مرّر كايدن يده على رأسه وهو يعبس. شعرَ بالضيق لأنه أصبح أبًـا لثلاثة أطفال دونَ أن يدرك ذلك. كل شيء بدا مشوشًا و مربكًا.
نهض فجأةً من مكانه وتوجّـهَ إلى النافذة. أراد استنشاق هواء نقي لتصفية ذهنه.
من خلال النافذة، رأى ماريان والأطفال في الحديقة.
كان الصبيان يركضان و يلعبان، بينما بدا أن الطفلة الصغرى تتشبث بماريان وهي تبكي.
راقبهم كايدن بهدوء.
كان الطفلان الأكبران ذكرين. كلاهما يملكان شعرًا أسود وملامح تشبه ملامحه إلى حدٍّ ما.
أما الصغرى، التي رآها في السرير هذا الصباح، فكانت نسخة طبق الأصل من ماريان. شعر أحمر و عينان متورّدتان و ملامح مطابقة تمامًا لماريان، لكن لون عينيها كان أزرق مثل عينيه.
راقبَ كايدن بينيلوبي لفترةٍ طويلة و هو يتمتم:
“…يبدو أنّهـا ابنتي بالفعل.”
رغمَ ذلك ، بينيلوبي و كأنها وُلدت من ماريان وحدها.
لأسبابٍ ما، وجدَ كايدن نفسه منجذبًا أكثر للطفلة الصغرى. ربّما بسببِ رؤيتها تبكي بحزن هذا الصباح، مما جعله يشعر بالأسى تجاهها.
في تلكَ اللحظة، رفعت ماريان الطفلة عاليًا لتهدئتها. بدت ماريان متمرّسة جدًا في التعامل مع الأطفال.
‘كنتُ أظن أنها ستجد الأطفال مزعجين.’
شعرَ بالغرابة تجاه هذا المشهد غير المتوقع. و في الوقت نفسه، ظلّ غير قادر على الفهم.
‘…هل تزوجنا بسببِ خطأ ارتكبناه معًـا؟’
لم يبدُ هناك سبب آخر لزواجهما.
كانت ماريان معجبة بوليّ العهد، وهو لم يفكر بها يومًا كشريكة عاطفية. لذا، تراكمت الأسئلة في ذهنه.
‘هل ارتكبنا خطأً و نحن مخمورين؟’
لم يخطر بباله شيء آخر غير الكحول. لم يكن كايدن من عشّاق الشرب، لكنه كان أحيانًا يرافق ماريان في جلسات الشراب.
بدأ الأمر عندما أعلنت ماريان، فور بلوغها العشرين، أنها ستغادر قصر الدوق.
“لقد كبرتُ الآن. سأغادر هذا القصر المملّ و أعيش بحرية!”
“ما الذي تقصدينه؟ كيف ستعيشين بمفردكِ؟”
“لماذا؟ هل تعتقد أنني عاجزة لا أستطيع فعل شيء بنفسي؟ لقد وجدتُ بالفعل منزلًا في المدينة. استدعني فقط عندما تحتاجني لمحاربة الوحوش. يجب أن أكسب المال أيضًا. و الآن، إلى اللقاء!”
كم كان محبطًا أن يراها تدير رأسها، تركب حصانها، و تغادر بوابة القصر ببرود.
بصراحة، أراد أن يعيدها على الفور، لكنه تحمّل بناءً على نصيحة السيدة مارتشي و الدّوق السابق.
قالا إن ماريان تمـرّ بمرحلة مراهقة متأخرة.
في الواقع، لم تكن ماريان بهذا التّمرد في سنوات مراهقتها. بدأت بالتمرد البسيط في سن الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، لكن…
على أي حال، قرّرَ كايدن، بناءً على نصيحة البالغين، اعتبار ذلك مرحلة مراهقة متأخرة و انتظر بهدوء.
لكن بعد عام، لم تعد ماريان، بل وصلته أخبار عن مشاكلها في الخارج، فقـرّرَ تغيير أسلوبه. أراد استكشاف نواياها الحقيقية، فدبّـرَ جلسة شرب معها عمدًا.
في الإمبراطورية، يُعتبر الثامنة عشرة سن الرشد، وقد رأى ماريان تشرب الخمر من قبل، لكنه لم يجلس معها ليشربا بجدية.
ظـنّ أن هذه الجلسة ستتيح لهما الحديث بصراحة، لكن…
‘كانت دائمًا تنتهي بتحدي في الشرب…’
كانت ماريان تتحدّاه كلما التقيا. المشكلة أن كايدن كان تنافسيًا أيضًا و لم يرد الخسارة. وهكذا، كانت جلساتهما تنتهي دائمًا بفقدان كليهما للوعي.
“…لا بدّ أن هذا هو السّبب.”
مسحَ وجهه بيده و نظرَ من النافذة. كان الطفلان الأكبران يلعبان بأغصان الأشجار و كأنهما يقاتلان بالسيوف.
جلست ماريان على مقعد وهي تداعب ظهر الطفلة الصغرى.
كان المشهد جميلًا.
زوجة و ثلاثة أطفال أصحاء.
يا لها من صورة عائلية مثالية.
لو كان كايدن يتذكر كل شيء، لكان ذلك أفضل.
ظـلّ يشعر بالإرتباك.
‘هل أنجبنا طفلًا فتزوّجنا، ثم أنجبنا الثاني و الثالثة مع الوقت؟ لكن… هل كان بإمكاني أنا و ماريان أن نشعر بمثل هذه المشاعر؟ هل شربنا الخمر مجددًا؟ آه… لا أعرف حقًّـا.’
