الفصل 38

أومأ كايدن برأسه.

“حسنًا، أفهمكِ. كم تريدين ضربه؟”

“كما توقّعت، سموّ الدّوق يفهم قلبي!”

“احم!”

سعل الدّوق السّابق بصوتٍ عالٍ ليُشير إلى أنّ علينا التّوقف. كان من الواضح أنّ حوارنا، أنا و كايدن، قد وصلَ إلى مستوى خطير، لذا أعطانا تلميحًا. كان هناك غريب في الغرفة، و هو السّاحر.

التفتَ كايدن إلى السّاحر وسأل:

“إذن، هل يمكن لماريان الآن أن تقتل وليّ العهد؟”

“يعتمد ذلكَ على إرادة السّيّدة ماريان.”

بمعنى آخر، كان عليّ أنْ أتحمّل.

تنهّدت . 

الآن، وليّ العهد ليس هنا، لكنّني لست متأكّدة إن كنت سأتمكّن من ضبطِ نفسي أمامه.

“سمعتِ، ماريان؟ مهما رغبتِ في ضربه، يجب أن تتحمّلي.”

أرسلَ كايدن نظرةً تقول: 

‘أنت تعرفين؟ إنّه وليّ العهد.’  

أجبتُ بوجه حازم:

“سأحاول التحمّل بكلّ قوتي.”

ربّتَ كايدن على كتفي مرّتين كأنّه يثق بي، ثم سأل السّاحر مجدّدًا:

“ما اسمك؟”

“دورانتي.”

“دورانتي، ألست بشريًّا؟”

“أنا هجين بين البشر و الشّياطين.”

فوجئ الجميع في الغرفة و نظروا إليه. تمتمَ الدّوق السّابق:

“صحيح، سمعتُ من قبل أنّ هناك هجائن بين البشر و الشّياطين. يُقال إنّ الشّياطين يُتقنون السّحر.”

نظرَ كايدن إلى الدّوق السّابق للحظة، ثم قال للسّاحر:

“بفضلكَ، استعادت ماريان وعيها. كما وعدت، سأمنحكَ مكافأة كبيرة. إذا كنتَ ترغب بشيء، قله. لكن، كلّ ما رأيته وسمعته هنا اليوم يجب أن يبقى سرًّا.”

“حسنًا، سأفعل.”

أحنى دورانتي رأسه. أخذه فيتو و غادرا الغرفة.

عندما أُغلق الباب، قال الدّوق السّابق بوجهٍ قلق:

“بالمناسبة، خبر تمرّد ماريان و تهديدها بقتل وليّ العهد ربّما وصلَ إلى آذان الإمبراطور.”

نظرَ كايدن إليّ بعينين حازمتين و قال:

“لدينا الدّليل، لذا لا بأس. لن أدعهم يُدينون ماريان.”

“هذا صحيح. إذا تجرّأ أحدهم على التّحدث بالهراء، سأسحقه بيديّ!”

شعرت بالاطمئنان لأنّ كايدن و الدّوق السابق سيتولّيان هذا الأمر الذي كنت قلقة بشأنه داخليًّا. فمن الطّبيعي أن يثير تهديدي بقتل وليّ العهد ضجّة.

بقيت العديد من المشاكل، لكنّ الأمور هدأت مؤقّتًا.

عندها، قال الدّوق السّابق كأنّه كان ينتظر:

“الآن، لنطلب فحصَ الطّبيب.”

دخلت السّيّدة مارتشي مع طبيبٍ كأنّهما اتّفقا مسبقًا. كنت أنا و كايدن نعرف لماذا يُصرّان على عرضي على طبيب.

فحصني الطّبيب أوّلًا ليتأكّد من عدم وجود إصابات.

في الحقيقة، تساءلت إن كان يجبّ القلق أكثر على حالة الفرسان الذين هاجمتهم أثناء تمرّدي، لكنّني افترضت أنّهم تلقّوا العلاج بالفعل بينما كنتُ نائمة.

أخيرًا، وضع الطّبيب أصابعه على معصمي و فحصني بعناية.

شعرت بتوتر الجميع في الغرفة. ركّزتُ بكلّ قوتي على استخدام الهالة، كأنّ قلب طفل ينبض في بطني.

رفع الطّبيب يده و.سأله الدّوق السّابق 

“هل الطّفل بخير؟”

كان هذا، على الأرجح، السّؤال الأكثر إلحاحًا للدّوق و السّيّدة مارتشي.

أومأ الطّبيب برأسه.

“نعم، لحسن الحظّ، الطّفل بخير.”

“لحسنِ الحظّ!”

رفعَ الدّوق السّابق رأسه، أغمض عينيه، و صلّى شاكرًا. شعرت السّيّدة مارتشي بالارتياح أيضًا.

لم أستطع النّظر إليهما، فأشحت ببصري. كذلك فعلَ كايدن.

قال الدّوق السّابق 

“ماريان، كم عانيتِ من القلق. لحسنِ الحظّ أنّ كلّ شيءٍ على ما يرام.”

“هه، لا، لا بأس.”

ضحكتُ بإحراج.

“كايدن، يا لكَ من أحمق! كيف تعجل ماريان يُغمى عليها هكذا؟ حتّى لو كانت الظّروف ملحّة!”

كان يتحدّث عن لحظة ضرب كايدن رقبتي ليُفقدني الوعي عندما هدّدت بقتل وليّ العهد. تحدّثَ كايدن بإحراج:

“أعتذر، لكن ماريان هي الأولويّة بالنّسبةِ لي.”

تأثّرتُ داخليًّا بهذا الكلام. كان يقوله لأنّه لا يوجد طفل لكايدن في بطني، لكنّه كلامٌ مؤثّر مع ذلك.

أوصى الطّبيب بالحذر في الحركة بما أنّني في بداية الحمل، ثم غادرَ الغرفة.

كان الوقت قد تجاوزَ الواحدة بعد منتصف اللّيل. بدا الجميع متعبًا، مع هالات الإرهاق تحتَ أعينهم.

“جدّي، عودوا للرّاحة الآن. السّيّدة مارتشي، اذهبي للرّاحة أيضًا.”

أوصى كايدن الاثنين. غادرت السّيّدة مارتشي بعينين مرتاحتين. توقّف الدّوق عند العتبة، التفت، و قال:

“وماذا عنكَ؟”

“سأعود إلى غرفتي.”

نظرَ الدّوق إلى كايدن بامتعاض.

“لا داعي لمراعاة مشاعري.”

“ماذا تعني؟”

“آه! أعني أنّه لا بأس إذا بقيتَ مع ماريان إن كنتَ قلقًا عليها!”

“ماذا؟”

أصدرَ كايدن صوتًا مندهشًا. نظرتُ إلى الدّوق السّابق بذهول، غير قادرةً على فهم كلامه.

“ألم تقل إنّ ماريان هي الأولويّة؟ تقول كلامًا رومانسيًّا و كأنّه لا شيء، ثم تتظاهر بالبراءة! سأترككما، سأترككما!”

غمزَ الدّوق السّابق لكايدن كأنّه يعرف كلّ شيء. فتحتُ فمي مندهشةً من هذا المشهد.

“احم! سأذهب الآن، استريحا جيّدًا!”

أغلقَ الدّوق السّابق الباب بفخر و غادر.

“…..”

“…..”

سادَ الصّمت في الغرفة. كان صوت عقرب السّاعة هو الصّوت الوحيد. لم نتحرّك أنا و كايدن قيد أنملة.

بمعنى آخر، كان الدّوق السّابق يقول إنّه سيغضّ الطّرف إذا قضينا، أنا و كايدن، اللّيلة معًا في غرفة واحدة.

* * *

تحطّم!

ضربَ وليّ العهد مكتبه، فتناثرت الأغراض على الأرض. تنفّس بغضب و هو يلهث، ثم أطلقَ صرخة:

“آه!”

طرق خادم الباب من الخارج.

طق طق.

“رئيس السّحرة وصلَ، سموّكَ.”

“ادخل فورًا!”

عند صراخ وليّ العهد الحاد، فتحَ رئيس السّحرة الباب و دخل. رمى وليّ العهد منفضة سجائر نحوه.

تشينغ!

مرت المنفضة بجانبِ وجه رئيس السّحرة و اصطدمت بالباب، فتناثرت شظايا الزّجاج. لكن رئيس السّحرة لم يرمش.

“فيليس! هل ألقيت السّحر على ماريان بشكلٍ صحيح؟!”

صرخَ وليّ العهد في رئيس السّحرة.

“ألم تُلقِ سحر غسيل دماغ فاشل؟!”

نظرَ رئيس السّحرة إلى وليّ العهد بثبات. ارتجف وليّ العهد للحظة.

‘ألم تتحوّل عيناه إلى اللّون الذّهبي للتوّ…؟’

عادتْ عينا رئيس السّحرة إلى اللّون الأسود. تكلّم ببطء:

“لو كان شخصًا عاديًّا، لما تمرّد مثل السّيّدة ماريان. لا يُفترض أن يُعرف مَنٔ ألقى السّحر. لكن، بما أنّها سيّدة سيف، يبدو أنّها قاومت بشدّة.”

“لستُ أسأل عن ذلك!”

ثار وليّ العهد غاضبًا.

“لماذا تُسبّب ماريان فوضى و هي تهدّد بقتلي بدلًا من أن تحبّني؟!”

نظرَ رئيس السّحرة إليه بوجه خالٍ من التّعبير، ثم ابتسمَ قليلًا وقال:

“سحر غسيل الدّماغ الذي يأمر بـ’الحبّ’ يعمل فقط إذا كان لدى السّيّدة ماريان ولو ذرّة حبّ لسموّ وليّ العهد.”

“ماذا…؟”

أصدرَ وليّ العهد صوتًا مندهشًا. نظرَ إليه رئيس السّحرة بابتسامة خفيفة.

“لكن إذا لم يكنْ هناك حبّ، فلا يعمل السّحر. بدلًا من ذلك، يُلقى السّحر بناءً على أقوى شعور يشعر به المُستهدف تجاه السّاحر.”

تمنى وليّ العهد ألّا يستمر الكلام.

“بمعنى آخر، السّيّدة ماريان تكره سموّ وليّ العهد لدرجة أنّها تريد قتله.”