ابتسمت ابتسامةً محرجة تشبه ابتسامة من ضُبط متلبسًا بأمرٍ لا ينبغي له.
ثم سألني إيريسون بابتسامةٍ هادئة،
“كيف كان المهرجان؟”
“المهرجان..…”
كانت فرصةً لأجعل الحديث طبيعيًا، لكن لسوء الحظ لم أستطع. فما إن سمعت كلمة مهرجان حتى تذكرت وجه ألفي الشاحب وصوت العجوز الغامض.
“كان أكبر مما توقعت.”
“نعم، إنه مهرجانٌ يأتي إليه الناس من القرى المجاورة أيضًا. وبعد شهر سيُقام في ميغيلون وبونجي وتوركا كذلك.”
أومأت برأسي ببطء وسألته،
“كبير الخدم، لستَ من هذه البلدة في الأصل، أليس كذلك؟”
“صحيح، جئت إلى هنا بأمرٍ من الدوق أغريست.”
“إذاً، لست على معرفةٍ كبيرة بأهل القرية؟”
عندها أمال رأسه قليلًا وسألني بدلًا من الإجابة،
“هل هناك شخصٌ تودين أن أتحقق من أمره؟”
ترددت لحظة.
كنتُ أخشى أن يُسهم سؤالي هذا في زيادة سوء الظنون تجاه عائلة ألفي. لكن لم يكن أمامي خيارٌ آخر غير أن أسأل.
“هل تعرف صبيًّا يعيش في بيت الطوب الأحمر على أطراف القرية؟ اسمه ألفي.”
فكر إيريسون قليلًا ثم،
“أظنني سمعت عنه مرة…..لكنني لستُ متأكدًا.”
ثم أضاف بسرعة قبل أن أقول شيئًا،
“هل ترغبين أن أتحرى عن أمره؟”
لكنني ندمت في اللحظة التالية.
فإن كان لديّ ما أريد معرفته عن ألفي، فالأجدر أن أسأله بنفسي. لم يكن من الصواب أن أطلب من أحدٍ أن يتقصى خلفه وكأنني أشك به.
“لا، لا داعي يا سيد. كنتُ فقط أسألك إن كنتَ تعرفه.”
“آه، فهمت.”
“في الواقع…..التقيت به أثناء المهرجان.”
حدّثتُ إيريسون عن الحلوى التي يصنعها ألفي مع جدته، فأصغى إليّ باهتمام وبدت على وجهه علامات الفضول.
“يبدو أمرًا مثيرًا للاهتمام…..أي نوعٍ من الحلوى هي؟”
ابتسمتُ بسعادة حين سمعته يقول ذلك و أجبتُ بحماس،
“لذلك طلبت منها كميةً كبيرة!”
“هاه؟”
“أعتقد أن ألفي سيأتي خلال أيامٍ قليلة لتسليمها.”
“إلى هنا؟”
اتسعت عينا إيريسون دهشة. وحين رأيت تعابير وجهه تلك، لم أستطع أن أقول له الحقيقة — أنني طلبت كل تلك الحلوى فقط لأنني شعرت بالشفقة على ألفي.
“نعم، لن نستقر هنا نهائيًا بعد، لكننا سنبقى لبعض الوقت على أي حال.”
“حسنًا، آنسة سوبيل.”
“كنتُ أفكر أن أشارك الخدم وبعض العاملين في القصر منها، وربما الجيران أيضًا إن أمكن.”
فابتسم إيريسون ابتسامةً لطيفة.
“ما أطيب قلبكِ يا آنسة سوبيل.”
“لا، الأمر ليس كذلك، إنها فقط…..لذيذةٌ حقًا.”
أومأ إيريسون موافقًا،
“حين يأتي الصبي الصغير، سأستقبل الطلب بنفسي.”
“شكرًا لكَ.”
“هل تحتاجين إلى أي شيءٍ آخر؟ إن احتجتِ لأي مساعدة، فأخبِريني في أي وقت.”
“حسنًا، سأفعل.”
غادر إيريسون بعد أن انحنى بخفة، وبينما كنت أهمّ بالصعود مجددًا إلى الطابق الثاني، توقفت ثم استدرت.
لكن هذه المرة، لم أقف مترددةً أمام الباب كما فعلت سابقًا.
‘حسنًا، ليس وكأن دخولي إلى الغرفة ممنوع.’
رفعت يدي وطرقت الباب بخفة، ثم فتحت الباب ودخلت.
و في الداخل، كان ريكايل جالسًا إلى مكتبه، يخطّ شيئًا بالقلم بانتباهٍ شديد. و لم يشعر بوجودي، إذ كان غارقًا في الورقة الموضوعة أمامه.
“….…”
لا أدري لماذا، لكنني لم أستطع أن أزيح بصري عنه، وبقيت متجمدةً مكاني للحظة.
“قلتُ ألا يدخل أحدٌ إلى هنا قبل أن أطلب ذلك بنفسي—”
رفع رأسه فجأة وقال ذلك بنبرةٍ منخفضة خشنة.
