ابتسم إيريسون بهدوءٍ وهو يرمقني. وحين لم أنطق بشيء، هز كتفيه بخفة.
“هذا القصر لا يقارن بقصر أغريست طبعاً، لكنكِ لن تجدي هنا ما يزعجكِ. المكان أهدأ من هاميهين، والناس كلهم طيبون. إن قضيتِ فيه بضعة أيامَ فقط، سيعجبكِ بلا شك.”
لم أستطع أن أجيب بسهولة.
لو أنكرت لكل شيء وجلستُ هنا، لكنتُ بخيرٍ أنا وحدي. لكن ماذا عن ريكايل؟ ألم أعلم بالفعل أن بقاءه في قصر أغريست لا يقود إلا إلى الموت؟
لقد تحركت لأجل بصيص أمل، علّني أجد طريقةً ما لإنقاذه. لكن والده يطلب ألا أبحث في شيء؟ ويقول أن فضولي سيصبح بذور الشقاء؟
“آسفة……لكنني عزمت أمري منذ أن غادرت.”
ابتسمت بخفة وأضفت،
“الليلة سأبيت هنا. غداً عند الفجر سأرحل، فلتأخذ ذلك في الحسبان.”
“مفهوم يا آنسة سوبيل.”
أجاب إيريسون بلا جدال، ثم أعد لنا طعاماً بسيطاً وجهز غرف النوم.
كل شيء تم بوضوح وسرعة. و يبدو أنه طوال بقائه في هذا القصر كان على أهبة الاستعداد لاستقبالي في أي وقت.
“إذاً……استريحي الآن.”
“شكراً لكَ.”
وما إن غادر حتى تمددت على السرير.
‘يا له من سرير وثير.’
و يا له من يوم طويل. فمنذ الصباح لم يهدأ رأسي، من مواجهة الأشباح إلى اكتشاف ماضي ريكايل.
كنت قد تعهدت في هذه الحياة ألا أغادر القصر أبداً. لكن ها أنا أغادره، وأصل حتى القصر الذي تركه لي الدوق.
‘هل يمكن الوثوق بإيريسون؟’
حين خفّ التوتر، بدأ الشك يتسلل إليّ: هل أحسنتُ حين عرضت عليه الرسالة؟ و من يكون حقاً؟
جلست ببطء.
هو من أقارب السيدة مايل……هذا ما جعلني أظن أنه جدير بالثقة. لكن……ماذا لو كان اسماً مستعاراً؟
أخذتني الشكوك بلا نهاية.
‘ألا يعرف ريكايل إن كان للسيدة مايل قريبٌ شاب بالفعل؟’
هل عليّ أن أسأله الآن؟
فجأة تملكني فضولٌ لما قد يفكر فيه. فنهضت بسرعةٍ وتوجهت إلى الباب، لكن الوقت كان متأخراً جداً للبحث عن ريكايل.
‘لقد كان يوماً مرهقاً له أيضاً.’
لا شيء أشد قسوةً من استحضار ماضٍ مؤلم وكشفه للآخرين. وبالأخص لشخص يخفي مشاعره عادة.
قد يبدو متماسكاً، لكن لا بد أن الحديث عن الدوق أغريست آلمه بشدة.
أن ينتهي الأمر بوالدٍ لم يكن صالحاً في حياته، ثم يعذّب ابنه حتى بعد موته!
٬ظاهرياً يبدو رجلاً سيئاً للغاية……’
ومع ذلك كان يخالجني شعور أن ما ظهر ليس كل الحقيقة. فلو كان شريراً خالصاً، لما خطط لكل هذا.
سأكشف الأمر بنفسي. ولن أسمح أن ينتهي حال ريكايل إلى موتٍ بائس.
‘وفوق ذلك……عليّ أن أفعلها لأتحرر من هذا الجحيم المسمى بالعودة.’
عدت لأستلقي على السرير من جديد. و لم أكن أفكر في الغد بقدر ما أردت أن أطوي صفحة هذا اليوم بسرعة.
***
كنت أسير في ممر يلفه الظلام.
كان مكاناً مألوفاً على نحو غريب، لكني لم أستطع تحديده. فاجتاحني الرعب، ومع ذلك منحني فراغه شعوراً عجيباً بالارتياح.
شعرت ببصيصٍ من الأمل أني إذا واصلت السير حتى النهاية سأصل إلى الخارج.
حينها، لمحت ضوءاً خافتاً من بعيد. فزادت سرعتي قليلاً في الخطو، وفجأة بدأ الضوء الذي كان بعيداً يكبر تدريجياً ويقترب بسرعة.
تفاجأت فتراجعت خطوةً إلى الوراء، فإذا بصوتٍ غريب يأتي من خلفي.
“……!”
