“لقد قلت لكَ من قبل، أنا خطيبته.”
“كذب. قد تخدعين الآخرين، لكن لا يمكنكِ خداعي يا ريتا.”
كان تيرون الرجل الذي قد يضع ريكايل في مأزق ويجره إلى ورطة.
لقد جاء بنيّة واضحة…..أن يضربه من حيث لا يتوقع، متخفيًا خلف قناع الصداقة وهو يترصد به.
وأنا أعلم أني لستُ الأجدر بالحديث عن ذلك. فأنا نفسي أقف في الجهة المقابلة لريكايل، لكن في هذه اللحظة كان لا بد أن أقف إلى جانبه.
“إن لم يكن كذبًا، فما السبب في إخفائه عن الناس؟ أليس كذلك؟”
لا يكفي أن أتهرب بهذه الطريقة. إن أردت مجابهته، فعلي أن أواجهه.
فكري…..فكري جيدًا.
استدعيت في ذهني أحداث رواية تيرون. لم أكن أعرف في أي موضع من القصة نحن الآن، لكن كان علي أن أستخلص منه شيئًا.
‘لو أنني قرأت بتمعّن أكبر ولم أكتفِ بتمرير الحوارات فقط!’
“الآنسة سوبيل تقول أنها خطيبته، لكنها لا تعرف شيئًا عنه. فهل من الغريب أن أظن ما أظن؟”
ابتسم تيرون ابتسامة المنتصر.
لكن يا تيرون…..لستُ خصمًا سهلاً كما تظن.
“صحيح، لا أعرف الكثير. لا عن هذا القصر، ولا عن عائلته، ولا حتى عن السيد أغريست. لكن هناك شيء واحد أعرفه يقينًا.”
“؟”
“أن ذاك الرجل بائسٌ لأنه بلا صديق حقيقي. ولذلك…..سأكون أحنّ عليه أكثر.”
“…….”
“وأعرف أيضًا أن الثرثرة عن الآخرين من خلفهم ليست من شيم الرجال النبلاء. بل إنها وقاحة.”
كنت قد غفلت عن أمرٍ واحد. أن تيرون لم يكن خصمًا هيّنًا هو الآخر.
“ريتا، هل تعلمين ما هو الوقح حقًا؟”
قال ذلك بابتسامة رقيقة على شفتيه.
“هو استغلال مشاعر الناس.”
ثم واصل كلامه بنفس الابتسامة المقيتة،
“يبدو جليًا أنك تكذبين لأجل ريكايل…..ريتا، هل تعرفين شيئًا عن سرّ هذا القصر؟”
تلك الكلمات نفسها التي رددها من قبل.
‘قصر أغريست حيّ…..لهذا القصر سرّ خفي.’
بل وحتى ردّة فعل ليلي المريب حينها، وكأنها تخفي شيئًا.
كنت أعلم أنني لا يجب أن أكشف أي ورقة، ومع ذلك أفلتت مني نبرة متوترة،
“أي سر تقصد؟”
“أهكذا إذاً؟ تجهلين كل شيء ومع ذلك تدافعين عنه؟ يا للمسكينة.”
ضحك تيرون ضحكةً خفيفة بدت كأنها تقصدني عمدًا. ثم تقدم خطوةً نحوي.
“إنما لأنكِ تجهلين، استطعتِ أن تقتربي منه.”
“…….”
“أتريدين أن أخبركِ؟ عن السر الذي يختبئ في هذا القصر؟”
والحق أنني كنت أريد أن أعرف.
إن عرفتُ سرّ هذا القصر…..فربما سأفهم أيضًا لماذا سلّمني الدوق هذا القصر العظيم رغم أنني لا أعرفه حتى معرفةً سطحية.
‘لكن حتى لو رغبتُ في معرفة ذلك…..فلن يبوح تيرون بسهولة. فعلاقته بريكايل لن تسمح له بالتحرك بلا حساب.’
وبعد أن رتبتُ أفكاري، قلدت ابتسامته الساخرة ورددت عليه،
“حقًا…..إنكَ شخصٌ تافه.”
“ماذا قلتِ؟”
“انتهى الحديث. سواءً كان هناك سرٌ أم لا، لا يهمني. سأسمعه من السيد أغريست حين يرغب هو في قوله.”
رأيت وجه تيرون ينقبض غيظًا، واستدرت مبتعدة.
عندها، لمحت شخصاً قادمًا من بعيد.
“ريكايل.”
همست باسمه بخفة. اسم يقطر وحدةً وعزلة.
كنت متأكدةً أن صوتي لم يصله، لكنه أدار رأسه ببطء ناحيتي. فابتسمتُ بخفة ولوّحت بيدي، ثم أضفت حركة جانبية لطيفة كأنني أحييه بفرح، رغم تعقّد أفكاري.
وحين رآني، بدأ ريكايل يقترب.
و لم يكن قد وصل بعد، لكنني شعرت بوجود تيرون خلفي فبدأت الحديث أولاً.
“كنتُ أتمشى في الحديقة، يا سيد أغريست.”
“نعم، وكان من الجميل أن نمشي معًا.”
