كانت بينيلوبي تعلم أنّها طفلة ذكيّة. رغم أنّها في الثالثة ولا تستطيع التحدّث بطلاقة، إلّا أنّها كانت تعتقد أنّ ذكاءها لا يقلّ عن أخيها الأكبر إيفان، بل ربّما يفوقه.
‘بيني تريد أن تطير عاليًا! لكن بابا دائمًا يمنعني. أنا غاضبة!’
لم يكن هذا الغضب قد تراكـمَ في يوم أو يومين. ثلاثون شهرًا من حياتها، قد تبدو قصيرة للبعض، لكن بالنّسبةِ لبينيلوبي، كانت حياةً مليئة بالصبر و الانتظار و الصعوبات.
كانت تتوق لتكون مثل أخويها، تركب على ظهر بليد، و تجري بحريّة و تلعب لعبة المطاردة.
لكن كلّما حاولت شيئًا، قيل لها إنّه خطر، ومع ساقيها القصيرتين، كانت دائمًا تتخلّف أو تتعثّر.
وإذا بكت بعد سقوطها، كانوا يقولون: “قلتُ لكِ لا تجري!” و يوبّخونها!
كايدن، والدها، كان بالأخصّ يعيق ما تريد القيام به. كان يحملها كلّما سنحت الفرصة، و يفعل الأشياء التي تريد القيام بها قبلها، حارمًـا إيّاها من الفرصة.
عندما كانت تتمرّد و تصرّ على شيء، كان يقول إنّ عليها أن تنتظر حتّى تكبر، أو أن تصبح سيّدة سيف أولاً، محاولًا إيقافها بأيّ طريقة.
‘سأعاقـب بابا!’
عندما كانت هي أو إخوتها يرتكبون خطأً، كانوا يُعاقَبـون.
الجلوس على كرسيّ الأطفال في الزاوية للتفكير في أخطائهم كان أمرًا صعبًا. لكن بفضلِ ذلك، أدركت بينيلوبي أنّها تنضج كطفلة.
لكن ماذا عن الكبار؟
والدها، رغم انّه كبير، لم يُعاقَـب عندما أخطأ معها.
هذا غير عادل.
كايدن بحاجةٍ إلى النّمو و الإدراك أيضًا. لذا، ستقوم بينيلوبي بمعاقبتهِ بنفسها.
نظرت بينيلوبي إلى دورانتي، الذي كان منشغلاً بالتقاط الصور.
بصفته ساحرًا، كان يصنع الجرعات السحريّة.
الدّواء الذي كان يعطيه لها أحيانًا كمكمّل غذائيّ كان مذاقه فظيعًا.
‘يجب أن يجرّب بابا ذلك المذاق أيضًا.’
أضاءت عيناها بنظرة حادّة.
*****
بهدوء، بهدوء.
تسلّلت بينيلوبي بحذر إلى مختبر دورانتي. كان المختبر مليئًا بالأغراض المبعثرة، وكانت هناك أصوات فقاقيع من سوائل في قوارير زجاجيّة غريبة.
“أين هو؟ يجب أن أجده و أغادر بسرعة. لا يجب أن يمسكوني.”
كان الخدم يظنّون أنّ بينيلوبي نائمة. بعد الغداء و اللعب الممتع، كان من المفترض أن تكون الآن في عالم الأحلام.
لكن بينيلوبي كانت مستعدّة للتضحية بقيلولتها الثمينة من أجل الانتقام.
لكن مهما بحثت، لم تجد الجرعة السحريّة التي أعطاها لها دورانتي. كلّ ما رأته كان بعض القوارير الزجاجيّة على المكتب تحتوي على سوائل تغلي.
تردّدت بينيلوبي:
‘هل هذه أيضًا جرعات سحريّة؟’
تسلّقت الكرسي بجهد و نظرت إلى داخل القوارير. كان هناك سائل شفّاف يغلي، و بجانبه قارورة تحتوي على سائل أحمر هادئ.
في أثناءِ فحصها للقارورتين بدافعِ الفضول، تذكّرت أنّ الجرعة التي كانت تتناولها كانت ورديّة اللون.
‘إذا خلطت هذين، سينجح الأمر!’
نقلت بينيلوبي السّائل الأحمر بحذرٍ إلى السائل الشفّاف.
بالطّبع، سكبت نصفه.
فجأة، توقّف السائل الشفّاف عن الغليان بصوت “فشش” و تحوّل إلى اللون الوردي!
فرحت بينيلوبي، و سكبت السّائل الوردي في قارورة فارغة ملقاة. ربّما سكبت ثلثيها، لكنّها أغلقت القارورة بإحكام و وضعتها في جيبها دونَ اكتراث.
مسحت السّائل عن يديها بثيابها بلا مبالاة، ثم نزلت من الكرسي بحذر. فتحت الباب، تفقّدت المحيط، وخرجت من مختبر دورانتي بهدوء.
ابتسمت الطفلة وقالت في نفسها:
‘جريمة مثاليّـة!’
****
“ما السّبب في زيارتكَ بدون إشعار؟”
نظرَ كايدن بعيونٍ حادّة إلى الإمبراطور لوكاس، الجالس في المقعد الرئيسي في مكتب القصر. أشارَ لوكاس بيده بنبرةٍ مرحة:
“هل يجب أن نكون رسميّين جدًا فيما بيننا؟”
عبسَ كايدن. حتّى لو كان إمبراطورًا، فإنّ زيارة قصر الدّوق بدونِ إشعار مسبق كانت وقاحة واضحة.
