اقتربَ كايدن فجأةً و فحص يدي اليسرى بحذر. لم أستطع النّظر إلى يدي، فأدرتُ رأسي نحوَ لوكاس وسيرينا.
كانت سيرينا، مصدومة، ترتجف وتتكئ على أخيها. بالتّأكيد، كان مشهد الخادمة المقطوعة الرّأس صادمًا بالنّسبة لها.
التقت عينا لوكاس بعينيّ، و شكرني بحركة شفتيه.
كان المكان مضطربًا. دخلَ الحرّاس مجدّدًا، وكانوا يزيلون الجثّة.
قال لي كايدن:
“إلى المستشفى، لا، إلى غرفتكِ.”
“حسنًا.”
امتثلتُ لأمره بسهولة.
* * *
“لا يمكنني العيشُ هكذا.”
“ماذا، مجدّدًا؟”
بينما كنتُ مستلقيةً أحدّق في السّقف أثناءَ تلقّي العلاج، ردّ كايدن، الواقف بجانبي بذراعيه متقاطعتين.
“سأتقاعد.”
“هاا.”
دفنَ كايدن وجهه بيده. كان ذلكَ يعني أنّه منزعج للغاية.
“ماريان، لقد أدّيتِ عملًا رائعًا اليوم.”
ربّما بسببِ إصابتي، لم يغضب و حاولَ تهدئتي. لكنّني شعرتُ بغيظٍ أكبر من نواياه.
“ألا يمكنكَ التظاهر بالاستماع بجدّيّة على الأقل؟ لا يمكنني حقًّا العيش هكذا حتّى أموت!”
“ماريان.”
ناداني كايدن بهدوء، لكنّني تجاهلته و لوّحتُ بيدي اليسرى المصابة في الهواء.
“انظر إلى يدي المسكينة!”
في تلكَ اللّحظة:
[آه! توقّفي، أيّتها الإنسانة!]
“ما هذا؟!”
قفزتُ مذعورة من الصّوتِ المفاجئ.
“ماريان؟”
شعرتُ بنظرةِ كايدن المحتارة، لكن ذلك لم يكن مهمًّا الآن.
كان كائن أسود يتدلّى بالقرب من يدي اليسرى الملفوفة بالضّمادات. أمسكتُ به بسرعة و رفعته.
[آه! أطلقي سراحي!]
“ما هذا؟”
ضيّقتُ عينيّ و فحصته.
قشورٌ مميّزة للزّواحف و عيون حمراء تومض بلا توقّف.
“سحليّة؟”
كان يلوّح بأطرافه القصيرة بعنف، معبّرًا عن غضبه.
[سحليّة؟! أنا لستُ زاحفًا تافهًا كهذا! أيّتها الإنسانة الجاهلة!]
فتحتُ فمي مذهولة.
“سحليّة تتكلّم؟”
“…أيّها الطّبيب، هل هي بخيرٍ حقًّا؟”
“حسنًا، هذا…”
كان كايدن و الطّبيب ينظران إليّ بعيونٍ مرتبكة. بدت ردود أفعالهما غير عاديّة، فرفعتُ السّحليّة التي أمسكتُ بها وسألتُ:
“هل يعني أنّكما لا تريان هذه السّحليّة؟”
نظرَ إليّ كلّ من كايدن و الطّبيب بعيونٍ ترتجف كما لو أنّ زلزالاً حدث.
“…ماريان، لا يوجد شيء في يدكِ.”
لم أفهم.
“هل أنتما لا تريانه حقًّا؟”
“أجل.”
“رغمَ أنه يتكلّم كالبشر، لا تسمعانه أيضًا؟”
عندما سألتُ بصوتٍ محتار، غطّى كايدن فمه وتمتم:
“الآن تسمعُ أصواتًا وهميّة أيضًا؟…”
لكن لم يكن لديّ وقت للاهتمام بردّه. كانت السّحليّة تتلوّى بكلّ قوتها في يدي.
[أطلقيني! كيف تجرؤين على إهانتي هكذا!]
“لمَ هذا الصّغير قويّ جدًّا؟! توقّف عن الحركة!”
بينما كنتُ أحاول إعادة إمساكِ السّحليّة التي تحاول الهروب، صرخَ كايدن بصوتٍ يائس إلى الطّبيب:
“أحضر طبيبًا نفسيًّا مشهورًا من العاصمة فورًا!”
* * *
“لستَ سحليّة، بل تنّين؟”
[أجل! أنا التنّين العظيم، بليد!]
عندما سألتُ بوجهٍ مرتاب، غضب الذي يدّعي أنّه تنّين في كفّ يدي.
عندَ الفحص الدّقيق، لاحظتُ أجنحة صغيرة على ظهره، و كان يقف على قدمين. تساءلتُ إن كانت تلك الأجنحة قادرة على الطّيران، لكن…
تمتمتُ دونَ وعي:
“…ألستَ سحليّة متحوّلة؟”
[لا!]
