الفصل 41
[لا يمكننا التّهاون.]
تمتمَ بليد فوق رأسي. ضحكتُ بإحراج و دفعتُ الطّعام في فمي.
تدخّل كايدن:
“آه، مقابل استعارة قصر الألماس، اتّفقت على السّفر شرقًا لثلاثة أيّام قبل الزّفاف بعشرة أيّام.”
كان تحويلًا جيّدًا للموضوع.
بدت ملامح الدّوق السّابق متضايقة.
“لماذا؟”
“عدد الوحوش القادمة من جبال الشّرق غير عادي، فطلب الماركيز فرناندي المساعدة.”
“إذن، ستعود قبلَ الزّفاف بأسبوع؟”
“نعم.”
خفضَ كايدن رأسه بمظهرٍ آسف.
“تسك! ليست صفقة سيّئة، لكن التّوقيت سيء. ألا يمكنكَ الذّهاب بعد الزّفاف؟”
“بدت الحالة ملحّة للغاية.”
“لمَ لا تذهب الآن إذن؟”
“قال رئيس السّحرة إنّه سيذهب مع فرقة السّحرة أوّلًا.”
تنهّدَ الدّوق السّابق : “آه.”
“حسنًا، لا مفرّ، لكن ماريان ستبقى وحدها خلالَ تلك الفترة.”
رفعت يديّ بسرعة.
“لا بأس! إنّها ثلاثة أيّام فقط.”
“أنا آسف، ماريان. تحضيرات الزّفاف كانت يجب أن تتمَّ و نحن معًا.”
بدا أسف كايدن صادقًا، فشعرت بالحيرة. هل تلقّى دروسًا في التّمثيل سرًّا؟
“ههه، إنّه عمل.”
ضحكتُ بجهد، فأرسلَ كايدن نظرة شاكرة.
انتهت الوجبة، و بدأ الجميع يغادرون.
“سموّ الدّوق، جلالة الإمبراطور يطلبك.”
نقلَ فيتو الرّسالة، فوضعَ كايدن منديله وسأل:
“أنا فقط؟”
“مع السّيّدة ماريان.”
نظرَ كايدن إليّ.
“ماريان، هل أنتِ بخير؟”
كنتُ أنتظر دعوة الإمبراطور، فأومأت دونَ تردّد.
* * *
في قاعة العرش، كان الإمبراطور، وليّ العهد ماريوس، و الأمير لوكاس. خلفَ الإمبراطور وقفَ قائد الحرس، و تمَّ إحاطة القاعة بفرسان متوترين.
كان هناك سحرة أيضًا، لكن رئيس السّحرة غائب، ربّما لأنّه ذهبَ للتّعامل مع الوحوش شرقًا، تاركًا عددًا قليلًا من السّحرة.
لم يكن هناك نبلاء آخرون. كنت أنا و كايدن فقط أمام منصّة الإمبراطور.
[يبدو أنّهم قلقون من أن تهاجمي وليّ العهد، ماريان.]
ضحكَ بليد بجانبي. وافقتُ. لم أرَ هذا العدد من الفرسان والسّحرة يحيطون بالقاعة من قبل. كانوا حذرون منّي بوضوح.
‘…حتّى أنا لا أثق بنفسي.’
مع وجود وليّ العهد أمامي، شعرت بالغضب يتأجّج و يديّ تتشنّجان.
لا أحد يعرف ما بداخلي، لكن حذرهم كان حكيمًا.
“سمعنا عن اضطراب في قصر الدّوق.”
تحدّثَ الإمبراطور بنبرةٍ ثقيلة، فخفضت رأسي أكثر. ليسَ من الشّعور بالذّنب، بل خوفًا من أن أرى وجه وليّ العهد فتنطلق قبضتي دونَ وعي.
“هدّدتِ بقتل وليّ العهد، أليس كذلك؟”
أجابَ كايدن:
“نعتذر لإزعاج جلالتك.”
عند سماع كلمة “وليّ العهد”، ارتجفت. هل هذا شعور القبضة الحيّة؟
أردت أن أندفعَ و ألكم وجه وليّ العهد مرّةً واحدة، بل أردتُ ضربه حتّى يصبح وجهه غير قادر على التعرّف عليه.
[تحمّلي.]
كما قال بليد، كان عليّ التّحمّل. الآن، يجب أن أوضّح أنّني لا أنوي قتل وليّ العهد.
“ماريان، ارفعي رأسكِ.”
مع كلام الإمبراطور، رفعت رأسي، محاولة تثبيت نظري عليه فقط، حتّى لا أنظر إلى وليّ العهد فأثير رغبة القتل داخلي.
“أخبرينا، ماذا حدث؟”
قال كايدن إنّ الإمبراطور عادل نسبيًّا. ثقتًا بحكمه، تكلّمت:
“أعتذر لإقلاق جلالتكَ، لكنّني مظلومة.”
تحرّك ظلّ قرب الإمبراطور. كان وليّ العهد.
لا تتحرّك، أرجوك، فهذا يجعلني أريد قتلكَ.
شعرت برغبة القتل للحظة. شعرَ.كايدن بجانبي بطاقتي، فارتجف قليلًا، لكنّني سيطرت على نفسي.
