أجاب أستر بهدوء بينما يبدأ بترتيب المكان.
أعاد الكرسي المقلوب إلى وضعه، ورتب الكتب المبعثرة.
“هل الكمال مهم لهذه الدرجة حقًا؟”
ارتجف أستر للحظة وهو يلتقط قطع المزهرية المحطمة. لكنه استمر:
“ألم أقل لك؟ يجب أن تكون كاملاً. لأن…”
لأن ما دون الكمال لا قيمة له.
صوته كان أجوفًا وخاليًا من المشاعر.
✧ ✧ ✧
“اخرجي من هنا.”
“……”
“اخرجي من هنا يا ميلوني.”
في النهاية، لم يكن لدي خيار سوى ترك أستر وحده ومغادرة الغرفة.
لكن…
“سأخرج. لكن…”
“……”
“إذا كان الكمال مهمًا لهذا الحد بالنسبة لك وللخال…”
نعم.
إذا كان “الكمال” بهذه الأهمية لكليهما…
“سأريكم ما معنى أن أكون ‘كاملاً حقًا’. لا تحاولوا إيقافي.”
ميلوني ذات الأربع أعوام!
الطفلة غير العادية للإمبراطورية!
“انتظروني فقط.”
سأريكم معنى الكمال الحقيقي.
✧ ✧ ✧
اليوم التالي
اجتمعنا أنا ولويس لوضع خطة جديدة، لكن…
“آه، يبدو أنه بكى طوال الليل.”
عيون لويس المنتفخة بالكاد تُرى تحت التورم.
تلك العيون اللامعة والواضحة التي اعتدنا عليها اختفت تمامًا تحت الانتفاخ.
“لو كنت مكانه، لبكيت طوال الليل أيضًا.”
ما حدث بالأمس كان صادمًا حتى لي.
بالنسبة للويس الذي يحب ويحترم أخاه أكثر من أي شيء، لابد أن الأمر مزق قلبه.
على الأقل كان لويس شجاعًا:
“لن أترك هذا يمر. أبي عدو لي الآن. لم أكن أعرف أنه شخص بهذه القسوة. لا أريد حتى أن أناديه بـ’أبي’ بعد الآن. سأناديه بـ’ذلك الرجل’.”
يبدو أن دماء بانتايبي تتدفق في عروقه رغم صغر سنه.
صرّ لويس بأسنانه بشراسة وضرب الطاولة بقبضته:
“ميلوني.”
“نعم؟”
“يجب أن نفصل أخي عن ذلك الرجل بأي طريقة. بأي ثمن!”
إذن الاسم الجديد أصبح “ذلك الرجل”.
رفعتُ قبضتيّ المشدودتين أمام لويس الغاضب:
“نعم! بأي ثمن!”
“إذن ما هي خطتنا هذه المرة؟ أن نخبر الجد والعم؟”
“هذا ليس خيارًا سيئًا…”
لكن…
“لكن هل ستكون بخير؟”
“بماذا؟”
“إذا عرف الجد والعم، سيتم طرد الخال. هل ستكون بخير مع ذلك يا لويس؟”
سكت لويس للحظة بعد كلامي، وانتظرت بصبر في صمت.
وبعد قليل…
“في الماضي، قالت أمي شيئًا كهذا.”
بدأ لويس حديثه بصوت هادئ غير معتاد.
“لا تبقِ حولك من يؤذيك أو يضعفك. إذا كان هذا الشخص عزيزًا عليك، أعطه فرصة للتوبة. لكن إذا لم يتعلم من أخطائه…”
توقف لويس وأخذ نفسًا عميقًا:
“تخلّ عنه دون تردد. حتى لو كان أقرب عائلة لك.”
صوته الحازم كان مليئًا بالإرادة.
ابتلعت ريقي وأنا أنظر إلى لويس.
“كما قال غايل…”
لويس يشبه السيدة سيينا تمامًا.
فهمت فجأة لماذا قال ذلك.
لحظة، بدا وجه السيدة سيينا يتداخل مع وجه لويس.
“على أي حال، إذا كانت هذه رغبة لويس والسيدة سيينا…”
“أخي، لدي خطة.”
“نعم، أخبريني. يمكنني فعل أي شيء.”
“حسنًا، إذن…”
شرحت خطتي الثانية دون تردد.
لكن لويس بدا قلقًا:
“أليس من الأسرع أن نخبر الجد وأبي؟”
“هذا صحيح، لكن حالة أخي أستر ليست جيدة.”
إذا طُرد غايل الآن، سيُلوم أستر نفسه بالتأكيد.
