1
حتى الحدث المروّع يبدو جميلاً لمجرد أنه وقع داخل القصر.
في الظلام، وسط صقيعٍ يغطي حديقة الشتاء كما لو كان مفرش طاولةٍ من الدانتيل. و شجيراتٌ تتوسط الحديقة كأنها زينة. وتحتها، في الظل، ظلّ شخصٌ مختبئ، وأنفاسٌ بيضاء تلوح في الفراغ الأسود.
ألقى الرجل المجرفة خارج الظل، و اختفى وصندوقٌ صغير بحجم كف اليد هكذا داخل الحفرة، و دُفن تحت كومةٍ من التراب.
“…….”
ببنطالٍ مقصوص بدقةٍ عند مستوى الكاحل، و مظهرٌ أنيق لم يعلق به التراب في أي موضع، وعينان كانتا محجوبتين بالظل تنكشفان تحت إضاءة الحديقة.
وهكذا، لا يبقى من أثر الحفرة المخفية بين الشجيرات سوى شعر الرجل المبعثر، وهو واقفٌ تحت الضوء المتسرّب من نوافذ القصر.
تلاقت أعيننا. و حدّق الرجل بي لحظةً بنظرةٍ مضطربة، ثم ابتسم في نهايتها.
“….آه!”
الصرخة الخافتة التي خرجت من فمي لا يمكن استعادتها، فاستدرتُ وركضت هاربة، كأنني ظننتُ أن الصوت سيبقى إلى الأبد في مكانه.
فككتُ تشابك أطراف ثوب النوم الأبيض عن ساقي، و ركضت في الممر عائدةً إلى غرفتي.
أغلقتُ الباب بلا صوت، لكن بأقصى سرعةٍ ممكنة.
أعلم أن لا جدوى من ذلك، ومع ذلك أقفلت المزلاج. حتى خفتت أنفاسي من تلقاء نفسها.
المشهد الذي رأيته لا يغادر ذهني.
كان باب مكتب إرنست غوين، الذي كان مغلقًا بإحكام دائمًا، لكنه كان لسببٍ ما كان مواربًا قليلًا.
ومن خلال تلك الفتحة، ظهرت الأريكة الخضراء الداكنة في مكانها المعتاد. وعليها جسد الكونت العجوز ممدّدًا.
ربما توقف نبضه، وبشرته كانت بنفسجية، وتحت جفونٍ لم تستطع أن تُغلق، عينان لا يظهر فيهما سوى البياض.
والمتسلل الوقح إلى هذا القصر، الذي ظل يحدّق في الكونت على هذا النحو حتى قبل أن يغادر الغرفة.
إنه جامع التحف المجنون من عائلة غوين يحب الأشياء الجميلة. كنتُ أحيانًا أتمنى لو أنه مات، لكن هذا الأسلوب لم يكن موجودًا في أي موتٍ تخيلته.
“…….”
رسمتُ المشهد الذي رأيته ثم محوته مرارًا. ولا أي خط رسمته استطاع أن يصنع هيئةً واضحة لذلك المتسلل.
أغمضتُ عيني بإحكام. بينما تسارعت أنفاسي.
كنتُ أحاول جاهدةً أن أنام، لكن النوم لا يأتي طويلًا. ربما بسبب طبعي الحساس، أو ربما بسبب الخوف.
في هذا الوقت، يكون القصر دائمًا خاليًا من أي أثرٍ للحياة، إلى حد يبعث على القشعريرة. فالخدم الذين يقومون أحيانًا بدورياتٍ خشية سرقة المقتنيات لا يصعدون إلى الطابق الثاني.
تُربك—
لكن سكون هذا اليوم ينكسر بصوت خطواتٍ مجهولة. كان أحدهم يطأ الدرج الصاعد إلى الطابق الثاني.
وبسبب فرش السجاد الناعم لتفادي الأذى عند السقوط، كانت الخطوات تأتي متتابعةً خافتة.
“…….”
أرى خيال حذاءٍ جلدي فاخر، ناعم الدبغ. يقترب. و بصوتٍ خفيفٍ لم يتمكن السجاد من ابتلاعه، كان يقترب خطوةً بعد خطوة من باب الغرفة.
طَق-
الخطوات التي توقفت أمام الباب بقيت ساكنةً طويلًا.
فترددت: هل عليّ أن أُحدث صوتًا، أم أواصل التظاهر بالنوم؟ فلا أتحرك.
و بقيتُ ساكنة، مستلقيةً على السرير أواجه الباب، أحبس أنفاسي.
هل أدرك من في الخارج أنني مستيقظة؟ فقد رأيتُ خيال يدٍ ترتدي قفازًا جلديًا تلوّح في الفراغ.
“…!إيزابيل؟”
غير قادرةٍ على تحمّل ذلك الصمت الخانق، وبشعورٍ مستسلم، ناديتُ اسم الخادمة المكلّفة بي، لكن الشخص الواقف في الجهة الأخرى لم يجِب.
و مهما انتظرت، لا يحاول الطارق غير المرغوب فيه فتح الباب.
أزحتُ القلق الخافت، ورفعتُ الجزء العلوي من جسدي و سألتُ.
“….من هناك؟”
كما توقعت، لم يأتي أي جواب. لكن الحركة خلف الباب تبدو وكأنها تجمّدت تمامًا. فابتلعت ريقي، و رفعت صوتي أكثر من قبل.
“من أنتَ؟”
لا جواب، والحركة التي بدت مترددةً كانت تبتعد في النهاية.
اختفت الخطوات. فتسلل إلى ذهني، بلا أي أساس، أن من وقف أمام هذا الباب لم يكن يريد إيذائي.
أنهرتُ فوق السرير كأنني أذوب. و وضعتُ خدي على ملاءة السرير فتزحزح، ثم اندسيتُ تحت الغطاء.
ومع ذلك، ظللتُ أرتجف من الخوف طويلًا دون أن أنام.
هذا القصر، الذي يكفيه الليل ليغدو موحشًا وباردًا وصامتًا إلى حد يوقظ مخاوف لم تكن موجودة، لكن هذا الرعب الذي أشعر به الآن مختلفٌ في جوهره.
“…….”
حاولتُ جاهدةً أن أشتّت أفكاري.
الخوف من الأشياء بلا هيئةٍ نسيتُه منذ زمن وأنا أكبر. أنا أعلم أن ما هو أشد رعبًا هو ما له وجودٌ ملموس.
“نيل، من الآن فصاعدًا هذه غرفتكِ. وأنا حاميكِ.”
غرفةٌ فاخرة أُعدّت لي، خدمٌ لا يصعدون ليلًا مهما سُحبتُ الحبال، وأطراف ثيابٍ بيضاء تملأ غرفة الملابس، تطفو في الفراغ كالأشباح.
الحبل المتدلّي في الهواء غير متصلٍ بجرس، لذلك لا أسحبه. فمنذ البداية لم يُستخدم ذلك الحبل يومًا لاستدعاء الخدم.
“العالم، في الخارج، خطرٌ عليكِ أيتها الجميلة. لا مكان أكثر أمانًا من هذا القصر.”
هل كانت تلك الكلمات تخصني وحدي؟ فإرنست غوين الذي قالها مات داخل القصر.
لأي غاية صعد المتسلل الدرج؟ ولماذا ظل يتردد أمام الباب من دون أن يجرّب حتى تدوير المقبض مرةً واحدة؟
ومع ذلك، كان أثره يتردد أمام غرفتي بلا انقطاعٍ لثلاث ليالٍ متتالية. لا أعلم إن كان ذلك حلمًا أم حالةً بين النوم واليقظة.
وفي صباحٍ رمادي تتساقط فيه الثلوج، عاد المتسلل إلى الملحق مرة أخرى.
رسميًا، كان ذلك في اليوم التالي لوفاة إرنست غوين، الكونت غوين، بعد أن عانى ثلاثة أيامٍ من الشيخوخة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
“…….”
دخل المتسلل ومحاميه إلى حديقة القصر بعد أن فتحا البوابة الخضراء الكبيرة التي كانت موصدةً بالسلاسل بإحكام.
إلى هذا القصر الأخضر الذي لم يكن إرنست غوين يفتحه لأي أحد.
تقلبت معدتي، لكنني لا أستطيع أن أشيح بنظري عن البوابة.
