Chapters
Comments
- 3 - آريستا...لم ينتهي دورك بعد 2025-08-06
- 2 - كل شيء ممكن حين يتعلّق بالعرش 2025-08-05
- 1 - العهد الجديد 2025-08-04
3
الفصل الثالث
“آريستا … لم ينتهي دورك بعد…”
حل الظلام ، و تعتمت أعماق بحر أبيس تعتمًا مخيفًا، كانت الرؤية في النهار باهتة و شبه معتمة … لكن في الليل ظلام أبدي .
كانت آريستا جالسة بجانب سفينتها تعد الحصى المتناثر في الأرجاء و ترفع رأسها لترى ما إن كان آركان سيلتزم بوعده ، في تلك الأثناء كان عقلها مثل المد و الجزر… يجيئ و يذهب، في تخيل أسوء السيناريوهات التي يمكن أن تحدث ، وبنظرة يائسة تحدق في الفراغ الأزرق قالت آريستا في نفسها:
“أيعقل أنه خدعني … هل سيُعلم الحراس و أخي بمكان إختبائي … لا،لا لو حدث هذا بفعل لكنت الآن في السجن و ليس بعد مرور يوم كامل … لا تقلقي ، لا تقلقي …”
أخدت أريستا نفسا عميقا و إستندت رأسها على صخرة عالية بجانبها ،و بينما كانت غارقة في أفكارها كما هي السفن التي حولها ، كان أي صوت تسمعه أو حركة تلمحها و إذا خيل لها، تجعلها خائفة قلقة ،و بينما كانت تحدق في الأفق المظلم بعيدا لمحت حركة مريبة في إحدى الطحالب البحرية الطويلة في الأرجاء . فإختبأت داخل السفينة تراقب عن كثب خروج أيا شيئا كان يصدر هذه الحركة فجأة، خرج آركان من النباتات البحرية ،يحمل بيده قنديل بحر مضيئ ،فتنهدت بأرياحية ثم خرجت إليه بسرعة قائلة :
آريستا :
“أين كنت طيلة اليوم ؟، كنت قلقة جدا لوهلة…”
فقاطع كلامها و هو يراقب خلفه المنطقة ثم قال
آركان :
“لنتحدث بالداخل ، سموك “
دخلا السفينة المهجورة و جلسا حول المصباح . كانت آريستا هادئة تراقب بصمت إمتزاج سطوع المصباح الليلي الخافت مع بحر الظلام الزئبقي و كأنه آخر أمل تتشبث به ،فقالت بنبرة خوف :
“لماذا تأخرت إلى أن حل الظلام ؟”
فأجابها بهدوء قائلا
آركان :
“آسف سموك … لم أستطع المجيئ في النهار خوفا من أن يكتشف أحد مكانكي ، فوجدت أن أفضل وقت لفعل هذا ، هو في منتصف الليل ،عندما أكدُ أنهم لن يحتاجوا إليّ بعدها و لهذا أتيت حينها ..”
و بعد صمت طويل منذ جلوسهما ،فبدت آريستا يائسة و هي تحدق في لمعان القنديل وهو يتماهى مثل الشفق و يتراقص في عينيها الزمرديتين ثم قالت بصوت مرتجف واهن
آريستا :
“أي جديد … حول المملكة ، كيف أحوالها .. هل إستطاعت معرفة أي شيء عن … عائلتي؟”
فأجابها آركان بتردد نافيا :
“لا .. ، أوضاع المملكة لا تبشر بالخير أبدا .. فآرس لم يعد يثق بأي شخص منا إطلاقا.”
فرفعت عينيها صوبه متساءلتا :
آريستا :
“ماذا تقصد بذلك ؟ “
آركان :
“لقد قام بتغير كل المستشارين و أعضاء مجلس الشيوخ ، الذين أصبح يطلق عليهم الآن بإسم “مجلس الخالدين” … أشخاص لم أرهم حتى في الممكلة ، و لكنهم مستعدون لطاعة آرس مهما كان الأمر ، أما عائلتك…للأسف … فإنهم مسجونون في زنزانة البرج .”
عندما سمعت آريستا هذا الكلام كان كرعد يعصف بآخر طوق نجاة قبل أن تقذفه الرياح الهوجاء بعيدا ، فإنتفضت تسبح ذهابا و إيابا تفكر في مصيرها و ماذا سيحدث لها، فنظر إليها آركان يتنهد ، قائلا
“إهدئي، سموك…!”
