“لحظة… هذا غريب…”
توقفتُ للحظة وأنا أتأمل السوار والعجوز.
“حتى مع قدراتي، من الطبيعي أن يشك شخص في طفل صغير مثلي!”
لكن العجوز لم يتردد لحظة في منحي السوار الثمين…
“هل من خطب ما؟”
“لا… لا شيء.”
أغمضتُ عينيّ مركزةً على السوار.
“أرى شيئاً مرة أخرى…”
المشهد الذي ظهر كان مروعاً:
“تخلصوا منه.”
“أرجوكم! لا تقتلوني–”
“لا تحزن. ستصبح دميةً فخورة لي.”
“آآه!”
فتحت عينيّ فجأة وأنا ألهث.
“ما هذا الكابوس؟!”
ضحكة شريرة… جو رطب… صرخات ميؤوسة…
ولكن الأكثر إزعاجاً–
“ثعبان…”
رسم جدارية ثعبان يلوح في الخلفية.
“سيدتي الصغيرة…”
‘لماذا أرى هذا؟ قال إنه تذكار من زوجته!’
ربما كان السوار قطعة أثرية قديمة تحمل ذكريات ماضية؟
“سيدتي!”
“آه!”
أصبتُ بالذعر وسقطتُ للخلف.
“هل أنتِ بخير؟ لم أقصد إخافتك!”
نهضتُ ببطء وأنا أهز رأسي:
“أنا… بخير.”
السوار كان مبتلاً بعرقي. مسحته بثوبي قبل إعادته له.
“شكراً لكِ! أول مرة أرى قدرة بهذه القوة!”
عيناه تتألقان بالإعجاب:
“هل يمكنكِ إصلاح الحياة أيضاً؟”
“ماذا؟ لا… لا أستطيع.”
“والناس؟ هل يمكنكِ إصلاح الناس؟”
ترددتُ في الإجابة.
“حسناً… هل حدث أن تحولت قدرتكِ لاتجاه غريب؟”
“اتجاه غريب؟ ماذا يقصد؟”
بدأ قلبي يدق بسرعة. هذا العجوز يعرف أكثر مما يبدو…
لكن قبل أن أتمكن من السؤال، عاد الأمير مع الطبيب، مقطّعاً المحادثة.
“يبدو أن هذه الزيارة للقصر تحمل أسراراً أكثر مما توقعت!”
“أقصد… هل عاد الشيء إلى حالته الأصلية قبل التصنيع؟ شيء من هذا القبيل، أفهمت؟”
تألقت عينا العجوز بشكل غريب، بل تكاد تشع بنور غامض.
فجأة – “قبض!” – أمسك بمعصمي بيده المتجعدة.
“هل هذه حقاً قدرة الإصلاح؟ هل هذا كل شيء؟ هل حدث أي شيء غريب أثناء استخدامكِ للقدرة؟”
ظهرت على وجهه نظرة مجنونة مخيفة.
“ما هذا؟ إنه مرعب!”
تراجعتُ خطوة للخلف دون وعي، محاولةً تحرير معصمي.
فجأة اختفت تلك النظرة المجنونة.
“آه، يا للأسف.”
أطلق سراح معصمي ببطء، ثم انحنى باعتذار.
“أعتذر إذا أخفتكِ. كبرت في السن وأصبحت فضولياً بلا داع. أسف جداً!”
عاد الآن مجرد عجوز عادي خائف من ارتكاب خطأ، لدرجة جعلت خوفي يبدو كوهم سخيف.
“لا… بأس…”
كنت أفرك معصمي المرتعش عندما…
“أميرتي، هل انتظرتِ طويلاً؟”
“أ… أيها الأمير!”
‘لماذا عدت متأخراً هكذا؟’
لكن مجرد رؤيته جعلتني أشعر بالأمان. هرعتُ نحوه بسرعة.
ولم ألحظ…
“……”
تعبير وجه العجوز الذي كان يحدق بي من الخلف.
—
“إذن، إلى اللقاء.”
“شكراً لكم، سمو الأمير. وشكراً لكِ، أميرتي.”
“…نعم.”
ظل العجوز يحدق بنا ونحن نبتعد.
التفت الأمير خلسة للنظر إليه. عند التقاء الأعين، تبادلا إشارة خفيفة.
بقي العجوز جالساً مبتسماً ببراءة.
بعد أن ابتعدنا تماماً…
“إذن، إلى اللقاء.”
اختفى الطبيب والخادمات في الاتجاه المعاكس.
