أما إيريسون فاكتفى بهز رأسه مبتسماً، دون أن يبدو عليه أي ضيق.
“حتى أنتَ يا إيريسون، ارتح غداً.”
“حسناً آنسة سوبيل، كما تأمرين. غير أن..…”
تردد قليلاً قبل أن يضيف،
“لا أدري إن كان من الحكمة أن يُترك البيت خالياً يوماً كاملاً.”
عندها رفع ريكايل رأسه عن الصحيفة التي كان يقرأها، وتحدث لأول مرة،
“آنسة سوبيل، لم تنسي أن هناك خبراً ننتظره.”
آه، ربما يأتينا اتصالٌ من الدير.
لكنني كنت قد وعدت الجميع بالذهاب غداً، ولم أستطع أن أتراجع أمام وجوههم المتحمسة.
“إذاً ما رأيك يا سيد أغريست أن نذهب اليوم نحن الاثنين؟”
“اليوم؟”
“نعم، واليوم أيضاً العرض مجاني.”
لوّحت إيما بيديها فرحاً، وكأنها تصفق دون صوت. فنهض ريكايل على الفور، كأنه كان بانتظار هذا الاقتراح.
“لنذهب.”
وما إن وضع الصحيفة جانباً حتى تحدّث إيريسون،
“آنسة سوبيل، هل تنوين الذهاب حالاً؟”
كان المهرجان هذه المرة مختلفاً. فلم يكن هدفه كشف حقيقة ما، ولا مواجهة ماضٍ ثقيل، بل مجرد متعة خالصة.
ولمجرد هذه الفكرة، اجتاحني إحساسٌ بالتحرر، فانطلقت كلماتي مفعمةً بالنشاط،
“نعم، سأذهب الآن.”
ثم اقترب مني إيريسون خطوةً أخرى، وردّ بابتسامة دافئة،
“هاينز مكانٌ كريم حتى مع الغرباء. لكن..…”
“…….”
“احذري من الإفراط في كرمهم، وتذكري أن لكل شيءٍ سبباً.”
“ماذا تقصد؟”
“أتمنى ألا تتدخلي بعمق في حياة أهل القرية. أخشى على طيبة قلبكِ، آنسة سوبيل.”
كان في نبرته الأخيرة شيءٌ من البرودة جعلني ألتفت إلى ريكايل بلا وعي.
“أهذا تحذير؟”
“بل خلاصة ما علّمتني إياه التجارب. فواجبي أن أرعاكِ كما ينبغي.”
فابتسمت بهدوء لكنني أجبته بحزم،
“حسناً، سأنتبه.”
***
ثم سرعان ما نزلنا إلى القرية.
وبينما أتنفس بعمق وأتأمل ما حولي، وقعت عيناي على بيوت المزارعين المتقاربة، كما هو مألوفٌ في أطراف المدن الريفية.
“يبدو أننا بحاجة إلى الدخول إلى الداخل لنشعر بأجواء المهرجان.”
بعد المرور بالممر الضيق، ظهرت منازل من جذوع الأشجار وساحة واسعة.
وبينما واصلنا السير قليلاً، لفتت انتباهي الشوارع المزدحمة أكثر من السابق.
كان الناس يخرجون من الأزقة، ومن الدروب الصغيرة، ومن خلف الأبواب المغلقة التي فُتحت فجأة. و بدأت أُدرك حقيقة انطلاق المهرجان.
“الطقس جميلٌ اليوم.”
المتاجر والمحلات البراقة كانت مشغولةً في تنظيف نوافذها خلال صباح مزدحم. و رأيت نساءً يحمِلن مظلات كبيرة وأطفالاً يحملون سلالاً.
“غداً سيكون المشهد مذهلاً حقاً.”
كانت الحركة والصخب في كل مكان، ومع ذلك، شعرت بسلام داخلي متناقض.
لقد كنا، بعد طول انكماش بسبب القلق والتوتر، نستمتع أخيراً بلحظة هادئة.
“آنسة سوبيل.”
بينما كنت أتأمل الحركة النابضة بالحياة، أشار ريكايل إلى ورقة ملتصقة على الجدار. كان مكتوباً عليها باللغة المشتركة: “الفلاح الشتوي”.
“يبدو أن هذا هو العرض الذي تحدثت عنه إيما. عنوانه غريبٌ وفريد.”
