“أنا حقًا أغبطكِ يا آنسة، لأنكِ تعيشين حبًا كما في المسرحيات.”
“لا أدري بصراحة.”
تمتمتُ بذلك بخجل، ففتحت ليلي عينيها دهشة.
“لا تدرين؟ كيف تقولين ذلك؟”
“السيد الشاب عادةً ما يكون باردًا كالريح، لكنه أمامكِ يبدو دائمًا دافئًا كأشعة الشمس.”
آه، هكذا إذًا.
كلمات إيما جعلت فروة رأسي تحكّني على نحو غريب. فابتسمت بتكلف، محاوِلةً إخفاء ارتباكي، ثم خطرت لي طريقةٌ للهروب من هذا الجو المحرج.
“بالمناسبة، هناك أمرٌ أود إخباركما به مسبقًا.”
“نعم، آنسة؟”
لم أكن أعرف الموعد الدقيق، لكن قريبًا سيأتي ألفي إلى هنا.
ولأنني أعلم أن أغلب الخدم – باستثناء إيريسون – لن يرحبوا بقدومه، رأيت أنه من الأفضل تنبيههم مسبقًا لتجنب أي مشكلات.
“بعد أيام سيصل ألفي. تعرفانه جميعًا، أليس كذلك؟”
في تلك اللحظة تجمدت ملامح إيما. و تجاهلت الأمر وأكملت الحديث.
“إنه يصنع حلوياتٍ لذيذة جدًا. سيجلب بعض الطلبات التي أوصيتُه بها، فحين يصل أخبراني فورًا.”
تبادلتا نظرةً سريعة، ثم ابتسمتا بتصنعٍ معًا،
“نعم، آنسة.”
“حسنًا، سننصرف الآن.”
بعد مغادرتهما الغرفة، فتحت الكتاب مجددًا.
<“الآنسة تعيش بالفعل حبًا رومانسيًا جميلاً.”>
حبٌ رومانسي؟ أيّ حبٍ تقصدان؟
نحن فقط نقضي وقتًا معًا لأن علينا حل بعض الأمور، ليس أكثر.
“لا أفهم لماذا يظن الجميع غير ذلك.”
تمتمت لنفسي وأنا أقلب الصفحة.
***
في اليوم التالي، جاء الطبيب ماثياس – طبيب بلدة هامهين – إلى القصر ذي السقف الأزرق.
وبمجرد وصوله، وبعد تحيةٍ قصيرة، غادر إلى القرية برفقة ريكايل.
شعرت بالأسف لأنني لم أمهله وقتًا ليرتاح من عناء السفر، لكنه لم يُبدِ أي ضيق، بل رافق ريكايل بوجهٍ هادئ وواثق.
عاد الاثنان حين كنت قد أنهيت نصف الكتاب تقريبًا وأكلت كل ما أحضرته إيما من حلويات.
“شكرًا لكَ على مجهودكَ، وتعبكَ في المجيء.”
قلت ذلك بامتنان للطبيب الذي قطع طريقًا طويلًا استجابةً لرسالة ريكايل.
“لا تذكري ذلك، فحين يطلبني السيدان، أذهب إلى أي مكانٍ بلا تردد.”
ابتسم ماثياس ابتسامةً طيبة وهو يجلس على الأريكة ويشرب بضع رشفات من الشاي، ثم بدأنا الحديث.
“كيف حال الحدة الآن؟”
و ما إن نطقتُ بالسؤال حتى أظلمت وجوه الاثنين في اللحظة نفسها.
“من شدّة السعال يبدو أن مرضًا أصاب رئتيها.”
“آه…..”
“وصفتُ لها أعشابًا تساعد على التنفس بسهولة وتخفف السعال في الوقت نفسه.”
وضع فنجانه على الطاولة وتكلم بنبرة جادة.
“عمرها المتقدم لا يسمح بالشفاء التام، لكن إن واظبت على الدواء ستتحسن حالتها تدريجيًا.”
“هذا مطمئنٌ جدًا.”
“أما التهاب المفاصل والدوار فهما نتيجة الشيخوخة، ولا سبيل لمنع ذلك. أفضل دواءٍ الآن هو أن تتغذى جيدًا.”
أومأت ببطء، عازمةً على الاهتمام بها قدر استطاعتي طالما بقيتُ هنا.
