كنتُ أتوق لمعرفةِ معنى كلامه ذاك، لكنّ صخرةً من الحمم البركانيّة سقطتْ بصوتٍ مدوٍّ بالقرب منّا.
نهضَ كايدن فجأةً. نهضتُ أنا أيضًا متابعةً إيّاه. فاتني توقيت السّؤال، و لم يكن الجوّ مناسبًا لذلك. لكنّني كنتُ فضوليّة.
عمّنْ يتحدّث؟ هل يقصدني أنا؟ أم عائلته؟ أم أنّني أدخل ضمنَ نطاق العائلة أيضًا؟
كنتُ شديدة الفضول حيال معنى كلامه، لدرجةِ أنّني أردتُ هزيمة ملك الشّياطين والعودة حيّةً لأسأله.
“يجبُ أن نصنع معجزة…”
عند همسي، ضحكَ كايدن بصوتٍ خافت.
“موقفٌ جيّد. إذن ، هل نبدأ؟”
“نعم…!”
حسنًا، فلنجرّب أوّلاً.
نهضت ستيلا، التي كانت تراقبنا ببطء . فتحتُ عينيّ بدهشة.
“القدّيسة؟”
“سأحمل إرادة سادة السّيف… و سأحاول إنقاذ مَنٔ أستطيع إنقاذهم.”
“…..”
ابتسمتْ بوهن. ثمّ نهض لوكاس بصعوبةٍ وهو يتمتم:
“بصفتي أمير الإمبراطوريّة، لا يمكنني البقاء مكتوف الأيدي. سأنقذ الناس بقدرِ ما أستطيع.”
“سموّك…”
نظرنا نحن الأربعة إلى بعضنا للحظة.
“أتمنّى أن يكون طريقكما مليئًا بالنور.”
بانتهاء كلام لوكاس، استدرنا.
توجّهتُ أنا و كايدن نحو ملك الشّياطين ، بينما ذهب لوكاس و ستيلا نحوَ النّاس.
* * *
“ابنتي، روزالين… لم أرَ جثّتها. إذًا، هي لم تمت.”
كان حال ملك الشّياطين يبدو خطيرًا.
وقفنا أنا و كايدن بثقةٍ أمام ملك الشّياطين الذي كان يطفو عاليًا في الهواء.
لا فائدة من الاختباء أمام مَنْ يستطيع تمزيق السّماء.
كان لدينا خطّةٌ ما.
ابتلعتُ ريقي مرّةً، ثمّ صرختُ بصوتٍ عالٍ:
“يا ملك الشّياطين! أرجوك! أوقف هذه الصخور البركانيّة!”
الخطّة الأولى كانت الإقناع.
فجأةً ، سقطت صخرةٌ من الحمم فوق رأسي مباشرةً.
نقرَ كايدن بلسانه، و غطّى سيفه بهالةٍ من الطاقة و قطّع الصخرة. تناثرت القطع في كلّ الاتّجاهات.
“هل تعرفين ابنتي؟”
شعرتُ بقشعريرةٍ في جسدي. في لحظة، أصبحَ ملك الشّياطين أمامَ أنفي مباشرةً.
“ماريان!”
صرخَ كايدن بحدّة. قفزتُ إلى الخلف لأبعد المسافة. كان قلبي ينبضُ بشكلٍ مزعج.
“إذا اقتربتَ هكذا، سأُفاجَأ.”
كبحتُ شتيمةً بصعوبة.
كنتُ أتعامل مع ملك الشّياطين الذي فقدَ عقله قليلاً. لم أرد إثارة غضبه لأعجّل بنهايتي.
“شعركِ أحمر. ابنتي كانت لديها شعرٌ مماثل، شعرها الأوّليّ كان أحمر…”
يبدو أنّه كان لديه ابنةٌ من امرأةٍ بشريّة. إذا استنتجنا من كلام رئيس السحرة، فإنّ ابنته و زوجته ربّما ماتتا بالفعل…
لا أعرف الظروف، لكن حتّى لو كانت ابنة ملك الشّياطين ، إذا كانَ قد فقدها و هي صغيرة، فمِن غير المرجّح أن تكون على قيدِ الحياة.