تسلل تيرون فجأة بجملته وكأن الأمر طبيعي.
ماذا؟ جميل؟!
هاه، هذا الرجل…..لم يعد يُحتمل.
فكرت أن عليّ أن أفعل أي شيء لأجل نفسي ولأجل ريكايل. فلا يمكن أن أتركه ينتصر.
اقتربت من ريكايل بوجه تملؤه الرقة. و تردد قليلًا ثم فهم الموقف سريعًا وتصرف ببديهة.
“كنتِ تتمشين إذاً.”
ربما لأنني كنتُ قبل لحظات مع شخص بغيض أشبه بالوحوش…..فإن صوته الآن جعل قلبي ينبض بعنف.
نعم…..حين أفكر بالأمر، لم يكن اختياري الأول بطل القصة يومًا، بل كان دومًا هو.
كم كان حسنًا أنني لم أتعلق بغيره…..لقد أحسنت.
“صحيح. وكيف حالكَ اليوم؟”
سألته بنبرة دافئة، فأجاب بلطف،
“بخير تام.”
“لكن لا تُجهد نفسكَ. تمهّل حتى يحين وقت الحفل.”
طبعًا، كان هذا مجرد تمثيل. تمثيلٌ لأجل تيرون الذي كان يراقبنا بعينين متقدتين.
لكن…..لماذا أحسستُ أن هذا التمثيل يبعث في نفسي خجلًا؟
“لا تقلقي. أنا الآن بخير لدرجة أني أستطيع حملكِ بين ذراعي بسهولة.”
“ماذا تقول؟ توقف عن هذا.”
“هاه، ابتسامتكِ لطيفة جدًا…..لا أستطيع مقاومتها.”
في تلك اللحظة، اقترب تيرون وأطلق نبرة ساخرة،
“ما هذا؟ أنتما الاثنان…..أتفعلان ذلك وأنا واقفٌ أمامكما؟”
“آسفة.”
قلتُ ذلك وأنا أغطي فمي بظهر يدي بضحكة بخفة. لكن على عكس كلمة الأسف، تشبثت بذراع ريكايل.
“كنتُ طوال الوقت مضطرةً للتصرّف بحذر والتزام الصمت…..لكن الآن، لم أعد أرى داعيًا لإخفاء الأمر.”
رفع تيرون حاجبه باستهزاء، لكنني لم أتوقف.
“بما أنكَ صديق السيد أغريست، فأنت شخصٌ يمكن الوثوق به، أليس كذلك؟”
فتدخل ريكايل،
“صديقٌ مثل تيرون… لا وجود له في هذا العالم.”
“أنا أغبطكَ.”
حينها نظر تيرون إلى ريكايل وسأله،
“لكن لماذا كنتما حذرين إلى هذه الدرجة أمام الناس طوال الوقت؟”
إلا أنني سبقته للإجابة،
“ذلك لأسباب شخصية تخصني. والسيد أغريست تفهّم الأمر وقَبِله. لا أظن أن رجلاً نبيلاً يود التطفل على شؤون سيدة خاصة، أليس كذلك؟”
شدَدتُ ذراعه أكثر واقتربت منه بابتسامة رقيقة.
“إنه سر. وهل تحب الأسرار يا ترى؟”
ظل تيرون مبتسمًا، لكن عيناه بقيتا على حالهما…..بنفس البرودة التي أظهرها حين كنّا وحدنا.
“إذا كان سرّ سيدة، فواجبي أن أحفظه.”
ثم التفت إلى ريكايل مجددًا،
“لكن لا سر يدوم إلى الأبد. سيحين وقت البوح عاجلاً أم آجلاً.”
بوح؟ هراء!
“نعم، و سنختار الوقت معًا.”
قال ريكايل ذلك، وكدتُ أن أضحك بارتباك.
“هاها…..نعم، صحيح.”
“إذاً أنا الوحيد الذي يعرف بأمر خطوبتكما؟”
يا إلهي، ألا يتوقف عن الحفر في الكلام؟ ليتك تخرس وتغادر!
ثم مسحتُ جبيني بيدي و تحدثت لريكايل،
“آسفة لمقاطعة الحديث، لكن الأمر عاجل. يا سيد أغريست، لم يخطر ببالي أن هناك حفلاً سيُقام…..وليس لدي فستانٌ أرتديه.”
“هذا خطيرٌ إذاً.”
أغمض ريكايل عينيه لحظة ثم فتحهما فجأة، وأمسك يدي بقوة.
“علينا أن نذهب الآن ونختار لكِ فستانًا.”
“هاهاها، حقًا؟”
يا رجل، أليست هناك مراحل للتمثيل؟ لماذا أمسكت بيدي فجأة هكذا؟
________________________
اشوا شكل ريكايل كاشف المجنون ذاه بس صدق وش يبي؟
البطله واصفته في اول ظهور انه من سلالة ملكية بس محد ناداه سموك يعني امه او ابوه كانوا امراء وصاروا دوق؟ يمكن
المهم وشكله حاط عينه على ثروة أغريست😃
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 11"