الأفعى السوداء التي اختبأت تحت السجادة ثم انقضت عليّ.
‘تلك الأفعى أيضًا، لا بد أن الشيطان هو من جلبها إلى القلعة.’
شيطان وأفعى…..أليس توافقًا مخيفًا متقنًا؟
وما إن انساب التفكير حتى تذكرت الحادثة في قاعة الحفل.
‘هل سقوط الثريا أيضًا كان من فعل الشيطان؟’
ثريا سليمة تمامًا سقطت فوق رأسي، وكيف يُفسَّر ذلك إن لم يكن محاولةً متعمدة لاغتيالي؟
لا ريكايل، ولا كويل، ولا حتى يد مساعده.
‘نعم، لم أكن مخطئة.’
الحدس أخذ يتحول إلى يقين. ثمة كيانٌ متخفٍّ في هذه القلعة يترقب اللحظة ليزهق روحي.
“السيد أغريست.”
كلما غادرت القلعة، كان ريكايل هو من يموت.
والآن بدأت أتبين السبب.
ذلك لأن الشيطان كان يستهدف ريكايل من خلالي، فإن لم يأخذ حياتي…..أخذ حياته بدلًا مني.
“قد لا تصدق كلماتي، لكن أرجوكَ، مرة واحدة فقط، استمع إليّ بجدية.”
إن أردتُ أن أنقذه وأغيّر المصير، فلا بد أن أجعل ريكايل يؤمن بهذه الحكاية التي تبدو ضربًا من الخيال.
حينها رمقني ريكايل بنظرة ثابتة،
“أصدق كل ما قلتِ.”
كِدت أن أكمل حديثي، لكن شفتي انعقدتا. فوجهه لم يكن كعادته.
وهناك شيءٌ خفي عبر بيننا، غامض لكنه محسوس، قبل أن يمزق صوته الرزين سكون الغرفة،
“لأني اختبرت الأمر بنفسي، كلاريتا.”
لم أجد سبيلًا لأي رد. أولًا، لأنه نطق اسمي من جديد. وثانيًا، لأن كلماته باغتتني كالصاعقة.
“حقًا؟ هل ما تقوله صحيح؟”
كان وقعه عليّ مدهشًا ومرعبًا في آنٍ واحد.
أما هو، الذي ألقى قنبلته، فقد ظل بملامح هادئة لا اضطراب فيها.
“إنها الحقيقة.”
“هاه..…”
اختلطت دهشتي بالارتياح. فما أشد قسوة أن تعيش ما أعيشه ولا يصدقكَ أحد.
“إذاً كنت تعلم منذ البداية؟”
هز ريكايل رأسه ببطء.
“لم أعلم على وجه الدقة.”
“…….”
“كنت فقط أوقن أن ثمة قوةٌ غامضة، إما في القصر أو ملتصقةٌ بي شخصيًا.”
رغبت في أن أسمع منه المزيد. فأنزلت الحقيبة التي كنت ما أزال ممسكةً بها دون وعي، وسألته،
“السيد أغريست، متى بدأت تشعر بتلك القوة الغريبة؟”
هل لوجودي في القصر علاقةٌ بذلك؟ تساءلت وأنا أطرح سؤالي بحذر.
غير أن جوابه جاء مفاجئًا،
“منذ كنت صغيرًا جدًا.”
“منذ ذلك الحين؟!”
“أجل، تحديدًا منذ لحظة دخولي إلى هذا القصر.”
كنت أعلم من خلال الرواية أن ريكايل طفلٌ متبنى. لكن ريكايل لم يكن يعرف أنني أعلم بذلك.
“الآنسة سوبيل.”
نظر إليّ بعينين يعلوهما السكون،
“كل ما أذكره أنني كنت جائعًا جدًا، محاطًا بالظلام من كل صوب، والبرد ينهشني.”
جلست في صمت أترقب أن يُكمل حديثه.
“وفي قاع حفرةٍ لا نهاية لها، مدّ الدوق أغريست يده وانتشلني.”
“…….”
“وحين جئت إلى هنا، أدركت أنني أشبهه كثيرًا.”
“الدوق هو من غيّر مجرى حياتكَ إذاً.”
ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ مرة. ورأيت فيه قدرًا كبيرًا من الأسى.
ربما كانت هذه المرة الأولى التي يبوح فيها بماضٍ لم يجرؤ يومًا على التلفظ به.
قصةٌ يثقلها الوجع، عسيرة على اللسان.
“كنت مذهولًا، لكنني بدأت أعتاد على الحياة الجديدة قليلًا قليلًا. حتى أدركت أن في هذا المكان شيئًا غير طبيعي.”
أغمضت عيني بقوة، كأنني أريد أن أصدّ الألم الذي تخيلت أنه عاشه.
طفلٌ صغير يتعرض لتعذيب من والدته بالتبني أمارنتا، وفوق ذلك يطوف بهول أحداثٍ غريبة.
كم كان مرعِبًا له أن يعيش في مكان لا يمكنه الفرار منه ولا الاختباء.
“لابد أنكَ عانيتَ كثيرًا.”
“في البداية، أقنعت نفسي أن الأمر لأنني دخيل.”
“وماذا بعد؟”
“لكن الغرباء الذين يدخلون القصر ويخرجون كثيرون…..ولم يرَ أحدٌ غيري تلك الظواهر.”
