في مكانٍ لا يصله ضوء القمر بسببِ الأشجار الكثيفة، وقف الشّيطان فيليس متخفيًا بالظّلام.
كانت شخصيّاتٍ سوداء محيطةً به، بعضهم يركعون على ركبةٍ واحدة و يخفضون رؤوسهم.
سألَ فيليس:
“هل وجدتموه؟”
أجابَ أحدهم، و الذي كان في مقدّمة الأشخاص الذن يركعون:
“نعتذر، لكن يبدو أنّنا سنجده قريبًا…”
“قريبًا؟”
تصاعدَ ضبابٌ أسود من جسد فيليس. بدأ الراكعون يرتجفون بشكلٍ واضح تحتَ تأثير الطاقة المشؤومة التي تنبعث منه.
لم يُخفِ فيليس استياءه:
“لقد قلتَ ‘قريبًا’ منذُ سنوات. كم سنةً أخرى يجب أن أنتظر؟ أخبرني.”
“نحن… حقًا قريبًا. لقد بحثنا في أعماق الغابة. خلال أسبوع…”
“فيليس.”
فجأةً، ظهرت شخصيّاتٍ سوداء أخرى بهدوء. على الرّغمِ من عددهم الكبير، لم يُحدثوا أيّ صوتٍ بين الأعشاب.
لكن فيليس كان يعلم بقدومهم.
سخرَ من الشّيطان ذي الشعر الرمادي الدّاكن الذي تقدّمَ المجموعة:
“بوير، ما الذي جلبَ الجبان المختبئ إلى هنا؟”
ردّ بوير بوجهٍ خالٍ من التعبير:
“فيليس، أنتَ تتصرّف بطريقةٍ خاطئة الآن.”
ضحكَ فيليس بسخرية:
“أنتَ، الذي اختبأتَ في الغابة متجاهلاً كلّ شيء، تقول هذا؟”
“ملك الشّياطين سيعود. إذا انتظرتَ…”
“هراء!”
صرخَ فيليس بغضب. و تابعَ بنبرةٍ مشحونة:
“لقد هُجرنا! ملك الشّياطين، أصل الوحوش و الشّياطين ، تخلّى عنّا! من أجل امرأةٍ بشريّة تافهة!”
همهم الشّياطين المحيطون. أولئك الذين مع فيليس وافقوه، بينما كان الوافدون الجدد حذرين.
راقبَ بوير المشهد للحظة ثمّ حذّر:
“لا تدخل أعمق في الغابة. ستندم.”
ضحكَ فيليس بخفّة:
“أنتم مَنٔ سينتهي بهم الأمر بالندم.”
“…ملك الشّياطين أقوى ممّا تعتقد.”
“لا حاجة للجبناء. ارحلوا.”
“لقد حذّرتك.”
بهذا، غادرت مجموعة بوير. نظرَ فيليس إليهم وهم يختفون في الظلام بعيونٍ مليئة بالاحتقار.
ملك الشّياطين الذي عرفته الشّياطين لم يعد موجودًا. على الرّغمِ من استدعائه قسرًا بتقديم القرابين المقدّسة، كان مهووسًا بامرأةٍ بشريّة و فقـدَ عقله تمامًا.
كانوا يتصرّفون بحماقةٍ لأنّهم لا يعرفون مدى بؤس حال ملك الشّياطين.
لا يزالون يفكّرون به كـ”سيّدهم ملك الشّياطين” القديم نفسه.
“كيف حال الوحوش؟”
سألَ فيليس، فأجابَ الشّيطان الراكع:
“لا تقلق بشأن الوحوش. لقد تمّت تهيئتها و تدريبها لتفهم الأوامر. إنّها جاهزة.”
“جيّد… بقي واحدٌ فقط.”
تمتمَ فيليس بعيونٍ صفراء متلألئة:
“إذا وجدنا مصدره…”
* * *
مضى أسبوع منذُ بقائي في قصر الدوق.
