عبستُ بشدّة و أملتُ رأسي بعدم فهم. نظرَ إليّ ملك الشّياطين وقال:
“الهجين بين شيطان و إنسان يكون دائمًا إنسانًا. لذلك يُشفى بقوّة نيكس المقدّسة مثل البشر.”
…إذا كان يعلم ذلك، فلماذا اختبرَ دورانتي؟
“…لكنّني أشعر بالألم.”
“نعم. و.هذا دليلٌ على أنّكِ ابنتي.”
نظرتُ إليه بنظرةٍ مليئة بالشّك و تمتمت:
“كيف يكون ذلكَ دليلاً؟”
“روزالين، التي وُلدت منّي أنا و شارل، كانت بالتّأكيد إنسانة. لو كانت شيطانة، لكنتُ شعرتُ بها. لكنّكِ، رغمَ كونكِ إنسانة بوضوح، تُظهرين ردّ فعل رافض للقوّة المقدّسة. هذا ردّ فعلٌ لا يظهر إلا عند الشّياطين.”
أغلقتُ فمي بإحكام.
إذن، شعوري بالألم من القوّة المقدّسة رغمَ كوني بشريّةً هو دليلٌ قاطع على أنّني ابنته. كان الأمر مفهومًا و غير مفهوم في آنٍ واحد.
ربّما، عاطفيًا، لم أستطع قبوله. شعرتُ و كأنّ أفكاري تتشابك أكثر.
حاولتُ النّفي بجهد:
“لكن… ربّما أكون هجينة ذات دمٍ شيطانيّ قوي…”
“كما قلتُ، الهجين بين النوعين يكون دائمًا إنسانًا. حتّى لو بدا شكل دورانتي أقرب إلى الشياطين، فهو إنسان. اختبرتُـه بالقوّة المقدّسة لأنّ عقلي مشوّش مؤخرًا، فأردتُ التـأكّد.”
…إذن، هو يعلم أنّه مجنون.
واصلَ ملك الشّياطين الشّرح:
“رفضكِ للقوّة المقدّسة رغم كونكِ إنسانة يعني أنّ طاقتي موجودة بداخلكِ بطريقةٍ ما.”
“لماذا…؟”
“لأنّني لستُ شيطانًا عاديًا.”
…آه، لأنّه ملك الشياطين.
“لا توجد طريقةٌ أوضح لتأكيد كونكِ ابنتي.”
“…..”
عضضتُ شفتيّ وتراجعتُ خطوةً إلى الخلف. أدرتُ عينيّ لأنظر إلى وجوه الحاضرين.
رأيتُ ستيلا و دورانتي يبدوان مرتاحين، و وينزر مرتعبًا يركع على الأرض، و الماركيز يذرف الدموع بينما يربّت الدّوق السّابق على ظهره مواسيًا.
نظرتُ خلفي بسرعة. كان كايدن يبتسم بضعف بوجهٍ شاحبٍ كأنّه على وشكِ الانهيار.
كان الجوّ و كأنّ الجميع يقول: “انتهى الأمر.”
“لقد كبرتِ كثيرًا.”
سمعتُ صوت ملك الشّياطين.
“كنتِ صغيرةً جدًا.”
هل أنا حقًا ابنة ملك الشّياطين؟ الكذبة التي اختلقتها لأنجو أصبحتْ حقيقة؟
…هذا لا يُعقل.
بالتّأكيد ، لا بدّ من وجود خطأ ما.
“…لا، أعتقد أنّ هذا غير صحيح.”
“إنّه صحيح.”
شعرتُ و كأنّ رأسي سينفجر.
“أنا، أنا يتيمـة. ليس لديّ أهل. عشتُ بشكلٍ جيّد بدونهم، و سأعيش كذلك في المستقبل.”
“نعم. لكنّني والدك.”
“لا أريد ذلك!”
صرختُ دونَ وعي. سمعتُ شخصًا يشهق.
