سمعتُ صوت الطفلة من خلف الباب. ضحكتُ بخفّة، نهضتُ من مكاني، وفتحتُ الباب.
“بيني، هل جئتِ لوحدكِ؟ أين الخدم الآخرون؟”
“كانوا نائمين…”
“لم ترغبي في إيقاظهم، إذًا.”
شعرتُ بألم في قلبي لمدى لطف الطفلة.
كيف لطفلةٍ أن تكون بهذه الطيبة…!
“هل أنتِ لا تستطيعين النوم؟”
جثوتُ لأكون في مستوى عيني بينيلوبي. شعرتُ بالفخر و الحزن معًا لأنّها جاءت إلى غرفة والديها وهي تحمل حقيبتها، خاصّة بعد أن وبّختها بشدّة اليوم.
“…بيني، تريد تنام معًا.”
كان منظرها وهي تنظر إليّ بعيونٍ متورّمة و متردّدة يفطر القلب.
“حسنًا، لننـم معًا اليوم، والدكِ و والدتكِ و بيني.”
“أمم…”
من شدّة شعوري بالذنب، حملتُ الطفلة بسرعة وذهبتُ إلى كايدن. عندما رأيته، كان ينظر إلى الأسفل و يتذمّر بعمق. سألته بعيونٍ متسعة:
“ما الخطب، كايدن؟ هل تشعر بتوعّك؟”
“لا.”
“هل أنتَ متأكّد أنّكَ بخير؟”
ابتسم بشكلٍ محرج و أومأ برأسه.
“نعم، بخير جدًا.”
“هل ننام مباشرةً اليوم؟ لقد تأخّر وقت نوم بيبي.”
“…سأشرب النبيذ الذي صببته ثمّ أنـام.”
سلّمتُ بينيلوبي إليه.
“حسنًا، سأذهب إلى الحمّام للحظة.”
“حسنًا.”
*****
خرجت من كايدن تنهيدة لا إراديّة. كان يتطلّع إلى قضاء وقت ممتع مع ماريان بعد فترةٍ طويلة، لكن ظهور الملاك الصغير أفسد كلّ شيء.
نظرَ إلى الرأس الصغير المستدير على ركبتيه. شعرها الأحمر و تجعيداتها جعلته يضحكُ رغمًا عنه.
“…صحيح، هذا أيضًا نوع من السعادة…”
“ماذا قلت؟”
أدارت بينيلوبي رأسها لتنظرَ إليه. كانت تشبه ماريان كثيرًا، فوجدها كايدن لطيفة جدًا و قبّـلَ رأسها.
“لا تقبّلني!”
كما قالت ماريان، كانت بيني في مرحلة العناد بالتأكيد. كانت تمرّداتها صغيرة و بسيطة، لكن رفضها لقبلته جعله يشعر بالحزن.
“لكن والدكِ يحبّكِ جدًا، لهذا فعل ذلك؟”
“حتّى لو كنتَ تحبّني، لا تقبّلني بدون إذني!”
عند هذه الكلمات، أصابه إدراك مفاجئ.
“…ابنتي عبقريّة!”
كان مندهشًا من ذكاء طفلته. بينما كان يستمتع بهذا الشعور، قالت بينيلوبي وهي تراقب تعابيره:
“بابا، أغمض عينيكَ للحظة.”
“ههه؟ لماذا؟”
“بسرعة.”
ضحكَ كايدن وأغمض عينيه. سمع صوت حفيف. من الفضول، فتح عينيه قليلاً و رأى بينيلوبي تُخرج شيئًا من حقيبتها.
‘هل هذا “مكمّل نموّ الأطفال” الذي يعطيه دورانتي لها أحيانًا؟’
راقبَ ما تفعله. فتحت الطفلة غطاء القارورة بجهد وسكبت محتواها في كأس النّبيذ الخاصّ به.
جرجر!
كـادَ كايدن أن يضحك بصوتٍ عالٍ لكنّه تمالك نفسه.
‘قالوا إنّ الدواء مـرّ، يبدو أنّها لا تريد تناوله.’
كان يبتسم من تصرفاتها الذكيّة و اللطيفة. تمنّى لو يسجّل هذه اللحظة بالفيديو. كان دورانتي يعمل على جهاز تسجيل فيديو، فربّما يتمكّن قريبًا من التقاط هذه اللحظات الثمينة.
“آه، لا يصحّ… كان يجب أن أفعل ذلكَ لماما أيضًا…”
تمتمت الطفلة بصوتٍ مرتبك. على ما يبدو، أرادت تقسيم الجرعة بين كأسيهما، لكنّها لم تستطع التحكّم في نفسها و سكبت كلّ شيء في كأسه.
ضحكَ كايدن و سأل:
“هل يمكنني فتح عينيّ الآن؟”
“أمم، نعم!”
أعادت الطفلة القارورة إلى الحقيبة بسرعة. تظاهر كايدن بعدم المعرفة و سأل:
“ماذا فعلتِ، يا بيني؟”
“…جعلتُـه ألـذّ!”
“حقًا؟”
رفعَ كايدن كأس النبيذ وشربه دفعة واحدة.
“…هل كان لذيذًا؟”
“أممم.”
كان طعم النبيذ نفسه. القليل من الجرعة لم يغيّر الطعم. لكنّه أراد إرضاء توقّعات الطفلة.
“بفضلكِ، أصبح ألـذّ.”
لكن الردّ كان غير متوقّع.
“تشه.”
“هاه؟”
كأنّه سمع صوتًا غريبًا. حاولَ كايدن مراقبة تعبير وجهها، لكن ماريان عادت في تلكَ اللحظة.