مع مرور كلّ يوم، كنتُ أشعر بالقلق المتزايد: هل يزداد وضع كايدن سوءًا؟ هل سيقتحم ملك الشّياطين المكان إذا تأخرنا؟ كانت الأيام مليئةً بالتوتر.
في لحظةٍ من القلق الشديد، فكّرتُ في الاتّصال بالماركيز فرناندي عبر كرة الاتّصال السحريّة للاطمئنان على حالة كايدن، لكن الدّوق السّابق منعني:
“ماريان، كايدن يصمد جيّدًا. الاتّصال الآن، دون أن نكون مستعدّين، سيُظهر فقط أنّنا في عجلةٍ من أمرنا. ألا تعتقدين أنّ الزخم هو الأهم في المعركة؟”
“نعم… لكن…”
“الماركيز فرناندي سيعتني بكايدن جيّدًا، فلا تقلقي كثيرًا. الآن، الأهم هو التحضير الدقيق. هذا ما سينقذنا جميعًا.”
كنتُ قلقة، لكن لم يكن بإمكاني سوى الموافقة. لإنقاذ كايدن من ملك الشّياطين و لحماية الإمبراطوريّة، كان علينا التًحضير جيّدًا.
تحدّثتُ كثيرًا مع دورانتي. شرحتُ له الوضع الحاليّ بالكامل و طلبتُ منه أن يتظاهر بأنّنا كنّا أصدقاء منذ أيام حيّ الفقراء.
وافقَ على الفور. بل وقال شيئًا غير متوقّع:
“في الحقيقة، لقد رأيتُكِ من قبل، سيّدة ماريان.”
“حقًا؟”
“نعم. لكن بسببِ مظهري… كنتُ دائمًا أخفي وجهي ولم أكشف عن نفسي.”
كان وجه دورانتي، الهجين بين الشياطين و البشر، مغطّى ببقعٍ غريبة، وكانت أذناه مدبّبتين، مما جعله لا يبدو كإنسانٍ عاديّ.
“…النّاس ضيّقو الأفق.”
“هههه، أنا معتادٌ على هذا التعامل. عائلة الدوق كانت لطيفةً جدًا، لدرجة أنّني شعرتُ أنّ الأمر غريب. أنا ممتنّ لهذا.”
فجأةً، تذكّرتُ شكوكي بأنّني قد أكون هجينةً من الشياطين.
قد يبدو الأمر مجنونًا، لكن هل يمكن أن أكون حقًا ابنة ملك الشّياطين؟ لديّ نفس لون شعر ابنة الماركيز، و إذا كنتُ هجينةً من شيطان، فالاحتمال ليسَ مستحيلاً.
لو كان ذلكَ صحيحًا، لما كان علينا المرور بكلّ هذا العناء، و لاستطعنا إنقاذ العالم بسلام……
لكن تعليق الأمل على احتمالٍ ضئيلٍ كهذا كان سخيفًا. كان من الأفضلِ مواجهة الواقع و إيجاد حلولٍ عمليّة.
الوقت يمرّ بسرعة.
ركّزتُ على دورانتي و سألته:
“متى رأيتَني؟”
“منذُ أن كنتِ صغيرةً جدًا. عندما كنتِ في الثالثة أو الرابعة، كنتُ أنا في الخامسة عشرة، أعمل خارجًا. بسببِ فارق العمر، ربّما لم تلاحظيني.”
“آه…”
قال إنّه كانَ يستطيع استخدام السّحر في تلكَ السن، وكان يجني المال لشراءِ الطعام.
على الرّغمِ من التّمييز الذي كانَ يتعرّض له بسببِ مظهره، كان يشعر بسعادةٍ عارمة عندما يرى الأطفال يأكلون الخبز…
لم أستطع وصف مشاعري.