لكن يبدو أنّ لوكاس، بعد أن شارك في إنقاذ الإمبراطوريّة و إعادة بنائها، شعـرَ بنوعٍ من الرفقة تجاه كايدن.
لم يكن كايدن يجهل ذلك، لكنّه لا يزال يحمل بعض الضغينة تجاه لوكاس، الذي كان ذات يوم عدوّه الأوّل.
كان لوكاس قد حاولَ الاقتراب من ماريان في الماضي.
رغمَ أنّ هذه قصّة قديمة الآن…..
بعد أربع سنوات من تتويجه إمبراطورًا، تزوّجَ لوكاس من أميرة مملكة مجاورة. توقّـع شعب الإمبراطوريّة أن يتزوّج الإمبراطور الشاب الوسيم بسرعة، لكنّ الأمر استغرق وقتًا أطول ممّا توقّعوا.
كان لدى كايدن شكّ قويّ بأنّ السبب كان تعلّق لوكاس بماريان. لكن الآن، بما أنّ لوكاس أصبح أبًـا لـطفل، خفّت حدّة حذر كايدن قليلاً.
ضيّقَ كايدن عينيه و سألَ مجدّدًا:
“ما سبب زيارتكَ؟”
“حسنًا، الأمير الصغير بدأ يرغب في تعلّم الحروف مبكرًا. بما أنّك أب لثلاثة أطفال، و لأنّني كنتُ فضوليًا بشأن ما تفعله بينيلوبي التي في نفس العمر، قرّرتُ زيارتكَ.”
‘هل هذا تفاخر بالأطفال؟’
في الحقيقة، عندما وُلد ابنه الأوّل، كان كايدن يتباهى به سـرًّا هنا و هناك.
أجابَ بسهولة:
“بينيلوبي مهتمّة بالسّيف. ربّما تأثّرت بأخويها الأكبرين، و هما صبيان.”
برقت عينا لوكاس:
“حقًـا؟ ابني ليون يحبّ الدراسة، وبينيلوبي تحبّ الأنشطة الحركيّة. يبدو أنّهما يمكن أن يكمّلا بعضهما، مزيج مثالي!”
قبل أن ينهي كلامه، انبعثت نظرة قاتلة من عيني كايدن.
“لا تحلـم بذلكَ حتّى.”
“بماذا؟”
“بأيّ شيء.”
قال لوكاس بنبرةٍ مندهشة:
“أنا فقط اقترحت أن يكونا أصدقاء لعب! ما الذي تتخيّله؟”
“حتّى كأصدقاء اللعب لا ينفعون.”
“يا إلهي!”
حدّقَ كايدن في لوكاس بموقفٍ دفاعيّ صلب. لقد أدرك نوايا الإمبراطور.
كان لوكاس يريد ربط الأمير ليون، الذي قد يصبح إمبراطور غراتييه يومًا ما، بأميرة عائلة الدوق فالتشتاين الوحيدة، بينيلوبي.
كايدن، الذي وُلد نبيلًا ، كان يعرف جيّدًا كيف يفكّر أصحاب السلطة. كانوا يسعون لتعزيز سلطتهم من خلال زيجات سياسيّة مع أشخاص “من نفس المستوى”.
أحيانًا، كانوا يرتّبـون خطوبات منذُ الطفولة، أو كما يفعل لوكاس الآن، يجعلون الأطفال يعتادون على بعضهم كأصدقاء لعب، ثمّ يخطبونهم في أوائل المراهقة.
لم يكن هذا بالأمر السيّئ دائمًا، لكن بعد أن اختبر كايدن الحبّ، أدركَ أنّ الزيجات السياسيّة لا يجب أن تُعقد باستخفاف.
‘مَـنْ يعلم مَنٔ ستحبّ بيني في المستقبل؟’
وقفَ كايدن بحزم، واضعًا ذراعيه في صدره كحصن لا يُخترق.
قال لوكاس بوجه متظلّم:
“أنا فقط أردتُ ببراءة أن يكون للأمير صديق لعب.”
هـزّ كايدن رأسه بحزم:
“إذًا، سأرسل ثيودور، الثاني.”
“أليس ثيودور في الخامسة؟”
“فارق سنتين لا بأس به. إيفان و ثيودور بينهما سنتان، ومع ذلك يتفاهمان جيّدًا.”
“…..”
رفعَ لوكاس كوب الشاي بصمت. ففكّر كايدن:
‘هل تظنّ أنّني لا أعرف نواياكَ؟’
كان لوكاس يريد تحالفًا مرتبطًا بالدّم مع فالتشتاين. لا يريد التفكير في ذلك، لكن إذا تزوّج الأمير و بينيلوبي و أنجبا طفلًا، سيكون ذلكَ قوّة هائلة للسلطة الإمبراطوريّة.
سلطة غراتييه الآن أضعف ممّا كانت عليه في السّابق، لذا كان هذا أفضل خيار للوكاس. لكن هذا لم يكن من شأن كايدن.
“إذا انتهى حديثك، يمكنكَ المغادرة.”
أعرب كايدن للإمبراطور لوكاس عن رغبته في المغادرة، و هو دليل على أنّ سلطة الإمبراطور لم تعد كما كانت.
أدركَ لوكاس ذلك، فقام من مقعده بوجهٍ متمرّد، لكنّه أضاف كلمة أخيرة:
“فكّر في الأمر على الأقل. الطفلان سيكونان مفيدين لبعضهما.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 104"