخاصة بها من يد ليو.
“لقد أسديتَ لي معروفًا! اسمي كلوي مولر!”
“كلوي مولر؟”
توسَّعت عينا كارل بدهشة.
“أأنتِ كلوي مولر التي حصلت على المركز الأول في اختبار القبول الشمالي؟”
“نعم، هذا أنا. وأنتم؟”
“أنا ليو بلوف، وهذا الفتى هو…”
“كارل توماس! من الأسلحة إلى الجرعات! لدينا كل ما تحتاجه لحياتك الدراسية! تفضَّلي، هذه بطاقتي!”
بسرعةٍ خاطفة، قدَّم كارل بطاقته إلى كلوي، محاولًا الترويج لمتجره حتى في هذه اللحظة.
أخذت كلوي البطاقة، ثم نظرت إليه باهتمام.
“متجر؟ يبدو أنك اخترت أن تكون داعمًا بدلًا من مقاتل، أليس كذلك؟”
“هاها، كما هو متوقَّع من صاحبة المركز الأول! لقد اكتشفتِ الأمر على الفور!”
“سمعتُ بعض الأشياء عن ذلك من الطلاب الأكبر سنًّا في برج السحر.”
كان جميع طلاب لوميرن يُعتبرون مرشحين ليُصبحوا أبطالًا، مما يعني أنهم يتمتَّعون بمواهب استثنائية.
لكن حتى داخل هذه النخبة، كان هناك تفاوتٌ في المهارات.
مع مرور الوقت، كان بعض الطلاب يُدركون أن قدراتهم لا تكفي ليُصبحوا أبطالًا، فيختارون أن يُصبحوا داعمين بدلًا من ذلك.
كان دور الداعمين يشمل المساندة في المعارك، وتأمين الإمدادات، وغير ذلك.
وبالرغم من أهميتهم، لم يكن معظم الطلاب يُفضِّلون هذا المسار، لأن هدفهم الأساسي كان أن يُصبحوا أبطالًا، وليس مساعدين لهم.
لكن يبدو أن كارل قد قرَّر مبكرًا أن يسلك طريق الداعم.
“على أيِّ حال، بالكاد اجتزتُ اختبار القبول، لذا لم يكن أمامي خيارٌ آخر.”
“إذا كانت بضاعتك جيِّدة، فسأتعامل معك.”
“واو! لم أتوقَّع أن أحصل على زبونة من الطلاب المتفوِّقين بهذه السرعة! يبدو أن حظِّي جيِّد!”
أطلق كارل ضحكةً عالية.
“بما أننا تعرَّفنا على بعضنا الآن، فلنبقَ على تواصل! فنحن جميعًا في قسم السحر!”
“قسم السحر؟”
كلوي أمالت رأسها قليلًا باستغراب.
“بالنسبة لكَ فهذا منطقي، لكنك أيضًا في قسم السحر؟”
“نعم.”
“أليس في قسم الفروسية؟”
بفضل مهاراتها الفائقة، تمكنت كلوي من اكتشاف أن ليو يحمل هالة “هالة” بمجرد نظرة واحدة.
“أنا أطمح إلى دراسة تخصصين معًا.”
“ماذا؟! إذن أنتَ مبارز سحري؟! هذا مذهل!”
قال كارل ذلك بانبهار، متحمسًا كعادته.
رغم نُدرة هؤلاء، إلا أن من يمتلكون موهبتين قتاليتين أو أكثر يُعرفون باسم “ثنائيّو التخصص”.
وكان هناك عددٌ لا بأس به من هؤلاء في أكاديمية لوميرن.
لم تُظهر كلوي أي تعبير خاص، وكأن الأمر لم يكن مفاجئًا لها.
وفي هذه الأثناء، اقترب أحد الموظفين الإداريين وتحقَّق من بطاقات الطلاب الثلاثة.
بعد انتهاء الفحص، تقدَّم الرجل ذو الشعر الفضي والزي الرسمي مرة أخرى.
“أنا آين إيلاندو، أستاذ في أكاديمية لوميرن.”
