راقبتُ رد فعله بقلق.
“لقد عبّرتُ عن الأمر بطريقة غير مباشرة…”
لكن ماذا لو أصيب بالصدمة؟ أو غضب لأنني أثير المشاكل بينهم؟
أخيرًا فتح عينيه الواسعتين وقال:
“أبي مجنون تمامًا؟!”
واو!
انبعثت هالة مضيئة مرة أخرى من خلف لويس.
ما أخبرته ميلوني للويس كان مجرد جزء بسيط من الحقيقة.
فقط أنها سمعت بالصدفة محادثة غريبة بين غايل وأستر ، حيث بدا أن غايل يضع ضغوطًا غير معقولة على أستر بقوله “ما ليس مثاليًا لا قيمة له”.
لم تخبره عن تهديدات الطلاق.
“هذا سيكون صادمًا جدًا له.”
لكن حتى هذه المعلومات كانت كافية لتحريك لويس.
“في الحقيقة، كنت قلقاً على أخي دائمًا. أعجب باجتهاده، لكنه أحيانًا يبالغ…”
تذكر لويس ذكريات الماضي:
“أخي، يجب أن تأخذ قسطًا من الراحة.”
“سأنتهي من هذا أولًا.”
أخاه لم يعرف الرضا قط. مثل شخص يعاني من العطش الدائم، كان يعمل بلا توقف من الصباح إلى المساء.
“أخي، أنفك ينزف!”
“آه، كان عليّ الاعتناء بصحتي.”
كان يتحمل المسؤولية دائمًا حتى عندما كان منهكًا.
والأب…
“أنا فخور بك حقًا يا أستر .”
كان يمدح هذا السلوك!
“لماذا لم أعتبر هذا غريبًا؟”
ليس هذا طبيعيًا. عندما يرغم الطفل نفسه على العمل، يجب إيقافه.
لكن بعد حديث ميلوني، أدرك أن الأمر خاطئ جدًا.
لويس أحب أستر كما هو. لم يهتم إن كان مثاليًا أم لا.
مع غياب الأب الدائم بحجة العمل، وانشغال الأم بدوقيتها، كان أستر يملأ فراغ الوحدة.
بعد حادثة الأم، أصبح أستر الأب والأم والأخ معًا.
“إذا لم أستطع حمايته الآن، فما الفائدة؟”
إذا تحطم أخوه قبل أن يصبح بالغًا، لن يتحمل ذلك.
كان يجب تصحيح الخطأ.
من أجل أخيه، ومن أجل نفسه.
✧ ✧ ✧
“لكن كيف نفعل ذلك؟ هل نذهب إلى أبي ونطلب منه التوقف عن إيذاء أخي؟”
“هذا… يبدو متطرفًا بعض الشيء.”
“إذن نذهب إلى أخي ونخبره ألا يطيع أبي…!”
“انتظر! دعنا نفكر أكثر!”
أمسكتُ بلويس الذي كان على وشك الانطلاق.
“لم أخبره بكل شيء بعد!”
طالما كان أستر يتعرض للابتزاز بأوراق الطلاق، فلن يتراجع بسهولة. إذا ضغطنا عليه بشدة، قد يختبئ كحشرة تحت الصخور.
بمعنى آخر…
“قد يتظاهر بأن المشكلة حُلّت، ثم يتحمل عبء أكبر بمفرده.”
بناءً على الذكريات التي رأيتها، كان هذا احتمالًا قويًا لكليهما.
“إذن ما الحل؟ هل لديكِ أي أفكار جيدة؟”
نفختُ أنفي وهززتُ رأسي.
“آه…”
“أوه…”
أطلقنا تنهدًا متزامنًا ثم نهضنا.
“لنراقب الموقف أولاً. ثم نحاول التأثير على أخي أستر تدريجيًا.”
“تأثير؟ يا له من مصطلح مخيف!”
“نعم! أنا طفلة مخيفة!”
أومأت بعينين واسعتين، فأومأ لويس بالمقابل:
“أعجبني! لتكوني حليفة لويس العظيم، يجب أن تكوني طفلة مخيفة!”
وهكذا بدأت “عملية التأثير على أستر “!
“سنواجه غسيل الدماغ بغسيل دماغ مضاد!”
✧ ✧ ✧
كان أستر في حيرة.