كنتُ غاضبةً لسببٍ ما.
غضبٌ مجهولٌ تصاعدَ من أعماقي.
شعرتُ بحرارةٍ في رأسي.
رفعتُ رأسي لأرى ملك الشّياطين ينظر إليّ بوجهٍ خالٍ من التعبير. هل تلكَ حقًّا نظرات أبٍ وجدَ ابنته بعد عقود؟
بدت نظراته باردةً للغاية.
نظرتُ بعيدًا فرأيتُ الماركيز على بعد مسافة.
كان وجه الرّجل الذي تعدّى السّتين عامًا مغطّى بالدموع. شعرتُ بحرقة في عينيّ بينما كان ينظرُ إليّ.
لم أستطع تحمّل كلّ هذا.
“ماريان!”
اندفعتُ خارجَ الغرفة متجاوزةً الجميع.
* * *
هبّت نسمةٌ من بحر الشرق. حملت رائحة الغابة المنعشة في هواء الليل، و هي تداعب أنفي.
جلستُ على إحدى جدران قلعة الماركيز فرناندي العالية، أنظر إلى تلكَ المناظر.
في هذا المكان، وُلدت أمّي ، كبرت هنا و شاهدت هذه المناظر.
كان لديّ أمّ.
كانت ابنة الماركيز الوحيدة، على ما يبدو.
لم أستوعب الأمر بعد، لكن هذه القلعة الضخمة تخصّ والدها، أي جـدّي الآن.
…كيف سيكون شعوري لو نشأتُ هنا؟
معظم أطفال حيّ الفقراء كانوا يعيشون فقط. كلّ يومٍ بالنّسبةِ لهم كان بمثابة معركةٍ من أجل البقاء، فلم يكن لديهم أحلامٌ أو مستقبلٌ يفكّرون فيه.
من سخرية القدر، الشّخص الذي زرعَ أوّل بذرة أمل في حياتي كان الفارس ذا الذراع الواحدة.
قال أنّ تعلّم السيف يمكن أن يجعلني فارسة، و إذا اجتهدتُ، يمكنني أن أصبح نبيلة.
ببطنٍ جائعة، لوّحتُ بالسّيف.
من أجل مديحه، من أجل تحقيق حلمي الأوّل، و بأمل أن يصبح أبًـا لي، كنتُ أتبعه.
بالنّسبةِ لأطفال حيّ الفقراء، كان الأهل أمنيةً مستحيلة. كنتُ أختبئ في الأزقّة المظلمة، أنظر إلى الآباء الذين يشترون وجباتٍ خفيفة لأطفالهم، و أنا أشعر بالغيرة لأيامٍ لا تُحصى.
كنتُ أتمنّى أن يكون لديّ والدان، أن لا يكونا قد تخلّيـا عني، أن يكونا يبحثان عني.
حتّى قبل انضمامي إلى المرتزقة، كنتُ أتمنّى ذلك بشدّة.
لكن بعد انضمامي إلى المرتزقة، و حصولي على لقب الفارسة، و قضاء سنوات في فالتشتاين، تلاشت تلكَ الأمنيات مع الثّلج البارد.
لكن ملك الشّياطين كان يبحث عني، لأكثر من عشرين عامًا.
كان هذا الأمر بمثابة مواساةٍ كبيرة لطفولتي الماضية، لكن ذكريات الحياة البائسة في حيّ الفقراء عادت، فتدفّق الحزن كالسيل.
[ماريان…]
انكمشتُ على نفسي و بكيتُ بحرقة. شعرتُ ببليد الذي كان يحاول مواساتي بيديه الصغيرتين.
بعد بكاءٍ طويل، هدأتُ قليلاً.
مسحَ بليد دموعي و قال:
[عيناكِ منتفختان. هل أنتِ بخير؟]
“نعم… فقط…”
لم أستطع إكمال جملتي.
