استمتعوا
“لقد فززززززت!!”
كانت صرخةً ملؤها الفرح.
لقد أطلقها أحدهم وكأنها عويلٌ مرتجف.
“يا للعجب.”
من ذا الذي يذيع خبر فوزه باليانصيب هكذا على الملأ؟
تتالت نقرات اللسان استهجانًا.
وكان ثمّة سبب آخر جعل يانصيب الدورة المئة والثامنة والأربعين ذائع الصيت في صفحات الأخبار آنذاك.
ذلك أنّ الفائز…
“انقلبت حياتي! أخيرًا!!”
“لقد ظهر الفائز! نرجو من صاحب التذكرة أن يتقدّم إلى بهو الطابق الأول من كونيسا ويُخبر موظّفي الاستقبال!”
لكن ما لبث أن صرّح بذلك علنًا حتى لقي حتفه بعد حين.
فقد كان عليه أن يستأجر حرّاسًا من نقابةٍ موثوقة فور فوزه، لكنه لم يفعل…
وفي اليوم الذي عاد فيه إلى منزله بعد قبض الجائزة، قُتل.
وحين وُجدت جثته لاحقًا، لم يكن سوى أشلاء بالية لا تكاد تُعرف.
أما ماله المودع في المصارف فقد اختفى كلّه.
بل إنّ جثث عائلته كانت مرمية بجواره.
وقد قيل إنّه تعرّض لتعذيبٍ شديد أو ابتُزّ بأهله حتى سلّم المال بيديه.
‘وكان الجناة عصابةً من اللصوص.’
فكّرتُ بذلك وأنا أُخفي ورقة اليانصيب أعمق في ثيابي.
“الفوز؟ هل قال فوزًا؟”
“يا تُرى، كم بلغ المال المتراكم؟”
“سمعتُ أنّه يناهز ثلاثمئةٍ وثمانين مليون قطعة ذهبية!”
أجل…
ثلاثمئةٌ وثمانون مليونًا.
ذلك مبلغٌ يوازي ميزانية الإمبراطورية لثلاثة أعوام!
فالميزانية السنوية المعتادة لا تتعدّى مئةً وخمسين مليونًا.
أي أنّ من يفوز به يغدو أغنى من أكثر النبلاء.
ولمّا كانت أكبر جائزةٍ سبقت لا تتعدى خمسين مليونًا، فقد عُدّ الأمر حدثًا استثنائيًّا.
‘أما أنا فسأدخل بهدوء.’
غير أنّ في هذا الفوز ما يُثير الضيق. أنّ استلام المال لا يكون إلا يوم الإعلان ذاته.
لو كان الأمر بخلاف ذلك، لجئتُ مع أبي.
‘لكن أبي لا يثق بي كثيرًا….’
وإن كنتُ أتفهّمه.
‘وما دمتُ قد خرجتُ خفيةً عنه، فيجدر بي أن أسرع بالدخول.’
زفرتُ عميقًا وأنا أدخل بخطًى متأنية، أستشعر نظرات الحسد والدهشة التي رافقت الرجل الذي يُساق داخلًا محاطًا بموظّفي كونيسا.
وفي الخارج، تعالى صوت المذيع.
“أوه! بعد فحص أوراق الدورة 148 بجهاز تحليل الأحجار السحرية… تبيّن أنّ الفائزين ليسوا واحدًا بل ثلاثة!”
‘خطأ. إنهم اثنان فقط.’
أحسنتُ صنعًا بدخولي قبل أن يشتد الضجيج.
وبعد أن ألقيتُ نظرةً سريعة على بهو كونيسا المزين بالذهب والجواهر، توجّهتُ مباشرة إلى مكتب الاستقبال.
“مرحبًا.”
ما إن حيّيتُهم حتى مدّ الموظف رأسه من خلف المكتب، محدّقًا بعينين متسعتين.
“يا إلهي، ايتها الصغيرة! لا يُسمح للأطفال بدخول هذا المكان. اخرجي حالًا.”
“لا… الأمر أنّني فزتُ باليانصيب.”
“ماذا؟ وأين والداك؟”
“لقد جئتُ وحدي لأختبر حظي، ففزت. وأودّ استلام الجائزة. آه، وأرجو أن تتصلوا بأبي أيضًا.”
نطقتُ بوضوح، فتبادل الموظفون النظرات الدهشة.
“…هل يمكن أن نرى الورقة الفائزة؟”
تطلّعتُ إليه لحظةً.
‘لا يُعقل أن يهرب بها… أليس كذلك؟’
ارتجف قلبي قليلًا، لكن ما دمتُ أملك ورقتين… فلا خوف.
ناولته إحداهما، فألقى نظرةً فاحصة ثم أعادها إليّ.
وتحوّل وجهه فجأة.
وقف وانحنى احترامًا.
“سأرفع الأمر مباشرةً إلى المسؤول الأعلى.”
“حسنًا.”
هل هذا هو شعور الثراء؟
أجلسني موظفٌ آخر على أريكةٍ مريحة، وقدّم لي عصير البرتقال وبعض الحلويات.
لم أستطع أن آكل لشبع بطني، فاكتفيت بالانتظار متململة.