فقاطعت مرتعدة يائسة
آريستا :
“أرجوك يا آركان ! لا تنادني سموك… فأنت لا تفهم كم من الصعب أن ترى عائلتك و كل من فيها ينهار و يختفي فجأة”
ثم إبتعدت آريستا منهارة تبكي عند فتحة السفينة و تحدق في الأسماك الصغيرة و هي تسبح في الأرجاء فإقترب منها آركان قائلا :
آركان :
“آريستا، أتمنى أن تسامحيني يوما على قول هذا ولكن…أنا لم أضحي بحياتي و بعملي من أجلك، لأراكي في الأخير تستسلمين كليا .. فأنتي لست آريستا التي أعرفها …أنا أعلم أن ما حدث لم يكن في الحسبان و لكن تأكدي أن دوركي لم ينتهي بعد و أنا بجانبكي إلى النهاية … سموك! “
فضحكت آريستا عندما سمعته ينطق بكلمة سموك مجددا فبادلها الإبتسامة أيضا ثم توقفت تفكر مليا ، ثم قالت
آريستا :
“حسنا ..إذا ماذا يجب علينا أن نفعل؟ “
فأجابها بثقة قائلا ثم سلمها اوراقا و قلما :
“أكتبي .. أكتبي يا أميرتي! “
فأجابته متعجبة من قوله :
“أكتب؟…أكتبُ..ماذا ؟”
فأجابها آركان بنظرة ثقة متأملا قائلا:
“الحقيقة الكاملة… كيف إنقلب أخويك على الملك الشرعي … وكيف سجن عائلتك بدون سبب يذكر ،و أنا سأساعدك في إحضار المعلومات اللازمة و أهم المستجدات في الممكلة و لكن …”
توفق آركان عن التكلم لوهلة و ظل ساكنا يتأمل فلاحظت إنزعاجه فقالت :
آريستا
“ماذا هناك .. لماذا توقفت عن التكلم فجأة ؟”
فأخفض آركان عينيه الكستنائية يشوبها الإستياء ،ثم قال :
“إعذريني ، سموك و لكن ما سبب إنقلاب آرس فجأة علينا هكذا .. أقصد أنه كان الموالي في الحكم فلماذا تغير فجأة إلى القساوة …”
فتنهدت آريستا حزينة ،تنظر إليه بعجز فقالت :
“صدقني، حتى أنا لم أكن أعرف .. لا أعلم إن كان يجب أن أقول هذا، و لكن … إذا كان الأمر هكذا فليكن…”
مازلت أتذكر تلك النظرة في عينيه يومها… شعرت أن هناك شيئًا… شيئًا أسود، يستنزفه من الداخل و ينخر فيه إلى أن جاء اليوم الذي سُردت فيه وصية جدي الملك بنثومار السابق …
كنا مجتمعين داخل قصر المرجان برفقة عائلتي ،و اعضاء مجلس الشيوخ و الحكيم زارت نحتفل بتتويج إبن خالتي إيريد كملكٍ على كوينتارا ، كان الجميع سعيدا جدا إلا أخي الذي ظل بمفرده بعيدا عنا ،لا يُكلم أحدا… حتى إقتربت منه إبنة خالتي روكسانا ،حاولت التحدث معه و ضمه إلينا لنحتفل معا، و لكن …يبدو أنها لم تنجح بذلك ، سرعان ما رأيت روكسانا تبعتد عنه . لابد من أنه جرحها بكلامه كعادته… و لا أخفيك أن تصرفاته هذه ، و جفاءه كانت تجعل الآخرين ينفرون منه حتى روكسانا، رغم أنه يحبها
فظل وحيدا في الظلام إلى الأبد .
لقد كنت صديقته الوحيدة … رغم صرفه عني غالبا ،حاولت أن أفهم جرحه و أحزانه و لكنه ظل يتهرب مني إلى أن … حدث ما كنا نخشاه
بعد مرور مدة من الزمن إقترب الحكيم زارت بجانب الملك إيريد و بدأ بسرد الوصية … كانت أعين الجميع مشدودة، تنتظر بتلهف آخر ما تلفظ به الملك قبل أن يرحل ، و عندما سرد الحكيم زّارت الوصية ، إمتلأت القاعة بهمسات يشوبها الإندهاش و الإستياء…
لكن آرس… بدأت عيناه تشتعل شيئًا فشيئًا، و من قوة قبضه على كأسه كاد أن يكسره و هو يتأجج غضبا ثم نظر إليّ و كأنه كان يقول ” لقد حدث ما كنتي تكذبينني عليه “
فغادر مسرعا خارج القصر وسط ذهول الحضور و بفضل إيريد إستطعنا تهدأت الوضع ثم لحقتُ به .
