حسنًا، صورتي ليست مهمة.
هدأتُ نفسي بأنه إذا أصبحتُ حقيرة لتجنب هذا الموقف، فلا بأس. شعرتُ أنني لن أتحمل الواقع دونَ هذا التفكير.
…ها، سأجنّ.
تدخّل الإمبراطور، الذي بدا منزعجًا من عدم سير الأمور كما يريد:
“ماريان، تكلمي. هل كنتِ تلتقين بالدوق و تراش في الوقت نفسه؟”
فكرتُ بسرعة و أجبتُ:
“…لقد كنتُ ألتقي بالدوق لفترةٍ طويلة، لكن لم أستطع إخبار أحد بذلك.”
[تظاهري بالبؤس!]
بتشجيع من بليد، أمَلتُ رأسي بزاوية وحاولتُ إخراج نبرة حزينة:
“في كلّ مرة، كنتُ أتحدث فقط مع رجال آخرين، لكن أقسم أنني لم أقم بعلاقة عميقة. أنا… أنا أحب الدوق فقط.”
كان أداء إيماءاتي البائسة مثاليًا.
عانقَ كايدن كتفي وناداني بصوتٍ حزين:
“ماريان.”
نحن نتفاهم جيّدًا الآن. أعجبتُ بأدائه داخليًا.
بما أن تراش كذبَ أولاً، أنكرتُ لقاءه تمامًا. هكذا يتساوى الطرفان، أليس كذلك؟
كانت معظم أصوات الناس في القاعة: “يا لها من متهوّرة!”، “إذن فعلت ذلكَ عمدًا ليراها الدوق؟”
…غدًا ستغطّي هذه القصة صحف الإمبراطورية.
سأصبح المتهوّرو الخائنة التي خدعت زوجها.
بدا الإمبراطور مرتبكًا قليلاً. لم يتوقع أن أعترف بالخيانة بهذه الجرأة. سأل كايدن:
“…دوق، هل أنتَ بخير حقًا؟”
“أتفهم مشاعر ماريان.”
“أنتَ تتفهم؟”
“نعم. لم تستطع ماريان الكشف عن علاقتنا لخمس سنوات بسببِ الفروق الاجتماعية وأسباب تافهة أخرى. الخطأ خطأي لتركها تعاني سنوات.”
أصدر الحاضرون صوت انبهار معجبين بطيبة كايدن.
“وحتى لو ضلت ماريان للحظة، فهذا لا يؤذي قلبي.”
نظرَ كايدن إلى القاعة، مركزًا الأنظار عليه، ثم استقرت عيناه عليّ:
“لأن ماريان ستعود إليّ، ولن أتركها أبدًا. لقد وعدنا بحب بعضنا حتّى آخر لحظةٍ في حياتنا.”
كان إعلانًا مليئًا بالهوس.
سحبَ النبلاء أنفاسهم. بعد صمتٍ قصير، انفجرت الهمسات، خاصة أصوات النبيلات المتحمسة:
“يا إلهي… هل يُدعى الدوق بالمحارب المجنون لأنه مجنون بالحب؟”
“بالتأكيد كانت المتهوّرة تشعر بالإحباط.”
“الدّوق ذهبَ إلى عشرات لقاءات الزواج!”
“آه! صحيح، حتى قبل أشهر قليلة مع الأميرة سيرينا…”
“كان على المتهوّرة رؤية ذلك، لذت قلبها محطم.”
“إذن، رفضه لكلّ لقاءات الزواج كان بسببِ المتهوّرة.”
كانوا يربطون القصة بأنفسهم.
في هذه الأثناء، إعلان كايدن عن حبّه لي حتّى آخر لحظةٍ في الحياة ، جعل قلبي ينبضُ بقوّة و ارتفعت الحرارة في وجهي.
كانت كذبةً ، لكنها مؤثرة.
نظرَ كايدن إلى الإمبراطور بوضوح و أكّـدَ:
“أنا فخور بماريان التي أنقذت الإمبراطورية من المخلوقات، أنا ممتنّ و آسف لها. كان يجب أن أكون في العاصمة…”
[كايدن بارع في خطاب النبلاء. يمدح تضحيتكِ للإمبراطورية و ينتقد عجز الإمبراطور.]
قال بليد بحماس.
ظننتُ أنه يعبّر عن قلقه عليّ، لكنه كان ينتقد الإمبراطور أيضًا.
الأكيد أنه استمرّ في التأكيد على إنقاذي للإمبراطورية، وهو أمر لا يروق للإمبراطور الذي يسعى لتشويه سمعتي.
“هذا صحيح. لولا المتهوّرة، لكانت هناك خسائر فادحة.”
“صحيح. ظننتُ أن هذا لتكريم المتهوّرة.”
“أنا أيضًا.”
كان الرأي العام مؤيدًا لي. اصبح وجه الإمبراطور أحمرًا و ازرق، لم يكن هذا ما أراده.
“لقد نسينا شيئًا، جلالتك.”
قال وليّ العهد بصوتٍ عالٍ من قرب الإمبراطور.
التفتت الأنظار إليه. حاولتُ تجنّب النظر إليه، محدقة في الهواء، خوفًا من اشتعال القتل إذا رأيت وجهه.
“ماذا؟”
سأل الإمبراطور. نزل ولي العهد من الدرج ببطء:
“ماريان بلا شكّ بطلة أنقذت الإمبراطورية.”
اقترب منا أنا و كايدن.
طحنتُ أسناني. شعرتُ بقوّة يد كايدن على كتفي.
ما الهراء الذي سيقوله الآن؟
شعرتُ بالغضب يتصاعد.
“لكن الرجل الذي يدعي أنه والدها قتل خمسة أشخاص و استخدم مال ماريان للتستر على جرائمه ، هذا الاتهام لا يزال قائمًا.”
“ليس والدي!”
صرختُ بحدّة.
لم أتمالك نفسي و نظرتُ إلى وجه ولي العهد مباشرةً.
لم أعرف إن كانت الرغبة في القتل هي بقايا ذلك السحر أم بسببِ غضبي من محاولته إلصاق تهمة بي.
“لكن، يا ماريان، أليس صحيحًا أن مالكِ تمّ إستعماله للتستر على القتل؟ هل يمكننا تسمية شخص كهذا بطلًا؟”
مَنٔ طلب أن أُدعى بالبطلة؟
شعرتُ بالظلم. كانت نيته في إيجاد ذريعة ضدي واضحة.
سكتت القاعة للحظة، ثم غمرها الهمس:
“هذا صحيح. ابنة قاتل بطلة…”
“لكنها ليست ابنته الحقيقية.”
“هذا مريب. المال كان من المتهوّرة.”
“هل هناك دليل؟”
شعرتُ بالضيق. عضضتُ شفتي ونظرتُ إلى الفارس الأعرج. كان يحرّك عينيه وهو محتجز من الفرسان.
شعرتُ بكايدن يطحن أسنانه بجانبي. كان سيتكلم، لكن الإمبراطور سبقه:
“أريدُ سماع قصته. أزيلوا الكمامة.”
صرخَ الفارس الأعرج بصوت مرتجف عندما أُزيلت الكمامة:
“أنقذوني!”
سأله الإمبراطور بصرامة:
“قاتل وقح. هل استخدمت مال ماريان للتّستر على جرائمكَ؟”
“نعم، نعم! كل ذلكَ بأمر ماريان!”
“جلالتك!”
صرخَ كايدن بغضب، وأغمضتُ عينيّ.
لقد قرّرَ الإمبراطور إسقاطي.
هاجت القاعة.
لحسنِ الحظ أو سوئه، لم يصدّق الناس كلام الفارس الأعرج.
كان مظهره بائسًا، و كلامه يبدو عشوائيًا. كما كانوا يراقبون نظرات كايدن المرعبة.
أصدرَ الإمبراطور حكمه:
“الفارس الأعرج سيُعدم. وماريان ستُحتجز للتحقيق.”
“أنقذوني!”
تحرّر الفارس الأعرج من الفرسان وهرول إلى وسط القاعة، مشيرًا إليّ:
“كل شيء، كل شيء بتدبير ماريان! لم أقتل لأنني أردتُ ذلك…”
“كف عن الهراء!”
زأر كايدن بغضب.
اقتربَ الفارس الأعرج مني متعثرًا، و رائحة الخمر فوح منه .
“ماريان! ماريان، تكلمي! أنتِ مَنٔ أمرني بكل شيء! قولي الحقيقة!”
نظرتُ إليه بوجهٍ خالٍ من التعبير. كان يتشبث بي و يصرخ.
كنتُ يومًا أتوق إلى مدحه، لكن لم يعد هناك ذرة عاطفة.
“ابتعد.”
أزحتُ يده بإيماءة خفيفة. في تلكَ اللحظة:
تينغ!
“آه!”
“ماريوس!”
أمسكَ ولي العهد وجهه الأيسر متعثرًا. نهض الإمبراطور فجأةً.
[ماذا؟ لمَ طار الزرّ فجأة…!]
التصقَ بليد بي.
فتحتُ عينيّ بدهشة. كان هناك خدش صغير على خد ولي العهد ينزف قليلاً.
“آه…!”
عند رؤية الدم، شعرتُ بالضعف و كدتُ أسقط. لحسن الحظ، أمسكني كايدن. كان من المدهش ألا أفقد وعيي رغمَ رؤية الدم.
[هل أنتِ بخير، ماريان؟]
حاولَ بليد تغطية عينيّ بيده الصغيرة، محاولاً إخفاء الدم.
‘أنا بخير. لكن ما الوضع؟’
[الفارس الأعرج مزّقَ زرّ كمّكِ، فطار و خدش وجه ولي العهد.]
‘ماذا؟ هذا سخيف…’
كان موقفًا غريبًا.
تمتمَ كايدن بغضب:
“سحر.”
التعليقات لهذا الفصل " 62"