“وعيناها؟ قالت لي أنها لا ترى بوضوح.”
“الحدقة لا تستجيب للضوء مطلقًا، للأسف لقد فقدت بصرها كليًا.”
كان محزنًا أن أعلم أنه لا سبيل لمساعدتها أكثر.
ثم وضع ماثياس فنجانه جانبًا وسأل،
“لكن، ألا يوجد طبيبٌ مقيم هنا؟ البلدة تبدو كبيرةً بما يكفي لوجود واحد.”
بمجرد سماعي سؤاله التفتُ لا إراديًا نحو ريكايل. و ترددتُ، غير متأكدة من الطريقة المناسبة للرد، لكنه تحدّث بهدوءٍ تام،
“الأطباء الماهرون نادرون في كل مكان.”
و بدا أن ماثياس أعجب بجوابه، فابتسم برضا.
‘ها هو مجددًا…..الثعلب كما هو.’
ثم غيّر ريكايل الموضوع بخفة.
“هل الأمور على ما يرام في هامهين؟”
فكرتُ قليلاً، لقد مضى وقتٌ طويل منذ مغادرتنا القصر.
كان من المفترض أن نعود بعد تفقد الدير والقصر فقط، لكننا أقمنا هنا أكثر مما خُطط له.
“نعم، لا شيء يُذكر على وجه الخصوص.”
نظر إليّ بطرف عينه، ثم رفع فنجان الشاي ليخفي ملامحه. وفي اللحظة ذاتها، رفعتُ فنجاني أنا أيضًا.
ثم تحدث السيد ماثياس مجددًا،
“لا أدري إن كان من اللائق أن أسأل، ولكن هل أنتما..…”
“……؟”
“هل بدأتُما حياتكما الزوجية هنا؟”
كاد الشاي أن يعلق في حلقي من شدة الصدمة، حتى شعرت بأن نفسي انقطع.
فالتفتُّ نحو ريكايل، وكنت واثقةً بأنه سيتولى الإجابة ببراعة كالعادة، لكنه كان يحتسي الشاي بهدوءٍ مغمض العينين وكأن شيئًا لم يُقال.
‘هيّا، قل شيئًا مقنعًا على الأقل!’
لكن لا، لم يبدُ عليه أي نيةٍ لإنقاذ الموقف. و لم يكن أمامي سوى التدخل بنفسي.
“لا، لا، الأمر ليس كما تظن.”
لكنني لم أجد أيضًا طريقةً مناسبة لتفسير الوضع بوضوح.
كنت أفكر كيف أتجاوز هذا الموقف بأقل ضرر، حين أومأ ماثياس برأسه ببطء،
“كما لاحظتما سابقًا، أنا رجلٌ كتوم جدًا، ولن أفكر أبدًا في إفساد خلوتكما. في النهاية، أليس الأهم هو ما يجمع بينكما، لا الظروف؟”
“لا، الأمر ليس كذلك، نحن..…”
“لا تهتما بنظرات الناس، واستمتعا بوقتكما فحسب.”
“…….”
“الحياة لا تُعاش سوى مرة واحدة، لذا من الأفضل أن يعيش المرء كما يريد.”
كنت على وشك أن أبدأ بالشرح، لكن كلماته قطعتني تمامًا وأفقدتني القدرة على الرد.
“حين يرى المرء المرضى يوميًا عن قرب، يبدأ يفكر بهذه الطريقة.”
أنهى ماثياس كلامه ثم نهض واقفًا.
“سأستأذن الآن. أحتاج أن أرتاح قليلًا من عناء السفر، هل يمكنني المبيت هنا ليلةً واحدة؟”
فابتسم ريكايل بهدوء وأجاب بلطافة،
“بالطبع، ابقَ متى ما شئت.”
بعد مغادرته، خيّم على الغرفة صمتٌ غريب لم يبدُ فيه أحدنا راغبًا في كسره.
نظرت إلى ريكايل فلاحظت عليه علامات التعب أكثر من المعتاد.
“لقد بذلتَ جهدًا كبيرًا اليوم.”
كنت أعني ما أقول — فلم يكن إحضار ماثياس فقط ما شكرته عليه، بل أيضًا مرافقتُه له حتى عودته.