أومأ برأسه ببطء.
قال أنه أخبر مربيته أولًا، ثم كبير الخدم، لكنهم لم يفعلوا سوى السخرية منه.
“ربما لهذا السبب حاولتُ الهرب من هذا المكان.”
استشعرت وحشة الطفل ريكايل وخوفه كما لو أنه ما زال حاضرًا.
“لأنه لم يصدقكَ أحد.”
حتى الدوق أغريست وأمارنتا لم يكونا استثناء.
غير أن شيئًا ما أثار شكوكي.
“السيد أغريست.”
قاطعته، فالتفت إليّ بعينين متسائلتين.
“أظن أن الأمر مختلفٌ قليلًا.”
“؟”
“أعتقد أن الدوق أغريست كان يعلم بوجود شيء في هذا القصر.”
لم يجب، لكن الارتباك بدا جليًا على وجهه.
“هذا مستحيل. والدي لم يُبدِ ذلك قط…..”
لأول مرة، تسللت مسحة قلق إلى عينيه. و راح يمرر أصابعه على شفتيه ويتمتم،
“هذا غير معقول.”
حكى لي أنه منذ صغره لم يستطع أن يتفوه بما رآه مرة أخرى.
صبر بعناد، وتظاهر بالإنكار، وعندما هدده والده بأن يزج به في مصحة عقلية إن هو أعاد الحديث عنها، صار خوفه من والده أشد من خوفه من القلعة وما يسكنها.
“كان يعلم ومع ذلك تظاهر بالجهل إذاً.”
لم أستطع أن أؤيد كلمة تظاهر ما دام لم يشهد الأمر بعينيه.
“لابد أن هناك سبـ-”
لكن بدا وكأن كلماتـي لم تصل إلى ريكايل.
“فلماذا فعل بي ذلك إذاً؟ إن كان يعلم، ما كان ينبغي له أن يصمت.”
ربما لأنه كان يرى فيّ انعكاس طفولته، بدا هذه المرة على غير عادته منفعلاً وهو يفرغ كلماته.
“السيد أغريست.”
“إن كان هذا صحيحًا، فلن أستطيع أن أغفر لوالدي أبدًا. سأستولي على هذا القصر بيدي، وأمحوه من الوجود.”
وبعد عبارته، سكن جو الغرفة بصمت بارد.
ثم ابتعد ريكايل عن المكتب، وسار نحو النافذة، بينما بقيت أنا واقفةً أمام الأريكة.
“…….”
هكذا إذاً. لم يكن هدفه مجرد إثبات أنه الوريث الشرعي للعائلة.
هل كان يسعى لتعويض طفولةٍ بائسة، أم أن ما يدفعه هو نقمته على والده؟
لكن عبارته تلك، عزمه على محو القصر من الوجود، بدت في أذني مخيفةً حد القشعريرة.
هل يمكن أن يكون الدوق قد شعر بنيّاته مسبقًا، ولذلك أوكل إليّ ملكيتها؟
لا، لو كان يخشى ذلك لما سلّمها لغريب تمامًا.
تملكتني أنفاسٌ ثقيلة، فالتقطت شجاعتي واقتربت منه بحذر.
“السيد أغريست.”
تأملت ظهره الموحش لحظةً قبل أن أواصل.
“لابد أن هناك سببًا وجيهًا.”
كنت مؤمنةً بذلك. حتى وإن بدا كل شيء غامضًا ومشوَّشًا حتى الآن.
“أليس غريبًا أن ما كنت أنتَ وحدكَ تراه، صرت أنا أيضًا أراه؟”
أن يعيش آخرون في القلعة سنين طويلة دون أن يشعروا بشيء، بينما أنا التي لم يمض على وجودي هنا سوى القليل قد عاينت قواها الغامضة…..أليس ذلك في حد ذاته أمرًا عجيبًا؟
“لا يجمع بيننا أي قاسم مشترك. لستُ ابنة عائلة نبيلة، ولم ألتقِ بالدوق من قبل.”
“…….”
“القاسم الوحيد الذي يجمعنا.”
تابعت بصوتٍ هادئة،
“هو قصر أغريست.”
ما إن أنهيت عبارتي حتى التفت ريكايل ببطء. وعيناه الزرقاوان القاتمتان تفيض كآبة.
“لا أستطيع الجزم، لكنني أظن أن الأمر مرتبطٌ بوصية الدوق وقراره أن يورثني إرثًا عظيمًا كهذا وأنا غريبةٌ عنه.”
تبدلت ملامحه قليلًا. كانت عيناه ما زالتا تضطربان بالقلق، لكن شيئًا من الفضول بل وربما الراحة الخفية لوّح في أعماقه.
“السيد أغريست، ثمة ما يجب أن أريكَ إياه.”
فتحت الحقيبة الموضوعة على الطاولة، وأخرجت الرسالة التي تركها لي الدوق، ثم قدمتها إليه.
“هذه ما تركه لي الدوق.”
ظل ريكايل يطيل النظر إلى الرسالة. و تابعته بنظري، ثم همست بحذر،
الدوق زفت الصدق حسبته مهبول وفلاوي وبينه وبين ريكايل سوء فهم طلع حمار وش الي تهاوش ولدك وانت عارف 🤨
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 35"