الفصل 34
في الرّواية الأصلية، كانت ستيلا ابنة بارون من الريف، فقيرة لكن طيبة القلب، و عيناها الزرقاوان دائمًا مليئتان بالحيوية.
لكن الآن، كانت عيناها كعينيّ شخصٍ ميت، كمَنْ تلقّى صدمةً واستسلم.
“لقد خيّبَ الدّوق ظني. أن يكون لديكما طفلٌ قبل الزواج!”
تفاجأتُ من كلام لوكاس المفاجئ، و نظرتُ إليه. نسيتُ أفكاري عن ستيلا.
اعترفَ كايدن بهدوء:
“خطأي. لذا سأتحمل مسؤولية ماريان مدى الحياة.”
نظرتُ إليهما مرتبكةً. كان هذا خطأي. إعلاني عن الحمل جـرَّ كايدن فقط.
“ليسَ خطأ الدوق.”
تدخلتُ، فاتسعت عينا لوكاس ثم ابتسمَ:
“ماريان، في هذا العصر، أيّ رجلٍ يُنجب قبلَ الزّواج؟ هذا فعلُ الرجال السّفلة.”
كان كأنه يتحدّث بسكينٍ في فمه. شعرتُ بالذنب لأن كايدن يُهان بسببي.
نظرَ كايدن إلى لوكاس بهدوء. تبادلا النظرات لبضعِ ثوانٍ. ثم تنهّدَ كايدن وهو ينظر إلى السقف.
ارتجفتُ من تنهّـده. سأعتذر له لاحقًا. بينما كنتُ أعيد التّفكير بندمي، صرختُ:
“آه!”
رفعني كايدن فجأةً كالأميرة. تشبثتُ بعنقه مذعورةً. حدثَ ذلكَ بسرعة فلم أملك ما أفعله سوى التشبث به.
قال كايدن بنبرةٍ ماكرة:
“السّافل السّعيد سيغادر الآن.”
“هاه.”
سمعتُ تنهيدة لوكاس المذهولة، لكنني لم أره. كنتُ مدفونةً في صدر كايدن من شدة الحرج.
تمتمَ النبلاء في القاعة:
“يا إلهي!”
“أحم، حتى لو كانا عروسين!”
“عزيزي، هل يمكنكَ حملي هكذا في البيت؟”
“…ظهري…”
كنتُ محرجةً لدرجة أنني أردتُ الموت.
[واو، هذا مثير!]
تمتمَ كايدن بشيءٍ لم أسمعه جيدًا بسببِ صوت صفير بليد. كلّ ما فكرتُ به أن الدوق مصرٌ على حملي كالأميرة، و كنتُ أموتُ خجلاً.
همستُ:
“سموّ الدوق، أنزلني.”
شعرتُ بنظراته، لكنه لم يجب.
“سموّ الدوق؟”
تنهّدَ و أنزلني، ثم قالَ شيئًا سخيفًا:
“عروسي محبوبةٌ جدًا.”
“نعم؟”
سألتُ بنبرةٍ متعجبة، فاكتفى برفع كتفيه. ثم اقتربت الأميرة سيرينا:
“سموّ الدوق، السيدة ماريان.”
“الأميرة سيرينا.”
“أحيي سمو الأميرة.”
حيّيناها، فأومأت سيرينا وقالت:
“يبدو أنّكما على وفاق.”
“شكرًا، سموّكِ.”
أجابَ كايدن، فنظرت إليه سيرينا بسخرية:
“الآن أفهم لماذا كنتَ باردًا في لقاء الخطبة معي.”
“أنا آسف.”
اعتذر كايدن برأسٍ منخفض، فشخرت سيرينا و هي تضع ذراعيها: “همم.”
أدركتُ أن العديد من النبيلات في هذه القاعة كنّ مرشحاتٍ لخطبة كايدن، بما في ذلكَ سيرينا.
شعرتُ كالمذنبة و جمعتُ يديّ بأدب.
أشارت سيرينا لي. اقتربتُ متوترةً، فهمست:
“السّيدة ماريان، احذري الأميرة كارولين.”
نظرتُ إليها بعيونٍ متسعة. أشارت بعينيها.
نظرتُ خلسةً حيثُ أشارت، فرأيتُ كارولين مع الإمبراطورة تحدّقان بي بنظراتٍ حادّة.
حذرت سيرينا:
“كارولين تفعل أيّ شيء للحصولِ على ما تريد. حتى لو كنتِ قوية، كوني حذرة دائمًا.”
تفاجأتُ من كلامها. لم أتوقع لطف سيرينا. هل بسببِ إنقاذي لها في قصر الدوق؟
“و… رأيتُ الوحوش لأوّل مرّةٍ في هجوم الوحوش الطائرة على القصر. لستُ الوحيدة، العديد من النبلاء لم يروا الوحوش من قبل.”
“آه…”
أصدرتُ صوتًا خافتًا.
بالفعل، خارجَ الشّرق أو الشّمال، نادرًا ما يرى الناس الوحوش. العاصمة محمية جيدًا، و كانَ ذلك الهجوم استثناءً.
“نجوتُ بفضلكِ.”
“هذا كثير.”
خدشتُ مؤخرة رأسي بحرج من مديحها.
لكن سيرينا لم تتوقف. أمسكت يديّ فجأة:
“السيدة ماريان.”
“سـ، سموّ الأميرة؟”
نظرتُ إليها مذهولةً، و رأيتُ خدّيها محمرين.
ما هذا؟
“أنتِ بطلتنا.”
“شـ، شكرًا.”
لم تهتمّ بارتباكي و تابعت:
“صورتكِ و أنتِ تقفزين في الهواء لا تزال واضحة. كانت أنيقةً كجناحي فراشة. مَنٔ كان ليتخيّلَ أن حركتكِ التالية ستكونُ ضرب رأس الوحش بقبضتكِ؟”
“نعم…؟”
“فهمتُ أخيرًا معنى ‘ارقصي كفراشة و اضربي كترول’.”
تحدّثت سيرينا طويلاً، كأنها تسترجع كل لحظة من قتالي.
احمرَّ وجهي من مديحها ولم أعرف كيف أتصرف.
“صاحبة السّمو، جلالة الإمبراطور يطلبكِ.”
“آه، لنتحدث لاحقًا، سيّدة ماريان!”
“نعم…”
غادرت سيرينا مسرعةً بناءً على نداء الخادم. حدقتُ في مكانها مذهولةً. كأن عاصفةً مرت.
“أيّتها البطلة.”
“نعم؟”
استدرتُ لنداء كايدن، فابتسمَ وقال:
“هل نعود؟”
أومأتُ ببطء.
غادرنا القاعة مبكرًا إلى قصر الدوق.
أمرتُ بنقل أمتعتي من الفندق إلى القصر. بما أن خبر حملي بطفل كايدن انتشر في الإمبراطورية، لم يكن هناك داعٍ للعودة إلى الفندق.
لكن عند وصولي إلى القصر، ندمتُ بعمقٍ على عدم العودة إلى الفندق.
“هيا، لنصفّق للخبر المفرح!”
تصفيق!
“مبارك الحمل!”
كان ليوبولد مع خدم القصر ينتظروننا عندَ المدخل.
كان الاستقبال صادمًا لدرجةِ أنّه كادَ يُغمى عليّ.
كان ليوبولد يصفّق و كأنه يبكي، و الخدم، رغمَ استدعائهم في الليل، كانوا يبتسمون و يصفّقون بحماس، كأنهم يستقبلون جنرالًا منتصرًا.
أردتُ الهروب.
“لم أتخيل أنكما عاشقان حقًا. سامحي جدكِ على شكّـه.”
تحدّثَ ليوبولد بانفعال.
“يا لفرحة عائلة فالتشتاين! أن أرى حفيدًا عظيمًا!”
“هاا!”
صاحَ ليوبولد و الخدم بحماس. ترنحتُ و وجهي شاحب. شعرتُ بالدوار.
“جدي، ماريان متعبة، سنذهب للراحة.”
أومأَ ليوبولد بحماس و دفعَ ظهورنا:
“نعم، نعم! لا يجبُ أن تتعب امرأة حامل! ادخلا و ارتاحا!”
“حسنًا.”
أوصلني كايدن إلى غرفتي. تبادلنا النّظرات بحزن.
لقد أصبحنا، دونَ قصد، في خدعةٍ كبيرة. فرحة المقرّبين ستتحوّل إلى حزنٍ يومًا ما. شعور الذنب أثقل قلبي.
“ادخلي و ارتاحي، ماريان. غدًا سيكونُ مزدحمًا.”
“نعم، ارتح أنتَ أيضًا.”
حيّينا بعضنا بأدب و أغلقنا الأبواب.
رميتُ نفسي على السرير. كان يومًا مليئًا بالأحداث.
[سيكونُ الطريق مليئًا بالأشواك.]
أمسكتُ رأسي لكلام بليد.
لماذا أعلنتُ عن الحمل؟
شعرتُ بالنّدم، لكن في تلكَ اللحظة، بدا ذلك أفضل حل.
الماء انسكب. إن لم أستطع جمعه، فعليّ مسحه.
“آه، رأسي يؤلمني. سأنام و أفكر لاحقًا.”
[صحيح، النوم دواء.]
أومأتُ لكلام بليد و سرعان ما غرقتُ في النوم.
التعليقات لهذا الفصل " 34"