“لحسن الحظ أنني لم أقل ‘لن نكون أصدقاء’… كان سيكون كارثياً!”  

—–    

لكن بعد دقائق قليلة، ندمت على قراري.  

“سيدتي، هل يمكنكِ أن ترشديني للطريق؟”  

 “هاه؟ أي طريق؟”  

“الحقيقة أنني تاهت! أحتاج للذهاب إلى حيث تقيم السيدة سيينا، لكنني لا أعرف الاتجاه!”  

 “ألا يمكنكِ سؤال إحدى الخادمات…؟”  

“هذا مُحرج!”  

“ماذا؟”  

 “أشعر بالخجل!”  

بدأ مانيت يتلوى كطفل خجول. المشهد كان غريباً لدرجة أنني أغمضت عينيّ!  

 “بما أننا أصدقاء الآن، ألا يمكنكِ مرافقتي هذه المرة؟ ألم أساعدكِ عندما كنتِ تائهة في المعبد؟”  

 “…أنت أيضاً كنت تائهاً ذلك الوقت!”  

 “…أنتِ شديدة الذكاء يا سيدتي!”  

في النهاية، وافقت على إرشاده.  

ليس من أجله… بل لأنني:  

“أنا أيضاً أريد رؤية سيينا مرة أخرى!”  

منذ لقائنا في العاصمة، لم أزرها بسبب انشغالي بـأستير والأحداث المتلاحقة.  

فاستغللت فرصة مرافقته كذريعة لزيارتها.  

 “أهذا الطريق الصحيح؟”  

 “لا، فقط اتبعني.”  

 “حسناً!”  

أدركتُ سبب ضياعه الدائم!  

بدلاً من التوجه إلى الجناح الجانبي مباشرةً، كان يحاول الانعطاف عند كل ممر جديد قائلاً: “ربما من هنا؟”  

جعلني هذا أنفق ضعف الجهد في إرشاده!  

 “سيدتي…”  

 “ماذا الآن؟”  

توقعتُ أنه سينعطف مجدداً، لكن سؤاله فاجأني:  

 “هل صحيح أن قدرتكِ فريدة من نوعها؟”  

توقفتُ فجأة.  

هبت رياح مفاجئة حجبت وجهه بشعري المتطاير.  

 “بما أنني سأعمل ككاهنة في بانتايڤ، بحثتُ قليلاً. يبدو أن هناك إشاعات عن طبيعة قدرتكِ الغريبة…”  

صوته -الذي عادةً ما يكون خفيفاً- بدا أكثر جدية الآن.  

أمسكتُ شعري المتطاير بيديَّ.  

ظهر وجهه أخيراً…  

“آه! هل كان سؤالاً غير مناسب؟ أنا فضولية فحسب!”  

كانت تعابيره طبيعية كالعادة.  

“هذا غريب…”  

شعرتُ بوخز غريب.  

لكن عندما نظرت إليه، لم أجد أي شيء مريب.  

 “لا بد أنها أوهام!”  

فأنا أصلاً أشك في كل ما يتعلق بالمعبد!  

“آه-!”  

فركتُ ذراعي التي قشعرّت من الشعور الغريب، ثم واصلت السير. تبعني مانيت بخجل.  

نظرت إليه من زاوية عيني وسألت:  

“حسناً… نعم، قدرتي خاصة.”  

“واو! حقاً؟ ما هي بالضبط؟”  

عاد حماسه فجأة، وعيناه تتلألآن كالمعتاد.  

“أستطيع إصلاح الأشياء.”  

لم يكن هناك داعٍ للاختباء بعد الآن. الجميع يعرف على أي حال.  

“أوه! قدرة إصلاح! هذا يشبهنا نوعاً ما!”  

“نحن؟”  

“الكهنة! نحن نُشفى الناس أيضاً.”  

هذا منطقي. لكن الفرق أنني لا أستطيع إصلاح البشر.  

“هل يمكنكِ شفاء الأشخاص الجرحى؟”  

“لا… ميلوني لا تستطيع ذلك. أستطيع إصلاح النباتات أو الحيوانات الصغيرة فقط.”  

“همم… هذا غريب.”  

همس مانيت كمن يُفكّر بعمق:  

“إذا كنتِ تستطيعين إصلاح الحيوانات، فمن المنطقي أن يعمل ذلك على البشر أيضاً. ففي النهاية، البشر حيوانات!”  

“هذا… صحيح نوعاً ما…”  

انتظر…  

“إنه محق!”  

لماذا كنتُ متأكدة أنني لا أستطيع شفاء البشر؟  

في حياتي السابقة، حاولت ذلك مرة واحدة فقط – عندما اختبروني بكاليكس في وكر الأفعى.  

