الفصل 55
عندما استعدتُ وعيي، كنتُ مستلقية.
‘هل هذا سرير مستشفى؟’
بما أنّه أُغمي عليّ في المستشفى، فهذا محتمل. لتجنّب تكرار الخطأ، لم أفتح عينيّ رغمَ استيقاظي.
ألم أفقد وعيي في لحظةٍ من قبل؟
“لقد أجهدتْ نفسها كثيرًا…”
“ماذا نفعل الآن؟”
“حزنٌ عظيم أصابَ عائلة الدوق…”
“الفارسة ضحّت بنفسها لإنقاذ الناس…”
“في البداية عادةً…”
سمعتُ همهمات متزامنة من حولي.
لم أعرف إن كان يجبُ أن أفتح عينيّ أم لا. تساءلتُ كم مـرَّ من الوقت، وهل تمَّ التّعامل مع الوحوش المتبقية.
بام!
“ماريان!”
فتحتُ عينيّ على صوتِ كايدن.
لحسنِ الحظ، لم أرَ سوى سقف المستشفى. لكنني لم أجرؤ على النّظر حولي، خوفًا من رؤية دماء أو مريض.
[كايدن قادمٌ إليكِ مباشرةً.]
أصغيتُ لكلام بليد. سمعتُ خطواتٍ تقترب بسرعة.
“سموّ الدوق!”
“ماريان!”
رأيتُ بيديل يقفزُ عندَ رؤية كايدن، لكنه لم يهتمّ به و ناداني فقط. أدرتُ رأسي بحذر نحو كايدن بعيون شبه مغلقة، خشية رؤية دماء.
“ماريان، هل أنتِ بخير؟!”
“سموّ الدوق.”
بدت على كايدن ملامح الارتياح، لكن وجهه شاحب.
“لمَ أنتَ هنا؟ ماذا عن الشرق؟”
“سمعتُ فجرًا أنّه أُغميَ عليكِ، فكيف أبقى هادئًا؟”
كان يعني أنه عبرَ بوابة النقل السحرية إلى العاصمة فورًا.
لمسَ كايدن جبهتي بحذر. كان قلقه واضحًا.
بالتأكيد، صُدم عند سماعه عن هجوم الوحوش على العاصمة.
“هل الآن الفجر؟”
حاولتُ النهوض، لكن كايدن ضغطَ على كتفيّ برفق ليبقيني مستلقية وهزّ رأسه:
“إنه الصباح. هل جسدكِ بخير؟”
“نعم، يبدو بخير.”
“… السّيدة ماريان…”
ناداني بيديل بصوتٍ خافت.
“ما الأمر، بيديل؟”
“…إنه…”
لم يجب بيديل. كان الهدوء المحيط غريبًا، كما لو أن شيئًا فظيعًا حدث و صمتَ الجميع.
بدأ كايدن، الذي لم يفهم الجو، يستجوبه:
“بيديل، تكلّم بصراحة. ما الذي حدث؟”
“إنه…”
“سأوضّح.”
بينما كان بيديل يتعرّق ويتردّد، اقتربت ستيلا. استعدتُ وعيي عندَ رؤيتها.
تذكّرتُ كلماتها:
‘على أيّ حال، العالم سينهار.’
كانت ستيلا قد قالت ذلك بالتأكيد.
“السّيدة القديسة.”
حيّاها كايدن. حدّقتُ فيها و أنا نصف جالسة.
نظرت ستيلا إليّ ببطء وقالت:
“السّيدة ماريان بطلة أنقذت شعب الإمبراطورية. لن ننسى هذا الجميل.”
“فعلتُ ما يجب. لكن انتقلي إلى صلبِ الموضوع.”
عندما سألتُ مباشرةً، تردّدت ستيلا، أطرقت بعينيها، و قالت بحذر:
“… سيدة ماريان… لقد أجهضتِ. أنا آسفة حقًا.”
“…..”
ساد الصّمت.
صمتَ كايدن. و صمتَ الجميع في المستشفى.
شعرتُ و كأنّ ريحًا باردة اجتاحت المكان رغمَ إغلاق الأبواب.
يبدو أن طبيبًا فحصني اثناء فقداني لوعيي.
كان الجميع يعلمون بحملي من كايدن. افترضَ الطبيب ذلك، و عندما لم يجد نبض الطفل، أعلن الإجهاض.
‘…لهذا كان الجو هادئًا.’
لم أتوقّع أن تنتهي كذبة الحمل بهذه الطريقة.
لكن بما أنني لم أكن حاملًا، كنتُ محتارة في كيفية الرّد. هل أتظاهرّ بالحزن كامرأةٍ خسرت طفلها؟
نظرتُ إلى كايدن بحيرة. كان يحدّق في ستيلا بوجهٍ خالٍ من التّعبير، ثم نظرَ إليّ و قالَ بهدوء:
“ماريان، يكفي أنكِ بخير.”
كان تمثيله رائعًا.
أن يمثّل دور العاشق هنا! كدتُ أقفُ و أصفّق له.
تمتمت ستيلا:
“…حقًا؟”
كانت نبرتها غريبة.
كنتُ أشكّ فيها منذُ إغمائي، و أردتُ التحدّث معها على انفراد، لكن المكان كان مكتظًا.
سأل كايدن:
“هل عالجت السّيدة القديسة ماريان؟”
“لا، لم تُصب بجروح خارجية، فلم يكن هناك ما يُعالج. لكن الطفل… لم أستطع فعل شيء. أنا آسفة.”
“…ليسَ عليكِ الاعتذار.”
أدارَ كايدن رأسه قليلًا. كان يتجنّبها كمَنْ يعرف الحقيقة. فعلتُ الشّيء نفسه.
شعرتُ بالسّوء لأن شخصًا بريئًا يعتذر لنا بينما نحن من قام بالخداع.
“احم، يبدو أن الأسرّة قليلة، سآخذ ماريان إلى القصر.”
سعلَ كايدن و تحدّث. أحببتُ الفكرة. أردتُ الهروب من هذا المكان المليء بالدماء.
أومأت ستيلا:
“حسنًا. اعتنِ بالسّيدة ماريان جيدًا.”
‘إذا واصلتِ التّصرف هكذا، سأشعر بالذنب لشكّي فيكِ.’
شعرتُ بالأسف تجاهَ ستيلا بلا سبب.
“سأفعل. بيديل، جهّز أغراض ماريان.”
“نعم!”
أمرَ كايدن بيديل، ثم ساعدني على النهوض. اتكأتُ عليه و نهضتُ ببطء، متظاهرةً بالإرهاق.
في الحقيقة، كنتُ قد نمتُ جيدًا، فلم أكن متعبة. لكن كامرأة أجهضت، شعرتُ أنني يجب أن أتظاهر بالضعف.
فجأةً:
بوم!
“ماريان! هل أنتِ بخير؟!”
اندفعَ الدّوق السّابق عبرَ باب المستشفى. تجمّدتُ عند سماع صوته.
تذكّرتُ فرحته عندما أخبرته بحملي.
كان قد جمع حاشيته ليصفّقوا و يرحّبوا بي، متوقعًا رؤية حفيد قادم. كان يعطيني أفضل الطعام و يسأل عن حالتي كل صباح.
كان الدّوق السّابق سعيدًا بحملي بصدق.
كم سيكون خائب الأمل عند سماعِ خبر الإجهاض؟ شعرتُ بالذنب و كأن عقلي يغرق.
اقترب الدّوق السّابق بسرعة. شعرتُ بتوتر جسد كايدن الملامس لي.
وقفَ الدّوق أمامي.
نظرتُ إليه بوجه شخصٍ مذنب:
“سموّ الدّوق السّابق… أنا آسفة.”
عندما اعتذرتُ، تحدّثَ ببطء:
“على ماذا تعتذرين؟ أنا أرى أنّكِ بخير، و هذا يكفي. أحسنتِ، ماريان.”
يبدو أنه لم يسمع بعد عن الإجهاض. فتحتُ فمي بثقل لأكذب مجددًا:
“الأمر أنني… خسرتُ الطفل…”
“يكفي.”
“ماذا؟”
نظرتُ إليه بعيونٍ متسعة. ربّتَ على رأسي بيده الكبيرة:
“لا داعي للكلام، أنتِ متعبة. هيا إلى البيت.”
‘لقد كنتَ تعلم.’
كان الدّوق السّابق يبتسمُ بلطف.
“…نعم….”
شعرتُ و كأنّ سكينًا يطعنُ ضميري.
* * *
“ماريان، هل أنتِ بخير حقًا؟”
“نعم، أنا بخير. لكن… لم أتوقع أن تنتهي الأمور هكذا.”
أومأَ كايدن على كلامي.
كنا في غرفة كايدن بالقصر نرتاح.
حاولَ الدّوق السّابق استدعاء طبيب لفحصي، لكنني رفضتُ بشدة. لم يكن هناك ألم، ولم أجهض فعليًا.
كان قلقي من ناحيةٍ أخرى:
“ماذا عن الزواج؟”
“لا تقلقي، سيستمر كما هو مخطط.”
طمأنني كايدن. ابتسمتُ بإحراج و شربتُ رشفة من الشاي.
هل سيستمرُّ فعلًا كما هو مخطّط؟
التعليقات لهذا الفصل " 55"