استمتعوا
منذ الصباح تناولتُ الدواء المرّ الذي ناولني إيّاه أبي، ثم خرجتُ أتمشّى في السوق.
فكّرتُ قليلًا فيما يجب أن أفعله لكسب المال، ثم قرّرت أن تكون البداية…
‘القمار.’
وبالتحديد اليانصيب الفوري.
ابتسمتُ ابتسامة خفيفة.
صحيح أنني مددتُ يدي قليلًا إلى خزنة أبي، لكن… المال يمكنني أن أعيده متى شئت.
‘لأنّ اليوم…’
هو اليوم الذي سيُكتب في الصحف بأحرف عريضة لوقوع فوزٍ هائل فيه.
‘حتى أنا، الذي لا أغادر غرفتي، علمتُ بأمره من شدّة الضجّة التي أثارها.’
أخذتُ نفسًا عميقًا وشدَدتُ قبضتي.
في الإمبراطورية، كانت الدولة تُدير نظامًا يُدعى ‘اليانصيب’ باعتباره وسيلة قمار مشروعة.
فقد ارتأت السلطات أن تُقصي القمار غير الشرعي وتستبدله بقمارٍ تديره الدولة، حمايةً للناس من الاحتيال والتلاعب والهرب بالأموال.
وهكذا ترسّخ هذا ‘القمار المشروع’ مكانَ غير المشروع.
ولم يقتصر الأمر على العامّة فحسب، بل أصبح كذلك هوايةً بين النبلاء، فتدفّقت الأموال بشكلٍ مهول.
وبفضل ذلك، غدت هذه المنشأة، ‘كونيسا’ ، مؤسسة قمارٍ مثالية.
وكانت أنواع القمار الرسميّ محدودة.
سباق الخيل.
اليانصيب.
ألعاب الورق.
الروليت.
تخمين أرقام النرد.
وهذه وحدها معترف بها وتُدار تحت إشراف الدولة.
أما ما اخترته اليوم فكان…
‘اليانصيب.’
فهو بخلاف غيره لا يخضع لقيود عمرية، إذ يكفي أن تكتب الأرقام وتسلمها!
‘ثم إنني أجهل تمامًا أخبار الأنواع الأخرى.’
صحيح أنّ سباق الخيل سيشهد لاحقًا فوزًا مدوّيًا، لكن…
‘سأدع ذلك لإنقاذ أحدهم أو لإقناع أبي بالمشاركة.’
لأنني ما زلتُ صغيرة ولا أستطيع أن أشارك فيه وحدي.
وكانت ميزة اليانصيب الأولى في كسب المال أنّ استثمارًا زهيدًا قد يعود بأرباح عظيمة.
وحين خرجتُ من قلب العاصمة إلى الأزقة الجانبية، وصلتُ إلى مكانٍ أقل ازدحامًا.
وما إن تجاوزته حتى..!
“وجدتُه، كونيسا.”
بلغتُ دار القمار.
في البداية كان مبنىً ضخمًا وحيدًا على الطريق.
أما الآن…
“فالناس توافدوا بأعدادٍ هائلة.”
وجود مبنىً واحدٍ تتداول فيه الأموال جعل الأسواق حوله تزدهر سريعًا، حتى غدا المكان يعجّ بالحياة كوسط العاصمة.
وكما يُقال. حيث المال، هناك الناس.
زفرتُ طويلًا وخطوتُ بثبات نحو كونيسا.
أمام المدخل، كان ثَمّة شباك صغير، جلس عنده بعض الموظفين يتحدّثون.
وقفتُ أمامه ونظرتُ أولًا إلى اللافتة المعلّقة فوقه:
[مكان بيع تذاكر اليانصيب – الدورة 148]
كان هذا اليانصيب يُقام مرةً واحدةً كل شهر.
نبلاء وعامّة يشترونه بالسعر ذاته. قطعة ذهبية واحدة للتذكرة.
قِمارٌ مشروع يمكن للعامّة خوضه، ولهذا كان أيضًا الأكثر تداولًا للأموال.
إذ بالمال القليل يمكن للمرء أن يحلم بثروةٍ طائلة!
والأجمل أنّه إذا لم يخرج فائز في دورةٍ ما، تراكمت الجائزة للدورة التالية.
وهنا بيت القصيد…
‘فمنذ الدورة 104 لم يخرج أي فائز.’
كان على المرء أن يُصيب عشرة أرقام من 1 إلى 999، وهو أمر عسير بتذكرة واحدة.
لكن الفوز يعني الجلوس على عرش الذهب.
وهذه الدورة، 148…!
هي التي سيفوز فيها شخصٌ واحد فقط بالجائزة المتراكمة منذ 44 دورة!
وقد تغنّت الصحف والمنشورات بـ’أرقام الحظ’، حتى حفرت في ذاكرتي.
وبعد أن تأكدتُ من رقم الدورة، تقدّمتُ نحو الشباك.
“مرحبًا.”
“هممم؟ هاها. فتاة صغيرة! جئتِ لتجربي حظّك؟”
“نعم! لديّ أمرٌ في غاية الأهمية غدًا!”
شدَدتُ قبضتي كطفلة بريئة.
كان الناس يعتبرون الأمر وسيلةً لاختبار الحظ.
فإصابة رقمٍ واحد من عشرة تعني أنّ حظك متوسط.
وإصابة أربعة تعني أنّك محظوظٌ للغاية!
ولهذا لم يستغربوا أن يجرب الأطفال الأمر، بل إنّ بعض الآباء يشجّعونهم.
‘ناهيك عن أنّ المهووسين يشترون مئة تذكرة دفعة واحدة!’
إذ لا يُسمح للفرد بأكثر من مئة تذكرة في الدورة الواحدة.
أما النبلاء، فقلّما يهتمون باليانصيب، إذ أموالهم تكفيهم لغيره من ألوان القمار.
“أريد تذكرتين فقط!”
قلتُ وأنا أمدّ إليه بقطعتين ذهبيتين، سرقتهما من خزنة أبي.
“جيّد. لقد تأكدتُ من المال.”
“نعم.”
“هاكِ هذه الورقة. ضعي دائرة على الأرقام التي تريدينها، ثم أعيدِيها لي لأختمها بخاتمٍ رسمي مصنوع بحبرٍ خاص.”
“شكرًا!”
كانت الورق والحبر من نتاج تعاون الإمبراطورية مع برج السحر، فلا مجال للتزوير.
ومن فاز وجب أن يُسلم تذكرته لمُحقّقٍ ساحرٍ من كوادر كونيسا ليُثبت صحتها.
أخذتُ الورقتين واخترتُ فيهما الرقم ذاته.
وحين ختمهما الموظف، توقّف فجأة.
“الأرقام متماثلة! ألم تعلمي أنّه يجب أن تختلف؟”
“آه! حقًّا؟”
“آه….”
هزّ رأسه متأسفًا.
“آسف، لكن بعدما وُضع الختم لا يمكن التراجع.”
“لا بأس… خطئي أنني لم أُصغِ جيدًا. شكرًا لك.”
أطرقتُ برأسي بحزنٍ مصطنع.
لكن الحقيقة أنّ ذلك مقصود!
فالفائز هذه الدورة سيكون شخصًا واحدًا فقط.
ولو كنتُ ضمنهم بورقتين، لقُسمت الجائزة بيننا نصفين.
لكن…
‘ماذا لو كنتُ أنا صاحبة التذكرتين؟’
حينها ستُقسم الجائزة على ثلاثة، اثنان منها لي، فأظفر بثلثي المال.
وكانت حيلة ذكية؛ لأنّ ثلاث تذاكر قد تُثير الشبهات، أما اثنتان فتبدو مجرّد خطأ بريء.
‘موعد إعلان النتائج في السابعة مساءً…’
وكانت الساعة آنذاك الرابعة بعد الظهر.
“بما أنني أشعر بصحّة جيّدة اليوم، فلأستمتع بطعامٍ لذيذ قليلًا.”
خبأتُ الورقتين في أعماق ثيابي، واتجهتُ نحو الشارع المليء بمحال الطعام.
***
بدأتُ ألوك الطعام بشراهة.
أنفقتُ ما تبقّى معي، ثلاث قطع ذهبية على وجباتٍ شهية من أكشاك الطريق، حتى امتلأت خدّي وبطني.
وأنا ألتهم آخر سيخ دجاج، عدتُ إلى كونيسا.
وكان المكان يغصّ بالبشر.
“والآن! سنعلن نتائج الدورة المئة والثامنة والأربعين!”
أدار المقدّم عجلة سحرية ضخمة مليئة بالأرقام.
تدحرجت ثم توقفت فجأة.
“الرقم خمسة!”
توالت صيحات الفرح وخيبات الأمل.
وقفتُ في زاوية بعيدة أقارن الأرقام بما حفظتُه في ذاكرتي.
“وأخيرًا… الرقم 999!!”
وما إن أعلن المذيع الرقم الأخير حتى دوّى صراخٌ هائل وسط الحشد.
كان ذلك في اللحظة التي أعلن فيها المقدّم الرقم الأخير.
“آآآااااه!!”
وإذا بصوت صرخةٍ حادّةٍ ينبثق فجأةً من بين الحشود المتدافعة.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 15"