الفصل 44
“يا لكم من أوغاد ناكري الجميل! لقد قرّرتم جعل جدّكم مادّةً للتسلية؟”
لم يكن هذا طلبًا يليق بكهل تجاوز الستين.
أنا أيضًا أصبحتُ شاحبة و حاولتُ إيقاف كايدن، لكن كلامه كان مقنعًا جدًا.
“ماريان تطلقُ نوايا القتل بمجردِّ رؤية وجه وليّ العهد، و لا أحد في قصر الدّوق يتحمّل ذلك سوى جدّي. و كلّما قلّ عدد مَنٔ يعرفون، كان ذلك أفضل.”
على الرّغمِ من تنحّيه، ظلّ ليوبولد، الدوق السّابق، يحمل عبء عائلة فالتشتاين لأربعين عامًا.
كما أنّه محارب مخضرم يحمل السيف منذُ ستين عامًا تقريبًا. بروحه القوية، لن يتفوّق عليه شاب في العشرين.
“وماذا عن مساعدكَ؟”
غضبَ الدوق السابق، فتمتمَ فيتو بوجهٍ مظلم:
“أعتذر، سيّدي الدوق السّابق. أنا مختصّ بالإدارة.”
بدت ملامحه ضعيفة بوضوح.
“في هذا العمر، أتسلّى أمام أحفادي… و مع وجود حفيد قادم…”
شعرت بالذنب من تمتمة الدوق السّابق.
“أنا آسفة، سموّ الدوق السّابق.”
تمتمتُ بوجهٍ مذنب، فصرخَ الدوق:
“ما الذي تقولينه؟! لمَ تعتذرين؟ الخطأ يقع على ذلك الوغد الذي أرسلَ الحجر!”
صرخت السيدة مارتشي، التي كانت تستمع بهدوء، بوجه شاحب:
“سموّ الدّوق السّابق! الطفل في البطن يسمع، فامتنع عن الكلام الخشن!”
أدركَ الدوق خطأه و صحّحَ صوته.
“احم، أعتذر. لقد ثرتُ قليلاً.”
طالبَ كايدن دونَ اكتراث:
“هل ستساعدنا؟”
“يا لكَ من وغد!”
ضغط الدوق السّابق على صدغيه وتنهّدَ بقوة.
“هاه. أحضر صورة وليّ العهد.”
كان استسلامًا ضمنيًا. أضاءت وجوهنا، أنا و كايدن.
“شكرًا!”
بعد قليل، تمتمت السيدة مارتشي بحزن:
“سموّ الدوق السّابق في الثامنة والستين هذا العام…”
شعرتُ بالذنب ونظرت إلى كايدن.
“هل يجبُ أن نفعلَ هذا؟”
كان كايدن يقفُ أمامي، يراقبُ جدّه الدوق و السيدة مارتشي التي تساعده.
ثم تمتم:
“…أنا آسف.”
في مشهد التمرّد الواضح، أشاحَ كايدن بنظره. شعرت بذنبٍ أكبر بردّه.
“أيّها الأوغاد ناكري الجميل! أنا جاهز!”
مع صرخة الدوق السّابق، شعرت بالتوتر.
حتّى التفكير بوليّ العهد يجعل رأسي يؤلمني، فكيف سأكونُ عند رؤية وجهه؟
“سيّدة مارتشي، فيتو، اخرجا من الغرفة.”
بكلام كايدن، سمعت خطواتهما تغادران. لم أكن أتلامس مع كايدن بعد.
“جدّي، عندما تستدير ماريان، سترى صورة وليّ العهد وتطلق نوايا القتل.”
“أعرف، أيّها الوغد.”
“سألمسُ ماريان تدريجيًا. سأنهي الأمر بسرعة، فأرجو مساعدتكَ.”
كان هناك قلق في صوت كايدن. على الرّغمِ من كونه محاربًا مخضرمًا، إلا أنّ الدوق السّابق عجوز يقترب من السبعين. كيف لا يقلق؟
“همف! لستُ ضعيفًا كما تظنّان. ماريان، هل أنتِ جاهزة؟”
“نعم!”
“حسنًا، التفتي.”
استدرت ببطء كما قال الدوق السّابق.
كانت صورة وليّ العهد ملصقة على وجهه. بدت كقناع ورقي يصنعه الأطفال، لكن جودة الرسم كانت استثنائية.
كانت ملامح وليّ العهد واضحة أمامي.
تأجّجت الحرارة بداخلي. أثيرت عروق عينيّ، و همس مظلم ‘اقتلي وليّ العهد’ أربكَ رأسي. عندما هممتُ بتغطية قبضتي بالهالة، ناداني كايدن:
“ماريان.”
ناداني بلطف و أمسكَ يدي. استعدت وعيي قليلاً.
نظرت إلى يدينا الممسكتين. تردّدَ الضباب الأسود.