في تلك اللحظة، انطلقت من بعيد أصوات أجراسٍ نقية وعذبة.
“يبدو أن العرض على وشك البدء.”
اتجهنا نحو مصدر الصوت، وفجأة اندفع الناس من الزقاق نحونا.
“أوه!”
و مع ازدياد أعداد الأشخاص في الزقاق الضيق الذين يسيرون في اتجاه واحد، شعرت بالخوف.
‘سوف أُسحب معهم!’
في تلك اللحظة، أمسك ريكايل بيدي. ففوجئت بالدفء المفاجئ، لكني تمسكت بيده تحسباً لأي طارئ.
كانت مجرد يد، ومع ذلك شعرت بدفءٍ يتسرب إلى جسدي كله.
“تمسكي جيداً.”
سمعت صوت ريكايل قريباً، وفي الوقت نفسه شعرت بالقوة تنتقل عبر أيدينا المتشابكة.
ومع السير مع الحشد لبعض الوقت، ظهرت أمامنا ساحةٌ واسعة. و بعد أن تفرّق الناس المتجمعون، استطعنا أن نأخذ نفساً عميقاً.
“شكراً لكَ.”
كنت على وشك ترك يده، لكن ريكايل تحدث فجأة،
“يبدو أن العرض على وشك البدء.”
ثم أخذ بيدي وقادني معه دون أن يتركها.
‘أوه، ما هذا؟’
مع وجود الكثير من الغرباء والزحام، شعرت أن البقاء مكاننا قد يكون أفضل.
صحيحٌ أن عدد الناس كان أقل قليلاً من قبل، وأن الانتقال إلى مكان أوسع منحني بعض الراحة، لكن قلبي كان ينبض أسرع من حين كنا في الزقاق الضيق.
“يبدو أن هذا هو المكان الذي تحدثت عنه إيما.”
بينما اتبعنا الحشد، ظهر من بعيد مسرحٌ صغير.
ثم رن الجرس “دن دن دن!” بقوة، إذ قرع طفلٌ يقف على السياج الجرس بحماس. فبدأ الرجال المدهون وجههم باللون الأبيض والنساء المرتديات أزياءً براقة بالدخول من الباب الخلفي للمسرح.
“يبدو أنهم على وشك البدء.”
جلسنا بشكلٍ عشوائي وبدأنا نستمع إلى غناء الممثلين، وضحكنا بصوت عالٍ. وخلال كل ذلك، ظلّت يدي مرتبطةً بيد ريكايل بإحكام.
أحياناً رغبت أن أصفق فأرتجف جسدي، لكنه نادراً ما أفرج عن يدي. و حتى انتهى العرض، كان علينا البقاء متصلين كأننا مربوطان معاً.
“كيف كان؟”
حين بدأ الناس يتفرقون بعد انتهاء العرض، تظاهرت برفع شعري لأتمكن بخفية من ترك يده.
“بمجرد أن رأيت الآنسة سوبيل تستمتع، اكتفيت.”
قال ريكايل ذلك فجأة بتعليقٍ لطيف، ثم ابتسم برقة.
“وأنتَ أيضاً بدوتَ مستمتعاً إلى حدٍ كبير.”
غادرنا الساحة مجدداً واتجهنا نحو مكان الأكشاك. و ربما لأن الوقت مر، كان المكان الآن أكثر ازدحاماً مقارنةً بالصباح.
ومع مرور الوقت، شعرت أننا قد اندمجنا تماماً في الأجواء الصاخبة والمرحة.
“اشتروا الشرائط، شرائط جميلة!”
لفت صوتٌ من مكان ما انتباهي، فالتفت لأرى امرأةً ودودة الوجه تبيع الشرائط من كشكها.
“يالكِ من فتاةٍ لطيفة وجميلة، اشترِ شريطاً جميلاً يليق بكِ.”
ابتسمت المرأة وهي تقدم لي شريطاً أحمر.
“آه….”
و بينما كنت أتردد، اقترب ريكايل من كشك المرأة. فابتسمت له المرأة حين اقترب.
“سيدي الكريم، اختر لزوجتكَ شريطاً جميلاً.”
“لا، أنا….لسـ-”
كنت على وشك التراجع حين تدخل ريكايل فجأة مقاطعاً كلامي.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 46"