سأل الإمبراطور بجديّة:
“ما الذي يجعلكِ شخصًا مظلوما؟”
أخذت نفسًا عميقًا وقلت:
“أرسل لي شرّير ما حجر غسيل الدماغ باسم هديّة زفاف. كنتُ ساذجة، لم أعرف ماهيّته، فأمسكته و أهنتُ وليّ العهد. لا أجد كلامًا يبرّرني. أنا آسفة.”
أومأ الإمبراطور، كأنّه يعرف أمر حجر غسيل الدّماغ.
“أحضروا الحجر.”
تقدّمَ كايدن و حملَ الحجر. استلمه قائد الحرس و أراه للإمبراطور.
“هذا…”
بدت علامات عدم الرّضا على وجه الإمبراطور وهو ينظرُ إلى الجوهرة الحمراء الباهتة. عاد كايدن إلى جانبي وقال:
“الحجر فقدَ تأثيره، لكنّه كان سحر تنويم قويًّا بما يكفي لإخضاع سيّدة سيف مثل ماريان.”
“تقصد أنّ شخصًا ما استغلّ ماريون لقتل وليّ العهد؟”
“هذا ما نشكّ فيه.”
تنهّدَ الإمبراطور.
قلت بحزم:
“عندما كنتُ تحتَ تأثير الحجر، قاومت الهمسات الشّريرة. كدتُ أستسلم للحظة، لكن بمساعدة سموّ الدّوق، استعدت وعيي.”
أضافَ كايدن:
“ليس صحيحًا، ساعدتُ قليلًا فقط. ماريان هي مَنٔ تغلّبت على السّحر بنفسها.”
كنت أؤكّد أنّني قاومت السّحر بجهد، و أنّ شخصًا مجنونًا حاولَ تدميري أنا و كايدن. ليسَ خطأي!
قرّرت تثبيت الرّأي.
“كيف أجرؤ على إيواء مثل هذه النيّة؟ إنّها مؤامرة. لا بدّ أنّ ساحرًا ماهرًا خطّط لإيذاء وليّ العهد و إسقاطي أنا ، سيّدة السيف!”
تمتمَ السّحرة القريبون، مصدومين من توجيه السّهام إليهم.
“ما الذي تقولينه، سيّدة ماريان؟”
“تشكّين بنا؟!”
بالطّبع.
الأكثر اشتباهًا كانَ وليّ العهد.
كان السّحر الأوّلي يهمس بـ”أحبّي وليّ العهد”، لكنّني لم أخبر الإمبراطور بذلك.
شرح تغيّر السّحر كان معقّدًا، و كان بإمكاني الضّغط على وليّ العهد بهدوء.
‘أعرف ما فعلتَه.’ تكتيك الحرب النّفسيّة مهمّ في المعركة.
“كفى!”
رفعَ الإمبراطور يده، فصمتَ الجميع.
“فهمت كلامكما. لكن اتّهام الآخرين دونَ دليل ليس جيّدًا.”
لا، يجبُ الشّك! ما هذا الكلام؟!
“ربّما كنتِ أنتِ الهدف، وليس وليّ العهد.”
صحيح. وافقت على كلام الإمبراطور.
إذا كان وليّ العهد هو الجاني، فقد استخدم السّحر لتغيير قلبي. لكنّني لم أفهم لمَ يتشبّث بي؟ هل يحاول متابعة القصّة الأصليّة؟ لكنّني لم أعد أحبّه…
[ماريان، ركّزي على الإمبراطور الآن.]
صحيح، لا تفكّري، هذا يجعل الأمور أكثر ضجيجًا.
بعد تفكير، تحدّث الإمبراطور:
“تهديد وليّ العهد جريمة كبيرة. لكن، بالنّظرٌ إلى الظّروف، هناك ظلم واضح، لذا أحكم بحبسكِ في منزلكِ لأسبوع.”
حبس لأسبوع؟ و الزّفاف بعد شهر! هل يجب تأجيله؟
لكن، بالنّسبةِ لتهديدي بقتل وليّ العهد، كان الحكم خفيفًا. توقّعت السّجن، فشعرت بخيبة أمل. نظرت إلى كايدن، فبدت ملامحه كأنّه توقّع ذلكَ.
أكملَ الإمبراطور:
“ماريان، كوني حذرة دائمًا، ولا تلمسي شيئًا مشبوهًا معتمدة على مهاراتكِ.”
آه، لا أجد ردًّا. لكنّني مظلومة! مَنٔ كان ليعرف أنّه سحر غسيل الدّماغ؟
“ولديكِ طفل في بطنكِ، فكوني حذرة.”
برزت شفتي، لكن الإمبراطور هدّأني بلطف. نظرت إليه بدهشة. كان ينظر إليّ بوجهٍ عطوف.
[إنّه طيّب جدًا، أليس هذا مريبًا؟]
هل هو كذلك؟ شكوك بليد جعلتني أشكّ. خفضت رأسي و أجبت:
“أشكر جلالتك على رحمتكَ الواسعة.”
“حسنًا، انصرفي الآن.”
انتهى الأمر بشكلٍ غامض.
التعليقات لهذا الفصل " 41"