استمتعوا
“ليدي؟“
ناداني أبي بصوته المتجمد وبملامحٍ يكسوها الارتباك.
رمقته بنظرة سريعة، ثم قبضتُ يدي بإحكام.
فقط انتظر قليلًا، يا أبي…
سأجعل هذا الصغير يعتذر لك مهما كلف الأمر.
حدّقت فيه بعينيّ المفتوحتين على اتساعهما، فما كان منه إلا أن ارتجف جسده.
“ومن تظنين نفسكِ؟!”
“أنا الوحيدة التي تستطيع معالجة صلعتك.”
“لم أقل شيئًا خاطئًا! لم أكن مخطئًا! الجميع يقولون ذلك، لذا أنا فقط…”
“بل كنت مخطئًا.”
قلتُها وأنا أُحدّق فيه بقوة.
“أبي ليس نكرة، ولا عديم الفائدة، إنه أبي الثمين.”
اتّسعت عينا أبي قليلًا عند سماعه كلماتي.
وحين التفت بنظرةٍ حادة إلى عمي الثاني، اضطربت قسمات وجهه وأدار نظره بعيدًا.
“أنا فقط…”
“وإلا فلن تنمو شعرة واحدة في رأسك مدى الحياة.”
مع تهديدي هذا، ازدادت شهقات إليوت.
“كفى هذا، من الأفضل أن تتوقفي هنا.”
قالها عمي الثاني، لكن أبي أجابه بصوت بارد.
“كان من الأجدر بك أن تُسكت فم ابنك منذ البداية إن كنت ترغب في الهدوء.”
“أوه، صحيح! لطالما أحببت الآنسة روديا، أليس كذلك؟ أظنها لن تطيق الارتباط برجلٍ أصلع مثلك.”
كانت قصة حب إليوت للآنسة روديا معروفة منذ صغره.
وفي المستقبل، سيتزوجان بالفعل، وإن كان بزواجٍ مرتب…
لكن هذا في المستقبل. أما الآن، فهو مجرد صبي معجب.
اصفرّ وجه إليوت كأن الدم قد فارقه.
“كـ… كيف علمتِ؟!”
“آه، عليّ نشر الخبر إذًا. قال كلامًا سيئًا عن الآخرين، فانتهى به المطاف أصلع الرأس بين ليلة وضحاها…”
“توقفي!!”
صرخ إليوت وهو يمد يده في توسلٍ شديد. كان وجهه محتقنًا بالدموع والبؤس.
“ماذا قلت؟ لم أسمع جيدًا.”
“آسف! أنا آسف! لقد كنت مخطئًا! أرجوكِ فقط لا تفعلي ذلك!”
يا لهذه الأجيال…
يبدو أن مجرد فكرة انتشار الإشاعة كانت أفزع له من الصلع نفسه.
“وما خطؤك تحديدًا؟“
“ما… ما قلته سابقًا…!”
“وماذا قلت بالضبط؟“
“……!”
فتح فمه وأغلقه كسمكة مذعورة، غير قادر على الكلام.
كما هو متوقّع، لا يجرؤ على قول ذلك أمام الجميع.
“لماذا؟ لا تستطيع أن تنطق به؟“
سألته وأنا أحدق فيه بعينين متسعتين.
“إن كنت واثقًا بكلامك، فلا مشكلة أن تكرره هنا أمام الكل. ألم تقل إن الجميع يفكرون بالطريقة نفسها؟“
“…أه…”
“آه! إن كنت لا تذكر، أذكّرك أنا!”
قلت ذلك ببساطة وبنظرة بريئة، مائلة برأسي وكأن الأمر لعبة.
أما هو، فعيناه كانتا تنظران نحوي بغضبٍ لم يستطع ترجمته سوى بالارتباك.
“أولًا، قلتَ إن أبي نكرة. ثم قلتَ إن اللعب معي يُنقص من مستواك. ووصفتَه بأنه قمامة.”
ومع كل كلمة أقولها، كانت ملامحه تزداد شحوبًا.
“آه! وقلتَ عني إنني لعبة، وإن دمي فاسد، وإن حياتي محطمة…”
لوّنتُ نطقي عمداً بالطفولية كي أزيد إحراجه، ثم هززت رأسي بأسفٍ مصطنع.
وكانت ملامحه قد أصبحت أشد بياضًا من الورق.
حتى عمي الثاني عبس وجهه بامتعاضٍ ظاهر.
“وأيضًا…”
“كفى!!!”
صرخ إليوت بشدة، فنظرت إليه بابتسامة باهتة.
هذا الفتى لا يتعلم أبداً.
“آه! صحيح! قلتَ أيضًا إن أبي جلب العار للعائلة. وإنني ضعيفة وهزيلة!”
“لكن تلك الأخيرة صحيحة!”
قالها بعصبية، كأنها حجته الأخيرة. فأطلقتُ ضحكة قصيرة.
“أنا لست ضعيفة! أليس كذلك، أبي؟“
“…همم.”
نظر إليّ أبي بصمت، دون أن يجيب.