وفجأة، دخل أحدهم من الخارج.
“هل ظهر الفائز؟”
“أه! نعم، سيّدي المالك. لقد ظهر بالفعل.”
“أين هو؟ في صالون الطابق الثاني؟”
“نعم. أول الفائزين هناك… أما الثاني فقد تأكّد الآن، ونحن في صدد رفع التقرير.”
“الثاني؟ إذًا ثمة فائزان؟”
“نعم، لكن بحسب جهاز التحليل، هناك ثلاثة فائزين.”
عندها ضيّق الرجل عينيه، ثم التفت فجأة وتجمّد بصره.
“…طفلة؟”
“إنّها الفائزة الثانية، يا سيّدي.”
ذلك الرجل…
‘…الكونت كيلبار؟’
رجل أشقر في منتصف العمر، شعره قد فقد شيئًا من لونه.
‘هو مدير كونيسا الحالي… وفي الحقيقة قائد فرسان الظلّ التابعين للإمبراطور.’
وما يدخل أذنه يصل إلى أذن الإمبراطور ذاته.
فرسان الظل.
“سينكراد.“
وكان هو الوحيد بينهم الذي سُمح له بالظهور بوجهه علنًا.
‘مهلًا…؟’
يبدو لطيفًا ودودًا في الظاهر، لكنه في الواقع رجلٌ بارد يقتل طفلًا رضيعًا لو جاءه الأمر.
‘ولكن… كيف لي أن أعرف كل هذا؟’
رمشتُ مرتين في حيرة.
غريب.
‘أنا لم ألتقِ به من قبل قط….’
لكن صورته مطبوعة في ذاكرتي بوضوح.
كيف عرفتُ كل هذا عن رجلٍ لم أره من قبل؟
التقطتُ نفسًا بطيئًا.
“مرحبًا بكِ، صغيرتي.”
قالها وهو يقترب بخطًى واثقة، يداه في جيبي معطفه الطويل، ثم انحنى مبتسمًا.
“آه… مرحبًا.”
أجبتُ بصوتٍ متردّد، كطفلةٍ ارتبكت لاقتراب بالغٍ منها.
الأفضل أن أتصرف أمامه كطفلةٍ بريئة.’
حتى لا أثير شكّه أو أُمسك خطأً عليّ.
“يا لها من فتاة لطيفة. سمعتُ أنكِ فزتِ. هل لي أن أرى ورقتكِ؟”
“نعم…!”
ابتسمتُ ببراءة وأخرجتُ الورقتين من حيث خبأتهما في ثيابي.
“…ورقتان؟”
“أجل! كنتُ أظن أنه يجب كتابة الرقم ذاته مرتين، ففعلت. لكن العمّ بالخارج قال إن ذلك غير صحيح، ولأن الختم وُضع لم أستطع التغيير…”
قلتُ ذلك بملامح حزينة، ثم سرعان ما ابتسمتُ من جديد.
“لكن، إذا كانتا متطابقتين، فهل يعني أنهما كلتاهما فائزتان؟”
“…نعم.”
أجاب الكونت وقد انزاحت عنه الشكوك أمام سذاجتي، فأومأ مبتسمًا.
“لقد حالفكِ الحظ كثيرًا. حسنًا… سأحتفظ بهما عندي.”
“آه….”
جمعتُ يديّ متردّدة، مظهرةً حيرة الطفلة.
“لكن… من أنت؟ أبي يقول. لا أسلّم شيئًا مهمًا لغريب.”
“أنا….”
ابتسم الكونت بعينيه وقال.
“أنا مالك هذا المكان. أنا من يتولّى الإجراءات ويدفع المال، أفهمتِ؟ فهل تأذنين لي بالاحتفاظ بهما؟”
“آه! نعم!”
هززتُ رأسي اقتناعًا.
“أحسنتِ. تعالي، نصعد إلى الطابق الثاني.”
“حسنًا!”
قلتُ بحماسة، مشدودة القبضة.
“جئتِ لتجربي حظكِ اليوم؟”
“نعم! لديّ أمنية وأردتُ أن أعرف هل ستتحقق.”
“هاهاها! إذن تحققُها مضمون. ما دمتِ قد فزتِ مرتين، فلا شك أنّ أمنيتك ستصير واقعًا.”
ضحكتُ بخفّة وأنا أصعد الدرج المقوّس.
“أتمنى ذلك!”
“وما أمنيتكِ؟”
سألني بصوته العميق الودود.
“أن أحصل على منزل أعيش فيه مع أبي، فيحيا عزيزًا مرفوع الرأس!”
“آه. تلك أمنية ستتحقق لا محالة. فالمنازل تُشترى بلا عناء.”
“وأردتُ أيضًا أن أعرف… هل سيستطيع أبي أن ينساني بسرعة ويعيش سعيدًا حتى لو لم أكن موجودة؟”
توقف الكونت فجأة، شاخصًا إليّ.
‘كسب شيءٍ من تعاطفه لن يضرّ.’
ولما شعرتُ بثقله يحدّق فيّ، أخفيتُ ابتسامةً صغيرة وراء إطراقي الخجول.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 16"