“هيّا، لننم. بيني، تأخّر الوقت. لننم و نستيقظ مبكرًا!”
“أمم…”
نزلت بينيلوبي من على ركبتيه بوجه غير راضٍ. لم يفهم كايدن السّبب، لكنّ الوقت تأخّر كما قالت ماريان، فدخلوا جميعًا تحتَ الأغطية.
كانت بينيلوبي تطلّ برأسها بين ماريان و كايدن.
“بيني، أنا آسفة لأنّني وبّختكِ اليوم.”
همست ماريان، فشعرَ كايدن بارتجاف الطفلة. كانت ردّة فعلها أكبر من المعتاد، فراقبها كايدن. كانت تدير عينيها بحذر.
‘هل خافت من التوبيخ؟’
نظرَ إليها بقلق، فتمتمت بينيلوبي:
“…بيني آسفة أيضًا…”
عند سماع اعتذارها، التقت عينا كايدن و ماريان. ظهرت ابتسامة تلقائيّة على وجهيهما.
“كلاكما تعبـا اليوم.”
عانق كايدن ماريان و بينيلوبي معًا. ضحكت كلّ ماريان و بينيلوبي.
كانت لحظة سعيدة. سماع ضحكات زوجته و ابنته الحبيبتين جعله يشعر بالنعاس.
شعرَ أنّه اليوم بالأخصّ ينام بسهولة أكبر.
ربّما بسببِ راحة البال.
*****
في صباح اليوم التالي.
شعرتُ بأشعّة الشمس الصباحيّة تتسلّل من النافذة. دفنتُ وجهي في الوسادة بعبوس، لكنّني سمعتُ صوت كايدن المذعور:
“ما هذا…؟”
“ما الخطب…؟”
تمتمتُ وأنا أنهض ببطء، لم أستيقظ تمامًا بعد، وكنتُ لا أزال أعبّس. لكن كايدن أصدر صوتًا غريبًا.
“…ماريان، لماذا أنتِ في سريري؟”
“…..”
ما الذي يقوله في الصباح؟
“ألـم تستيقظ بعد؟”
تثاءبتُ و تمدّدتُ. تحرّكَ شيء صغير تحت الأغطية، ثمّ نهضت بينيلوبي.
“ماما، بيني، …”
ظهر وجهها المتورّم بعيونٍ نصف مغلقة. كانت قد نامت جيّدًا، و شعرها مبعثر.
ضحكتُ و أنا أحاول ترتيب شعرها، لكن كايدن صرخ بصوتٍ مرتجف:
“ماريان، هل ارتكبتِ خطأً؟!”
نظرتُ إلى وجهه أخيرًا. كان ينظر إليّ و إلى بينيلوبي بالتناوب بعيونٍ مصدومة.
لم أفهم ما خطبه.
“هل أكلتَ شيئًا خاطئًا؟”
“أنتِ مَنٔ يجب أن تشرحي. ما هذا…؟”
غطّى فمه بيده وهو في حالة ارتباك، كما لو كان يواجه شيئًا لا يُفترض أن يحدث. رفعَ رأسه فجأةً و سألني بنبرةٍ مخيفة:
“مَـنْ والد هذه الطفلة؟”
…أنـتَ، أنـتَ.
شعرتُ بالذهول.
“ما الذي تقوله فجأة؟ أنتَ تُخيفني حقًا.”
“أنتِ مَـنْ يجب أن تتكلّمي. مَنٔ هذه الطفلة؟ ماذا كنتِ تفعلين بالضبط…؟!”
صُدمتُ.
سؤاله عن عن بينيلوبي بقوله”مَنْ هذه الطفلة”؟ جعلني استيقظ تمامًا. أدركتُ أنّ هناك شيئًا ما خاطئًا تمامًا.
“ما الذي تقوله أنتَ؟ إنّها بيني. ما هذا…”
“ماما، بابا مخيف…”
اختبأت الطّفلة في حضني و هي تبكي. عانقتها بقوّة و نظرتُ إلى كايدن.
فهمتُ شعور بينيلوبي. حتّى أنا شعرتُ بالقشعريرة.
“بابا…؟”
مضغ كايدن كلمتها و نظرَ إليّ بعيونٍ مضطربة. تعبيره و ردّ فعله، كأنّه يسمعها لأوّل مرّة، كانا مخيفين جدًا.
سألته بصوتٍ مرتجف:
“إنّها طفلتنا، بينيلوبي فالتشتاين.”
“طفلتنا…؟ أنتِ و أنـا؟”
“نعم…”
“لا تتحدّثي بالهراء.”
شعرتُ بقلبي يهوي بسببِ رفضه الحاسم. بدأت بينيلوبي تبكي وهي تشهق في الجوّ الجادّ. عضضتُ شفتيّ وسألتُ:
“…كايدن، ألا تتذكّر؟”
“أتذكّر…؟”
سألته وأنا أتمنّى ألّا يكون ذلكَ صحيحًا:
“كم عمركَ الآن؟”
أمسكَ رأسه و عبس.
“…كـم عمري؟ سبعة وعشرون.”
فتحتُ فمي ببطء.
“ماذا قلت؟”
“قلتُ سبعة وعشرون. ما هذا كلّـه؟ أنتِ بالتأكيد غادرتِ قصر الدّوق و استأجرتِ منزلًا.”
تمتمَ مرتبكًا مرّةً أخرى:
“قلتُ لكِ أن تعودي مرارًا، لكن لماذا أنتِ في سريري… ومع طفلة أيضًا…؟”
غطّيتُ فمي ببطء و تمتمتُ:
“غادرتُ قصر الدوق و استأجرتُ منزلًا منذُ ما يقرب العشر سنوات…”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 106"