الفصل 46
“الزّفاف بعد شهر فقط، و تلقّيتِ حكمًا بالحبس المنزلي لأسبوع.”
تحدّثت السيدة مارتشي بوجهٍ جاد. أومأت برأسي بجدية.
“الوقت ضيّق جدًا، أليس كذلك؟ ربّما يجبُ تأجيل الزفاف…”
“إذن، لنفعل ما يمكننا فعله في قصر الدوق!”
صاحت السّيدة مارتشي بحماس واقتربت. كانت خلفها خمس أو ست خادمات يحملن أدوات متنوعة.
“ماذا؟ ماذا… مهلاً…!”
وهكذا، تمّ استحمامي.
كسيّدة سيف و فارسة، كنت أعتبر غسل جسدي بنفسي أمرًا طبيعيًا، لذا كانَ هذا محرجًا جدًا.
حاولتُ المقاومة بضعف، لكن تحتَ قيادة السّيدة مارتشي الدقيقة، جعلتني الخادمات عاجزة عن الحركة.
بالطّبع، لو أردت، كنت سأطيح بهن، لكن…
“لحسنِ الحظ، بشرة السّيدة ماريان أفضل مما توقّعنا!”
“صحيح، سمعنا أنّها تتدرّب خارجًا دائمًا، فقلقنا إن كانت بشرتها ستصبحُ ناعمة في شهر.”
“هذه المرة، سنضع ماء البيض على وجهها.”
همست السيدة مارتشي بعينين تلمعان:
“في يوم الزفاف، سأجعلُ وجه السّيدة ماريان يلمع كالألماس.”
لم أستطع ردّ اللواتي يجتهدن من أجل زفافي.
بينما كانت الفرشاة تتحرّك على وجهي، كنت قلقة بشأنِ الخلاف مع كايدن.
سألت السّيدة مارتشي بحذر:
“سيّدة مارتشي، هل يتلقّى الدوق عناية أيضًا؟”
هزّت رأسها بقلق:
“في الحقيقة، جهّزنا لتتلقّيا العناية معًا، لكن الدوق بدا متضايقًا.”
شعرتُ بالذّنب داخليًا.
“لم أستطع إخباره. هل حدثَ شيء؟”
“آه، ههه، لا. ربّما هو مشغول.”
[مشغول بكظم غيظه.]
ابتسمتُ لتعليقِ بليد.
‘اخرس قبل أن ألكمكَ.’
[همف! أنا الهدف السهل، أليس كذلك؟ سأذهب!]
رفرفَ بأجنحته وطار من النافذة.
شعرت بالفرشاة على وجهي وفكّرت:
‘…سيهدأ قريبًا، أليس كذلك؟’
* * *
وقت العشاء.
“…ما هذا الجو؟”
كان الدوق السّابق متضايقًا من الأجواء الباردة.
أدرت عينيّ لأراقب كايدن. كان فمه مغلقًا بإحكام، يمضغ الطعام آليًّـا.
لاحظَ الدوق السّابق الأمر و هـزّ رأسه.
“تسك تسك، شجار زوجيّ بالفعل؟ يا لها من مشكلة بسببِ حارس!”
“ههههه، لا، سموّ الدوق . بالمناسبة، طعم اللحم رائع اليوم.”
يبدو أنّ الدوق السّابق يعتقد أن كايدن متضايق بسببِ تعيين حارس. لكنني أنا التي أعرف سبب غضبه، غيّرتُ الموضوع بسرعة.
كانَ التأثير مذهلاً.
“آه، حقًا؟ يبدو أنّ الطفل في بطنكِ جائع! اطلب من الطاهي إحضار المزيد من اللحم!”
بأمر الدوق السّابق، تحرّك الخدم بسرعة. وُضعت أطباق لحم إضافية أمامي، كمية هائلة بوضوح.
“…ههه، هههه.”
ضحكت بصعوبة و أكلت اللحم حتّى كدت أنفجر.
تلكَ اللّيلة.
من اليوم، سأنامُ في غرفة كايدن.
قال الدوق السّابق إنّه بما أنّ الزفاف بعد شهر، لا داعي للنوم منفصلين، و يجبُ أن نبقى في غرفة كايدن الواسعة و الجميلة.
شعرت بالإحراج في البداية، لكن لم يكن لديّ سبب للرفض، فصعدنا معًا إلى غرفته.
المشكلة أنّ الأجواء بيننا محرجة جدًا الآن…
بدأت الحديث بصعوبة:
“…أممم، يبدو أنّ أريكة غرفة الدوق واسعة.”
كانت غرفة كايدن تُستخدم من قبل رؤساء عائلة فالتشتاين، لذا كان الأثاث كبيرًا و فخمًا.
كان الدوق الأكبر يستخدمها، لكنّه انتقل إلى غرفة أخرى بعد تنازله عن منصبه.
