استمتعوا
“إن ظروف عائلة أمكِ معقدة بعض الشيء يا طفلتي.”
“ماذا…؟”
“…على أي حال، ليس من الحكمة لكِ أن تعلمي بها.”
قال والدي بلهجة حاسمة.
قال أبي بلهجةٍ حازمة.
ها هو يقطع الحديث مجددًا.
تمتمتُ بضيقٍ، نافخةً وجنتيّ بتبرّم.
هل تُرى أمي قد رحلت حقًّا؟
‘…آه، صحيح. لقد ماتت. قُتلت على يد أولئك الذين كانوا يطاردونها.’
مهلًا؟
عادَتْ إلى ذهني ذكرى غريبة أخرى.
‘ما هذا؟’
حككتُ خدي بتردّد، ثمّ أومأتُ برأسي ببطء.
لا بدّ أنّ لسكوت أبي سببًا وجيهًا.
“غير أنّ أمَّكِ…لم تكن علاقتها بعائلتها جيده. لا أكثر من ذلك.”
بإثر قول أبي، أضاء وميضٌ ما في عقلي.
‘صحيح. هكذا كان الأمر.’
لذا، هربتْ أمي وأبي، ثم فقد ابي زوجته وعاد إلى قصر الدوق.
فـقصر تيغريتو الدوقي من شأنه أن يمنع تلك الجماعة من مد يدها إليه بسهولة.
هذا هو السبب الذي جعل أبي لا يبرح ظل القصر الدوقي، رغم نظرات الازدراء التي يلقاها.
‘كان ذلك جزئيًا بسبب الأبحاث…’
ولكن أيضًا بسبب وجود تهديد على حياتهما.
‘كم كنتُ ساذجةً حينما طلبتُ منه الخروج منه!’
…لكن، كيف لي أن أعرف كل هذا؟
بصراحة، ألا يمكن أن يكون هذا مجرد وهم من أوهامي؟
شعرتُ بنظرة أبي، ففتحتُ فمي بحذر.
“أتعلم يا أبي… أحيانًا أحلم أحلامًا غريبة، هل لي أن أسألك عنها؟”
“أحلام غريبة؟”
لم يكن لدي خيار سوى التظاهر بأنني رأيتُ ذلك في حلمي لأستفسر منه.
كيف ماتت أمي؟
لأن المشهد كان يلوح في ذهني بوضوحٍ حي، وكأنني شاهدتُه بنفسي.
أظهر أبي تعجبًا من سؤالي، ثم أومأ برأسه ببطء.
“أي حلم يكون؟”
“حسنًا… كان عن سيدة ذات شعر شديد البياض، دخلت على عجل إلى منزل في الصحراء؟ أو ربما خيمة؟ وطلبت منكما الهرب.”
ورأيتُ بعد ذلك أبي وأمي يجمعانني، وأنا طفلة صغيرة، ويهربان إلى الغابة.
عندما ذكرتُ ذلك، اتسعت عينا أبي. نظرتُ إلى اهتزاز بصره الخفي وفتحتُ فمي برفق.
“هل كانت تلك السيدة… أمي، يا أبي؟”
“………”
أخذ ابي شهيقًا بطيئًا جدًا.
“………”
اكتفى ابي بمسح رأسي دون أن ينبس ببنت شفة.
لكنني كنتُ أعلم.
“إنه مجرد كابوس سيئ، يا صغيرتي.”
أن بؤبؤي عيني أبي المرتعشين كانا يقران بصدق ما قلته.
‘…يا إلهي، هل هذا حقيقي؟!’
كيف لي أن أتذكر أمورًا لم أشهدها قط؟
“لا تحلمي بمثل هذه الكوابيس السيئة ولا تتذكريها أبدًا.”
“…حسناً.”
في الواقع، اختارت أمي التي كانت تهرب لوقت طويل أن تترك أبي يذهب أولًا.
وقالت كلمة واحدة وهي أنهم كانوا يستهدفونها هي.
لقد تشاجر ابي وامي بشدة في ذلك اليوم لأول مرة، لكن ابي…
‘لم يستطع التخلي عني…’
وتلقى منها رجاءً بالاعتناء بي…
في نهاية المطاف، استدار وترك امي هناك.
‘هل كانت أمي أقوى منه جسديًا؟’
حسنًا، أبي من النوع الأكاديمي، لذا فجسمه ضعيف.
‘لهذا كان أبي يصنع لي الدواء دائمًا.’
لأنه لم يستطع التخلي عني.
لذلك، قام ابي مرارًا وتكرارًا… بـ[■■]…
‘…آه؟’
ما الذي فعله؟
آه!
فجأةً، شعرتُ بألمٍ في رأسي. دار العالم من حولي.
عضضتُ شفتي السُفلى وأنا أشعر بثقل يجثم على جفوني.
“أبي… أنا نعسانة…”
“آه. حسناً، نامي يا صغيرتي. لقد أطلتُ الحديث معكِ.”
“كلا، أنا آسفة…”
توك.
انغلقت جفوني وسقط رأسي.
كانت تلك آخر ما أتذكره.
***
نظر كلاين تيغريتو بهدوء إلى ابنته الغافية.
غاصت عيناه بلون الورد في صمتٍ ثقيل.
“…لم أتوقع أن يكون لديها ذكريات منذ أن كانت رضيعة.”
مسح على شعر ابنته.