قال بليد إنّه، رغم كونه تنّينًا، فقد خسرَ قوّته تدريجيًا لأنّه لم يتلقَّ طاقة ملك الشّياطين ، فكيف إذا كانت هجينةً من بشريّة؟ لابدّ أنّها أضعف.
لكنّني لم أنطق بهذه الأفكار.
الحياة ثمينة.
“ربّما… هلاّ تبحث عنها بهدوء؟”
نظر إليّ ملك الشّياطين مباشرةً. عيناه الحمراوان أثارتا قشعريرةً في جسدي.
“على مدى عشرين عامًا، قلبّتُ القارّة بأكملها.”
إذا لم يجدها ملك الشّياطين خلال عشرين عامًا، فهي بالتأكيد ليست من هذا العالم.
“كلّما رأيتُ طفلاً ذا شعرٍ أحمر، شعرتُ أنّني وجدتُها… ربّما رأيتِها أنتِ أيضًا. لكن مَنٔ هي ابنتي؟ لا أستطيع التّأكّد مهما نظرتُ. مَنٔ هي؟ مَنْ هي ابنتي من بينهم؟”
كان مرتبكًا وهو يمسك رأسه.
هل رآني في طفولتي؟
نظرتُ إلى كايدن مرتبكةً. هـزّ رأسه فقط.
ملك الشّياطين مجنونٌ بالتأكيد.
شعرتُ بالأسف نحوه، لكن تهدئته كانت الأولويّة.
لاحظتُ أنّ الصخور البركانيّة التي تسقط من السّماء تباطأت قليلاً. يبدو أنّ الإقناع نجح. شعرتُ أيضًا أنّ شعري الأحمر كان ميزةً محظوظة.
“يا ملك الشّياطين، إذا كانت ابنتك! على قيد الحياة، ألا تعتقد أنّ هذه الصخور البركانيّة التي تسقط من السّماء ستكون مخيفةً بالنّسبة لها؟”
سألته بحذر، محاولةً جعل صوتي لطيفًا قدر الإمكان لتجنّب استفزازه.
في الواقع، عندما وضعنا الخطّة، اقترحَ كايدن أن يتولّى هو الإقناع. لكنّني منعتُـه بشدّة.
لم أكن أتوقّع منه أن يتحلّى باللّباقة و النبرة المناسبة للتعامل مع شخصٍ في مثل هذا الموقف.
نظرتُ إلى ملك الشّياطين بأكبر قدرٍ من الانخفاض. نظر إليّ بعينين فارغتين.
لماذا لا يتكلّم؟ لحسن الحظّ، توقّفت الصخور البركانيّة الآن. هل يمكن اعتبار ذلك نجاحًا؟
لكنّني كنتُ متفائلةً جدًا.
“أكره البشر.”
“نعم…؟”
“و أكره الشّياطين أيضًا.”
“…يا ملك الشياطين…؟”
بدأتُ أشعر بالقلق.
“لماذا البشر ضعفاء هكذا؟ لماذا هم ضعفاء لدرجة أنّهم يموتون و يتركونني؟”
أدركتُ حينها.
هو يعلمُ بالفعل أنّ مَنْ أحبّهم ماتوا. لكنّه لم يرد الاعتراف بذلك، فكانَ يتجاهل الحقيقة.
و أنا، بغبائي، قلتُ له إنّ ابنته إذا كانت حيّةً ستخاف من الصخور البركانيّة.
عندما وصلتُ إلى هذه النقطة، حاولتُ إرسال إشارةٍ إلى كايدن بسرعة.
“إذا اختفى الجميع، لن أشعرَ بهذا الألم بعد الآن.”
مع هذه الكلمات الهادئة، انفجرت طاقةٌ سوداء من جسد ملك الشّياطين.
“آه!”
“ماريان!”
