“لكن، ستيلا، ألم تذكري أنّ الدّوق استيقظ بفضل قوتكِ المقدّسة؟”
سمعتُ صوت لوكاس المذعور أيضًا.
“صحيح، لكن… مهما سكبتُ من قوتي المقدّسة في الدّوق، أشعر وكأنّني أسكب الماء في إناءٍ مثقوب. حياته تتسرّب بعيدًا، وحتّى تلكَ الحياة الآن…”
لم أستطع تحمّل كلام ستيلا المتواصل، ففتحتُ الباب بقوّة. تفاجأ الثلاثة بوجودي.
“ما… ما الذي تعنينه؟”
سادَ الصمت عند صوتي المرتجف. اقتربتُ منهم بخطواتٍ واسعة وسألتُ مرّةً أخرى:
“ما الذي تقصدينه؟ إناء مثقوب؟ الدّوق استيقظ و تحدّث للتو!”
بدت ستيلا مرتبكةً من ظهوري المفاجئ و حاولت تغيير الموضوع:
“…لا، سيّدة ماريان، الأمر ليسَ كبيرًا…”
“للتو… أنتِ للتّو قلتِ إنّ قوتكِ المقدّسة لا تمنع حياته من التسرّب!”
“…… ”
لم تستطع ستيلا قول شيء.
كان صوت عقرب الساعة يتردّد من مكانٍ ما. نهضت ستيلا ببطء وانحنت لي:
“…سأبذل قصارى جهدي.”
آه.
كلماتها بدت قاسيةً جدًا.
امتلأت عيناي بالدموع أمامَ وعد القدّيسة بالمحاولة دونَ ضمان النتيجة. شعرتُ ببليد يعانق عنقي. و سرعان ما بدأت الدموع تسقط.
تذكّرتُ كيف كانت ستيلا تسكب قوتها المقدّسة في كايدن أثناء مواجهتنا لملكِ الشّياطين. شعرتُ أنّ هناك شيئًا غريبًا، لكنّها كانت تعرف بالفعل.
كانت تعرف أنّ حياة كايدن لا تُستعاد.
نهضَ الدوق السّابق و عانقني بسرعة ثمّ خرجَ من الغرفة. كانت عيناه مليئتين بالدموع. لا بد أنّ قلبه يتمزّق على خبر حفيده الوحيد.
نظرَ لوكاس وستيلا إليّ وأنا أذرف الدموع بلا توقّف، ثمّ غادرا بهدوء، كما لو كانا يعطيانني فرصةً للوداع الأخير. شعرتُ بقلبي يتمزّق أكثر.
اقتربتُ من سرير كايدن بعيونٍ ضبابيّة و انهرتُ بجانبه. أمسكتُ يده الممدودة خارجَ الغطاء. شعرتُ بالرّعب من برودتها بدلا من أن تكون دافئة.
“سموّ الدوق… ألم تقل أنّكَ قوي…؟”
ناديته بصوتٍ مرتجف، لكن لم يكن هناك ردّ.
كان وجهه شاحبًا، و تحت عينيه كانت هناك هالاتٌ داكنة. شفتاه كانتا زرقاوين، ولم تكن هناك أيّ علامةٍ للحياة.
“استيقظ بسرعة… لنتدرّب معًا… و نأكل طعامًا لذيذًا… و نذهب للتنزّه…”
اختنقَ صوتي ولم أستطع المتابعة. بكيتُ بلا توقّف وأنا أنظر إلى وجه كايدن الصامت.
تذكّرتُ المرّة الأولى التي تحدّثَ فيها كايدن إليّ. في سهلٍ ثلجيّ، أعلنَ أنّني أصبحتُ سيّدة سيف.
لا زالت صورته واضحةً في ذهني.
“ماريان، أنا كايدن، حفيد الدّوق فالتشتاين، أعترف بكِ كسيّدة سيف، و آمركِ بالعمل من أجل إمبراطورية غراتييه.”
كان شعره الأسود و عباءته المتناقضين مع بشرته البيضاء، يبدوان مهيبين وأنيقين.
عندما كنتُ طفلة ، منظره وهو يركب حصانًا أسودًا بدا في عينيّ كأنّه أميـر.
كنتُ معجبةً به سرًّا.
بعد فترةٍ قصيرة، ورث لقب الدّوق. كنتُ أتذكّر كيف ركعَ على ركبةٍ واحدة أمام الدّوق السّالق، مرتديًا ملابس فاخرة، بينما استلمَ السيف الأزرق، كنز العائلة.
قلعة فالتشتاين المزيّنة باللون الأبيض، و السهول الثلجيّة الجميلة كخلفيّة، احتفالات الناس، و مراسم التتويج المهيبة. كانت كلّها علامةً على ولادة ملك الشّمال الجديد الذي سيقود المنطقة لعقود.
منذُ ذلكَ الحين، بدأتُ أناديه بـ”سموّ الدوق” بدلاً من “كايدن”.
أتذكّر الإحراج الذي شعرتُ به عندما ناديته بلقبه لأوّل مرة. شعرتُ أنّ “الدوق” شخصٌ بعيد المنال.