“هل أخرج إذًا؟”
ابتسمت بخفة ورفعت يديّ في استسلام. عندها وضع ريكايل القلم جانبًا وردّ بفتور،
“ما الأمر؟”
‘ما الأمر؟ لا شيء…..فقط كنتُ قلقةً عليك، أيها عنيد.’
“ماذا تكتب بكل هذا التركيز؟”
لم يجب، واكتفى بالنظر إليّ طويلاً بصمت.
‘لا يريد أن يجيب؟ حسنًا، كما تشاء.’
“ولماذا ما زلتَ هنا طوال الوقت؟ لم تأكل شيئًا حتى الآن.”
قلت ذلك وأنا أتحرك بخفة نحو وسط الغرفة. بينما تابعني بعينيه ثم أجاب بصوتٍ جاف،
“أحتاج فقط لبعض الوقت لأرتّب أفكاري.”
‘منذ عدنا من منزل ألفي وأنا أشعر بانقباضٍ في صدري، فكيف به هو؟’
لابد أن ما يشعر به أعمق بكثير مما أستطيع تصوره…..لكن رؤيته محبوسًا هنا هكذا تؤلمني.
“مهما يكن ما تكتبه — رسالةٌ أو يوميات — صدّقني، حين تتشابك أفكاركَ، الكتابة لا تساعد كثيرًا.”
عندما ينهار الإنسان نفسيًا، لا تكفي الكتابة أو محاولة تهدئة النفس لتجاوز الألم.
“هل تعرف ما الذي يجب أن تفعله في مثل هذه الأوقات؟”
رفع ريكايل نظره نحوي بعينين فارغتين تمامًا، نظرة تقول بوضوح: ‘حتى لو كنتُ أعرف الجواب، لا أريد أن أتكلم. اتركيني وشأني.’
لكنني لم أستسلم لذلك التعبير البارد، ومضيت أتكلم بإصرار.
“أن تخرج وتتحرك قليلًا، هذا ما تحتاجه.”
“…….”
كانت كلماتي واثقة، لكن ريكايل لم يُبدِ أي رد فعل.
“إن كنتِ قد انتهيتِ من الكلام، فاذهبي الآن—”
غير أن ملامحه الجافة، و وجهه الشاحب الخالي من الحياة، جعلتني ببساطة غير قادرة على تركه هكذا.
تقدمت نحوه بخطواتٍ واسعة، حتى وصلت إلى مكتبه، ثم وضعت كفّيّ بقوة على سطحه و تحدّثت بصوتٍ حادّ،
“سيد أغريست، هل أنتَ جيدٌ في الجري؟”
***
وفي النهاية، سحبته من الغرفة رغم مقاومته وعناده. و خرجنا إلى الخارج، بينما كان وجهه يقول بوضوح أنه لا يريد فعل أي شيء، كأن روحه ما زالت عالقةً هناك في الغرفة.
“من الآن، سنراهن.”
عند سماع كلمة (رهان)، بدا وكأن شيئًا من الفضول تحرّك فيه، فأمال رأسه قليلًا.
“هل ترى تلك الشجرة هناك؟ سنجري حتى نلتف حولها ثم نعود إلى هنا.”
أشرت إلى شجرة الدلب البعيدة بإصبعي. فأطلق ريكايل ضحكةً قصيرة ساخرًا.
“لا تقصدين أننا سنجري إلى هناك حقًا؟”
“بل أقصد ذلك تمامًا ذلك.”
“…….”
أجبته بثقة، وعندها — لأول مرة — ابتسم ريكايل. و كنت أعلم أن ابتسامته تلك لم تكن إلا سخرية خفيفة.
ثم سألني وهو يميل رأسه جانبًا،
“أحقًا تريدين أن تتحديني في سباق جري؟”
“بالطبع.”
“لكن ما فائدة هذا الرهان؟ ما الذي سنكسبه منه؟”
“الخاسر ينفّذ طلبًا واحدًا للفائز. ما رأيكَ؟”
“رهانٌ سخيف.”
“سخيف؟ إذًا قل أنتَ ما الذي تريده.”
“ما أريده، هاه..…”
في تلك اللحظة، هبّت نسمةٌ رقيقة وحرّكت خصلات شعره.
وفجأة، عاد إلى ذهني مشهدٌ من ماضٍ قريب، ثقيلٍ بالوجع.
“اكذبي من أجلي مرة واحدة فقط.”
“فقط وافقيني أمام الناس، هذا كل ما أريده منكِ.”
آه، ليتني لم أقل كلمة “رهان”.
لكن ريكايل، حين تحدث أخيرًا، نطق بكلمةٍ واحدة بسيطة وواضحة.
“أمنية.”
______________________
امنية؟ امنيتك وش؟ اجيبها لك على راس ابوك ولا يهمك
ايليسون ذاه اشك انه يعرف الفي وجدته بس ماعندي دليل
المهم كلاريتا بنتي احبها بس طيبتها الزايده مشكله😔 على الاقل اشوى ما ارتاحت لذاك تيرون
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 52"