في تلك اللحظة كنت عاجزة كليا عن الحديث ،ما خشيه أخي قد حدث، و رغما عن الجميع كذلك لأنها كانت…رغبة جدي أن يكون التالي في تولي الحكم بعد إيريد هو أخوه تريتون، الأصغر سنا من آرس الذي ظن أنه سيكون ولي العهد…
تنهدت آريستا قبل أن تستمر في الكلام ثم قائلة
“ولا أخفي عليك أنني شعرت بنفس دهشته آنذاك ، فأخي كان طموحا جدا و ظن ،… بل تأكد أن الحكم سيكون له بعد إيريد لا محالة. لكن تلك الأثناء تأكدت أنه ليس أخي الذي أعرفه ، عندما بدأ بسب جدي و تلقيبه بالأحمق و المعتوه و سب عائلتي كلها ، كلماته لا تزال ترن في أذنيّ كطرطقة الرعد قائلا:
آرس من الماضي:
“جبناء! … أيها الخونة، كيف يجرؤ على سلب حقي في الحكم وإعطائه لأولئك الدماء القذرة غير النقية ليحكموا…”
فأجبته منصدمة قائلة
آريستا من الماضي :
“عن ماذا تتحدث عنه ،يا أخي؟!. من تقصد بالخونة ؟
آرس :
“آخ . لا تتظاهري بالغباء أمامي، آريستا ! فأنتي تعلمين جيدا ماذا أقصد و قد حذرتكي مرارا و تكرارا عن الأمر و أنظري ماذا حدث .. كما توقعت تماما !!
آريستا :
“لكن يا أخي ..!”
آرس بحنق شديد :
“ماذا !.. أخبرني”
آريستا بقلق :
“لقد تم تسليم الحكم كما ينص عليه قانون المملكة ، كما أنها رغبة جدي … أنا متأكدة …”
آرس متجهما:
“لا أريد سماع هذا الاسم بعد الآن و من الآن فصاعدا
لن أسمح لأحد أن يسلبَ مني حقي أبدا مهما كان..”
ثم غادر مسرعا و لم أره ليوم كامل ، لقد إحتجز نفسه في غرفته لأيام ، رافضا التحدث أو الجلوس معنا ،إلى أن أتى هذا اليوم الذي صُعقنا فيه جميعنا بخبر إنقلابه على إيريد و الآن … أنظر أين أنا الآن…وحيدة تماما . أخي كان حاميّ الوحيد و الآن … لا شيء
كان آركان يستمع إليها بإنصات و إستياء شديد و كأنه يسمع بآرس لأول مرة،ثم قال :
آركان
“أنا … لم أكن أعلم بهذا إطلاقا … رغم أنني كنت صديقه المفضل،إلا أنه لم يصارحني بشيء رغم تكرار أسئلتي له عن ما يزعجه …”
فأجابته آريستا و هي تحكم القبضة على قلادتها و تقلبها بين أصابعها قائلة:
آريستا :
“ماذا تريده أن يخبرك!؟ … بأنه يكره الحوريين مختلطي الدماء و يكره الأرض التي يمشون عليها .. حتى عائلته لم تسلم من ذلك… و الآن لم يبقى لي شيء إطلاقا ، و أنا قد إنتهيت “
فإقترب منها ووضع يده على كتفها قائلا
آركان :
“أنا لا أعلم ماذا أقول … و لكني أعدك أنت لست بمفردك و سأظل بجانبك إلى أن نكتشف ماذا يخطط له آرس ، لأنه حرفياً عندما تسلم الحكم.. شيء ما يجوب في الظل ، لا نعرف عنه شيئا و لكنني سوف أحاول أن أُعلمكي بأهم المستجدات في المملكة، و ما عليك فعله يا آميرتي هو تسجيله فقط … و عليه أستسمحك عذرا بالرجوع الآن إلى المملكة حتى لا يشك أحد بي ، كما أنه وقت مناوبتي و علي أن أكون في مكتبي حينها ، هل تريدين شيئا آخر ؟”
فأجابته بإبتسامة هادئة مُخفية قلقها :
“لا … لا شيء إطلاقا ، شكرا على كل حال ، موعدنا غدا ..”
فأماء موافقا برأسه ثم تفقد المنطقة و سبح ،راجعا إلى المملكة ثم إستدار لآخر مرة فلوح بيده لها و بقيت آريستا تنظر إليه إلى أن إختفى بين النباتات البحرية … ثم إستدارت تنظر إلى الأوراق بجانب المصباح …
يتبع
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات