إذا قرّرَ كايدن التّمرد على الإمبراطور، ماذا سيحدث؟  

قد تتطوّر الأمور إلى حربٍ بين فصيل الإمبراطور وفصيل النبلاء.  

 

تدفّقَ العرق البارد على ظهري وأنا أحاولُ الضّحك:  

 

“ههه، أنتَ تمزح، أليس كذلك؟”  

 

“……”  

 

“… سموّ الدوق، لن تفعل ذلك، أليس كذلك؟”  

 

“……”  

 

“كايدن!”  

 

صرختُ، ففتحَ فمه أخيرًا:  

 

“لا داعي للقلق.”  

 

“أرجوك، لا تفعل. أنتَ بقوة مئة فارس، استخدام القوة يعني إعلان حرب.”  

 

ضحكَ كايدن:  

 

“لم أتوقع أن تأتي يومًا و تقولي هذا.”  

 

عادةً، كان كايدن مَنٔ يهدّئ الأمور أو ينظّف الفوضى بيننا، فبدا الموقف مضحكًا له. لكنني لم أجده مضحكًا.  

 

“سموّ الدوق، إذا لـزمَ الأمر، سأهرب من هذا المكان. لا أريد تشويه سمعتكَ بسببي أكثر.”  

 

كنتُ أقول إنه لا يجبُ التّفكير في أمورٍ مخيفة مثل استخدام القوة بسببي.  

 

بالطبع، إذا هربتُ، فإن ارتباطي بكايدن سيجعل الشبهات تتجه إليه. 

 

سيقولون أنّه أخفاني أو ساعدني على الهرب.  

 

لكن استخدام كايدن للقوّة أولاً يبدو أخطرَ بكثير من هروب سجينة.  

 

لكن كايدن قال شيئًا أكثر رعبًا:  

 

“المواجهة العسكريّة ستحدث على أيّ حال. إذا هربتِ، اذهبي إلى إقليم فرناندي، بعيدًا عن فالتشتاين. سأخبر الماركيز مسبقًا. سأدفنُ لكِ المال تحتَ الشجرة التي كنتِ تلعبين بالطّين تحتها.”  

 

لماذا يتصرف هكذا؟ ازدادَ قلقي. كان كايدن يفكر بالحرب بالفعل.  

 

“سموّ الدّوق.”  

 

قاطعني:  

 

“ماريان، فكرتُ بالأمر مليًا بينما أنتِ هنا، و توصّلتُ إلى نتيجة.”  

 

“ما هي؟”  

 

“الإمبراطور مستعدٌّ لجعلِ فالتشتاين عدوًّا.”  

 

“ماذا؟ لكن…”  

 

“لقد تجاوز َالإمبراطور الحدود بوضوح. كزعيم الشمال، لا يمكنني السكوت عن كلّ هذا.”  

 

…كان ذلكَ صحيحًا.  

 

هذا الوضع مهينٌ لكل مَنٔ لهم عداوة في الشمال.  

 

في الشّمال، فالتشتاين هو الملك. حتى لو لم تعجب عروسه مواطني الشّمال، إلاّ أنّ قرار ملكهم يُتبع.  

 

لكن الإمبراطور سحقهم. 

 

استخدمَ ذرائعَ سخيفة لإذلالهم. السّكوت على هذا الاستفزاز يشوّه وجوه أهل الشّمال.  

 

“ماريان، فكّري بالأسوأ.”  

 

لم يكن هذا في القصّة الأصليّة.  

 

عضضتُ شفتي، لا أعرف ماذا أفعل. 

 

اقتربتْ يـدٌ كبيرة عبر القضبان وأمسكت معصمي الأيسر:  

 

“كان ملقى في قاعة الاستقبال.”  

 

نظرتُ لأجدَ سوار الجرمانيوم الذي ارتديته قبل يومين. اشتريته مع خاتم الزواج من متجر أسيلي، سوار فضي بجوهرة سوداء.  

 

يبدو أنه سقطَ أثناء شجاري مع الفارس الأعرج. ربطه كايدن على معصمي و هو يمزح:  

 

“يبدو أن له تأثير يهدئ القلب. لم تفقدي وعيكِ عند رؤية الدم، و كبحتِ غضبك تجاه ولي العهد.”  

 

“آه…”  

 

تذكّرتُ مدير متجر أسيلي و هو يروّج للسوار بأنه يهدئ القلب، يزيد المناعة، و يحسّن الدورة الدموية.  

 

“لم أكن أعلم أنّني أسقطته.”  

 

“سأحضر واحدًا أجمل في المرة القادمة.”  

 

“…كـنْ حذرًا…”  

 

“كايدن.”  

 

“صحيح. تناولي طعامكِ جيّدًا، نامي جيّدًا، غطّي نفسكِ بالبطانية لئلا تصابي بالبرد، كوني حذرةً دائمًا، و إذا شعرتِ بشيءٍ مريب، اهربي فورًا.”  

 

أومأتُ بشفتين متدلّيتين. أمسكَ يدي بقوّة ثم أفلتها و استدار:  

 

“سأعود، ماريان.”  

 

أومأتُ مرّةً أخرى، محدقة في ظهره و هو يختفي.  

 

＊ ＊ ＊

 

مرّت الأيّام بسرعة، و مضى أسبوع بالفعل.  

 

كان السّجن مخصّصًا للنبلاء، فعشتُ برفاهية أكثر مما كنتُ في الشمال.  