“ألم يتساءل ماثياس عمّن تكون الجدة؟”
من طبيعته الفضولية كنت أظنه سيغرقه بوابلٍ من الأسئلة.
“بل كان في غاية الفضول.”
كما توقعت.
“وماذا قلتَ له إذًا؟”
ابتسم ريكايل ابتسامةً خفيفة فيها بعض الدعابة،
“قلتُ له أن في القرية سببًا يمنع وجود طبيب، لذا من الأفضل ألا يطرح أي أسئلة.”
“كم أنتَ مشاكس!”
اكتفى بهز كتفيه بخفة ثم اقترب مني قليلًا.
“لقد أرسلتُ أيضًا رسالةً إلى كويل، لذا سيصل رده قريبًا.”
أومأت ببطء وأنا أفكر.
“هل تظن أنه سيتمكن حقًا من التأكد من توقيع الدوق؟”
“علينا أن ننتظر لنرى.”
كان ريكايل يثق بكويل ثقةً مطلقة، كما فعل في حياته السابقة، وفي تلك التي سبقتها أيضًا.
‘لكنه ليس خارقاً، فكيف سيعرف التوقيع الموجود في ديرٍ بعيد؟’
كانت ثقته العمياء به مريبة بعض الشيء، ومع ذلك لم يكن هناك خيارٌ آخر سوى الاعتماد على كويل.
ثم عاد الصمت الغريب ليخيّم بيننا من جديد.
“…….”
شعرت أن الحديث لا يسير بسلاسة كما اعتدنا دائمًا. هل كان السبب كلمات السيد ماثياس التي تركها قبل قليل؟
ما هذا الشعور؟ الهواء في الغرفة بدا ثقيلًا حتى أن التنفس صار صعبًا.
فرفعت يدي بلا قصد لأحكّ أنفي وأنا أبحث عن لحظة مناسبة لكسر هذا السكون، وفجأة—
“قدماكِ—”
“لماذا لم يتصلوا—”
تحدثنا في الوقت نفسه، فتداخل صوتانا.
“تفضل أنتَ أولًا.”
قلت ذلك بسرعة، فخفض ريكايل رأسه قليلًا وتحدّث بهدوء،
“السيدات أولًا.”
“لم يكن الأمر مهمًا.”
“ولا كلامي أيضًا.”
“في الواقع…..نسيت ما كنت سأقوله.”
“هاه؟”
ابتسم بخفةٍ من زاوية شفتيه ونظر إليّ مباشرة.
“كنت سأطمئن على جرحكِ، كيف هو الآن؟”
“لقد شُفيَ تمامًا.”
“هذا يبعث على الارتياح.”
ومرة أخرى عاد الصمت ليغلف المكان.
“هممم.”
تملّكني الضيق من هذه الأجواء الثقيلة، فتنحنحت لكسرها.
“كنت فقط أتساءل…..لماذا لم يصلنا أي اتصال من الدير حتى الآن.”
قالوا أنهم سيتواصلون حين يعثرون على أي سجل يخص أمي، لكن مضت أيامٌ كثيرة بلا خبر.
“هل من الممكن أن السجلات لم تعد موجودةً لأن الأمر حدث منذ زمن بعيد؟”
أومأ ريكايل نافيًا برأسه.
“إن لم يصل أي خبر هذا الأسبوع، فسأتحرى بنفسي.”
“أي طريقةٍ كانت، فقط أرجو أن تكون تلك السجلات ما زالت محفوظة.”
أين تكون والدة كلاريتا الآن؟ وإذا التقيت بها فعلًا، فبأي شعور سأواجهها؟
‘هل سأتمكن حتى من لقائها؟’
دفنت مشاعري الغامضة في أعماقي، واكتفيت بابتسامةٍ باهتة.
“سأخرج الآن، حاولي أن ترتاحي قليلًا.”
نهض هو أيضًا، وكأنه شعر بنفس الجو المختلف الذي غلف الغرفة.
“السيد أغريست.”
و ناديت عليه، فتوقف عن الحركة.
“شكرًا لكَ.”
لم يكن هناك سببٌ محدد، لكنني رغبتُ فقط في قولها.
_________________________
رياكايل سكت على الطبيب كانه ناويها اشاعات😂😭
المهم صح نسيت ذي الي مفروض تدور عن تم كلاريتا عسا ماشر
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 57"