لماذا يجب أن يكون ملك الشّياطين والدي؟ هل يمكنني حقًا اعتباره والدًا؟
ذلكَ الشّخص المجنون الذي قتلَ الكثير من الناس؟
أتذكّر بوضوح كيف واجهنا أنا و كايدن بمظهره المرعب.
بحركة يدٍ واحدة، سقطَ كايدن، و فقد الناس حياتهم، و انهارت بيوتهم.
كيف يمكن أن يكون هذا الشّخص والدي؟
من منظوره، قد لا تهمّ حياة البشر، لكن بالنّسبة لي، أنا التي كنتُ مجرّد إنسانةً عاديّة، كان من الصّعب عليّ تقبّل ذلك.
وعلى الرّغمِ من بحثه عن ابنته لعقود، كانت نظراته إليّ باردةً للغاية.
حسنًا، لقد فقدني و أنا في الثانية، فمن الطبيعيّ أن يبدو شكلي غريبًا عليه الآن…
كانت أفكاري مشوّشة.
“ها… لا أعرف.”
ربّـتَ بليد على خدّي:
[صحيح، كلّ شيءٍ محيّر.]
ضحكتُ بمرارة و تمتمت:
“لقد كان الماركيز يبكي كثيرًا…”
[ذلكَ طبيعيّ، لم يكن يتوقّع أن تكون له حفيدة.]
“نعم…”
[ماذا ستفعلين الآن؟]
“لا أعرف… أعرف فقط أنّه إذا كنتُ حقًا ابنة ملك الشّياطين، فسيصبح العالم آمنًا، وهذا أمرٌ جيّد.”
ضحكَ بليد:
[صحيح، أنتِ بطلة!]
ابتسمتُ بمرارة لكلامه المشجّع.
نعم، رغمَ أنّها كانت كذبةً صادفت الحقيقة، لكن إذا لم يعد الناس يتأذّون أو يموتون، فهذا أمرٌ جيّد. التفكير بهذه الطريقة أفضل لصحتي العقليّة…..
فلنؤجّل التفكير بملك الشّياطين الآن.
تذكّرتُ وجوه النّاس المذهولين عندما اندفعتُ خارجًا، و كايدن الممدّد على السرير.
مسحتُ دموعي المتبقّية بكمّي و قمتُ من مكاني:
“لقد هدأتُ الآن، فلنعد. أنا قلقة على الدّوق…”
[صحيح، مع وجود القدّيسة، سيتعافى كايدن بسرعة. لقد رأيتِه يحاول النّهوض قليلاً من قبل، أليس كذلك؟]
“نعم، شكرًا.”
هبّت نسمةٌ من بحر الشرق.
نظرتُ إلى الأشجار وهي تتمايل للحظة، ثمّ اتّجهتُ نحوَ المكان الذي يوجد فيه كايدن.
ومضَ زوجٌ من الأضواء الحمراء في السماء المظلمة.
* * *
في أعماق بحر الشرق.
كان فيليس و أتباعه يمرّون عبر كهفٍ بصمت. رغمَ سيرهم لأيام، بدا الكهف بلا نهاية، لكن هذه المرّة، شعروا أنّ هناك أملًا.
‘إذا وجدتُ الجوهر فقط….’
سألَ فيليس أحد أتباعه الذين يتقدّمون:
“هل لا يزال الطريق طويلاً؟”
“اقتربنا كثيرًا. آه، هناك!”
نظرَ فيليس إلى الاتّجاه الذي أشار! إليه التابع. كان هناك ضوءٌ يتسرّب من بعيد في الكهف المظلم.
هرعَ فيليس نحو الضوء. ظهرَ كهفٌ مفتوح السماء، وفي وسطه شجرةٌ ضخمة تمدّ فروعها في كلّ اتّجاه.
كان كائنًا متعاليًا لا يُفترض أن يكون هنا.
نظرَ إليها فيليس بعيونٍ منبهرة و تمتم:
“أخيرًا… وجدته.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 83"