عندما مرر يده على خدها ووضعها على قلبها، سمع نبضات قلبها الصاخبة لا تزال تقرع بقوة.
“…أشعر بالحيرة كل مرة فيما يجب عليّ فعله.”
تطوير العلاج لا يحرز تقدمًا.
علاوة على ذلك.
اكتشف مؤخرًا أن ابنته تمتلك قدرة على الشفاء.
وإضافة إلى ذلك، ذهبت بنفسها إلى نادي القمار للحصول على منزل نعيش فيه معًا.
وحتى فوزها بالجائزة الكبرى يشبه أمها تمامًا.
‘مئتان وثلاثون مليونًا؟’
كان مبلغًا فلكيًا حتى بالنسبة له.
كان هذا المال يكفي لبناء قصر فاخر ويفيض.
المشكلة هي أن بناء قصر ذي مظهر براق لا يمكن أن يتجاوز تاريخ العائلة العريق.
فـقصر تيغريتو الدوقي، بفضل صموده الطويل، يمتلك عددًا كبيرًا من الموالين.
نظام حمايته محكم، واسم العائلة يمثل خطرًا بحد ذاته.
كما أن لاسم العائلة ثقلاً يمنع حتى المشردين في الشوارع من التعرض للعائلة بتهور.
لذا، بقي هنا.
‘لكن هل أرهق هذا الأمر صغيرتي؟’
لقد فوجئ حينما سمع اعتراف ابنته اليوم.
“أبي يكره جدي وبقية أفراد العائلة، لكنه مضطر للعيش هنا… بسببي…”
“أبي يقوم بأبحاثه باستمرار، ومن الصعب الحصول على منزل يتسع لكل معدات البحث… وأظن أن أبي يصرف الكثير من المال على الأبحاث… ولهذا حسبتُ أننا فقراء…”
لم يتوقع أبدًا أنها تفكر بهذه الطريقة.
وشعر أنه ربما كان غافلاً جدًا.
‘…هذه الطفلة لا تريد أن تكبر تحت والدين يتعرضان للإهانة، أليس كذلك؟’
لقد تخلى هو نفسه عن جميع سلطات الفرع الرئيسي.
لقد تخلى عنها جميعها في اليوم الذي التقى فيه بمن أحب.
تخلى عن العائلة البغيضة بأكملها.
‘كنتُ أنوي ألا أعود أبدًا…’
لكنه عاد في النهاية بسبب احتياجه؛ لم تخطر بباله طريقة أكثر أمانًا لحماية ابنته.
حتى لجوئه إلى الجناح المنعزل في أقصى زاوية من القصر.
كان كل ذلك خياره.
‘الآن…’
هل يمكنه استعادة سلطات الفرع الرئيسي؟
‘لو كشفتُ عن قدراتي…’
عبس كلاين تيغريتو بمجرد تفكيره في الأمر.
هذا أمر لا يُعقل.
مسح وجهه ببطء. كان والده قد اتصل به مؤخرًا لطلب لقاء.
وبالطبع، رفض في اليوم نفسه الذي سمع فيه الخبر.
‘…حتى لو لم نعد إلى القصر الرئيسي، فعلى الأقل.’
يجب ألا تتعرض ابنته للإهانة كما هي الحال الآن.
‘…يجب أن يكون لدي إنجاز.’
يجب أن يكون لديه إنجاز لا يمكنهم أن يستهزئوا به على الأقل.
فـفي عائلة تيغريتو الدوقية، لا قيمة للعلم أو البحث.
‘…هل سيكون الأمر أسهل لو قمتُ بإخضاع الوحوش؟’
سمع أن الأوبئة تجتاح الجنوب بسبب الهجمات المستمرة التي لا تنتهي للوحوش التي تتدفق على الإمبراطورية الجنوبية.
هل سيتحسن الوضع لو تمكن من حل تلك المشاكل؟
أطلق تنهيدة وهو يفكر.
‘بناء منزل…’
أمر خطير في الوقت الحالي.
لن ينتهي تعقبهم.
طالما أن كلاين تيغريتو على قيد الحياة، وابنته التي تحمل دماءها تتنفس.
لأن كلاين اكتشف السر الذي يريدون إخفاءه أكثر من أي شيء آخر.
“كلاين. أرجوك اعتني بـليدي. لا أثق بأحد سِواك بهذه المهمة.”
“وعدني. ألا تستخدم قدراتك أبدًا… من أجلي.”
مكان نشأتها كان قرية تينبريف المظلمة.
المكان الذي يُقال أنه يجمع منظمات الشر التي تُسمع كأساطير لا يُعرف وجودها من عدمها.
وقيل إنهم يعبدون الحاكم الشيطاني.
وقيل أيضًا إن أكبر نقابات الاغتيال والاستخبارات التي تشمل العالم بأسره، وليس الإمبراطورية فحسب، هي من هناك.
كانت تينبريف مكانًا تزخر فيه كل أنواع الشائعات البشعة.
بصراحة، حتى هو، لم يسمع سوى بالشائعات ولم يعتقد بوجودها الفعلي.
“…ليدي، سأحميكِ بكل تأكيد.”
إلى أن التقاها.
لقد كسرت المُحرمات بلقائه.
وعندما سمع بذلك، تخلى عن كل سلطة وُلِد بها واختار الهرب.
قد تبدو القصة للوهلة الأولى… كقصة حب عذبة لا تخلو من الرومانسية.
لكن…
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 21"