نهض العجوز وحده ببطء، وأخرج صندوقاً صغيراً من جيبه.
“طق!”
فتح الصندوق ليظهر خاتم مزين برسمة ثعبان.
ارتداه ببراعة، بينما ارتسمت على شفتيه ابتسامة متكلفة.
“…كان نفس الضوء.”
نفس الضوء الذي كان يتسرب عندما كانت “هي” تستخدم قواها.
“هل يمكن أن تكون تلك الطفلة…؟”
عيناه الغائبتان تعودان إلى الماضي البعيد.
ذاك الزمن السحيق عندما استقر التنين في الإمبراطورية، ووزع قوة السحر.
عصر ازدهار السحرة.
“ناتيس-”
تذكر تلك المرأة التي كانت كنسيم الربيع.
تلك القديسة الوحيدة في الإمبراطورية، حبيبة التنين التي لم يجرؤ أحد على المساس بها.
المرأة التي كانت ترمش بشعرها الفضي وتبتسم للجميع…
“هل يمكن أن تكون هذه الطفلة…”
أصابع العجوز تضغط على الخاتم بقوة، وعيناه تتقدان بطموح خفي.
“ربما وجدنا أخيراً ما كنا نبحث عنه.”
تحرك ببطء نحو الظلال، مختفياً عن الأنظار، بينما همس لنفسه:
“سيكون من الممتع… اختبار هذه الفرضية.”
“عندما تلمس قوتها، تعود الموتى إلى الحياة.”
النباتات الذابلة تستعيد خضرتها، والأشياء الصدئة تستعيد بريقها.
“هل قوتي شفائية؟ لا، قوتي هي…”
صوتٌ منعشٌ لا يزال يتردد في أذنيه.
نظر العجوز إلى يده التي لامستها الطفلة.
“ليس هناك شيء أسهل من الصبر.”
“إذا انتظرنا، سيجري القدر كما يجب.”
“كل شيء يسير وفقاً للقدر…”
ارتجفت كتفاه بحدة.
—
“ذلك المساء…”
جلست أرسينيا على الأريكة وهي تشرب الماء البارد بعصبية.
“يا له من شخص بغيض!”
تذكرت لقاءها مع دوق بانتييه وزفرت بغضب.
“أيها الدوق، اسمح لي أن أسأل… هل تلك الطفلة حقاً ابنتك البيولوجية؟”
“يا للإحراج! هذا سؤال مزعج جداً.”
“لا تكن حساساً، إنه مجرد إجراء روتيني.”
هز كونتييه كتفيه:
“نعم، إنها ابنتي.”
“إذاً، هل أكملت الفحوصات بالفعل؟”
“هل تعتقدين أنني هدف سهل يا صاحبة السمو؟”
صوته المليء بالسخرية أصبح بارداَ. عندما رفع رأسه، بدت عيناه الحادتان أكثر شراسة.
ارتجفت الإمبراطورة، فابتسم كونتييه بخفة:
“آه، بخصوص معاملتي… يبدو أنكِ لا تثقين بي إطلاقاً.”
طق… طق…
أصابعه الطويلة تضرب الطاولة بطريقة مستفزة.
“هل انتهى الاستجواب؟ الكرسي غير مريح، وبدأ ظهري يؤلمني.”
“…نعم، انتهى. يمكنك المغادرة أيها الدوق.”
“حسناً. وبالمناسبة، حاولوا تغيير الكراسي. لا أعرف أين تذهب أموال الضرائب.”
صريييخ…
قام بصوت عالٍ متعمداً، وأغمض عينيه ببرود:
“إذن، سأمضي الآن.”
—
“بعد مغادرته…”
أرسينيا تضغط على كوب الماء بقوة حتى كاد يتكسر.
“كيف يتجرأ أن يعاملني بهذه الطريقة؟!”
لكن في أعماقها، كانت تشعر بالقلق.
“هناك شيء غريب في تلك الطفلة… وفي علاقتهم.”
في غرفتها الخاصة، بدأت تخطط لخطوتها التالية.
بينما في زاوية مظلمة من القصر…
كان العجوز يحدق إلى الخاتم الثعباني في يده، وابتسامة شريرة تعلو شفتيه.
“كل القطع تتحرك أخيراً…”
“قريباً… سنعرف الحقيقة.”
الرياح الباردة تعصف بالنوافذ، كأنها تنذر بعاصفة قادمة.
التعليقات لهذا الفصل " 89"