ثم تغير المكان في لمح البصر. و كنت في قصر أغريست، والجدران بدأت تضيق تدريجياً نحوي.
“آه، لا……”
لم أستطع إيجاد مفرّ، ولا أي مخرج. و كنت أترنح في يأس، وإذ بصوت ضحكٍ يتردد من مكان ما.
لقد كان الجدار الذي اقترب مني، كان الصوت يتسرب من اللوحة المعلقة عليه.
“آآه!”
ما إن فتحت عينيّ حتى أدركت أن كل شيء كان حلماً، لكنه لم يكن حلماً عادياً.
بدا وكأنني كنت للتو في قصر أغريست، والآن عدت إلى هذا القصر مباشرة.
“ههك……ههك……”
انساب عرقٌ بارد على جبيني.
و رغم أنني خرجت من الكابوس، إلا أن صوت الضحك القادم من اللوحة بدا ما يزال يتردد في أذني.
“أوه……”
سحبت اللحاف بإحكام حولي. فقد كان جسدي يرتعش، وشعرت أن هذا الرعب لن يزول بسهولة.
كنت أعلم أنه في مثل هذه اللحظات من الأفضل النهوض، و شرب الماء أو تغيير الجو، لكنني لم أستطع التحرك.
فور أن حاولت وضع قدمي تحت السرير، اجتاحني خوفٌ مفاده أن هذا القصر قد يتحول الي شيءٍ ما ليبتلعني.
طُق طُق-
حينها، طرق شخصٌ ما الباب.
“!”
بالتأكيد لم يكن حلماً عادياً. ربما بدأ كابوسٌ آخر.
كنت مغطاةً باللحاف، مشلولةً من الرعب، حينها، فُتح الباب ببطء ودخلت هيئة مظلمة إلى الداخل.
“آه!”
صرختُ من الخوف، ثم انبثق صوتٌ منخفض بعد ذلك.
“شش……”
“ريكايل؟”
كان الداخل هو ريكايل. وقد أخذ نفساً طويلاً ثم اقترب مني.
فقط حقيقة أنه وجهٌ مألوف منحتني بعض الاطمئنان.
حينها، دوّت خطواتٌ صاخبة من الطابق السفلي، ثم طُرق الباب.
“آنسة سوبيل، هل هناك ما حدث؟”
ما تسلل من وراء الباب المغلق كان صوت إيريسون الخافت.
يبدو أنني صرختُ بما يكفي لإيقاظ كل من في القصر.
“لا بأس.”
“هل أنتِ حقاً بخير؟”
رمقت ريكايل الذي وقف متجمدًا، ثم نادت مجدداً بصوتي.
“نعم، لقد كان مجرد كابوس. آسفة إذا أخفتكَ.”
“هل أحضر لكِ شيئاً دافئاً؟”
“لا، سأكتفي بالنوم فقط.”
“إن احتجتِ أي شيء، ناديني في أي وقت.”
“شكراً لكَ، أنا بخير. اذهب ونم.”
وبعد لحظات، ابتعدت خطواته ببطء.
حينها ابتسمت لريكايل بخفة، ولو كان ضباب الغرفة حال دون رؤية تعابير وجهه بوضوح.
“آسفة.”
شعرت أنني أعرف ملامحه رغم الظلام.
“لقد جئت لأنكَ كنتَ قلقاً؟”
“جئتُ لأتأكد فقط.”
“؟”
“لا أريد أن يموت وريث أغريست وحيداً في مكان نائي.”
بالرغم من كلامه، أعلم أنه جاء بدافع القلق.……أليس هذا صحيحاً؟
بينما كانت أفكاري تنحرف قليلاً، سألني ريكايل مجدداً،
“هل حلمتِ بالعودة إلى القصر؟”
“كيف عرفتَ؟”
و بينما سألت بدهشة، أشعل ريكايل شمعة. ثم بدأت النور الدافئ يملأ الغرفة ببطء.
و بمجرد النظر إليه هدأ قلبي.
“ربما من الأفضل أن تشربي شيئاً ساخناً قبل النوم.”
“لا بأس.”
في الحقيقة، كنت أرغب في شرب شاي أعشاب دافئ وعطري، لكن أكثر ما رغبت به أن يبقى ريكايل هنا معي.
لم أرغب في أن يفسد أي شيءٍ هذه اللحظة من السلام الذي وجدته بصعوبة.
“من الجيد أنكِ بخير.”
بينما كنت أحدق في الشمعة بذهول، توجه ريكايل نحو الباب.
“السيد أغريست.”
فناديته بسرعة حين حاول الخروج.
“هل أنتَ ذاهب؟”
__________________________
تبيه يقعد هاهااعا بكره العرس
الفصل قصنون يعني مافيه الا حلم كلاريتا ابو الغموض ذاه
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات