قلعة فرناندي التي تلوح من بعيد. وتحتها، الناس الذين تجمّعوا وهم قلقون علينا.
“إلى أي مدى تعتقد أنّ التأثير سيصل؟”
عندما سألتُ، ثار بليد:
[إنّه ليسَ وقت التفكير في ذلك!]
“أرجوك، بليد.”
[أيها… أيها الأغبياء!]
ضربَ بليد صدره بيده و كأنّه محبط.
[هذه المنطقة بأكملها ستختفي!]
“…..”
سادَ الصّمت بيني وبين كايدن. إذا كانت هذه المنطقة بأكملها، فستشمل قلعة فرناندي أيضًا.
لم يقل أحدٌ منّا شيئًا، لكنّنا رفعنا سيوفنا في نفس الوقت. رأينا جسدَ فيليس يتشقّق مع صوتٍ مدوٍّ، وكان الضوء يتسرّب من بين الشقوق.
[هذه القوّة هي جزء من مصدر ملك الشياطين. من الواضح ماذا سيحدث إذا انفجرت، فكيف ستتحمّلانها! أرجوكما، اركبا على ظهري…]
توسّل بليد.
كان التنّين الضخم يجثو و يضع وجهه فوق كتفي الأيسر، بينما ينخزني بلطف.
ضحكتُ رغمًا عنّي. في هذا الوضع الخطير، بدت حركته مشابهةً لتلكَ الأيام عندما كان صغيرًا و هو يطير حولي، مما جعلني أضحك بطريقةٍ ما.
“بليد، شكرًا لكلّ شيء حتّى الآن. اهرب بأسرع ما يمكن، اذهب إلى قلعة فرناندي و ساعد الناس على الإخلاء.”
[…هل تعتقدين أنّني عربة نقلٌ ضخمة؟ لا يمكنني حمل الكثير على ظهري!]
كما توقّعت، الأمر صعب.
[عشرة أشخاص على الأكثر. إذا كان الأمر كذلك، من الأفضل تقليل حجم الانفجار هنا. و…]
توقّفَ قليلاً، ثمّ نفث أنفاسه على وجهي وأكمل:
[بدلاً من الهروب و ترك صديقتي الوحيدة في العالم، سأواجه الموت معها. لم أعد أتحمّل الوحدة.]
شعرتُ بالدّموع تكاد تنهمر، فعبستُ بشدّة.
لا يجب أن أبكي الآن.
فيليس المجنون كان أمامنا مباشرةً.
“شكرًا.”
كان صوتي مخنوقًا، لكنّني عبّرتُ عنه بوضوح. نفث بليد أنفاسه و نفّخ جسده. كانت رائحة الدّم تنبعث منه.
شعرتُ بالأسف تجاه بليد، الذي أصبح تنّينًا عظيمًا كما تمنّى، لكنّه أصيب و قرّرَ مواجهة الموت بسببي في نفس اليوم.
لكن خوفًا من أن تكون كلماتي الأخيرة له هي “آسفة”، أغلقتُ فمي.
“شكرًا لك، بليد.”
شكرَ كايدن بليد أيضًا. استعدّ ثلاثتنا للموت.
‘كم مرّة يجب أن أستعدّ لهذا؟’
شعرتُ بالسّخافة لهذه الفكرة، لكن كلّ لحظة كانت جادّة.
أمسكتُ سيفي بقوّة أكبر. جمعتُ آخر هالةٍ لديّ.
شعرتُ بكايدن يجمّع هالته بجانبي. بدا أنّ بليد يحضّر لشيءٍ ما أيضًا.
صرخ فيليس:
“آآآآه!”
انبعث ضوءٌ هائل من جسده. كانت قوّةً ساحقة، تتجاوز الشرّ.
في اللّحظة التي رفعتُ فيها سيفي عاليًا، تأرجح السّوار على معصمي مع الرّيح.
‘قال إنّه سيساعد، لكنّه كذب.’
من شدّة الغضب، نزعتُ السّوار و ألقيته نحو فيليس. رسمَ السوار قوسًا في الهواء و اختفى في الضوء المنبعث من فيليس.