قال كايدن دونَ النظر إليّ:
“نامي على السرير.”
مشى بخطواتٍ ثقيلة و جلسَ على الأريكة، التي بدت أوسع بمرتين من أريكة الغرفة التي أقمت فيها.
لكن بما أنّ كايدن ضخم، بدت الأريكة ضيّقة عليه.
هززت رأسي.
“لا يمكنني ذلك.”
“لا أريدُ جدالاً آخر.”
“أنا أيضًا لا أريد.”
نظرَ إليّ كايدن أخيرًا. نظرتُ إليه مباشرةً و قلت:
“إنّها غرفتكَ.”
حرّك كايدن شفتيه، كأنّه يريدُ قول شيء.
ربّما عن شجارنا اليوم. انتظرت كلامه متوترة.
“…سنصبح زوجين قريبًا، ماريان.”
مهلاً…؟
لم يكن ما توقّعته، لكنني أومأت.
“نعم.”
“لن نكون في علاقة رئيس و مرؤوس بعد الآن.”
“ليس صحيحًا. حتّى لو كنا زوجين، أنتَ الدوق.”
صحّحتُ كلامه بجدية، فنظر إليّ كايدن بوجه بارد.
عـمَّ الصّمت المحرج الغرفة.
“هاه، أنتِ متعبة، لننم.”
تنهّدَ كايدن وحاولَ الاستلقاء على الأريكة. سحبت ذراعه بكلتا يديّ بسرعة.
“لا يمكنكَ النوم هنا!”
“إذن، هل ننام معًا على السرير؟”
تذكّرت ليلة أمس فاحمرّت أذنيّ، لكنني هززتُ رأسي متجاهلة.
“لا، الأريكة هنا تبدو أوسع من غرفتي السابقة، سأنام عليها.”
“لا أريد ذلك.”
“سموّ الدوق.”
“……”
“……”
طال الصمت.
قل شيئًا، أيّها الدوق!
شعرتُ بالرغبة في التنهّد.
مهما طالت معرفتي بكايدن، هو لا يزال الدوق.
ليسَ من اللائق أن يتنازل الرئيس عن السرير لمرؤوسه.
همسَ بليد في ذهني:
[إذن، نامي معه على السّرير كما في الأمس.]
‘متى عدت؟’
[احم، شعرت بنقص الطاقة بعيدًا عنكِ. على أيّ حال! أليسَ من الجيد النوم معًا كما أمس؟]
‘لكن الأريكة واسعة هنا…؟’
[بالأمس، غفوتِ بمجرد إغماض عينيكِ، والآن تتردّدين.]
شعرت بالذنب.
‘بالأمس كنتُ متعبة، فبرّرت الأمر بسرعة. كان صعبًا مقاومة السحر. أمّا الآن أنا أقلّ تعبًا…’
[إنّه تمثيل على أيّ حال.]
‘…..’
تردّدت. هل من الأفضل النوم معًا بدلاً من الجدال؟ لستُ متعبة كالأمس، فلن أنام بسرعة.
كانت هذه هي المشكلة.
إذا لم أنم، سأشعرُ بكل حركة لكايدن بجانبي.
كان هذا… محرجًا بشكلٍ غريب.
قال كايدن:
“اسمي.”
“ماذا؟”
“ناديني باسمي.”
“…ما الذي تقوله فجأةً؟”
أصرّ:
“إذا ناديتني باسمي، سأنام على السرير.”
“حقًا؟”
حسنًا، الاسم ليسَ مشكلة.
لكن جاءَ شرط إضافي:
“لكن معًا على السرير.”
ضيّقتُ عينيّ و رددت:
“…ألا يمكنني النّوم على الأريكة؟”
“لا، إذا لم ننم معًا، سأنام على الأريكة.”
“…..”
ما هذا الحقد الغريب؟
كان كايدن عنيدًا جدًا اليوم. نظرَ إليّ بوجهٍ متجهّم.
حتّى لو كان رئيسي، يجبُ أن أواجهه.
“سموّ الدوق، لماذا تغيّرَ الأمر هكذا؟ لننم معًا إذن.”
إذا كان الأمر هكذا، فلننم معًا!
لكن كايدن أصرّ:
“غيّرت رأيي. لن أتحرّكَ من الأريكة حتّى تناديني باسمي.”
“…أنتَ تعرف أنّكَ غريب اليوم، أليس كذلك؟”
نظر إليّ مباشرةً:
“أعرف. لكنني جُرحت منكِ أيضًا.”
جُرح؟ كيفَ جرحته…
أيقظني بليد:
[قلتِ أنّه قد يقتلكِ إذا قتلتِ وليّ العهد. صُدم لأنّكِ تعتقدين أنّه سيقتلكِ.]
التعليقات لهذا الفصل " 46"