“ماذا يفعل هذان الصغيران منذ أيام؟”
من على مكتبه، ألقى نظرة خاطفة عبر النافذة.
على العشب، كان هناك طفلان – لويس وميلوني ابنة العم.
بدأ لويس يتكلم ببطء:
“انظري… صنعت… خاتمًا… من العشب…”
“واااو… رائع… حقًا!”
“أليس كذلك؟ لكن… هذا الجزء… معيب…سأرميه…”
“لا ترميه! أحب كل ما تعطيني إياه!”
كان الحوار متصلبًا كأنه مقروء من نص.
لكن فجأة…
“الكمال؟ من يحتاج الكمال؟!”
“بالضبط! لا نحتاج أن نكون مثاليين! الأهم أن نكون أصحاء وسعداء!”
“نعم! وأنا أيضًا!”
انفجر الاثنان في صيحات حماسية، على النقيض من حوارهم الجامد سابقًا.
تنهد أستر ورفع نظارته وهو يمسح جبينه.
“ها هما يفعلانها مجددًا اليوم.”
تكررت هذه المسرحية السخيفة ثلاث مرات يوميًا.
والموضوع الرئيسي؟ “لا للكمال! نعم للصحة والسعادة!”
“كم هذا سخيف!”
حقًا، كان الموضوع سخيفًا.
أن يقولوا أنه لا يوجد شيء كامل، وأن الصحة والسعادة أهم من الكمال.
لكن الأكثر سخافةً هو أن هذا المسرح السخيف بدأ يهز مشاعره قليلًا.
“هل الكمال حقًا غير مهم؟”
إذن ما هو المهم؟
كيف يمكنه أن يصبح شخصًا يُفتخر به ويحظى بالتقدير؟
أدار أستر القلم بين أصابعه وهو يستند بذقنه على المكتب.
في تلك اللحظة، بدأت المسرحية الثانية بالخارج:
“حياتي ملكي وحدي! لا يحق لأحد التدخل!”
“نعم، نعم! ميلوني تملك نفسها!”
“بالضبط! سأصنع مستقبلي كما أريد، لأنه ‘مستقبلي أنا’!”
“رائع، أخي لويس!”
كان الطفلان يصرخان بقبضتين مشدودتين.
“…حقًا، ماذا يفعلان؟”
نهض أستر بهدوء واقترب من النافذة.
الاثنان كانا يصرخان بعيون مغلقة ولم يلاحظاه.
فجأة…
“إلى متى ستستمر هذه المسرحية؟”
“وااه!”
“آه!”
صرخ الاثنان وسقطا على مؤخرتيهما عند سماع صوت أستر المفاجئ.
“…بففت!”
كتم أستر ضحكة كانت على وشك الانفجار.
لا يجوز أن يضحك على سقوط أخويه.
“هل أنتما بخير؟”
“نعم، نحن بخير!”
نهض الاثنان بسرعة…
لا، في الحقيقة، نهض لويس بسرعة بينما عادت الفتاة الصغيرة لتسقط على ظهرها!
كان على أستر أن يكتم ضحكته مرة أخرى.
لكن…
“هاهاها! ماذا تفعلان أيها الصغيران؟”
“لا تضحك علينا!”
“هاهاهاها!”
<ضحته ترد الروح 🥹>
أذهله منظر أخيه وهو يضحك بفم واسع.
بدا سعيدًا جدًا.
“متى كانت آخر مرة ضحكتُ هكذا؟”
“يجب أن تكون كاملاً يا أستر “.
النبيل الكامل يجب أن يبتسم ابتسامة خفيفة ويتصرف بلطف دائمًا.
حتى لو كان يسخر من الآخرين خلف قناعه، عليه أن يتظاهر باللطف.
لا تضحك بصوت عالٍ، لا تنفعل، عش بسمو.
كانت تعاليم والده كثيرة، حتى في الجانب العاطفي.
في تلك اللحظة…
ما أفاقه من تأملاته كان لمسة دغدغة على أطراف أصابعه.
“…!؟”
نظر إلى أصابعه المتفاجئة.
“هذا…”
“خاتم زهور! صنعته بنفسي، أليس رائعًا؟”
“وهذا صنعته ميلوني، أليس رائعًا؟”
تلقى أستر الخاتمين الواحد تلو الآخر.
كانت خواتم هشة على وشك الانقطاع، صنعت بشكل سيء للغاية.
التعليقات لهذا الفصل " 80"