لكن،
“آه؟ آه، آه؟ ما هذا!”
فجأةً، تراجعَ فيليس مذهولاً. تفاجأنا نحن أيضًا.
“ما… ما هذا؟”
ردًّا على ردّ فعلي المذهول، سألَ كايدن:
“ماريان، ماذا ألقيتِ للتّو؟”
“ذلك… سوار الجرمانيوم. لقد اشتريته لي أيّها الدّوق الأكبر من متجر أسيلي للمجوهرات، لكنّه في الأصل قُدّم لأمّي من ملك الشّياطين…”
كنتُ أهذي لأنّني لم أكن أعرف إلى أيّ مدى يعرف كايدن، رغمَ أنّه قال إنّه كان واعيًا أثناء غيبوبته.
أشارَ كايدن برأسه نحو الأمام.
“فهمتُ. أعرف سياق القصّة تقريبًا.”
[يبدو أنّه استقرّ في صدره؟]
عند كلام بليد، ضيّقتُ عينيّ و راقبتُ فيليس.
ظننتُ أنّ السّوار سيتحطّم و يختفي عند اقترابه من فيليس، كما حدثَ مع الحجر الذي رميته سابقًا.
لكن، ما الذي حدث؟
بما أنّه من صنع ملك الشياطين، تجاهل طاقة فيليس و استقرّ في منتصف صدره المتشقّق.
“هذه فرصة.”
قال كايدن بسرعة.
“لا أعرف السّبب، لكنّه مرتبك.”
كما قال، كان فيليس يمزّق صدره و يتعثّر.
“آه، آه! رأسي، لا، صدري! لا… لا أريد أن أموت!”
عند كلماته الأخيرة، أدركتُ فجأة.
“قال ملك الشياطين إنّ هذا السّوار سيساعد عندما يكون العقل و الجسد غير مستقرّين. كان فيليس في حالةٍ عقليّة مضطربة لدرجة أنّه قرّر الانفجار. لكن، أليس من الممكن أنّ هذا السوار جعله يستعيد وعيه للحظة؟”
أومأ كايدن.
“صحيح. لا أحد يريد أن يموت.”
[إذن، ماذا سنفعل الآن؟ يجب أن نتصرّف بسرعة!]
نظرتُ إلى كايدن بحثًا عن إجابة. فقدّم حلّاً بسيطًا:
“نطعن قلبه.”
“ألن يؤدّي طعن قلبه إلى حدوث انفجار؟ لقد توقّف قبل الانفجار مباشرة، يبدو الأمر خطيرًا.”
“صحيح. لكن إذا اخترنا التوقيت المناسب طعنه، أشعر أنّ ذلك سيكون ممكنًا.”
“ما الدليل؟”
“سواء كان بشريًا أو شيطانًا، لا يريد جسدنا الموت بسهولة. قد يقرّر الشخص الانفجار بإرادته، لكن الجسد لا يريد ذلك.”
أومأتُ موافقًا.
“تقصد أنّه حتّى لو قرّر الانفجار، فإنّ ردّ الفعل الغريزي للجسد للبقاء على قيد الحياة سيؤخّر الأمر.”
أومأ كايدن.
“لقد كان فيليس يركّز كلّ قوّته في قلبه للانفجار. ثمّ، بسببِ هذا السوار، استعاد َوعيه و حاولَ التوقّف. إذن، ما هي حالته الآن؟”
نظرتُ إلى فيليس.
كان يصارع نفسه. كان يلوي جسده، يمزّق شعره، و يخدش صدره في محاولةٍ يائسة للسيطرة على جسده المتشقّق.
“إنّه يبذل قصارى جهده لعدم الموت.”
“صحيح. إنّه يحاول الآن تشتيت القوّة التي ركّزها في قلبه.”
“إذن؟”
“سنطعن قلبه عندما تستقرّ قوّته المستنفدة.”
كانت تخمينًا معقولاً. لكن كلّ كلام كايدن كان افتراضيًا.
علاوةً على ذلك، كانت مسألة توقيت طعن القلب مشكلة.