“إذن… لقد كبرتُ على الخبز الذي جلبته، أليس كذلك؟ شكرًا جزيلًا. كيف يمكنني ردّ هذا الجميل؟”
“لا، لم يكن الأطفال يأكلون بما فيه الكفاية. كان دخلي ضئيلاً…”
“لا تقل ذلك. بفضلكَ، أنا هنا الآن بصحّةٍ جيّدة.”
“ذلك بفضلِ موهبتكِ الاستثنائيّة، سيّدة ماريان. لا يزال هناك أطفالٌ جياع في حيّ الفقراء.”
كان هناك ملاكٌ حقيقيّ أمامي.
حتّى الآن، كان ينفق جزءًا كبيرًا من راتبه الذي يحصل عليه من قصر الدوق لمساعدة أطفال حيّ الفقراء.
مع وجودِ شخصٍ كهذا، لم يكن من المعقول أن يهلك العالم بسببِ غضب ملك الشّياطين.
جمعتُ شتات نفسي و أعددتُ مع دورانتي كلّ شيء بعناية.
أردتُ إجراء اختبار القوّة المقدّسة على دورانتي، لكنني لم أتمكّن من استدعاء ستيلا أو الكاهن الأعلى لأنّهما كانا منشغلين بعلاج الجرحى.
لم يكن الأمر ذا أهميّة كبيرة، وبما أنّ الأمور كانت تسيرُ بسرعة، نسيته تدريجيًا.
في هذه الأثناء، جمعَ لوكاس الجيوش. لم يكن الأمر سهلاً.
كان الجنود ضروريين لإعادة إعمار الإمبراطوريّة المدمّرة. لتجنيدهم، كان هناك حاجةٌ لبعضِ التحريض والتزوير.
صاحَ لوكاس:
“الوحوش ستنبثق قريبًا من الغابة الشرقيّة! هجمات الوحوش السّابقة و صخور الحمم المتساقطة من السماء كانت علاماتٍ على غزوهم! إذا استمرّ الأمر هكذا، ستنهار إمبراطوريّة غراتييه! انضمّوا إليّ، أيّها الأبطال، أنا لوكاس، أمير غراتييه، لنحمي الإمبراطوريّة!”
لم تكن كذبةً تمامًا.
لكن بعضَ النبلاء الذين أرادوا حماية أراضيهم فقط رفضوا إرسال جنودهم، و هربَ بعضُ الناس خوفًا، فكان العدد أقلّ ممّا توقّع.
“عشرة آلاف فقط…”
تنهّـدَ لوكاس، لكن بما أنّ الهدف كان الانطلاق بعد أربعة أيام، لم يكن هناك خيار. الوقت كان ضيّقًا للغاية.
قرّر لوكاس و الجيش الانطلاق أوّلاً لأنّه لا يمكن نقل هذا العدد الكبير عبر دائرة النقل السحريّة.
انطلقوا سيرًا على الأقدام، بينما انتقلتُ أنا و الدّوق السّابق وستيلا و دورانتي و بعض الفرسان الحرّاس عبر دائرة النقل السحريّة إلى إقليم فرناندي دفعةً واحدة.
بفضلِ دائرة النقل، وصلنا أوّلاً. من المتوقّع أن يصل جيش لوكاس بعد حوالي ثلاث ساعات.
عندما خرجنا من دائرة النقل، رأينا قلعة الماركيز من بعيد. لا يزال أمامنا بعض الطريق، لكن فكرة أنّ كايدن و ملك الشّياطين قريبان جعلت قلبي يخفق.
سألني بليد:
[ماريان، هل أنتِ بخير؟]
“نعم، أنا بخير.”
خلال الأسبوع، تحسّنت ذراعي اليسرى كثيرًا. لم أتعافَ تمامًا، لكنّني أستطيع التلويح بالسيف.
“ماريان، هل أنتِ مستعدّة؟”
عند سؤال الدّوق السّابق، تنفّستُ بعمق وأجبتُ:
“نعم، هيّا بنا.”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 78"