“آين إيلاندو؟ فارس الجليد؟!”
“أهذا هو آين إيلاندو الحقيقي؟!”
“أريد توقيعه!”
“هدوء!”
أسكت آين الطلاب الذين بدأوا يُثيرون الجلبة بحماستهم.
“سننتقل الآن إلى أكاديمية لوميرن. اصعدوا جميعًا إلى السفينة.”
“أجل!”
على متن السفينة__
قبل حفل القبول، انشغل الطلاب الجدد بمشاهدة المناظر الطبيعية من على سطح السفينة.
وكما هو متوقَّع من سفينة تابعة لأكاديمية لوميرن، فقد كان السطح في غاية الفخامة.
كان الجو أشبه بحفل راقٍ، حيث انتشرت أطباق تقليدية من مختلف البلدان، أعدَّها طهاة من الدرجة الأولى، ما أضفى على المكان رائحة زكية تُداعب الأنفاس.
أما الأستاذ آين، فقد كان يجلس مستمتعًا بشرب كأس من النبيذ بهدوء.
في الوقت نفسه، كان الخدم يرتدون ملابس أنيقة ويجوبون المكان، يُلبّون طلبات الطلاب.
أما الطلاب النبلاء، فقد كانوا في غاية الرضا عن هذا الاهتمام، يضحكون ويتبادلون الأحاديث، مُنشغلين في تكوين علاقات جديدة.
“أكاديمية لوميرن مختلفة فعلًا.”
“أتطلَّع لحياتي الدراسية هنا!”
انشغل الطلاب الجدد بالتخيُّل حول حياتهم القادمة، لكن ليو كان عابسًا، وعيناه تضيقان بريبة.
“هناك شيء غريب…”
“ماذا تعني؟”
سأل كارل بينما كان يحمل طبقًا مليئًا بالطعام.
“أكاديمية عسكرية لإعداد الأبطال… لكنها تبدو وكأنها تقيم حفلة أرستقراطية.”
“حفل ما قبل القبول، لا تأخذ الأمر بجدية. بالمناسبة، ليو! لقد حصلتُ على بعض المعلومات!”
“معلومات؟”
“بالطبع! انظر هناك!”
ابتسم كارل وهو يُشير إلى شاب طويل القامة، ذو بشرة بنية فاتحة، يجلس بهدوء أثناء تناول الطعام.
“إنه واردن تايدن! حصل على المركز الأول في امتحان القبول الجنوبي، ومجاله الأساسي هو علم الاستدعاء!”
“مستدعي الأرواح، إذن.”
“صحيح! يبدو أنكَ أجريتَ بعض الأبحاث أيضًا؟”
في الحقيقة، لم يكن ليو بحاجة إلى البحث، فقد استطاع معرفة ذلك بنظرة واحدة، لكنه لم يُكلّف نفسه عناء التصحيح.
تابع كارل حديثه، وهو يشير نحو جهة أخرى.
“وهناك، تلك الفتاة الصغيرة ذات الشعر الأسود والعينين السوداوين… إنها تشين شيا، التي حصلت على المركز الأول في الامتحان الشرقي!”
كانت تشين تتذوق أطباقًا متنوعة، تنظر إليها بفضول وكأنها تستكشف ثقافات مختلفة.
“تخصصها هو الفروسية، ويُقال إنها هزمت جميع منافسيها في الاختبار باستخدام قبضتيها فقط!”
قال كارل ذلك وهو يُخرج لسانه في دهشة.
ثم أشار إلى الجهة الأخرى.
“وأخيرًا، ذلك الشاب ذو الشعر الأشقر الفاتح هناك… إنه دوران موييرا، الحاصل على المركز الأول في الامتحان المركزي، وهو الأمير الثالث لمملكة موييرا!”
كان دوران يُمسك بكأس من النبيذ، يُدوِّره ببطء، وحوله عدد من الطلاب الذين يسعون للتقرّب منه.