النقطة الوحيدة التي جمعتني به كانت السيف.
سيّد سيف، الشّخص الذي يصل إلى قمّة مستوى إستعمال السّيف.
كنا الاثنين الوحيدين في إمبراطورية غراتيه.
لم نتحدّث عن ذلكَ بصراحة، لكنّنا كنّا نفكّر به.
وجود كل الشّخص الآخر ، جعلنا نشعر أنّنا لسنا وحدنا.
كان الخصم الوحيد الذي يشعر كلّ واحد منّا بالسّعادة من مواجهته بالسّيف هو الطّرف الآخر.
الخصم الوحيد الذي يمكننا التدرّب معه لساعاتٍ هو الشّخص الآخر.
لذا، لم أتخيّل يومًا أنّه قد لا يكون موجودًا في هذا العالم.
لكن…
“سموّ الدوق… كايدن…”
بكيتُ بحرقة حتّى كدتُ لا أرى شيئًا.
“أنا خائفة جدًا…”
ماذا سأفعل إذا لم يعد كايدن موجودًا؟ كيف سأعيش؟
“لقد أحببتكَ كثيرًا…”
تذكّرتُ كلام المرأة التي كانت تعتني بي في حيّ الفقراء:
“هل تعرفين ما هو أكثر شيء حزين في العالم؟”
“الجوع؟”
“لا. عدم القدرة على توديع مَنٔ تحبّين. هذا الحزن قد يجعل الإنسان يذبل.”
إذا ماتَ كايدن، سأذبل أنا أيضًا.
نعم، إذا كنتُ سأعيش حياةً ليست بحيـاة، فربّما ذلك أفضل.
بينما كنتُ أفكّر هكذا، سمعتُ صوتًا:
“سيموتُ قريبًا.”
تفاجأتُ بظهور ملك الشّياطين فجأةً. تصاعد الغضب بداخلي.
أردتُ الصّراخ في وجه المتسبّب بكلّ هذا: أنتَ السّبب في موت كايدن! أنتَ مَنٔ يستحقّ الموت!
لكنّني لم أستطع.
لا يزال هناكَ الكثير من الناس في العالم، و ملك الشّياطين قويٌ جدًا. لا يمكننا تحمّل دمارٍ آخر. يجب على الأشخاص الأحياء أن يعيشوا.
لم أمسح دموعي، بل عضضتُ أسناني و قلت:
“اخرج.”
“و مع ذلك، من المدهش أنّه لا يزال على قيد الحياة. لو كان إنسانًا عاديًا، لكانَ ماتَ منذُ زمن.”
كان ينظرُ إليه و كأنّـه ينظر إلى بقرةٍ أو دجاجة، لذلك شعرتُ أنّ كلماته اللامبالية قد قطعت آخر خيطٍ من المنطق بداخلي.
“اخرج الآن!”
“ابنـةٌ وجدتها بعد عشرين عامًا تعاملني بقسوة. و قد حصلتُ على صهرٍ على الفور أيضًا. هذا ليسَ وضعًا يعجبني.”
أردتُ الصراخ عليه بأنّني لا أحتاج والدًا مثله، لكن لم أستطع.
لو كان بإمكاني، لقتلته و ذهبتُ إلى الجحيم.
“هل تريدين إنقاذه؟”
ماذا؟
توقّفت أفكاري المليئة باللعنات للحظة.
لم أفهم قصده، فنظرتُ إليه ببطء.
“سألتُ إن كنتِ تريدين إنقاذه.”
“…ما الذي تعنيه؟”
“أقصد كلامي حرفيًا.”
هل أريد إنقاذه؟ بالطّبع! و هل هذا سؤالٌ حتّى؟
“هل… هل هناكَ طريقة؟”
نهضتُ بسرعة و نظرتُ إليه بعيونٍ متوسّلة. نعم، إنّه ملك الشّياطين . لا بد أنّ يمتلكُ طريقةً ما بما أنّه قال هذا.
نظر إليّ للحظة ثمّ فتحَ فمه ببطء:
“طريقة.”
رفع ملك الشّياطين يده. تصاعدت طاقةٌ قرمزيّة داكنة من كفّه، مكوّنةً دوّامةً صغيرة. تكتّلت الدوّامة تدريجيًا لتصبح كرةً صغيرة. شعرتُ بطاقةٍ غير عاديّة تنبعث منها.
سألتُ بصوتٍ متوتر:
“…ما هذا؟”
“جزءٌ صغير جدًا من جوهري.”
“جوهر…؟”
“نعم.”
لم أفهم ما يفعله، فنظرتُ إليه بحذر. شرح ملك الشّياطين بصوتٍ هادئ:
“رفيقكِ الآن على وشكِ أن تنطفئ شمعة حياته.”
“…..”
“القوّة المقدّسة التي تمنحها خادمة نيكس ليست سوى شعلةٍ أخرى. لا فائدة من إشعال فتيلٍ محترق. يجب استبدال الفتيل بفتيلٍ جديد لإشعال النار.”
فتحتُ فمي ببطء:
“هذا يعني…”
“سأستبدل الفتيل.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 85"