الفصل 22
تجاهلتُ صراخ بليد في رأسي.
أن أتخلى عن تذوق الحلويات التي أعدّها طاهي القصر من أجود المكونات من جميع أنحاء البلاد؟ لا يمكنني تفويت فرصة العمر هذه.
“حسنًا، من الجميلِ رؤيتكِ تستمتعين. هههه.”
“بفضل كرم جلالتكَ”
ابتسم الإمبراطور بودّ و شجعني على تناول المزيد من الحلويات.
الإمبراطور غريغوري، المعروف بحكمه العادل، كان يعامل رعاياه بلطف و لكنه يعرف كيف يفرض الانضباط عند الحاجة.
بمعنى آخر، جعلني أشعر بالراحة ثم فاجأني بسؤال مفاجئ.
“سمعتُ أنه أغمي عليكِ أثناء قتال الوحوش؟”
كدتُ أختنق من السؤال المفاجئ. تمالكتُ نفسي بصعوبة، ومسحتُ فمي بمنديل قبل أن أجيب.
“نعم.”
“يبدو أن الدوق يرهقكِ كثيرًا.”
“لا، الدوق يعاملني جيّدًا.”
“هممم، حقًا؟ لكن أن يغمى على سيّدة سيف أمرٌ نادر. هل أنتِ مريضة؟”
يبدو أنه سمعَ من الجاسوس.
أرسل الإمبراطور جاسوسًا إلى قصر الدوق بحجة مراقبتي.
لا أعرف مَنٔ هو.
في السّابق، قبلتُ الأمر كما هو، لكن الآن، أعتقد أن الهدف لم يكن مراقبتي فقط.
ربّما هناك عدة جواسيس، لمراقبة الدوق كايدن و التّحكم به.
“لم أعد كما كنتُ سابقًا.”
“لكنكِ أسقطتِ ثلاثة وايفرن بيديكِ العاريتين في القصر.”
آه، نعم، هذا صحيح.
“حالة جسدي تتذبذب.”
“همم، حقًا؟”
“نعم.”
فرك الإمبراطور ذقنه و تحدث.
“بسبب أدائكِ في القصر و جهودكِ السابقة، أريد مكافأتكِ. هل هناك شيءٌ تريدينه؟ إجازة طويلة، لقب نبيل، أراضٍ؟ قولي كل شيء.”
كان يتجاهل موضوع التقاعد. لا بد أن وليّ العهد أخبره، لكنه يتظاهر بعدم المعرفة.
كان يبدو كأنه يمنحني فرصة، لكن…
[يا له من ثعلب ماكر.]
وافقتُ على كلام بليد و فتحتُ فمي.
“أشكرك على اهتمامك، جلالتك، لكنني أريد التقاعد.”
* * *
النتيجة؟
بالطّبع رفضٌ قاطع.
كلما حاولَ الإمبراطور تغيير الموضوع، أصررتُ على الحديث عن التقاعد فقط.
بعد ثلاث محاولات، بدا الإمبراطور منزعجًا، و طلبَ مني التفكير في مكافأة أخرى ثم أمرني بالمغادرة. بمعنى آخر، كان مستعدًا لمنحي أي شيء عدا التقاعد.
أدركتُ خلال لقائي مع الإمبراطور أن موقع “سيّدة السيف” أكثر أهمية مما كنتُ أعتقد.
‘لذلك يرفضون السماح لي بالتقاعد مهما حدث. اللعنة.’
من ناحية أخرى، كنتُ مندهشةً من نفسي لأنني لم أعد أرتجف أمام الإمبراطور.
في السابق، كنتُ سأشكر أي مكافأة من الإمبراطور و أنحني حتى يصطدم رأسي بالأرض، لكن الآن شعرتُ وكأنني أجري “صفقة” براحة.
هل هذا بسببِ وعيي بحياتي السابقة؟
“ماريان.”
كان ولي العهد. يبدو أنه كان ينتظرني بالقرب من قاعة الاستقبال.
قمتُ بتحيّته بوجهٍ متجهم.
“أحيي سمو ولي العهد.”
“لا بد أن جلالته أمركِ بأن تكوني سيّدة سيفي المباشرة.”
“ماذا؟”
ما هذا الكلام؟ عندما رددتُ بنبرةٍ مذهولة، أومأ ماريوس كأنه يعرف كل شيء.
“جلالته، والدي، كان كريمًا رغمَ وقاحتكِ بالأمس. أنا أفهم قلب والدي تمامًا.”
…لهذا السّبب خسرَ ماريوس مكانته كوليّ العهد لصالح لوكاس. و أنا، الغبية، كنتُ أفعل كل شيء لهذا الأحمق…
بدأ رأسي يؤلمني.
“لا، لقد طلبَ مني التفكير في مكافأة أريدها.”
“ماذا…؟”
“سأذهب الآن.”
لم أرَ قيمةً في مواصلة الحديث، فحاولتُ تجاوزه. لكن وليّ العهد أمسكَ بمعصمي. بالطبع، سمحتُ له بذلك.
“لماذا تفعل هذا؟”
تردّدَ وليّ العهد للحظة ثم قال:
“…لماذا لم يعد يهمكِ أمري؟”
كان وجهه يبدو يائسًا نوعًا ما. منظر وسيم كهذا جعل قلبي يضعف قليلًا.
“لماذا يهمّكَ هذا؟”
عندما سألته، صمتَ ماريوس للحظة ثم تحدث.
“لا أعرف.”
ماذا يفترض بي أن أفعل؟
شعرتُ بالضيق، لكن بما أننا كنا أمام قاعة استقبال الإمبراطور، حاولتُ عدم إظهار ذلك.