 

كل صباح، ظهر، و مساء، كانت هناك وجبات وفيرة، و ماء ساخن للاستحمام ليلاً.  

 

قبلَ يومين، عزفت فرقة رباعية وترية أمام قضباني. شاهدتُ المشهد مذهولة.  

 

[هل سجون النّبلاء هكذا دائمًا؟]  

 

‘عندما كنتُ صغيرة، لم يكن بهذا الشّكل…’  

 

أجبتُ بليد و أنا أميل برأسي. 

 

كانت المعاملة مبالغًا فيها.  

 

هل يخشون إغضاب سيّدة سيف؟ 

 

إذن لمَ يسجنونني؟ فكّرت بسخرية.  

 

كنتُ أُعامَلُ بترفٍ لا يليق بالسّجن.  

 

النّقص الوحيد هو جهلي بما يحدث خارجًا، و هو الأهم. 

 

لم أسمع عن كايدن منذُ أسبوع.  

 

ما الذي يحدث؟ 

 

فكرة أن أسبوعًا واحدًا يفصلنا عن استخدامِ كايدن للقوة جعلتْ ظهري يرتجف.  

 

“القدّيسة ستيلا تطلبُ زيارتكِ.”  

 

رفعتُ رأسي عندَ صوت الحارس. اقتربت خطواتٌ صغيرة، و ظهرت ستيلا، بطلة القصة الأصلية، أمام القضبان. نهضتُ من الكرسي وتقدمتُ نحوها:  

 

“أحيّي القديسة.”  

 

“أحيّي السّيدة ماريان.”  

 

تبادلنا التحية.  

 

لم أتوقّع زيارة ستيلا. أردتُ التحدث معها، لكن ليس في سجن تحت الأرض.  

 

بفرح و فضول، سألتُها:  

 

“لماذا جئتِ؟”  

 

نظرت ستيلا إليّ ثم إلى الحارس. كان لديها ما تقوله، لكنها حذرة بسبب الحارس.  

 

كان لديّ أسئلةٌ لها أيضًا. ماذا كانت تعني بـ”العالم محكوم بالفناء”؟  

 

إذا كنتِ عائدة، ما الذي حدثَ في المستقبل لتقولي هذا؟  

 

سألتني ستيلا عن حالي أولاً:  

 

“هل أنتِ بخير؟”  

 

“نعم، كما ترين، أنا في إجازة.”  

 

نظرت ستيلا إلى غرفة السجن و تمتمت:  

 

“…يبدو أفضل من غرفة والديّ. هذا جيّد.”  

 

آه، هي ابنة بارون فقير. 

 

ضحكتُ بخجل و خدشتُ خدي:  

 

“أردتُ فقط التحدث معكِ، سيّدة ماريان.”  

 

“عن ماذا؟”  

 

“…أردتُ معرفة إن كنتِ مَنٔ عرفتُها.”  

 

يا لها من مفاجأة. 

 

ماذا تعني؟ هل كلامها له معنى مزدوج؟  

 

أضافت ستيلا:  

 

“سمعتُ الشّائعات عنكِ. لكن في كل مرة أراكِ، أشعر أنكِ مختلفة عن الشائعات.”  

 

“حقًا. لديّ سؤال لكِ، أيتها القديسة.”  

 

“ما هو؟”  

 

“كيف ترين مستقبل الإمبراطورية؟ هل ستنهار؟”  

 

تحدثتُ بنبرةٍ مازحة، لتبدو كمزاحٍ لستيلا و الحارس.  

 

“…ماذا تعنين؟”  

 

نظرت ستيلا إليّ بوجهٍ جاد. ردّ فعلها لم يؤكد أنها عائدة، لكن شكوكي ازدادت.  

 

غيّرتُ الموضوع بسلاسة:  

 

“أردتُ معرفة ما يحدثُ خارجًا.”  

 

“آه.”  

 

بدا كأنني أسألُ عن التّوتر بين الدوق والإمبراطور بشكلٍ غير مباشر.  

 

“الوضع ليسَ جيّدًا. قدّمَ الدوق عريضة من النبلاء تؤكد براءتكِ، لكن جلالته يتجاهلها.”  

 

كايدن يبذل جهدًا. 

 

شعرتُ بدفء في قلبي لسماع أخباره.  

 

و دعوتُ أن يستعيدَ الإمبراطور رشده و يطلق سراحي. وإلا، قد يعلنُ كايدن الحرب.  

 

“كل شيء باطل على أيّ حال. النّهاية تقترب.”  

 

“ماذا…؟”  

 

اتسعت عيناي لتمتمتها السريعة. لم أسمع خطأً.  

 

“ماذا قلتِ للتّو؟”  

 

أشارت ستيلا لي بالاقتراب.  

 

تقدمتُ كالمسحورة. همست في أذني، غير مبالية بنظرات الحارس:  

 

“اهربي. جئتُ لأخبركِ بهذا لأنّ وقتكِ هنا مضيعة. فلتعيشي يومًا إضافيًا بـحُريّة.”  

 

“ماذا تعنين…”  

 

“انتهى وقت الزيارة.”  

 

قاطعها الحارس قبل أن أسأل. ودّعتني ستيلا ببرود:  

 

“سأذهب الآن. أتمنى لكِ يومًا هادئًا.”  

 

حدقتُ في ظهرها المختفي و أنا مصدومة.