تأفَّف كارل بتعبير يملؤه الامتعاض، مشيرًا إلى جانب ليو.
“وهناك أيضًا المتصدرة الشمالية.”
كانت كلوي تمضغ قطعة من الكعك بينما تواصل قراءة كتابها بهدوء.
“أما المتصدران الغربيان، فهما المشهورة سيليا جيردينجر وشاب يُدعى أباد لوالين.”
في تلك اللحظة، وصلت سيليا بخطوات ثابتة.
“ليو، كنتُ أبحث عنك.”
“أهلًا بكِ، سيليا.”
“سيليا؟ لحظة… لا تقل لي إنكِ سيليا جيردينجر!”
“أجل، أنا هي.”
“مذهل! ليو، هل يعقل أن تكون صديقتك المقربة هي سيليا جيردينجر هذا رائع!”
ابتسم كارل بشدة، ثم مدَّ يده نحو سيليا ليعرّف نفسه.
“على الرغم من أنني قدَّمتُ نفسي قبل قليل، اسمحوا لي بتكرار ذلك! كارل توماس، تاجر الأسلحة والجرعات المستقبلية!”
“هممم؟ يبدو أنكَ أصبحتَ صديقًا لليو بسرعة.”
صافحته سيليا، قبل أن تلتفت إلى كلوي.
“ومن أنتِ؟”
“أنا كلوي مولر.”
“كلوي مولر؟ إذا لم أكن مخطئة، فأنتِ متصدرة الاختبار الشمالي؟”
“بالضبط.”
ضحكت كلوي بثقة، فيما تأملتها سيليا للحظات باهتمام قبل أن تلتفت إلى ليو، الذي بدا شارد الذهن.
“بمَ تفكر؟”
“إنها مجرد ملاحظة… صورة الأكاديمية في ذهني كانت مختلفة تمامًا عن الواقع.”
لطالما عُرفت أكاديمية لوميرن بأنها مكان لا يضم سوى النخبة، حيث يتم تدريبهم ليصبحوا أبطال المستقبل.
كانت الحياة الدراسية في الأكاديمية صعبة للغاية، ومعدل الانسحاب منها مرتفع جدًا.
لكن، على عكس ما تخيله، كانت الأجواء في السفينة أشبه برحلة سياحية فاخرة، وهو أمر لم يستطع تجاهله.
“حتى وإن كانت لوميرن أكاديمية عسكرية، فلا يمكنهم إجهاد الطلاب قبل حتى أن يبدأ حفل القبول.”
“معها حق، ليو. أعتقد أنك تبالغ قليلًا.”
وافق سيليا على كلام كارل، لكن قبل أن يتمكن أحدهم من إضافة شيء آخر…
بوووم!
اهتزت السفينة بشدة، مما جعل الجميع يتوقف في مكانه.
“أظن أنني كنتُ محقًا.”
تمتم ليو، بينما بدا كارل مذعورًا.
“ما… ما الذي يحدث؟!”
في تلك اللحظة، انبثق شيء ضخم من أعماق البحيرة، محدثًا ضوضاء مدوية.
“آآآآه! ما هذا؟!”
“م- مستحيل! هل هذا كراكن؟!”
“كراكن؟! كيف يمكن لهذا الوحش أن يظهر هنا فجأة؟!”
<الكراكن وحش يشبه الاخطوبوط والحبار بس كبير جدا >
تحوَّل الحفل الراقي إلى فوضى عارمة خلال لحظات، حيث انتشرت صرخات الطلاب في كل مكان.
أذرع المخلوق الضخم التفت حول السفينة، مدمِّرة كل شيء في طريقها.
“أ- أستاذ آين! أنقذنا!”
هرعت إحدى الطالبات إلى الأستاذ آين، الذي كان لا يزال جالسًا في مكانه، تطلب مساعدته بيأس.
لكن، بدلاً من أن يهبَّ لنجدتهم…
ضاق آين عينيه ببرود، متنهِّدًا بضجر.
“تريدونني أن أساعدكم؟ ولماذا قد أفعل ذلك؟”