لماذا يأتي من كان يتردد أمام باب غرفتي الليلة الماضية في الصباح؟
كانت إيزابيل تكلمني وأنا متكئةٌ على نافذة الغرفة أنظر إلى الحديقة في الأسفل.
“آه، لقد وصل السيد الشاب.”
“السيد الشاب؟”
و أخبرتني إيزابيل أنه الابن الأصغر لإرنست غوين.
“صحيح، إنه الآن المالك الجديد للقصر.”
“…….”
يسير الزائران غير المرغوب فيهما نحو المدخل، وظهورهما إلى البوابة المفتوحة على مصراعيها والمغطاة باللبلاب، وإلى مجسمات الحديقة المصممة كالمتاهة.
ارتدي المحامي بدلةً رمادية داكنة و وضع قبعةً أنيقة، ويحمل في إحدى يديه حقيبة. لا بد أن تلك الحقيبة ممتلئةً بالوثائق المرافقة لموت إرنست، كوصيته وقائمة ممتلكاته.
سيقلبون تلك الأوراق واحدةً تلو الأخرى، وينقبون عن الخزنة السرية.
“إيزابيل.”
ناديتها ثم صمت، لأنني لم أستطع في النهاية أن أقرر ما الذي ينبغي أن أقوله.
و إيزابيل لم تستعجلني، كأنها تنتظر كلماتي.
“….معدتي سيئة. أشعر أنني سأتقيأ.”
“هل تشعرين بسوءٍ شديد؟”
“…….”
في الحقيقة، أنا وإيزابيل نعرف بالفعل أن شعوري بسوء المعدة ليس سوى وهمٍ أو ذريعة.
أبتلعتُ ريقي ونظرتُ إلى بوابة القصر المفتوحة على مصراعيها.
بابٌ لم أتخيل في حياتي أنه قد يُفتح إلى هذا الحد، لكنه انفتح لهم بهذه السهولة.
“…….”
‘أتعلمين، هل سيطردني المالك الجديد للقصر؟’
كدتُ أسأل ذلك، ثم أطبقتُ فمي.
في النهاية، لم أقُل شيئًا، واكتفيتُ بتفحص المالك الجديد لهذا القصر.
عينان عسليتان تمامًا كعيني أبيه. شعرٌ أشقر يشبه كلب صيدٍ مُعتنى به جيدًا، ينتظر بهدوء، ثم ينقض على الطريدة التي أسقطتها الرصاصة، بينما تترسب عليه الثلوج البيضاء ثم تذوب.
و خدّان محمران إما من البرد أو من انفعال المشاعر.
رجلٌ يبدو أن الخط الطباعي المزخرف يليق به أكثر من الخط الأنيق الرصين.
الابن الأصغر الذي يحبه خدم القصر الرئيسي إلى هذا الحد. الابن الذي يحمل اسم العائلة، والذي قتل أباه.
“دانيال!”
مرّ صوت إرنست غوين، الذي كان قد نادى اسم ابنه الذي سقاه السم وهو يسقط في مكتبه، قرب أذني كأنه هلوسة.
دانيال غوين.
“يبدو أن دخول أحد إلى هذا المكان أمرٌ نادر.”
وخلال الوقت الذي لم أردّ فيه على كلام إيزابيل، قام كبير الخدم ويسلي بإغلاق البوابة بإحكامٍ مرة أخرى.
______________________
هااااااااااااااي ذي زنقة جديده عشان نطقم مع ريري😂
شسمه الصدق منب متأكده من الصحة العقلية للبطل بس الاكيد انه مب توكسيك لأن مابه تصنيف دارك رومنس ✨
بس فيه تصنيف غموض واظن الغموض بدا من يوم قتل ابوه ثم لحقها لغرفتها المجنون✨
يعني مب لازن نحكم عليه يمكن يطلع مسكين؟ اشك
المهم القصه هي اول شي جذبني اول شي انها مب تجسيد ولا رجعة زمن
ثاني شي البطله محبوسه مب زوجة ولا بنت ولا شي لا ذي محبوسه كأنها تحفه وراعيها خايف عليها 😭
ها ذي حقوقي
انستا؛ dan_48i توتر؛ Dana_48i تلقرام؛ dan_xor
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 1"