*****
في غرفةٍ مظلمة.
“ما هذا الفعل، فيليس؟”
كان الإمبراطور يمسكُ كأس النّبيذ بقوة، محدقًا برئيس السحرة. وقفَ رئيس السحرة في وسط مكتب الإمبراطور، ينظر إليه بوجهٍ مهذب.
“عن ماذا تتحدث، جلالتك؟”
سألَ الإمبراطور بنبرةٍ خالية من التقلبات:
“هل تقول إن هجوم المخلوقات السّحرية على العاصمة لم يكن من فعلكَ؟”
“كنتُ أتبع أوامر جلالتكَ بخدمة الأحفاد الإمبراطوريين بأمانة.”
“لكن أن تُطلق المخلوقات على العاصمة…!”
شينغ!
تحطّمَ الكأس في يد الإمبراطور. كان الإمبراطور عادةً يحاولُ كبحَ غضبه أمام فيليس، لكنه لم يستطع التّحمل.
أخذ نفسًا عميقًا وأخرجه. كان عليه التفكير بعقلانية. لم يرد إثارة غضبِ هذا الشيطان المقنع.
كان فيليس الرّابط الوحيد المتبقي مع الشياطين العليا.
“شعب الإمبراطورية يمجّد ماريان كبطلة، بينما يشيرون إلى العائلة الإمبراطورية بالعجز.”
أجابَ فيليس وهو ينحني:
“لا تقلق، جلالتكَ. غدًا ستنقلب سمعة السّيدة ماريان كما تنقلب راحة اليد.”
“…هل لديكَ طريقة؟”
“الطّرق كثيرة. لكن…”
ابتسمَ فيليس.
“هل وجدتَ القطعة المقدسة؟”
شعرَ الإمبراطور بالتّوتر.
كلّما ذكر فيليس القطعة المقدسة، تتحول عيناه إلى اللّون الأصفر. كانت نظرته كالوحش، مما جعلَ رقبة الإمبراطور تبرد.
“…نعم. لكنكَ لم تنسَ الصفقة، أليس كذلك؟”
“بالطبع. من أجل المجد الأبدي لعائلة غراتييه الإمبراطورية، سأسقط فالتشتاين.”
“…أعتمد عليكَ.”
“إذن، سأستأذن…”
غادرَ فيليس مكتب الإمبراطور.
مشى ببطء في الرواق. كان محيط مكتب الإمبراطور مزدحمًا بالخدم والفرسان.
بعد مسافةٍ طويلة، اختفت أصوات البشر. عندها تكلم فيليس:
“جينبا، الإمبراطور وجدَ القطعة المقدسة الأخيرة.”
ظهرَ جينبا من الظلام، كان يستخدم سحر الاختفاء. عندها تمتم بوجوه متأثر:
“أخيرًا…!”
“نعم. إنها مخبّأة في مكانٍ ما بالقصر. ابحث عنها.”
لم يكن فيليس ينوي انتظار تسليم الإمبراطور للقطعة. أومأ جينبا وسأل:
“نعم ، و كيف سنسقط فالتشتاين؟”
نظرَ فيليس إلى القمر خارج النافذة، و ابتسمَ.
“إذا دمّرنا كل شيء، ألن تُبرَمَ الصفقة؟”
“آه…!”
نظرَ جينبا إلى جانب وجه فيليس بسعادة. كان هذا هو الوجه الحقيقي لشيطانٍ يعشق الدمار.
تصلّبَ وجه فيليس فجأةً و تمتم:
“لكن وجود سادة السيف معًا مزعج.”
سأل جينبا:
“تقصد ذلكَ الوغد التي سوف يتزوج؟”
“نعم.”
“لكنه مجرّد بشريّ، أليس كذلك؟ عندما يعودُ ذلك الشخص، سيموت كلّ البشر دونَ مقاومة.”
نظرَ جينبا إلى فيليس بحيرة. وافقَ فيليس، لكنه شعرَ بالقلق.
بشريّان يتجاوزان حدود البشرية.
لم يظهر سيّدا سيف في عصر واحد منذُ مئات السنين. خاصّة دوق فالتشتاين، كايدن، الذي لم يكن فيليس متأكّدًا من قدرته على هزيمته.
تمتمَ فيليس:
“لا أريد أيّ عوائق قبل تنفيذِ الخطة.”
أيضًا، هناك ذات الشّعر الأحمر المزعجة.
الفارسة المتهوّرة، ماريان كروغمان.
كانت ماريان شخصية لا يمكن توقعها.
على مدى سنوات، زرعَ فيليس تلميحات خفيّة لجعلها تحبّ ولي العهد، لتكون منافسة لدوق فالتشتاين.
بفضلِ ماريان الشابة الساذجة، سارت الأمور بسهولة.
لكن ماريان في هذا العام أصبحت مختلفة. لم تنجح التلميحات، و حتى حجر السّيطرة الذي أرسله ولي العهد تم تحطيمه.
سألَ جينبا بحذر:
“إذن، هل تنوي قتل هذين البشريين؟”
سخرَ فيليس:
“جينبا، هل تستطيع قتل ماريان؟ أنتَ الذي هربت خائفًا من مبارزتها.”
“آه، لم أهرب!”
أدار جينبا رأسه بخجل. داعب فيليس ذقنه و تمتم:
“سادة السيف أقوياء.”
نظرَ جينبا إليه. إذا قال فيليس إنهما أقوياء، فهما حقًا كذلك.
سأل جينبا بحذر:
“إذن، ما هي خطتك؟”
“حسنًا، كايدن قد يكون مزعجًا.”
“إذن، ستهاجم المتهوّرة فقط…؟”
“إنها بشرية مثيرة للاهتمام.”
ابتسمَ فيليس بسخرية.
“أريدها.”
* * *
….ماذا؟
ارتعدتُ فجأةً بشعورٍ مخيف.
“ما الخطب، ماريان؟”
نهضَ كايدن، الذي كان مستلقيًا بجانبي، على الفور.
“لا شيء. شعرتُ بقشعريرة فجأةً. هل يتحدث أحدهم عني؟”
“هل هي نزلة برد؟ سأطلب منشفة ساخنة على الفور…”
“هيه، الخدم بحاجةٍ للراحة. أنا بخير.”
أوقفتُ كايدن المتوتر. لكنه أصرَّ أن إجهادي من قتال المخلوقات يظهر الآن.
“شعور سيّد السيف بالبرد دليل على الإجهاد. يجب تدفئة جسدكُ.”
“نحن في الصيف، سموّ الدوق.”
“مَنٔ الذي أُصيبَ بنزلة برد في صيف قبل سبع سنوات و اشتكى أسبوعًا؟”
أنا.
“مَنٔ الذي أنَّ وقال إنه سيموت؟”
…أنا.
ارتبكتُ للحظة، لكنني استعدتُ رباطة جأشي.
“كنتُ صغيرة آنذاك. لقد تأخّرَ الوقت الآن.”
“لا. سأطلب بطانية شتوية…”
“آه! إذن، عانقني أنتَ لتدفئني!”
أجابَ كايدن بسرعة:
“جيّد.”
أدركتُ ما قلته، فاحمرَّ وجهي وسحبتُ البطانية فوق رأسي.
“كفى! لا حاجة!”
ضحكَ كايدن بهدوء وهو يراقبني.
“لماذا تراجعتِ؟”
تمتمتُ من تحت البطانية:
“…كان خطأ. لا تضحك.”
“لماذا؟ إنه لطيف.”
“ما هذا!”
باك!
“آه!”
كنتُ أسرع بالفعل من الكلام. ضربتُ صدره بقبضتي.
…كنتُ محرجة. لم يكن لدى كايدن وقت للتهرب، فأطلق أنينًا. نظرتُ إليه من تحتِ البطانية بعيون فقط، و شعرتُ بالأسف قليلاً.
“لم يكن متعمّدًا.”
“يبدو متعمّدًا بالنّسبة لي.”
“لا تبالغ. أنتَ قوي سموّك.”
“كايدن.”
صحّحَ كايدن اسمه. فاخترتُ الصمت.
شعرتُ برغبة في عصيانه.
كنتُ أفكر في حوارنا في النّهار، فأردتُ استفزازه.
لماذا سأل كايدن عن والديّ؟
“لماذا أنتِ صامتة ؟”
لم أجب، فأصدرَ كايدن صوت همهمة من الجانب. أدرتُ وجهي عنه بعبوس.
كان كايدن مزعجًا لتسبّبه في إرباكي. لكنني لستُ في موضع المزاجية…
مع اقتراب الزفاف، كثرت المقالات عني وعن كايدن.
<الهيبة في الحضيض، دوقة من عامّة الشّعب؟!>
<حلم الصّعود الاجتماعي، ليس صعبًا مع سيّدة السيف.>
<متهوّرة من عامّة الشّعب تأسر رجلاً فوق مستواها!>
كانت العناوين متشابهة. سواء كانت جيدة أو سيئة، كلّها اتفقت على ازدرائي.
شعرتُ بالمرارة لأنني أنا مَنٔ شوّهت سمعة كايدن المثالي. و في الوقت نفسه، أردتُ الصراخ: هل وُلدتُ هكذا بإرادتي؟
لكنني لم أكن أعرف مَنٔ أعاتب.
لذا لم أرد مناداته باسمه.
بالنّسبة لي، كان “الدوق” أعلى ممّا استحقّ.
“ماريان.”
ناداني كايدن بلطف و عانقني. لفتني ذراعه الطويلة فوق البطانية، و شعرتُ بدفءٍ خلفَ ظهري.
توترتُ. كلّما عانقني فجأةً، شعرتُ بقشعريرة.
“سمعتِ الكثير من جدي اليوم، فأنتِ مشوشة.”
“…..”
كلامه هو ما أربكني أكثر، لكنني لم أقل ذلك.
“آسف لاستخدام زفافنا هكذا. لكن سأجعل زفافنا يُخلَّـد في التاريخ.”
“…التّاريخ؟”
التعليقات لهذا الفصل " 58"