أبي… لا تتركني وحدي الآن…
“حسنًا، ابنة عمي بالفعل ضعيفة قليلًا.”
حتى فالُكس؟!
قبضتُ يدي وركّزت نظري على أبي مجددًا.
لكنه هذه المرة ربت على ظهري بهدوء، وكأنه يعتذر.
“أحسنت في تربية ابنك، يا أخي.”
“لا تسخر. الأولاد يتشاجرون، هذا طبيعي.”
“يا للعجب، اخي الأكبر ما زال نسخة طبق الأصل من طفولته. حقًا الدم لا ينكر، كما يقولون. يتكلم من وراء الناس بخبث ولا يفعل شيئًا…”
أبي…؟
رمقه بنظرة حادة، ثم ابتسم بابتسامة ساخرة.
“حقًّا، مستواكما متطابق تمامًا.”
“…كلاين، انتبه لكلامك!”
“وما شأني؟“
قالها أبي وهو يميل برأسه بتكاسل.
“لو كنتَ حريصًا على كلماتك، لما تعلم ابنك مثل هذا الكلام من الأساس.”
منذ متى كان أبي بهذه البلاغة؟
لقد اعتدتُ رؤيته يتنازل لأجلي، لا يرد ولا يعارض…
“أيها الحثالة الحقير…!”
طَق.
وكان رون تيغريتو على وشك أن يهجم على أبي عندما—
دَوِي!
“كفى!!”
دوّى الصوت فوق رؤوسنا مع هالة ثقيلة مرعبة.
تجمد عمي في مكانه، ثم تراجع بسرعة واحتضن إليوت.
أما أبي، فاحتضنني برفق وأدار وجهه جانبًا.
“من تظنون أنفسكم لتتحدثوا بهذا الشكل أمامي؟!”
“…نعتذر.”
انحنى عمي الثاني مباشرة. يبدو أن رهبة جدي لا تزال تسيطر عليه.
“إليوت!”
“هَيهِك! نـ، نعم!”
“هل تُدرك أنك أخطأت؟“
“ذاك… ذاك… هييك… نعم…”
“إذًا، اعتذر كما يجب.”
عضّ إليوت شفته السفلى، وهزّ رأسه المرتبك شاحب الوجه.
أنزله عمي عن ذراعيه، فربتُّ أنا على ذراع أبي، فنظر إليّ بوجهٍ متحفظ، لكنه أنزلني بلطف.
وقفت أنا وإليوت متقابلَين.
“أنـ… أنا آسف…”
قالها وهو يحمر خجلًا، قابضًا على طرف ثوبه. كانت خصلاته المتموجة مبعثرة قليلاً حول رأسه.
…يبدو لطيفًا قليلًا الآن.
تملكني شعور غريب، فهززت رأسي بسرعة وأعدت الصرامة لعيني.
“ليس لي من عليك الاعتذار. يجب أن تعتذر لأبي.”
“ذاك…!”
تردد، لكنه قبض يده بشدة، وأطرق رأسه.
وأخيرًا، عضّ شفته ورفع صوته.
“…أنا آسف.”
استدار نحو أبي، وانحنى.
راقبته وهو يخفض رأسه حتى احمرّت أذناه، ثم نظرتُ إلى أبي.
نظر أبي إلى رأس إليوت، ثم قال.
“لا يجب أن تعتذر. فالأخطاء لم تكن منك وحدك. بل من أولئك الذين تكلّموا أمامك دون وعي. أنت فقط سمعت وصدّقت، وظننت أنّ ما قيل هو الحقيقة.”
ثم رمق أبي جدي وعمي بنظرةٍ عابرة.
“لكن…”
عادت عيناه إلى عمي وهو يتحدث ببرود.
“أتمنى ألا تظهر مجددًا أمام ابنتي. ليس أنّ اهتمامك يهمني أصلًا.”
اتسعت عينا إليوت بصدمة.
“إن كان المرء لا يستطيع قول كلماته أمام الجميع، فعليه ألّا ينطقها أصلًا. ومع ذلك، من الجيد أنك شعرت بالخجل من كلامك.”
“…….”
“فثمة من لا يخجل، ويقذف بالكلام أمام الناس دون تردد.”
تقدمتُ بخطواتٍ ثابتة، ووضعت يدي على رأس إليوت الذي كان يحدق بي مذهولًا.
ثم أغمضت عينيّ، وفعّلت قدرتي.
بَزَغَ النور—
اندفعت طاقةٌ ضوئية لتغمر جسده.
وبلحظة، شُفي الجرح المحمرّ الذي تلطّخ بالدم، في بقعة الشعر التي انتُزعت.
“شعرك سينمو مع الوقت.”
للأسف، قدرتي لا تجعل الشعر ينبت فوريًا…
“أبي، لنذهب.”
ركضت نحو أبي، وتعلّقت بساقه.
“…عزيزتي، أنتِ…”
رفعت رأسي، فوجدت أبي ينظر إليّ بدهشةٍ مطلقة.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة: شاد.
~~~~~~
End of the chapter
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات