الفصل 28
حولتُ عينيّ و نظرتُ إلى كايدن و سألتُ:
“هل هذه هي الخطة؟”
“إذا كنتِ تعرفين خطّةً أفضل، أخبريني.”
أصدرتُ صوتًا متذمرًا و تنهدتُ.
عادَ كايدن صباحًا بعد مراقبة تحركات العائلة الملكية والنبلاء، وقال إنهم يشكّكون في أننا حبيبان.
خاصةً كارولين، التي كانت تنفي الأمر بشدّة.
“حسنًا، ماذا نفعل أولاً؟”
“سنذهب في مواعيد غرامية، وسأشتري لكِ هدايا. إذا أعطيتكِ كومةً من المجوهرات أمام الناس، سيكون ذلك كافيًا.”
“مجوهرات! هذا رائع!”
كان كايدن عازبًا منذُ ولادته و متحفظًا، لكنه نشأ على مثالٍ رائع: والده.
و أيضًا مجوهرات؟ لا يمكنني تفويت فرصةٍ ذهبية كهذه.
[تسك، يا لكِ من مادّية.]
تجاهلتُ توبيخ بليد. أليس من حقي الحصول على تعويضٍ كهذا بعد الفوضى التي تسبّبَ بها كايدن؟
نظرتُ إلى كايدن و فكرتُ فجأةً.
هل لا يشعر كايدن بأي شيءٍ تجاهَ ستيلا؟
رأينا ستيلا، البطلة الأصلية، أمس. عندما فكرتُ أنه سيصبح معجبًا بها يومًا ما، شعرتُ بالأسف له.
لم يكن لديه وقتٌ للقائها بعد، لذا ربّما لم يشعر بشيء الآن، لكن معرفتي بالقصّة الأصلية جعلتني أشعر بالذنب.
“سأمنحكَ الطّلاق لاحقًا.”
عندَ كلامي، رفعَ كايدن حاجبًا و نظرَ إليّ.
“ماذا؟”
“قد تجدُ امرأة تحبّها حقًا يومًا ما، سموّ الدوق. ألم تقل أنّكَ تريد الزواج من شخصٍ تحبه؟”
حدّقَ كايدن بي بهدوء. تجنبتُ عينيه و تابعتُ:
“الطلاق بسببِ اختلاف الطباع سيكون مناسبًا. أو يمكنكَ القول إنني وجدتُ رجلاً آخر. لن يؤثر ذلك على سمعتكَ.”
“ماريان.”
عبثتُ بفنجان الشاي. ناداني، لكنني شعرتُ بالحرج من مواجهته.
“أما أنا، فليس لديّ سمعةٌ أخسرها.”
“لا طلاق.”
توقفتُ.
رفعتُ رأسي ببطء لأنظرَ إلى كايدن. كان ينظر إليّ بعيونٍ زرقاء صلبة و قال بحزم:
“إذا تزوجتُ، سأتحمل المسؤولية حتى آخر يومٍ في حياتي.”
نظرتُ إليه مذهولةً.
“لذا، لا تذكري الطّلاق مرةً أخرى.”
…سيندمُ هذا الرّجل لاحقًا.
شعرتُ بحرارةٍ في وجهي. يبدو أن كايدن، بسببِ نشأته مع والده، يعرف كيف يقول كلامًا يجعل القلب يرفرف.
شعرتُ بالإحراج فجأةً و رفعتُ فنجان الشاي.
“لا تندم لاحقًا…”
بام!
“حتى لو كانت الأميرة هي مَنٔ فعلت ذلك، ما هذه الفضيحة؟!”
اقتحمَ ليوبولد الدوق السابق الفندق.
نهضتُ أنا و كايدن مفزوعين. ربّما ركلَ ليوبولد الباب، لأن الباب الخشبي المسكين كان يتدلى بحزن على مفصلاته.
“جدي.”
“أيها الأحمق!”
ضربَ ليوبولد ظهر كايدن. وقفتُ في زاويةٍ كالمذنب، ضامّةً يديّ.
أغلقَ خادم الفندق الباب بهدوء، محافظًا على ابتسامةٍ مهنية. سيدفع دوق فالتشتاين ثمن هذا الباب لاحقًا.
“حتى لو لم ترغبَ في الزواج من الأميرة كارولين، هذا لا يبرر فعلتكَ!”
جلسَ ليوبولد في المقعد الذي كان يشغله كايدن، وجهه أحمر من الغضب.
“تجرؤان على الكذب، أيها الأوغاد!”
كان ليوبولد يعلمُ أننا كذبنا. وكان ذلكَ متوقعًا.
بقليلٍ من التّحقيق، يمكن معرفة طبيعة علاقتنا. لهذا كنّا، أنا و كايدن، نعقد اجتماعًا استراتيجيًا.
خطّتنا الأصلية كانت التظاهر بأننا في علاقةٍ سرية.
لكن يبدو أن هذه الخطة لن تنجح مع ليوبولد.
خفضتُ رأسي.
“أنا آسفة…”
“جدي، أنا أحب ماريان.”
حدقتُ في كايدن بعيونٍ مفتوحة. كان ينظر إلى ليوبولد بعيونٍ هادئة، كأنه وضعَ قناعًا حديديًا على وجهه. غضبَ ليوبولد:
“أيها الوغد! هل أنتَ تكذب؟!”
“هذا صحيح. أنتَ كنتَ دائمًا في قصر الدوق بالعاصمة.”
بمعنى، أنتَ لا تعرف كل شيء عن علاقتنا. فقد عشنا أنا و كايدن في قصر الدوق في فالتشتاين.
نظرتُ إلى كايدن بوجهٍ مرتبك، غير قادرةٍ على التحكم بتعبيراتي.
‘هل بدأتَ الخطّة الآن؟ هل يجب أن نخدع الدوق السّابق أيضًا؟’
شعر كايدن بذعري و ابتسمَ لي مطمئنًا.
“لا بأس، ماريان. اتفقنا على إعلان حبّنا بجرأة.”
يا إلهي.
نظرتُ إليه بدهشة. كانت تمثيليّته تضاهي ممثلًا عظيمًا. بدا أن ليوبولد يشعر بنفسِ الشيء، إذ وجه غضبه إليّ:
“أنتِ، ماريان، تكلمي!”
“نعم؟”
“هل ما يقوله هذا الوغد صحيح؟ هل تحبّين كايدن؟”
“أنا…”
نظرتُ بذعر بين كايدن و ليوبولد.
كانت عيون كايدن تطالبني بقول ‘نعم’، بينما عيون ليوبولد تقول ‘قولي الحقيقة!’
ماذا أفعل؟ كنتُ في حالة ذعر. همسَ بليد:
[قولي إنكِ تحبينه أيضًا.]
‘ماذا؟ أقول إنني أحب كايدن؟!’
عندما أُصبتُ بالذّعر، قال بليد بلا مبالاة:
[إنها تمثيلية، أليس كذلك؟]
‘نـ، نعم!’
شعرتُ وكأنني وقعتُ في فخ، لكنني قررتُ. نظرتُ إلى ليوبولد بحزم:
“أنا، أنا أحبّ سموّ الدوق أيضًا.”
حدّقَ ليوبولد بي بعيونٍ مفتوحة.
“هل أنتِ تحبينه؟”
تحتَ نظراته الحادة، خفضتُ رأسي لا إراديًا. كان ليوبولد مخيفًا حقًا.
تدخّل كايدن:
“رفضتُ كل لقاءات الزواج بسببِ ماريان.”
“حقًا؟”
“نعم. كيف أتزوج امرأةً أخرى و أنا أحبّ ماريان؟”
كان كايدن يؤدي ببراعة. شجعته في داخلي و نظرتُ إلى ليوبولد خلسةً. كان ينظر إلينا بعيونٍ ضيقة.
“إذن، أظهرا الدليل.”
“نعم؟”
نظرتُ أنا و كايدن إليه بحيرة. طالبَ ليوبولد بسخرية:
“تقولان إنكما حبيبان منذُ زمن. أرياني دليلًا على ذلك!”
أُصبنا أنا و كايدن بالذّعر. لم يكن لدينا أي دليل.
سأل كايدن:
“ما الذي تقصده؟”
طوى ليوبولد ذراعيه وسأل:
“منذ متى وأنتما تواعدان؟”
بدأ العرق البارد يتصبّب مني. لم نكن قد اتفقنا على شيء بعد.
لكن كايدن قال بوجهٍ حديدي:
“في ربيع السنة التي بلغت فيها ماريان الثامنة عشرة، اعترفتُ لها.”
حسنًا، إذن نحن نتواعد منذُ خمس سنوات. أومأتُ كأنني كنتُ أعرف.
واصل َليوبولد السؤال:
“تعرفان أعياد ميلاد بعضكما، أليس كذلك؟”
كان ذلك واضحًا. في عيد ميلاد كايدن، كان قصر الدوق يقيم دائمًا حفلًا كبيرًا. و كان كايدن يهديني هديةً في عيد ميلادي.
“سموّ الدوق وُلد في اليوم الأول من الشتاء.”
“ماريان وُلدت في اليوم الأخير من الشتاء.”
قلنا تواريخ ميلاد بعضنا.
في الحقيقة، لا أعرف تاريخ ميلادي الحقيقي.
نشأتُ يتيمةً في الأحياء الفقيرة منذُ صغري. لا أعرف متى وُلدتُ أو مَنْ هم والداي.
لكن هذا التّاريخ حدّده كايدن عندما بدأتُ الإقامة رسميًا في قصر الدوق.
“هل يمكنكما التقبيل؟”
“نعم…؟”
صدمني هجوم ليوبولد المفاجئ. بدأ العرق البارد يتساقط من ظهري. نادى كايدن ليوبولد بهدوء:
“جدي.”
“لماذا؟هل أنتما لا تستطيعان فعل ذلك؟”
“هذا تصرّف شقيّ و جريء.”
“والدكَ العاق لم يهتم بآراء الآخرين، فما المشكلة؟ ألم تكونا تتواعدان منذُ زمن؟”
نظرَ.إلينا كأنه يقول: ‘افعلا إن استطعتما.’
ماذا أفعل؟ بدأت عيناي ترتعشان. بدا كايدن في حيرةٍ أيضًا.
همسَ بليد:
[قولي إنكِ تشعرين بالحرج أمامَ جده.]
“أ، أشعر بالحرج أمامَ جدّك، لا أستطيع.”
التعليقات لهذا الفصل " 28"