انتهى الأمر بفشل ذريع: نزيف أنفي وإغماء.  

لكن…  

“ربما الأمور مختلفة الآن؟”  

نظرت إلى يدي الصغيرة.  

في الماضي، لم أستطع استخدام قدرتي إلا بعد سن الـ18.  

الآن، لديّ هذه القوة وأنا في الرابعة!  

ليس ذلك فحسب…  

“لديّ تلك القدرة الغريبة أيضاً!”  

قدرة قراءة الذكريات عند استخدام القوة.  

بالإضافة إلى أن استخدام القدرة أصبح أسهل بكثير.  

في الماضي، كنتُ أجاهد لاستخراجها كقطرة ماء من حجر.  

“لماذا كنتُ متأكدة أنني لا أستطيع شفاء البشر؟”  

ربما لأن فشلي في علاج كاليكس صدمني بشدة…  

رأيته غارقاً في الدماء، ولم أستطع فعل شيء.  

لكن… ربما الآن…  

“…قد يكون ممكناً.”  

“ماذا؟ تقولين أنكِ تستطيعين؟!”  

صحوتُ من أفكاري عند صوته المرتفع.  

قفزتُ في مكاني وهززتُ يديَّ:  

“لا لا! لا أعرف! ربما… ربما لا!”  

“لا، لا أقصد أنني أستطيع! أقصد أنني… ربما… لا أعرف!”  

“آه! إذن أنتِ نفسكِ غير متأكدة!”  

“نعم… لا أعرف.”  

…لكن لماذا أنا أتحدث بهذه السهولة؟  

طريقة كلامه المتراخية وفضوله جعلاني أسترسل دون أن أشعر!  

“لن أقول المزيد!”  

عقدت عزمي وأطبقت شفتيّ بإحكام، لكن…  

“سيكون رائعاً لو أمكنكِ استخدام قدرتكِ على البشر.”  

“…”  

“قد تتمكنين من إيقاظ السيدة سيينا! ألا تظنين ذلك؟”  

يطرح أسئلة تجبرني على الإجابة!  

أنحنتُ شفتايّ وغمرني الإحراج بينما أومأت برأسي:  

“نعم… سيكون ذلك… لطيفاً.”  

بينما كنا نتحدث، وصلنا دون أن نشعر إلى الجناح الجانبي حيث تقيم سيينا.  

فجأة… توقف صوت خطواته خلفي.  

“سيدتي…”  

ناداني مانيت بجدية غير معتادة.  

التفتُ إليه متسائلة، فوجدته يحمل تعبيراً جاداً لأول مرة منذ عرفته:  

“فكرت في الأمر… ألا تعتقدين أن بعض التدريب قد يمكنكِ من استخدام قدرتكِ على البشر؟”  

حملقتُ فيه بشك:  

“مانيت… لماذا أنت مهووس بقدرتي هكذا؟”  

كأنها قدرته هو!  

لكنه ظل جاداً:  

“ذلك لأنني…”  

“لأنكِ…؟”  

“لأنني إنساني! أحب البشرية!”  

“…ماذا؟”  

“لذا أتمنى أن تساعدي في إنقاذ الناس بروح إنسانية مثلي!”  

ثم عاد إلى سابق حماقته بضحكة غبية!  

استدرتُ بسرعة وأشرت إلى الجناح:  

“هيا، سنصل قريباً. يمكنكِ الذهاب وحدك الآن، أليس كذلك؟”  

“انتظري قليلاً!”  

“لا أسمعكِ~”  

نقرت أذنيّ وتركت المكان.  

“سأزور السيدة سيينا لاحقاً…”  

أوه، لقد استنزف طاقتي بالكامل!  

—  

“كم أنتِ قاسية… هذا غير عادل!”  

ظل مانيت ينظر إلى ميلوني وهي تبتعد بوجه متجهم.  

لكن هذا لم يدم طويلاً.  

“آهه~!”  

مدّ ظهره واتجه نحو الجناح…  

وفجأة…  

“آه؟”  

“…”  

اصطدم بـكاليكس الذي كان يغادر المكان!  

ابتسم مانيت بترحيب:  

“أهلاً! أنت المتدرب الذي رأيته من قبل، أليس كذلك؟ آه، ربما لم تعد متدرباً الآن!”  

كاليكس لم يرد كثيراً، لكنه تذكره:  

“الكاهن الذي ساعد ميلوني في فتح مستودع المعبد.”  

أومأ برأسه:  

“شكراً لك على ذلك الوقت.”  

“ماذا؟ لا، لا داعي! أنا فقط كنتُ أتبع السيدة ميلوني…”  

“ليس فقط ذلك.”