“أنا وليّ العهد!”
جذبَ الدوق السّابق انتباهي. رفعتُ رأسي، فعادت رغبة القتل.
يجبُ أن أقتله. تمزيق هذا الوجه سيجعلني أشعر بالراحة.
“تحمّلي، ماريان.”
عانقني كايدن من الخلف. شعرت كأنّ رؤيتي السوداء انفتحت. دفء جسمه جعلَ قلبي ينبض، وانتشر الدفء في جسدي.
“هوه، فعّال بالتأكيد.”
اقتربَ الدوق السّابق أكثر، فشعرت كأنّ وليّ العهد يقترب.
برزت عروق رقبتي و توتّرَ جسدي، لكن عندما عانقني كايدن بقوة أكبر، هدأت.
لاحظَ كايدن حالتي وقال للدوق السّابق:
“يمكنكَ نزعه الآن.”
نفضَ الدوق السّابق الصورة بضجر. عندما اختفى وجه وليّ العهد، شعرت بالراحة.
سأل كايدن:
“هل أنتِ بخير، ماريان؟”
“نعم.”
تنهّدت وحاولت الابتعاد، لكن كايدن لم يتركني.
“سموّ الدوق؟”
“همم؟”
“أفلتني.”
“…..”
لمَ لا يردّ؟
حاولت الالتفات، لكن في وضعية العناق من الخلف، لم أرَ وجهه. رأى الدوق السّابق هذا و تذمّر:
“حتّى لو كنتَ متلهفًا، دعها. علينا التحدّث.”
لا أعرف لمَ قال أنّه متلهف، لكن كايدن أرخى ذراعيه. بعد إطلاق نيّة القتل عدّة مرات، خرجت منه منهكة.
جلسَ الدوق على الأريكة، فجلسنا أنا و كايدن في المقاعد المتبقية.
“إذا بقيتِ مع وليّ العهد وحدكما، ستكون كارثة.”
كانت مشكلة كبيرة. إذا كنتُ وحدي مع وليّ العهد، ستكون مشكلة، و إذا التقينا أمام الآخرين دونَ مَنٔ يوقفني، فتلكَ مشكلة أيضًا.
أجابَ كايدن:
“لن أتركَ ماريان وحدها.”
“أيّها الوغد، أنسيتَ أنّك ستغيب ثلاثة أيام شرقًا قبل الزفاف؟ لا تعطِ وعودًا لا تستطيع الوفاء بها!”
صمتَ كايدن بعد توبيخ الدوق السّابق. نفث الدوق و تساءل:
“هل يتلاشى القتل إذا لمسها شخصٌ آخر؟”
“لا أعرف.”
“ألا يجب أن نختبرَ ذلك؟”
“لا أعرف إذا كان هناك مَنٔ يتحمّل نيّة قتل ماريان. و…”
“و ماذا؟”
“…..”
صمتَ كايدن. لم أعرف ما يقلقه. تنهّد الدوق السّابق بحيرة:
“هههه! حتّى لو كنتَ تكره أن يلمسها آخرون، يجب أن نجدَ مساعدًا لإنقاذها. أنتَ تعرف ذلك، أليس كذلك؟”
“…أعرف.”
مهلاً، يكره أن يلمسني آخرون؟ لماذا؟ آه، ربّما يخشى أن أنزعج؟
نظرتُ إلى كايدن مطمئنة:
“أنا بخير. أفضّل ذلكَ على قتل وليّ العهد.”
رفعت إبهامي شاكرة لتفهّمه.
“…..”
لكن كايدن نظرَ إليّ بعيون معقّدة. لماذا؟
“ماريان، حانَ الوقت ليكون لكِ حارس.”
مال رأسي بكلام الدوق السّابق.
“أنا سيّدة سيف.”
“لكنّكِ حامل.”
أغلقت فمي كالصدفة. حاولَ كايدن قول شيء، لكن الدوق السّابق سبقه:
“لا يمكن أن يكون كايدن بجانبكِ دائمًا.”
كان ذلكَ صحيحًا.
على الرّغمِ من تصرّفه كرجل عاشق مجنون، كايدن دوق، وهو ثاني أكثر الأشخاص انشغالًا بعد الإمبراطور.
“على أيّ حال، سترين وليّ العهد في القصر الملكي، لكن إذا بقيتما وحدكما، فهذا سيء…”
يبدو أنّ وليّ العهد أصبحَ وجودًا مزعجًا لعائلة فالتشتاين.
بينما كنت أشعر بالبهجة لهذه الفكرة، تابعَ الدوق السّابق:
“سأرشّح طفلًا كنتُ أدعمه.”
“طفل؟”
شعرتُ بالحيرة. لقد قال حارس، فكيف يكون طفلاً الآن؟
التعليقات لهذا الفصل " 44"