تفاديتُ الطّاقة بصعوبة، لكنّني رأيتُ الدم يتسرّب من ملابس ذراعي اليسرى. يبدو أنّها أصابتني قليلاً.
“هل أنتِ بخير؟”
“أرجوكَ، ساعدني على وقف النزيف، أيّها الدّوق.”
اقتربَ كايدن منّي و هو مصدوم. ربطَ ذراعي بمنديلٍ بمهارة.
“اللعنة، أنا آسف. كان يجب أن أكونَ أكثر يقظة…”
“يا دوق، أنا بخير. لكن…”
رفعنا أعيننا إلى السّماء. كان ملك الشّياطين يطفو عاليًا، ينظر إلينا بعيونٍ خالية من أيّ شعور.
شعرنا أنا و كايدن بالخطر.
إنّه قادم.
مع ضجيجٍ هائل، بدأت الصخور البركانيّة تتساقط كالقصف.
انقسمنا إلى الجانبين، متبادلين الإشارات.
الخطّة الثانية، بدء الهجوم.
استخدمنا الصخور البركانيّة المتساقطة كمنصّاتٍ للقفز إلى الأعلى. أطلقَ كايدن طاقة سيفه أوّلاً، ثمّ تبعتُه أنا. لكنّ ملك الشّياطين صًدَّ هجماتنا دونَ أن يرمش.
عضضتُ على أسناني. واصلنا تفادي الصخور و استخدامها للاقتراب منه، مرسلين طاقة السّيف مرّةً تلو الأخرى. كرّرنا ذلك عشرات المرّات.
لكن مع مرور الوقت، ازداد شعورنا بالعجز. لم نستطع حتّى قطع شعرةٍ واحدةٍ منه.
“اللّعنة! توقّف عن هذا!”
صرختُ و أطلقتُ طاقة السّيف بكلّ قوتي، لكنّ ملك الشّياطين نظرَ إليّ مرّةً واحدةً ثمّ نقر بأصابعه. أطلق طاقةً شيطانيّة سوداء نحوي.
“ماريان!”
في لحظة، طارَ كايدن بعيدًا. رأيتُهُ يسقط كما لو حدثَ الأمر في حركةٍ بطيئة.
لقد تلقّى كايدن الضّربة بدلاً منّي.
انقطع السوار الذي كان على معصمي و طارَ في الهواء. امتلأت عيناي بالدموع.
“الدّوق!”
قبلَ أن يصلَ إلى الأرض، حملته و هبطتُ به.
وضعته بحذرٍ على الأرض، و رأيتُ الطاقة الشيطانيّة السوداء و الدّم يتدفّقان من وسط بطنه.
” دوق!”
لم أستطع سوى مناداته. كان الدّم يتدفّق بغزارة. رأيتُ وجهه يفقد لونه.
كايدن يموت.
لا، لا يمكن.
كنتُ قد قرّرتُ أن أموتَ قبله بيوم.
لم أعرف ماذا أفعل، فأخذتُ أمزّق ملابسي الخارجيّة و أضغط على بطنه. كان يجب أن أوقف النزيف.
تدفّقت الدّموع من عينيّ.
“أرجوك، أرجوك! كايدن!”
فجأةً، أمسكَ ملك الشّياطين بمعصمي و سحبني بعنف.
“هذا السوار، من أين حصلتِ عليه؟”
حدّق فيّ بعينين جاحظتين و أراني السوار.
كان سوارًا من الجرمانيوم اشتراه كايدن لي كهديّة عندما ذهبنا إلى متجر المجوهرات لاختيار خاتم زواج.
انهرت الدّموع من عينيّ.
لم أسمع بعد مَنْ هو الشّخص الذي يحبّـه. إذا كنتُ أنا…
كنتُ أريد أن أخبره أيضًا.
“هذا سوار زوجتي.”
نظرتُ إلى كايدن. كان وجهه يزداد شحوبًا.
صرخَ ملك الشّياطين:
“من أين حصلتِ عليه؟!”
“يبدو أنّني ابنتك!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 70"