لذا نحتاج لخطوات تدريجية.
“كما قالت السيدة سيينا، أعطه فرصة واحدة للتوبة.”
بالطبع، لا أريد حتى منحه تلك الفرصة.
“كل هذا لأجل أخي أستر.”
✧ ✧ ✧
“إذن سأذهب الآن.”
“اليوم تذهبين إلى قصر دوق كيتر، أليس كذلك؟”
لويس الذي جاء لوداعي سأل بهدوء.
“نعم، سألعب مع إيدان.”
اليوم هو اليوم الموعود للزيارة إلى قصر دوق كيتر صاحب “قدرة الانشاء”.
“حسنًا، عودي بسلام.”
بينما كان لويس يودعني كالمعتاد، نظر حوله بحذر ثم اقترب مني.
وهمس بصوت جاد:
“حظًا موفقًا يا ميلوني.”
“نعم، وأنت أيضًا أخي.”
شددنا أيدينا معًا وهززنها بقوة.
✧ ✧ ✧
بعد أن شاهد لويس عربة ميلوني تبتعد، وضع يديه على خصره واستدار.
“حسنًا، وقت العمل.”
كان لديه مهمة بالغة الأهمية.
“هاااي-!”
*صوت اصطدام!*
ظهر أستر خلف الباب المفتوح بعينين متسعتين من الدهشة.
“…لويس؟”
بعد الحادثة قبل يومين، أصبح أستر أكثر انعزالًا في غرفته.
كان يدرس ليل نهار دون توقف.
أحيانًا كان غايل يخرج من غرفة أخيه مبتسمًا برضا.
“اللعنة!”
مجرد تذكر مشهد أبيه مع أخيه كان يكفي لجعل لويس يصر على أسنانه.
بصراحة، ذلك اليوم كان صادمًا حقًا.
رغم أنه استنتج من كلام ميلوني أن أباه يتحكم في أخيه…
“لم أتوقع أنه سيصل لهذا الحد.”
أخاه الواقف وسط الفوضى مبتسمًا بدا كدمية فارغة من الداخل.
حتى جثة لم تكن لتبدو بهذا الرعب.
رؤيته يكرر كآلة معطوبة “هذا خطأي” كانت تمزق قلبه.
“ما الخطأ الذي ارتكبه أخي أساسًا؟”
قبض لويس على يديه حتى ابيضتا.
تذكر كلمات أبيه:
“ليكن ما حدث اليوم سرًا بيننا. لا داعي لأن يعرف أحد أن أستر ألقى بكل شيء لأنه كان محبطًا.”
“إذا طُردت ظلمًا، كم سيكون حزينًا أستر وزوجتي المريضة؟”
في تلك اللحظة، كاد أن ينخدع.
“نعم، كلامه صحيح.”
لا يوجد دليل على فعل أبيه سوى ما رأيناه نحن.
وأخاه يصر على أنه المخطئ.
“ربما الصمت هو الحل الأفضل للجميع.”
لكن عندما أدرك ما كان يفكر فيه، شعر بالغثيان من نفسه.
“بماذا كنت أفكر؟”
إذا صمتوا، سيعاني أخاه وحده.
موافقته على كلام أبيه تعني مشاركته في تدمير أخيه.
…مجرد أنه فكر بهذا للحظة كان شيئًا لا يصدق.
تلك الليلة، بكى لويس طوال الليل من الشعور بالذنب والغضب، واتخذ قرارًا حازمًا:
“سأصحح هذا.”
سوف ينقذ أخاه من هذا الجحيم.
ولفعل هذا، كان عليه أن…
“أخي.”
“نعم يا لويس.”
“اصرخ معي.”
“ماذا؟”
بينما كان أستر مرتبكًا، رفع لويس ذراعيه عاليًا:
“حياتي ملكي! أحب نفسك ياااااا!”
صرخ بأعلى صوته، آملاً أن تصل كلماته ولو قليلًا إلى قلب أخيه.
كانت هذه بداية خطة “غسيل الدماغ” الجديدة.
✧ ✧ ✧
“انتظري هنا قليلاً. سأحضر الدوق حالاً.”
“حسنًا.”
عند وصولي إلى منزل كيتر، استقبلني رئيس الخدم المسن بلطف.
أرشدني إلى غرفة الاستقبال ثم غادر.
“قصر كيتر يبدو قاتمًا بشكل عام.”
الجدران والأرضيات سوداء تمامًا.
الستائر سميكة جدًا، تبدو معتمة تمامًا تحجب أشعة الشمس.
بالمناسبة…
التعليقات لهذا الفصل " 82"