عادَ كايدن إلى الأريكة وهو يفكر بأفكار كان من الممكن أن يعاقب نفسه المستقبلية عليها لو سمعها.
* * *
“أمي، هل سننام معًا الليلة؟”
“ليس معًا، أبي ليس هنا!”
تجادل إيفان و ثيو على السرير. حـلّ الليل بالفعل.
لتجهيز الأطفال للنوم، رتّبتهم على السرير الكبير: إيفان، ثيو، ثم بيني.
استلقيت بجانب بيني، و داعبت بطنها و قلت:
“لننم معًا الليلة، نحن الأربعة.”
مال إيفان برأسه و سأل:
“و ماذا عن أبي؟ إنه في الغرفة المجاورة، أليس كذلك؟”
“…والدكم يعاني من صداع، لذا سيبقى بمفرده لبعض الوقت. ومرض أبيكم سـرّ يجب أن يبقى بيننا فقط. لا تخبروا أحدًا، حسنًا؟”
“نعم! سأدعو له بالشفاء العاجل!”
“سرّ! أحبّ ذلك!”
ابتسمت بحزن و داعبت رؤوس الأطفال واحدًا تلو الآخر. كان إيفان و ثيو، اللذان لا يعرفان الحقيقة، مبتهجين ببراءة.
أما بيني، فكانت منذُ الصباح بدون حيوية. ربّما لأنها رأت تغيّـر كايدن عن قرب؟ شعرت بالقلق.
“بيني، هل أنتِ بخير؟ إذا شعرتِ بألم، أخبري والدتكِ.”
تأوهت الطفلة بوجهٍ باهت و هي تتشبث بي قائلة:
“…أريد النوم.”
“حسنًا، هيا ننام.”
غطّيت الأطفال حتى صدورهم بالبطانية. ضحك الطفلان الأكبران و.هما يلعبان معًا، وبعد دقائق، لم يعد يُسمع سوى أصوات أنفاسهم المنتظمة.
لا أعرف كيف مـرّ اليوم. برّرتُ للأطفال حالة كايدن بشكلٍ مقتضب، لكن لا أعرف إلى متى سينجح ذلك.
لم أخبر بقية العائلة بعد. اتفقنا أنّ مَـنْ يعرف الوضع هم أنا، و السيّدة مارشي، و دورانتي، و بليد، و الخادم، نحن الخمسة فقط.
إذا انتشر خبر فقدان الدّوق الأكبر فالتشتاين لذاكرته، لن يكون ذلك جيدًا. لذا، قرّرنا إخفاء الأمر حتى يستعيد ذاكرته.
أخبرنا أتباع عائلة الدوق أن كايدن مريض قليلاً و قلّلـنا التواصل معه قدر الإمكان. وافقَ كايدن أيضًا وقال إنه سيقلّل من الكلام.
كل ما أتمناه هو أن يستعيد ذاكرته بسرعة. لكن إذا مـرّ وقت طويل و لم يستعد ذاكرته…
شعرت بالاكتئاب.
قبل قليل، عندما اقترحتُ أن ننام في غرف منفصلة، تفاجأ كايدن وسأل:
“هل كنّا ننام في غرفة واحدة؟ …آه، بالنظر إلى هذا الصباح… نعم، من الأفضل أن ننام منفصلين.”
ذُهلت من ردّه.
اقترحتُ النّوم في غرف منفصلة مراعاةً له، لأنه فقـدَ ذاكرته وأصبح في عامه السابع والعشرين. لكن بالنّسبة له، كان النوم في غرف منفصلة أمرًا طبيعيًا.
معظم الأزواج النّبلاء ينامون في غرف منفصلة. ربّما كان ذلك طبيعيًا بالنّسبة له كدوق أكبر.
ومع ذلك، ألم ينشأ و هو يرى والديه يشتركان دائمًا في نفس الغرفة؟ ألم يكن من المنطقي أن يفترض أننا نشارك غرفة أيضًا؟
نظرتُ بحدّةٍ إلى الباب المؤدي إلى غرفة كايدن، وأنا أشعر بالإحباط. كانت الغرفة التي فيها أنا و الأطفال الآن هي غرفة الدّوقة الكبرى، بجوار غرفة كايدن.
في الحقيقة، لكل طفل غرفته الخاصة، لكنني شعرت اليوم أنني لا أستطيع النوم بمفردي، فطلبت منهم النوم معي. لكن هذا أيضًا جعلني أدرك فقط أن كايدن لم يعد نفس الشٌخص الذي أعرفه.
لو كان هو نفسه، لكان قد فتحَ الباب و دخل، قائلاً إنه لا يريد أن يُستثنى، و كنا سننام جميعًا معًا على السرير، نضحك حتى نغفو.
“هاه…”
تنهدتُ بهدوء.
كل ردّ فعل منه كان غريبًا.
كانت عادتنا أن نتبادل قبلة ليلية و نقول “أحبك” قبل النوم.
لكن أن يعاملني فجأةً كغريبة، حتى أنا شعرت بالضيق.
‘ماذا لو لم يستعد كايدن ذاكرته حتى مع مرور الوقت؟’
لم يفارقني هذا القلق. تنهدتُ مرارًا وتكرارًا، و عضضتُ أظافري من التوتر. حتى أنفاس الأطفال المنتظمة لم تهدئ قلبي.
‘ما الطّريقة التي يمكن أن تساعد كايدن على استعادة ذاكرته بسرعة؟’
يبدو أنني سأقضي الليل مستيقظة.
* * *
استلقى كايدن على سريره، مصغيًا إلى الأصوات القادمة من الغرفة المجاورة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 108"