كيفَ يصدر صوت عالٍ كهذا من جسد صغير؟ عبستُ من ألم أذني.
“أليست التنانين كبيرة ومخيفة؟ هذا مختلف كثيرًا عمّا أعرفه.”
عندما عبّرتُ عن شكوكي، أجابَ بليد بسرعة:
[لأنّني لا زلت صغيرًا!]
“صغيرًا؟”
[أجل، عندما أصبحُ تنّينًا بالغًا، سأكون مخيفًا!]
كان يصف مظهره المستقبليّ بذراعيه الصّغيرتين، وكان ذلك تافهًا و لطيفًا. أومأتُ برأسي بتسامح.
“فهمتُ. أنتَ لا زلت طفلًا، صحيح؟”
[طـ…طفل؟! لستُ طفلًا…]
“لستَ كذلك؟”
[……..]
صمتَ بليد. مع تغيّر مزاجه المفاجئ إلى الكآبة، ميّلتُ رأسي متسائلة.
“كم عمرك؟”
[…مـ، مئة و عام واحد…]
“…عمركَ كبير مقارنة بمظهرك؟”
[آآه…!]
حدّق بليد بي بوجه مظلوم، لكنّه لم يستطع الرّد. رفعتُ حاجبي لنظراته الوقحة.
“حسنًا، لن أعاملكَ كطفل.”
[أيّتها الإنسانة المتغطرسة.]
بل على العكس، هذا جيّد. وفقًا لضميري من حياتي السّابقة، يجبُ على البالغين الحقيقيّين أن يكونوا لطفاء ومراعين مع الأطفال.
بمعايير التنانين، قد يكون بليد طفلًا، لكن بمعايير البشر، هو بالغ تمامًا، لذا يحتاج إلى معاملة مناسبة.
قرّرتُ أن أعامله كـندّ لي.
كأنّه قرأ أفكاري، ضيّق بليد عينيه وقال:
[لا نية لديكِ لتوقيري، أليس كذلك؟]
…كيف أوقّر شيئًا صغيرًا وتافهًا كهذا؟
قرّرتُ الانتقال إلى الموضوع التّالي بسرعة.
“على أيّ حال…”
[عندما أصبح تنّينًا بالغًا يومًا ما، سأسحق أنفكِ.]
هههه.
أصدرتُ صوت سخرية.
“لمَ أراكَ أنا فقط و لا يراكَ الآخرون؟ جعلتني أبدو كمجنونة.”
[هذا، أنا…]
تردّدَ بليد وأخفض رأسه. حثّثته بنظرة مستاءة على التّفسير.
قبلَ ساعة فقط، كان كايدن يمسكُ رأسي وهو في حالةِ ذعر.
شعرَ بالقلق كثيرًا لأنّني أرى وأسمع أشياء وهميّة، وأصرّ على إحضار طبيب نفسيّ مشهور من العاصمة.
لمنعه، اضطررتُ للتّظاهر بأنّني لا أرى بليد حتّى لو كان موجودًا.
ومع ذلك، لم يتوقّف عن القلق، و اقترح حتّى:
“…ماريان، هل تنامين اللّيلة في الغرفة المجاورة لغرفتي؟”
“الغرفة بجانبِ غرفتكَ؟”
“أجل. هي مخصّصة لزوجتي المستقبليّة، لكن بما أنّ عقلكِ ليس على ما يرام الآن، من الأفضل أن أكون قريبًا لأمانكِ. فأنا الوحيد القادر على إيقاف سيّدة سيف مثلكِ إذا قمتٌ بشيء بفعلِ شيءٍ غريب…”
“…قلتُ إنّني لا أرى شيئًا! ولن أفعل أيّ شيء! توقّف عن هذا!”
“لا، أن ترى سيّدة سيف أشياء وهميّة ليس أمرًا عاديًّا. تعالي إلى هنا لحظة.”
“آه! لا تحدّق بي هكذا! ابتعد!”
بعد جدالٍ طويل، غادرَ كايدن أخيرًا. حدّقتُ في المذنب، السّحليّة، لا، بليـد، و وبّخته:
“لمَ أراكَ أنا فقط؟ ألم ترَ ردّ فعل الدّوق؟ هل تعلم كم كنتُ محرجة؟”
[لا أعرف بالضّبط… بالنّسبة للبشر العاديّين، لا يفترض أن يروا أو يسمعوا شيئًا عنّي.]
“ماذا تقصد؟ أنا أراكَ بوضوح. هل أنا فعلًا مجنونة؟”
بينما كنتُ أشكّ في نفسي، مسحَ بليد ذقنه بيده الصّغيرة و تمتمَ بصوتٍ جادّ:
[جئتُ إليكِ لأنّني انجذبتُ إلى رائحة دمكِ.]
“رائحة دمي؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"