“لا يبدو أنكَ مهتم حقًا، لذا سأذهب. أفلت يدي.”
لكن ماريوس لم يترك معصمي. بينما كنتُ أفكر في دفع يده، تحدث أخيرًا.
“أشعر بشعورٍ غريب.”
“ماذا؟”
عندما سألتُ بعبوس، احمرّ وجهه وقال:
“أنتِ أول فتاة تعاملني هكذا. أشعر بشعورٍ غريب.”
ماذا…؟
“ماذا فعلتِ بي، ماريان؟”
* * *
كان كايدن في طريقه إلى قاعة استقبال الإمبراطور لتقديم تقرير عن حادثة الوايفرن.
“أنتِ أول فتاة تعاملني هكذا. أشعر بشعورٍ غريب.”
سمعَ صوت وليّ العهد قبل أن يدور حول زاوية الممر. فكر للحظة إن كان يجب أن يتجنب المكان.
“ماذا فعلتِ بي، ماريان؟”
لكن عندما سمع اسم ماريان، توقّفَ دونَ وعي.
“سموّ وليّ العهد.”
تدفّق صوت ماريان.
توتر كايدن. لم يعرف لماذا، لكنه كان فضوليًا جدًا لمعرفة رد ماريان.
“أنا مشغولة قليلًا الآن. سأذهب أولًا.”
تحدثتْ ماريان بنبرةٍ محبطة. بدا ولي العهد مرتبكًا.
“ماذا؟ مهلًا، ماريان!”
“إذن، سأذهب!”
عندما هربت ماريان من وليّ العهد و دارت حول الزاوية، اصطدمت بكايدن.
بدت مرتبكةً للحظة، لكنها تجاهلته و هربت.
“ماريان!”
خرجَ ولي العهد مسرعًا و اصطدمَ بكايدن أيضًا. حدّق به بنظرةٍ شرسة.
“لماذا الدوق هنا؟”
أجابَ كايدن بوجهٍ خالٍ من التعبير:
“كنتُ في طريقي إلى جلالته.”
نظرَ ولي العهد إلى كايدن بنظرةٍ عدائية ثم ركض نحوَ الاتجاه الذي اختفت فيه ماريان.
نظرَ كايدن إلى ظهره و عصر الورقة التي كان يحملها بيده.
كان مزاجه سيئًا بشكلٍ غريب.
* * *
ركضَ وليّ العهد في القصر دونَ مراعاة الأدب، محاولًا ملاحقتي. لكن حتى لو كان رجلًا بالغًا شابًا، لم يكن من السّهل اللحاق بسيّدة سيف.
و عندما بدأتُ بتغطية قدميّ بالهالة، ركضتُ بسرعة لا يحسد عليها حتى الطيور الطائرة في السماء.
بعد 10 دقائق، تمكنتُ من التخلص من ولي العهد تمامًا وتنفستُ الصعداء.
سألني بليد:
[هل أنتِ متأكدة أنكِ لم تعودي تحبين ولي العهد؟]
“بالطبع.”
[لكنكِ لا تزالين تحبين وجهه.]
“…لستُ كذلك؟”
[أعرف من تعبيركِ.]
وبّخني بليد، قائلًا إنني لا أستطيع خداعه.
“أنا أحب الوجوه الوسيمة بشكلٍ عام. لكن الآن، سأنظر إلى شخصية الشخص أيضًا.”
عندما رددتُ، نظر إليّ بليد بنظرةٍ تقول “هل حقًا ستفعلين هذت؟”. يا له من سحلية مغرورة.
على أيّ حال، المشكلة كانت ولي العهد.
لماذا يتصرف ماريوس هكذا فجأةً؟
في حياتي السابقة، كنتُ أشاهد دراما و مانغا تحتوي على مشاهد مشابهة.
بطلٌ وسيم يرى بطلةً لا تهتم به و تقف أمامه بجرأة.
ثم يبدأ بالاهتمام بها قائلًا: “أنتِ أول فتاة تفعل هذا.”
هذا ما يبدو عليه تصرف ماريوس تجاهي الآن.
“هل أصيبَ ولي العهد بالجنون فجأةً؟”
ردَّ بليد على تمتمتي:
[في السابق، كنتِ تهيمين به و تنبهرين به. كان يعتقد أنكِ مغرمة به، لكن عندما تغيرتِ فجأة، بدأ يهتم بكِ.]
“آه، هذا يثير القشعريرة. على أي حال، عندما تظهر البطلة ستيلا، سيختفي اهتمامه. أو ربّما…”
[ماذا؟]
“بما أنني لم أعد أحب ولي العهد وأسلك مسارًا مختلفًا، أليس من الممكن أن يتغير هكذا ليتبع القصة الأصلية؟”
بدت الفكرة منطقية.
[تقصدين النبوءة؟ همم… ربّما. إنها تبدو مختلفة قليلًا، لكن الحذر لا يضر.]
أومأتُ.
سألني بليد، بعد أن تخلصنا من ولي العهد، ماذا سأفعل الآن.
بينما كنتُ أمشي، لوحتُ بذراعي لفكّ أكتافي المتيبسة.
“سأذهب إلى ساحة التدريب للإحماء…”
بام!
“آه!”
“ما هذا؟!”
ضربتُ ذراعي بشخصٍ ما. كنتُ متأكدةً أنه لم يكن هناك أحد حولي، لكنني سمعتُ صرخةً، فصرختُ متفاجئة.
فجأةً، ظهرَ شكل إنسان من العدم كما لو كان يُمحى بممحاة. كان سحرًا.
“ساحر؟”
التعليقات لهذا الفصل " 22"