كيف نعرف إن كانت القوّة المركّزة في قلب فيليس قد تشتّت بما فيه الكفاية؟ و هل لا تزال تحتوي على الكثير من القوّة؟ إذا طعنّاه حينها، فسيحدث انفجارٌ بالتأكيد.
لكن إذا كان هذا هو الخيار الوحيد…
“هذه مقامرة.”
خرجت ضحكةٌ منّي دونَ وعي.
“لقد توقّفتُ عن المقامرة منذُ فترة.”
ضحكَ كايدن أيضًا.
“لنلعب جولةً أخيرة.”
تمتمَ بليد بصوتٍ متذمّر:
[مقامرةٌ أخرى، و لن أعيش حتّى نهاية عمري.]
حدّقنا نحن الثلاثة في فيليس.
“آخ! كرآآخ!”
كان مظهر فيليس بائسًا. كان يحيط جسده بأذرعه الأربعة، يصدر أصوات تأوّه غير بشريّة، و يحاول يائسًا الإمساك بجسده المتشقّق.
[سأكسب الوقت لكما!]
صرخَ بليد بحماس و هجم. فجأةً، بدأ فيليس، الذي بدا خارجًا عن السيطرة، يقاتل بصوتٍ غريب.
كان الأمر كمعركةٍ بين وحوش.
قد لا يحبّ بليد سماع هذا.
“ماريان، لنركّز هالتنا في سيفكِ.”
سألتُ بوجهٍ متعجّب:
“هالتكَ أيضًا؟ آه، هل تقصد أن أعطيكَ سيفي؟”
“لا، أعني أن نجمع هالتينا معًا.”
اتّسعت عيناي.
“هل هذا ممكن؟”
جمع هالتين من شخصين؟ لم أفكّر في هذا من قبل. عندها، قبض كايدن يده وقال:
“بعد أن تلقّيت جوهر قوّة ملك الشياطين، أصبحت حواسّي أكثر حدّة. و…”
حدّق بي مباشرة.
“إذا كان الأمر يتعلّق بنا نحن، فأعتقد أنّنا نستطيع فعل ذلك”
نحـن.
مرّت السنوات التي قضيناها معًا كشريطٍ في ذهني. أيام القتال في الشمال، حيث هزمنا عددًا لا يحصى من الوحوش وسط الثلوج المتساقطة.
عشر سنوات كاملة.
كنّـا نعرف بعضنا البعض جيّدًا.
نعم، أنا و كايدن نستطيع فعل ذلك.
تنفّستُ بعمق و رفعتُ سيفي. جمعتُ آخر هالةٍ في جسدي، محيتُ كلّ شيء، و وضعتها في السيف.
مـدّ كايدن يده الكبيرة و غطّى يدي تمامًا. شعرتُ بدفءٍ مريح. تدفّقت هالته إليّ.
بدأت هالتينا تتداخلان بشكلٍ حلزونيّ، و سرعان ما شعرتُ و كأنّهما هالةٌ واحدة. كنتُ أستطيع توقّع حركاته، أيّ قدمٍ سيخطوها أوّلاً، كلّ شيء كان متوقّعًا.
كان إحساسًا عجيبًا. كأنّ هناك خيوطًا تربط أجسادنا بإحكام.
شعرَ كايدن بالشيء نفسه، فاتّسعت عيناه و نظرَ إليّ. تبادلنا النّظرات للحظة، ثمّ حدّقنا إلى الأمام.
كان بليد يواجه فيليس بصعوبة.
على الرّغمِ من تراجع قوّة فيليس، إلّا أنّه كان خصمًا صعبًا. بمجرّد أن شعرتُ بأنّ كايدن جاهز، صرختُ:
“بليد―! ابتعد!”
مع الإشارة، ركضنا أنا و كايدن.
ابتعد بليد بسرعة.
بدا أنّ فيليس كانَ يلتفتُ إلينا كما لو أنّ الأمر يحدث في حركةٍ بطيئة.
سرعانَ ما تشوّهَ وجهه.
“أيّتها الحشرات…!”
اخترق سيفنا صدره.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 92"